بسم الله الرحمن الرحيم
موقف دول الغرب من ثورة الشام:
عداء وتآمر بحجة محاربة الإرهاب (الإسلام)
م. هشام البابا
فتاتان أوروبيتان مسلمتان في عمر الزهور، تربَّتا في مدارس أوروبية حكومية، وتلقَّتا المناهج العلمانية الغربية الديمقراطية، وترعرعتا في مجتمع أوروبي مدني يفصل الدين عن الحياة. لم يُعرف عنهما التشدد ولا التزمت ولا حتى الاهتمام بالمظاهر الإسلامية في حياتهما. ما إن أعلنتا أنهما تريدان الذهاب إلى سوريا لمساعدة أهلها، حتى قامت قيامة أوروبا ولم تقعد، وتحول الحديث الإعلامي مباشرة إلى أن الفتاتين قاصرتان، وأنهما تريدان المشاركة في القتال ومساعدة الإرهابيين. وتم تتبع خطواتهما وانتهاك حرمات الخصوصية الشخصية (الحرية الشخصية التي تزعم أوروبا أنها خط أحمر عندها!) لهما، حتى أعلنت المخابرات التركية أنها اقتفت أثرهما وأن جهاز إحداهما أصدر إشارات من الحدود السورية التركية مع أن الجهاز مطفأ. أما في بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي، فتُمنع فتاتان غيرهما، إحداهما بلغت من العمر 19 عاماً من السفر إلى تركيا للاشتباه بأنهما تريدان الدخول لسوريا.
هذا غيضٌ من فيضٍ من كثيرٍ من أحداثٍ لها صلةٌ بمشاعر المسلمين في أوروبا، والتي شغلت الإعلام الغربي المسيَّس والموجَّه بقوة ضد الثورة والذي يبذل جهوداً كبيرة لإقناع الناس في الغرب أن في سوريا لا توجد ثورة بل توجد حرب أهلية، وأنها حرب ضروس لا قبل للغرب بها. وللأسف فإن «الغرب المتحضر» الذي كان الإعلام العربي الكاذب يسوِّقه لنا طيلة نصف قرن أنه إعلام محايد صادق مقدام…إلخ، تحطَّم «رقيُّه» على صخرة ثورة الشام؛ فأصبح غرباً منافقاً يقدم لشعوبه الأكاذيب والأباطيل بأسلوب بارع حتى استحوذ على عقولهم وأقنعهم بها كما أقنعهم سابقاً أن الإسلام هو دينٌ إرهابي.
في الوقت تفسه، تزعم دول الغرب أنها «تساعد» الشعب السوري في «أزمته» ولكنها -أي دول الغرب-لم تبيِّن حتى الآن ماذا تقصد بالأزمة في سوريا! هل الأزمة هي الثورة؟ أم التدخل الروسي؟ أم التدخل الإيراني؟ أم تدخل مرتزقة المالكي وحزب إيران في لبنان؟ أم المال الملوث القادم من السعودية وقطر؟ أم السلاح غير الفتاك القادم من أميركا وأوروبا؟ أم المواد الغذائية القادمة من أوروبا لصالح أمراء حرب لا نعرفهم، جالسين خارج حدودنا يتاجرون بثورتنا؟
إنه مما لاشك فيه أبداً أن الطبقة السياسية في دول الغرب هي التي تعيش في أزمة حقيقية سببتها لهم ثورة سوريا، فهؤلاء هم أبناء أولئك الذين احتفلوا برفع نخب إسقاط الدولة المعادية لهم والتي أرَّقتهم بقوتها ومنعتها ألا وهو نخب إسقاط الدولة الإسلامية العثمانية العلية في 28 رجب عام 1342 هـ/ 3 آذار 1924م. لكنهم اليوم صعقوا بأن تلك الدولة التي سقطت لم تندثر كما اندثرت دولتهم الرومانية والبيزنطية أو دولة الفرس في الشرق أو دولة القياصرة في روسيا أو كما اندثرت ممالك ودوقات أوروبا التي كانت متناثرة في أرجائها وتحمل معول هدم الحضارات وأهلها.
هذه الطبقة المخملية اعتادت منذ عقود ان تحتفل بقوتها وتطرب على سماع انتصاراتها في كل مناسبة سواء مناسبة سقوط النازية وانتصار الحلفاء في معارك شهيرة كمعركة النورماندي أو العلمين، أو في معارك وهمية نسجتها في خيالها السياسي وحولتها لانتصارات كأكذوبة هزيمة الجيوش الإسلامية التي حاصرت فيينا من قبل الأمير أويغين أو غيره من سكِّيري جيوش الغرب آنذاك.
لكنها الآن استفاقت على حقيقة مرَّة لهم، ألا وهي أن حضارتهم تهوي، وتأخذ معها كل «قيم» بلير الذي يتباكى عليها كل حين! وكل مساعي بوش التي بذلها للحفاظ على منظومته التي أبدعها بغزوه للعراق. فالمبدأ الرأسمالي القائم على أعمدة من الاقتصاد والحريات والديمقراطية، لم تعد تقوى أعمدته على حمله. وهذا الاقتصاد الغربي يتآكل، لأن الحرب التي أعلنها تعالى على النظام الربوي أصابته في الصميم، فلأول مرة في تاريخ أوروبا تصل نسبة الفائدة الربوية إلى أقل من واحد بالمائة وهي مايسميه الغرب أنها قروض بلا ربا. وازداد التضخم واستشرت في المجتمعات الغربية ظاهرة العجز عن سداد الديون للبنوك، فصارت البنوك تلجأ للقضاء الذي يحجز على الرواتب والبيوت ويرمي بساكنيها إلى قارعة الطريق، فكثر المشردون أو مايسمى «الذين لامأوى لهم»، ينامون في الزوايا ومحطات القطارات والمزابل والأرصفة، وازدادت بسبب ذلك الجرائم بكل أنواعها من قتل وسرقة واغتصاب، وأكثر من تأثر بهذا هي العائلات، حيث ارتفعت معدلات ليس فقط الطلاق بل الجرائم على مختلف المستويات فيها. أما الحريات فلم يبقَ لها وجود حقيقي على الأرض. فحرية الرأي تمت مصادرتها بكل صلافة من قبل المنظومة السياسية الغربية عامة والأوروبية خاصة، وصار الصحفيون سكيناً مسلطة على رقبة أصحاب الرأي المناقض لآراء الوسط السياسي السائد. وصودرت حرية العقيدة وجُيّرت لمعنى واحد فقط وهو حرية الارتداد عن الإسلام، أما المسلم فلا حرية له في الغرب، فلايحق لنساء المسلمين أن يلبسوا الحجاب الشرعي، ولا أن يتخذوا ما يريدون أكثر من ذلك، وصار يُنظر للمتمسك بدينه في بلاد الغرب على أنه إرهابي، وإن لم يجدوا على ذلك دليلاً وصموه بتهمة تشجيع الإرهاب لأنه يتعاطف مع ضحايا المسلمين في بورما ووسط أفريقيا وسوريا وفلسطين. وصودرت أموال مسلمين بحجة أنهم ضد الديمقراطية. وتنامى في الغرب الشعور بأن المسلمين هم خطر يجب القضاء عليه بسبب الحملات الإعلامية التي قادتها أميركا ونفذتها بقوة دول كفرنسا وألمانيا. فكان من الطبيعي في ظل هذه الأمواج المتلاطمة من تزييف الحقائق وطمس الجرائم ومسح الأدلة والالتفاف على الضحية أن تصبح ثورة الشام في نظر الإعلام الغربي شيطاناً يجب أن يُحارب.
من ناحية أخرى نرى أنه لم تكتِف دول الاتحاد الأوربي بمساعدة بشار الأسد وأعوانه من خلال التعاون المخابراتي المفضوح، ومن خلال الالتفاف على قرارات هزيلة اتخذها هذا الاتحاد سابقاً بمنع التعاون مع شركات ووزارات النظام فقط، حيث طبعت النمسا الأوراق النقدية السورية للنظام السوري واحتالت على القوانين حتى سربتها له، وتم كشف كميات هائلة من الرشاوى المرتبطة بهذه الصفقات عتّمت عليها الصحافة والسياسة النمساوية!. بينما طار رئيس المخابرات الألمانية لدمشق وعقد «صفقات مشبوهة» مع نظام الأسد لتعاون أمني مشترك خطير. أما فرنسا فقد أصدرت قرارات تجرِّم كل من يزور سوريا من المسلمين الفرنسيين، بينما ضيقت بريطانيا على مسلميها الذين زاروا أو تواصلوا مع أهاليهم في سوريا. ولم تكتفِ النمسا، التي تدَّعي الحياد في سياساتها الخارجية، بطرد مسلمين من أعمالهم عندها بتهمة أنهم يؤيدون الثورة ويدعون الله بالنصر لمن يدافع عن نفسه ضد جيش الإجرام التابع لبشار ولإيران ولنصر الله وللمالكي… نعم، لم يشفِ غليل وزراء الخارجية والداخلية والعدل (الظلم) في النمسا من ثورة الشام وأهلها، فأعلنوا في 4/5/2014م أنهم يريدون إصدار قانونٍ يخول الحكومة النمساوية سحب الجنسيات النمساوية من السوريين النمساويين المشاركين في الثورة. أما بريطانيا فقد بدأت بالفعل بسحب الجنسيات بشكل إجرامي غير مسبوق.
إن هذا الأمر يندى له جبين الإنسانية، وهو وصمة عار على وجه الحضارة الغربية برمتها وعلى وجه المتشدقين بالديمقراطية والحريات وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها في أوروبا، وهو يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن النمسا بهذه الخطوة غير المسبوقة في تاريخها تقود الحملات الصليبية التي كانت تقودها في القرون الوسطى ضد الدولة العثمانية والتي كانت تقودها باسم الحق الإلهي الذي منحته إياها الكنيسة. فأين فصل الدين عن الدولة ياساسة أوروبا، يا من تدَّعون أنكم تحافظون على حرية الرأي وحرية الاعتقاد؟! بل أين سياساتكم حول الاندماج واستيعاب «الآخرين» فيما توهمون المسلمين في أوروبا أنكم تسيرون فيه؟ ولكنكم حقيقة تسيرون بعكسه تماماً، بالرغم مما أخبرنا الله عن النصارى في القرآن الكريم: ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86) ) (المائدة 83-86).
لكننا وللأسف نفتقد لأمثال هؤلاء من أهل الحق سواء في الطبقة السياسية أم في الصحفيين والإعلاميين في أوروبا. فأصبح الكاذبون والفاضحون والملفقون والمؤيِّدون للقتلة والمجرمين من حكام العالم الإسلامي هم من له الكلمة والنفوذ في الاتحاد الأوروبي وفي إعلامه. وهذا ما يؤكد أن النظام الرأسمالي في أوروبا يتجه للهاوية، فقد حكم على نفسه بالزوال لأن دولة الظلم زائلة ودولة الحق باقية. مع أن مايسمى بـ(Völkerrecht) أي «حق الشعوب» والذي تدعي النمسا تطبيقه يمنع سحب الجنسية ممن لاجنسية أخرى له، إلا أن خبثاء السياسة يريدون الادِّعاء بأن السوريين لديهم جنسية أخرى؛ لأن سوريا تعلن ظاهرياً أنها لاتتخلى عن الجنسية للسوريين، مع علمهم أن النظام السوري قد أوقف منح جوازات السفر وكل الأوراق الرسمية لمناهضي النظام السوري في الداخل والخارج. إذاً سترمي النمسا وباقي الدول الأوروبية بالناس على قارعة الطريق الدولي لتسلمهم للنظام المجرم في سوريا لاستكمال حلقات تأييد الإجرام الدولي والانضمام لمافيات روسيا والصين وإيران والعراق ولبنان في قتل الشعب السوري ومنعه من تقرير مصيره فقط لأنه شعب مسلم أراد نزع نفوذهم من بلاده.
نسي الساسة الأوروبيون مواقف الدولة الإسلامية العثمانية مع مسيحيي أوروبا الذين عاشوا بأمان في ظل الدولة الإسلامية والحقوق التي أعطاهم إياها الخلفاء والسلاطين، وليس أقوى مثالاً عليها من السلطان العظيم محمد الفاتح الذي احترم غير المسلمين في إستانبول بعد فتحها وحماهم، وأقام لهم محاكمهم الدينية الخاصة، وعين لهم قسيسين وقضاة من دينهم، ودفع لهم رواتبهم، مما أخفقت أوروبا حتى الآن في تحقيقه للمسلمين فيها.
لقد عاش غير المسلمين في ظل دولة الخلافة الإسلامية بأمان وسلامة رغم أنهم لم يؤمنوا بالعقيدة الإسلامية، ولكنهم لم يجبروا عليها. بينما تريد أوروبا من المسلمين الإذعان لديمقراطيتهم التي ترفض وجود الخالق في الحياة، وتطلب منهم الموافقة على النظام المنبثق عن الرأسمالية بفصل الدين عن الحياة وبالموافقة على «قيمهم» التي آمنوا بها من أمثال الزواج المثلي أو المعاشرة المحرمة أو الزنى المرخص به وغير ذلك كثير.
وهكذا تهوي الحضارة الرأسمالية بشكل غير مسبوق، فلا يكفي أنها فشلت في إسعاد الناس وفي حل مشاكلهم وفي منع النزاعات الدولية، ولايكفي أنها جرت على البشرية الويلات في حروب عالمية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً حصدت فيها أرواح الملايين من الأبرياء. لكنها وقفت الآن مع الجلاد ضد الضحية، وقفت مع نظام بن علي ضد ثورة تونس حتى آخر لحظة، ثم استقبلته في إيطاليا وحمته حتى وصل للسعودية. ووقفت مع حسني مبارك ومع ورثة حكمه السيسي وزمرته. ووقفت مع القذافي ولم تعمل على إزالته إلا بعدما أُسقط في يديها، ووقفت مع علي عبدالله صالح وأنقذته من ثورة اليمن وأبقت نظامه يكيد لأهل اليمن. وها هي الآن تقف بكل قوة إلى جانب مجرم العصر بشار الأسد فتمنع السلاح عن الثائرين بينما تسمح به للنظام من خلال سكوتها عن شحنات الأسلحة الهائلة التي تعطيها روسيا والصين وإيران لبشار، ولاتجرم إيران في قتلها للمدنيين في سوريا بينما تجرم من يمد يده لمساعدة المظلومين، وتترك حزب إيران في لبنان ومرتزقة المالكي يعيثون في سوريا فساداً بينما تصدر قوانين في محاصرة كل من يؤيد الثورة، وبينما يجوب وزراء وممثلو نظام بشار أوروبا بأمان واحترام، وهم الغارقة أياديهم في دماء المدنيين، نرى أوروبا تحد من حركة السوريين وتضيق عليهم وتكمل الآن حلقات تآمرها عليهم بقانون سحب الجنسيات هذا.
أما أحزاب المعارضة الأوروبية التي الأصل فيها أن تكون عوناً للمواطنين في الدفاع عنهم وفي فضح سياسات الحكومة، فإنها فقط في شأن مواطنيها المسلمين يُشلّ لسانها وتتراجع حركاتها وتعمى عيونها، فلاترى هنا حقاً ولا واجباً، بل حتى أخلاقها تودعها فتترك للحكومة الحبل على الغارب في محاربتها للمواطنين المسلمين، فلا تعترض مع أن الحق واضح، ولا تقف مع المظلومين مع أنها تدعي أن سياسات الحكومة تودي بالبلاد للهاوية، لكنها في هذه، أي في محارية الإسلام والمسلمين، توافقها بل تؤيدها وتشد على أيديها، فيا سبحان الله، ماذا يتوقعون بعد كل هذا الظلم من أبناء المسلمين الذين ولدوا وترعرعوا في كنفهم من ردات فعل؟ ألم يتعظوا من الذين جن جنونهم منهم لما رأوا محاكمهم لاتعاقب قاتل المسلمة في عقر دار المحاكم الألمانية لأنها مسلمة؟ ألم يتعظوا من كل ماجرى معهم من أبناء مجتمعهم الذين تربوا في مدارسهم وجامعاتهم لكنهم انقلبوا عليهم وعلى نظامهم من سوء معاملتهم لهم؟ ألا يكفي أوروبا حربها الشعواء على المسلمين وهي تعلم يقيناً أنهم ليسوا إرهابيين ولا علاقة للإرهاب بالمسلمين؟
إن المجتمعات الأوروبية تشهد للمسلمين فيها بأنهم من أنجح الناس في أعمالهم، ومن أدق الناس في التزامهم بالقوانين، بل إن الشهادات العالية التي قلّت كثيراً بين أبناء أوروبا ينال أغلبيتها أبناء المسلمين، فالأطباء المسلمون عامة (والسوريون خاصة وهنا حديثنا عن السوريين من باب الحرب السياسية عليهم لا من باب الإقليميات) في إنجلترا وفرنسا وألمانيا والنمسا يُشار لهم بالبنان، وكذلك حال المهندسين والمعماريين في أوروبا عامة، وغير ذلك من رجال أعمال ومفكرين وأدباء وسياسيين، ليس آخرهم شباب حزب التحرير المعروف عنهم حتى في دوائر القرار السياسي الأوروبي وعيهم ورقيهم المبدئي، ويُعاملون باحترام فرضه الشباب على الآخرين، ورغم ذلك فإن القرارات السياسية الصرفة تتخذ في حقهم ظلماً لا غير، فيمنعون من النشاط في ألمانيا مع أن الدستور يمنحهم حق التعبير غير المشروط! ويُتجسس عليهم في أنكلترا والنمسا في نشاطاتهم الدعوية حيث يذهب رجال الأمن إلى الأمكنة التي يريد الشباب استئجارها لمحاضراتهم ويهددون أصحاب الصالات كي لايعطوها لشبابنا! وبعد كل هذا تتشدقون يا أعضاء الحكومة الأوروبية بالحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان؟ ومع كل هذا تخرس أفواهكم يا أعضاء البرلمان الأوروبي الماكثين كالتماسيح في بروكسل؟ فلا حقاً رأيتم ولا ظلماً عن أبناء أوروبا (فقط أوروبا) دفعتم!
لقد أسقطتم بل دستم بأحذيتكم على مبدئكم، وأهنتم معتقداتكم وكفرتم بأفكاركم التي تروجونها في العالم، وأهل سوريا ليسوا أغبياء حتى يتركوا لكم بعد اليوم الساحة السياسية في بلادهم تعبثون بها أنتم وأميركا كما كنتم تعبثون بها في ظل الأسد، وقد كشرتم عن أنيابكم وادعيتم أنها ليست للفتك. لذا نبشركم أن «ليلى» لم تعد تصدق الذئب، فقد وعت على خططه واختارت لها طريقاً يخلصها منكم ومن شروركم.
لم تترك سياسات أوروبا أي مجال لإحسان الظن بهم، فها هم يعلنونها صراحة، تأييد الطواغيت ضد المسلمين، وهاهم يسهلون لكل الدول مساعدة بشار ونظامه في إكمال قتله للشعب السوري، فتقوم قائمتهم من أجل أوكرانيا، ومن أجل جنوب السودان، بينما لا يحركون ساكناً في الشأن السوري. وهم يرون أنه يسقط يومياً في سوريا عشرات ومئات الشهداء منهم أكثر من 10 أطفال، يقتلون على يد نظام بشار وبأسلحة تأتي أمام أعينهم لقتلنا.
لم يبقَ حقيقةً لأهل الشام إلا الله، فهو ناصرهم وهو حافظهم، قال تعالى: ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57) )(النور54-57).