رِياض الجنة: أول خطبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
– أخرج البيهقي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: كانت أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة أن قام فيهم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: «أما بعد، أيها الناس، فقدموا لأنفسكم، تعلمنّ والله ليصعقن أحدكم، ثم ليدعن غنمه ليس لها راعٍ، ثم ليقولنَّ له ربه -وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه-: ألم يأتك رسولي فبلغك، وآتيتك مالاً، وأفضلت عليك؟ فما قدمت لنفسك؟ فينظر يميناً وشمالاً فلا يرى شيئاً، ثم ينظر قدامه فلا يرى إلا جهنم، فمن استطاع أن يقي وجهه من النار، ولو بشق تمرة، فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طيبة؛ فإن بها تجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسلام على رسول الله ورحمة الله وبركاته». ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أخرى فقال: «إن الحمد لله أحمده وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له. إن أحسن الحديث كتاب الله، قد أفلح من زينه الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس، إنه أحسن الحديث وأبلغه، أحبوا من أحب الله، أحبوا الله من كل قلوبكم، لا تملّوا كلام الله وذكره، ولا تقسُ عنه قلوبكم، فإنه من (كل ما يخلق الله) يختار ويصطفى، فقد سماه (الله) خيرته من الأعمال، وخيرته من العبادة، والصالح من الحديث، ومن كل ما أوتي الناس من الحلال والحرام، فاعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئاً، واتقوه حق تقاته، واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابوا بروح الله بينكم. إن الله يغضب أن ينكث عهده،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
– وأخرج أبو نعيم في الحلية عن الحسين بن علي رضي الله عنه قال في خطبة يرغب فيها عن الانشغال بالدنيا: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيباً على أصحابه فقال: «أيّها الناس، كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق على غيرنا وجب، وكأن الذي نشيّع من الأموات سفر (أي مسافرون) عما قليل إلينا راجعون، نأكل تراثهم كأننا مخلدون بعدهم، قد نسينا كل واعظة، وأمنّا كل جائحة (مصيبة عظيمة). طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، طوبى لمن طاب مكسبه، وصلحت سريرته، وحسنت علانيته، واستقامت طريقته. طوبى لمن تواضع لله من غير منقصة، وأنفق مما جمعه من غير معصية، وخالط أهل الفقه والحكمة، ورحم أهل الذل والمسكنة. وطوبى لمن أنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة، ولم يعدل عنها إلى بدعة» ثم نزل