عش القبرة في درب الفيلة
2010/03/20م
المقالات
1,648 زيارة
عش القبرة في درب الفيلة
كل من يدقق في أوضاع العالم الإسلامي جغرافياً يلاحظ أن الصراع الدولي القائم فيه بدأ منذ حقبة الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والبرتغالي ولا يزال حتى هذه الأيام، وإن وضع أبناء الأمة في هذه المنطقة يشبه وضع القبرة- ذلك العصفور الصغير- والتي تكاد تكون العصفور الوحيد الذي يبني عشه على الأرض وبين المحاصيل الزراعية في حقول القمح، بينما تبني باقي العصافير أعشاشها في أعالي الشجر وبين الصخور العالية. وحينما تنتشر الحيوانات في الحقول بحثاً عن الغذاء تدوس الأعشاش بأقدامها، ولا تملك العصفورة المستضعفة الدفاع عن عشها ولا تملك سوى إرسال زقزقات الاستغاثة ولا من مغيث، أما إذا صادف مرور الفيلة في منطقة الأعشاش فإن المصيبة تصبح أكبر فتدفن الأعشاش في التراب وتنتظر القبرة للعام القادم لتبني عشها من جديد على درب الفيلة.
هل يُعقل أن تستمر أمة بكاملها عشرات السنين في درب الفيلة الكبيرة ولا تحرك ساكناً؟ هل يعقل أن تبقى تتفرج وتولول وتعدُّ الضربات والمجازر؟ هل يعقل أن تبقى لقمة الخبز هي الشغل الشاغل للعديد منهم بينما تتسابق الأمم الأخرى في كل المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية وهم ينظرون وينتظرون؟
أما آن لهذه الأمة أن تدرك أن الانتظار يطيل مشاكلها ويعقدها ويؤخر حلها؟ ألم تتعلم من الأمم الأخرى ومن أخطائها السابقة؟ وهل ينتظر هؤلاء أن تتنازل الدول المتصارعة عن أطماعها في بلادهم طوعاً وإحساناً؟
إن الصراع الدولي بدأ منذ زمان بعيد ولن ينتهي إلا بطرد الدول المتصارعة من بلادهم الطاهرة براً وبحراً، ولن يتحقق هذا الهدف إلا إذا غابت الأنظمة العميلة التي تشكل غطاءً للمستعمر، ولن تغيب هذه الوجوه الممقوتة إلا بتحرك المخلصين الأمناء الأوفياء لأمتهم، ولا شك أن ذلك سيحصل بإذن الله، لكن الدول المتغطرسة لا تستسلم إلا إذا واجهتها دولة قوية تملك السلاح والرجال وكل مكونات القوة، أما المناوشات التي تحصل بين الفينة والأخرى من بضعة أفراد فهي لا تزيل الصراع الدولي الدائر، ولا تنهي الأطماع المزمنة التي تسكن الدول الكبرى وتستوطن في عقول زعمائها.
2010-03-20