الليلُ والصمتُ آلامٌ وأشجانُ
.
|
|
ومَضَْجَعٌ فوقَ جمرِ السُّهْدِ يقظانُ
.
|
وذكرياتُ من الأمس الذي نُسجتْ
.
|
|
له من الدمعِ والأحزان أكفانُ
.
|
والشِّعرُ بالصدر جُرْحٌ نازفٌ وفَمٌ
.
|
|
مُعَذَّبٌ لاهثُ الأنفاسِ ظمآنُ
.
|
أبا البقاءِ أعرْني مِنكَ باكيةً
.
|
|
يَمُدّها وابلٌ للدمع هَتّانُ
.
|
وثورةً من جنونِ الحَرْفِ عاصفةً
.
|
|
رياحُها، فهْي إعصارٌ ونيرانُ
.
|
غِرناطةُ الأمسِ عادتْ بعدما طُوِيتْ
.
|
|
وكيف يَطوي جراحَ المجدِ نسيانُ
.
|
شاهدتَها تَرْتَمي ثكلَى، يعيثُ بها
.
|
|
بطشٌ وفتْكٌ وتدميرٌ وعُدوانُ
.
|
أسرى مساجدُها، أسرى مآذنُها
.
|
|
تعلوا عليها نواقيسٌ وصُلبانُ
.
|
وقد رأيتَ سباياها مُذَلّلةً
.
|
|
تسطو عليهنّ وطَرْفُ الشمسِ حيرانُ
.
|
كانت عليها خدورُ العزّ ضافيةً
.
|
|
كأنهنَ يواقيتٌ ومَرْجانُ
.
|
فأصبح الخِدْرُ بعد العَزِّ مُغْتصباً
.
|
|
ومُزِّقتْ فيه أعراضُ وأبدانُ
.
|
أبا البقاء وصوتُ الشِّعر ما بَرحَتْ
.
|
|
له على الدهر أصداءٌ وألحانُ
.
|
تَهدي مشاعِلُهُ السارين، كم قَطَعَتْ
.
|
|
على سَناهُ ظلامَ الليلِ رُكبانُ
.
|
لكنّهُ ناشزُ الإيقاعِ خافتهُ
.
|
|
إنْ أوصِدَتْ عنه أفكارٌ وآذانُ
.
|
وكان قارئهُ أعمى يعيشُ بلا
.
|
|
سَمْعٍ، وسُمّارُهُ صُمٌّ وعُميانُ
.
|
أبا البقاءِ ألا ظَرْفٌ يلوحُ لنا
.
|
|
من صَوْبِ قُرْطُبَةٍ والأفْقُ جَذلان
.
|
فَيَبْسِم النّورُ في أزهى حدائِقها
.
|
|
للنازحين، ويسعى الرَّنْدُ والبانُ
.
|
ويشرق النورُ في أرجاء مسجدها
.
|
|
ويُبْعَثُ القومُ أحياءً كما كانوا
.
|
أقبلْ من الغربِ وانْشُرْ ظِلَّ أجنحةٍ
.
|
|
للفاتحين بها الآفاقُ تزدانُ
.
|
أيّامَ يُزْجي السرايا طارقٌ أسَداً
.
|
|
والجندُ من خلفِهِ في الساحِ عِقْبانُ
.
|
أقبِلْ وفي يدكَ التاريخُ واروِ لنا
.
|
|
من صِدْقِ أخبارِه آثارَ من بانوا
.
|
فعندنا نبأ من أهل أندلسٍ
.
|
|
وفي الإعادةِ تذكيرٌ وعِرفانُ
.
|
صوتُ الأذانِ تعالى في جوانبها
.
|
|
فَعَزَّ للمجدِ بُنيانٌ وأركانُ
.
|
فهدّمَ المجدَ فُجّارُ القصور بها
.
|
|
وفُرْقَةُ الشملِ والأقداحُ والحانُ
.
|
أَقبلْ وطُفْ في ربوع المسلمين تَرى
.
|
|
سفينةً مالَها في البحر رُبّانُ
.
|
وأُمّةُ النور أشلاءٌ مُبعثَرَةٌ
.
|
|
لا الشامُ شامٌ ولا بَغدانُ بَغدانُ
.
|
ولا خيولُ صلاحِ الدين زاحفةٌ
.
|
|
للقدس تَسعى، ولا حِطّينُ ميْدانُ
.
|
أَقْبِلْ إلى وطنِ البشناقِ تُبْصرهُ
.
|
|
يغشاه رُعْبٌ وتشريدٌ وحرمانُ
.
|
يَطَغى به الليلُ مجنوناً ويُغْرِقهُ
.
|
|
من الكوارث أصنافٌ وألوانُ
.
|
نارُ الصليب تَلظّى راحَ يوقدها
.
|
|
كفرٌ وحِقْدٌ وإرهابٌ وطغيانُُ
.
|
وكلُّ وحشٍ صليبيٍّ به نَهَمٌ
.
|
|
مستمتعٌ بالدّمِ المسفوحِ نَشْوانُ
.
|
ولوْ رأيتَ الذي أيديهمُ صَنَعَتْ
.
|
|
أيقنتَ أنْ ليس بين الصرب إنسانُ
.
|
غِرْناطةُ اليوم من رَمْسِ الأسى بُعثتْ
.
|
|
وذاب في الدمع أحداقٌ وأجفانُ
.
|
حتى تَغَشىّ (سراييفوا) لها شبحٌ
.
|
|
من الكآبة، ساهي الطرْفِ وَسْنانُ
.
|
واهتزَّ من دَمِها المهدورِ نازفُهُ
.
|
|
في كلِّ قلب غَيورِ الخَفْقِ شِريانُ
.
|
الليلُ تَلْبَسُهُ ثوباً، فيغمرها
.
|
|
من سُحْبِ ظلمائهِ مَوْجٌ وطوفانُ
.
|
والثلجُ ينهالُ والأجواءُ صاخبةٌ
.
|
|
والريحُ عاصفةٌ والغَصنُ عُريانُ
.
|
والأرضُ تهتزُّ تحت القصف راجفةً
.
|
|
كأنّما الأرضُ زِلزالٌ وبركانُ
.
|
والموتُ يَزْأَرُ والساحات مَقبرةٌ
.
|
|
والشُّهْبُ مطموسةٌ والأفْقُ دُخّانُ
.
|
والناسُ تُحشَرُ أفواجاً فكمْ نُحِرَتْ
.
|
|
في مَذبَحِ المجرمِ الجزّار قِطعانُ
.
|
والحُجْبُ تُهتَكُ والأعْراضُ صارخةٌ
.
|
|
وقد نبا صارمٌ للعِرضِ صَوّانُ
.
|
والمسلماتُ سبايا الوحوشُ بها
.
|
|
تقتاتُ، والوحشُ مسعورٌ وجَوْعانُ
.
|
وكالخنازير إذ ترمي فرائسها
.
|
|
سِيّانِ في ذاكَ: إسرارٌ وإعلانُ
.
|
هذا الذي يرسُمُ الإعلامُ صورتَهُ
.
|
|
في كلِّ يومٍ، فلا يهتزُّ وِجدانُ
.
|
فأينّ في الغرب أحرارٌ كما زعموا
.
|
|
أمْ كلهمْ لصليب الكفر عُبْدانُ
.
|
ومجلسُ الأَمْن ماخورُ الفجورِ لمنْ
.
|
|
داسوا المواثيق بالأقدام، أو خانوا
.
|
وكلُّ ما فيهِ أوراقٌ مُزَيَّفةٌ
.
|
|
زور ٌ وإفكٌ وتضليلٌ وبُهتان
.
|
|
] ] ]
|
|
يا إخْوةَ الجْرحِ والمأساةِ في وطني
.
|
|
ومَنْ هُمُ في جبين المجدِ عُنوانُ
.
|
إعِزّةٌ مِنْ بني البشناق ما وهنوا
.
|
|
في الحادثات ولا ذَلّوا ولا هانوا
.
|
دعائم القلعةِ الشماءِ، كم شَمختْ
.
|
|
على كواهلهمْ للحقّ أركانُ
.
|
ذكرتُ فاتحها والسيف في يدهِ
.
|
|
يَشُدَّ ساعدَهُ عزمٌ وإيمانُ
.
|
يسعى ومِنْ خلفه جندُ العقيدة في
.
|
|
معاركِ الفتحِ أنصارٌ وأعوانُ
.
|
ألْقى على عرش قسطنطين صاعقةً
.
|
|
فما استقرَّ له عرشٌ وإيوانُ
.
|
وكم على ساحةِ البلقانِ قد حُطِمَتْ
.
|
|
تحت السنابكِ صُلبانٌ وتيجانُ
.
|
فأذعنَ البغيُ وانهارتْ قواعدُهُ
.
|
|
وألقَتِ السيفَ أندادٌ وأقرانُ
.
|
أحفادُ عثمانَ ما ارتدتْ فيالقُهمْ
.
|
|
وما استكانوا لجبّارٍ وما دانوا
.
|
جيشٌ من الرعب للميدان يسبِقهمْ،
.
|
|
والحكمُ بالعدل بين الناس ميزانُ
.
|
قادوا الممالكَ والقرآن قائدهمْ
.
|
|
وسِفْرُ سيرتِهمْ في الناسِ قرآنُ
.
|
|
] ] ]
|
|
يا إِخْوَةَ المَنْهجِ الأعلى ومَنْ دمُهُمْ
.
|
|
في القلب نبضٌ وهم في الجَفنِ سُكّانُ
.
|
لي بينكم رَبْعُ أحلامٍ أهيمُ بهِ
.
|
|
كأنَّ قَيْساً بِرَبْعِ الشوْقِ هيمانُ
.
|
ولي قصائِدُ من تاريخكم لَثَمتْ
.
|
|
ساحَ الجهادِ، وصوتُ النصرِ رنّانُ
.
|
أميلُ تيهاً على أنغامِها طَرباً
.
|
|
كأنني في رِكاب الفتحِ حَسّانُ
.
|
ولي هنالِكَ جَنّاتٌ مزخرفةٌ
.
|
|
غرسْتُهُنَّ وروضُ المجدِ فينانُ
.
|
ولي هنالك رزعٌ كانَ يمطِرُهُ
.
|
|
غَيْثُ الشامِ، ووجهُ الأفْقِ ريّانُ
.
|
ولي هنالك أنهارٌ يُفجّرها
.
|
|
من كوثر الخُلْدِ والفردوسِ رَضوانُ
.
|
ولي هناكَ مَناراتٌ إذا صَرَحَتْ
.
|
|
فالناسُ والأرض والآفاقُ آذانُ
.
|
ولي هناكَ، وإنْ شَطَّ المزارُ بنا
.
|
|
دارٌ وأهلٌ وأحبابٌ وجيرانُ
.
|
وشِرعةُ اللهِ منهاجٌ يوحدُنا
.
|
|
وليس في الدين عدنانٌ وطورانُ
.
|
إن كان في دوْحةِ الإسلام لي نَسَبٌ
.
|
|
فالناسُ إذْ ذاكَ كلُّ الناسِ إخوانُ
.
|
أو كان في الأرضِ نُورُ اللهِ يغمرُها
.
|
|
فالأرضُ إذ ذاكَ كلُّ الأرضِ أوطانُ
.
|
|
] ] ]
|
|
أنا الذي أرشدَ الدنيا ببارقَةٍ
.
|
|
أضاءها بالسّنا الوَضّاءِ فُرْقَانُ
.
|
أوصى بها رحمةً للناس غامِرةً
.
|
|
رَبٌّ رحيمٌ عَميمُ الفضلِ رَحمانُ
.
|
فَعَطَّرتْ جَنَباتِ الكونِ نفحتُها
.
|
|
فالكونُ رَوْحٌ وجنّاتٌ وريحان
.
|
رِسالةٌ كنزُها أغنى الوجودَ وقدْ
.
|
|
سَما لها فوقَ هامِ النجمِ بُنيانُ
.
|
وأمطرتْ كلَّ أرضٍ بَلْقَعٍ فزهتْ
.
|
|
صحراؤها، فَهْيَ بعد الجَدْبِ بُستانُ
.
|
واختالَ تاريخُها بالمجدِ مُزْدهياً
.
|
|
كأنه فوق عرش الدهر سُلطانُ
.
|
واليومَ يختالُ في الأوطانِ سارقُها
.
|
|
تِيهاً، ويمرحُ أفّاكٌ وخَوّانُ
.
|
يبيعني الوغدُ كالنخاس في بلدي
.
|
|
حتى كأنَّ جميع الناس أقنانُ
.
|
ويُلهبُ المجرم الجلاّدُ في صَلَفٍ
.
|
|
جَنْبَيَّ، والسوطُ في كفيْه ثُعبانُ
.
|
أنا السجينُ وكلُّ الأرضِ في وطني
.
|
|
سِجْنٌ، وحاكمُهُ السفّاحُ سَجّانُ
.
|
ما كنتُ أحْسَبُ الأمجادُ صنعُ يدي
.
|
|
أنّي لآلهةِ الدولار قُربانُ
.
|
أقولُ والسيفُ يَفري مُهجتي ألماً
.
|
|
والقدسُ ظمأي، ومسرى النورِ ظمآنُ
.
|
والحاكمون أذلّوا وجهَ عِزّتِهمْ
.
|
|
وهمْ لصِهيَونَ أحبابٌ وأخدانُ
.
|
أسْدٌ تمزّقُ أجسادَ الشعوب، لها
.
|
|
زَأْرٌ، وفي وجهِ إسرائيل فئرانُ
.
|
صَبْرٌ (سراييفُ) فالآلامُ تَجْمعُنا
.
|
|
جُرحاً، وتَصْهرُنا في النار أحزانُ
.
|
تضمُّنا وَحدةٌ عَزَّتْ أوصرُها
.
|
|
مهما تناءتْ أقاليم وبلدانُ
.
|
كالبحرِ مهما به امتدتْ سواحلُهُ
.
|
|
وباعَدَتْ فيهِ بين الموْجِ شُطْآنُ
.
|
أو كالحديقة في البستانِ نحنُ بها
.
|
|
من جذعِ نخلهِا طَلْعٌ وأغصانُ
.
|
فلا الجزائرُ تُقْصينا ولا عَدَنُ،
.
|
|
ولا الشامُ، ولا هندٌ وأفغانُ
.
|
ولا بُخارَةُ والبلقانُ نائيةٌ
.
|
|
عن الحجاز، ولا تُرْكٌ وألبانُ
.
|
|
] ] ]
|
|
سَيُشْرِقُ النورُ والتحرير في وطني
.
|
|
يوماً، ويَخْرَسُ دجّالٌ وشيطانُ
.
|
اللهُ أكبرُ إنْ دَوّى الأذانُ بها
.
|
|
هوى وزُلْزِلَ فِرعوْنٌ وهامانُ
.
|
خلافةٌ تتحدي الكفْرَ رايتُها
.
|
|
في كلِّ قلبٍ لها عرشٌ وسلطانُ
.
|
حُماتُها مِنْ أُباةِ الضيْمِ ما وَهَنوا
.
|
|
شُمُّ الجِباهِ، لغير الله ما دانوا
.
|