كلمة الوعي: أيّها المسلمون مؤتمرات حكامكم سجل مفتوح لخيانتكم
كثر في الشهرين الأخيرين، بعد فوز بوش، عقد المؤتمرات في المنطقة، وهذه المؤتمرات تعتبر أميركية جملة وتفصيلاً، وهذه المؤتمرات، وإن كانت أسماؤها، وأماكنها، ومواضيعها مختلفة، إلا أن أهدافها واحدة، وهي التمكين لأميركا في المنطقة، ومحاربة الإسلام بحجة محاربة الإرهاب، ونشر الفساد بحجة الإصلاح.
-
ففي 23/11/2004م، عقد في مصر، في وكر المؤامرات شرم الشيخ، مؤتمر، تمت الموافقة فيه على نص البيان الختامي الذي طبخ في أروقة السياسة الأميركية، وقدم جاهزاً للمؤتمر قبل أن يعقد. وقد شكل هذا المؤتمر رقماً قياسياً في الخيانة والخضوع لإرادة أميركا، إذ أعطى هذا المؤتمر حكومة علاوي العميلة، وأعطى العملية السياسية الجارية في العراق برعاية أميركا، شرعية دولية. واعتبر المقاومة إرهاباً، ولم يشر البيان إلى الاحتلال الأميركي بأدنى إشارة.
-
وفي 30/10/2004م عقد في طهران مؤتمر لوزراء داخلية العراق، والدول المجاورة له، ومصر. وأبدى المجتمعون فيه استعدادهم للمساهمة في إنجاح العملية الانتخابية المقررة في 30/1/2005م، ووقف الإعلام المعادي للعراق، ووقف تمويل المقاتلين، ورفض ما يسمى بوزير داخلية العراق فلاح النقيب طلب انسحاب قوات الاحتلال الأميركي في أواخر سنة 2005م، مدعياً أنها قوات موجودة لمساعدة الحكومة وقوات الأمن والشرطة والجيش، في فرض سيطرتها على الأوضاع الداخلية.
-
وفي 10/12/2004م انعقد في المغرب «منتدى المستقبل للإصلاح العربي» برئاسة وزير الخارجية الأميركي كولن باول، وفي حضور وزراء الخارجية والمال لمجموعة الدول الثماني، والبلاد العربية، وتركيا، وأفغانستان (مجموعة ما تسميه أميركا الشرق الأوسط الكبير باستثناء (إسرائيل) التي استبعدت وقتياً من المنتدى) وقد كرست فيه الأفكار الأميركية في شأن تحديث مجموعة دول الشرق الأوسط الكبير.
-
وفي13/12/2004 م انعقد في دبي «المنتدى الاستراتيجي العربي» لاستشراف مستقبل العالم العربي عام 2020م، بحضور عدد كبير من المفكرين، والسياسيين، ورؤساء شركات، وخبراء عرب ودوليين.. وكان أبرز الحاضرين بيل كلينتون الرئيس الأميركي السابق. وكان هدفه، كما ذكروا، لحاق العرب بركب العالمية، ووضع أنفسهم على الخارطة الدولية سياسياً واقتصادياً، في إطار النظام العالمي الجديد الذي وضعته أميركا. وقد اختتم المؤتمر بالدعوة إلى الإسراع في تنفيذ برامج شاملة للإصلاح، أو مواجهة رياح لا يعرف أحد مداها أو اتجاهها.
-
وفي 6/1/2005م عقد في عمان مؤتمر للدول المجاورة للعراق لتوحيد مواقفها من العملية السياسية في العراق، وقد دعا هذا المؤتمر إلى عدم التدخل الخارجي في العملية الانتخابية، ودعا العراقيين إلى المشاركة فيها واختيار من يمثلهم. وهذا المؤتمر لم يخرج عن أهداف ما سبقه من مؤتمرات، وما سيلحق به، خاصة وأن حكام الأردن يشهد لهم في السبق في الخيانة.
إنها مؤتمرات لا رأي فيها إلا لأميركا. وإنّ من يراقب هذه المؤتمرات، وما يطرح فيها، وما تخرج به من قرارات معدة سلفاً، يرى أنها مؤتمرات خيانية، تضاف إلى سجل حكام المسلمين الخونة المفتوح. وإن أميركا تبحث في هذه المؤتمرات عن شرعية تفتقدها على أرض العراق، حيث تتكبد الخسائر المادية والبشرية الضخمة، ولا تجد أمامها إلا هؤلاء الحكام غير الشرعيين؛ لتحقق شرعيتها عن طريقهم.
إن هذه المؤتمرات غاية في الخطورة، إذ بها يتكرس الباطل ليصبح شرعياً بحسب القانون الدولي، وبها يحارب الحق وأهله، وينعت بمختلف النعوت التي تشوه صورته وصورة من يحمله… وهذا ما تسعى إليه أميركا عن طريق هذه المؤتمرات. إنها مؤتمرات عدائية، استسلامية، خيانية.
إن أميركا تتصرف، بعد فوز بوش، وكأنها انتصرت في معركتها ضد الإسلام والمسلمين، وما هذه المؤتمرات إلا وكأنها لإملاء شروط الغالب على المغلوب، مع أن الأمر هو عكس ذلك…
إن أميركا مهما حاولت أن تأخذ شرعية لوجودها، من خلال هؤلاء الحكام، فإنها لن تحصل عليها، وذلك بحسب شرعيتهم التي لا نؤمن بها، وبحسب شرعيتنا التي نستمد الإيمان بها من الإيمان بالله رب العالمين.
أما شرعيتهم التي لا نؤمن بها، فإن هؤلاء الحكام غير ممثلين لشعوبهم حقيقة، بل هم مغروسون غرساً في حلق الأمة، وأما شرعيتنا التي نؤمن بها كل الإيمان، فإنه لا حاكم للمسلمين إلا حاكم يحكمهم بالإسلام، ويرعى شؤونهم بالإسلام، وينصب عليهم باختيارهم واختيار أهل الحل والعقد فيهم.
إن هؤلاء الحكام مفروضون على المسلمين ولا يمثلونهم، بل هم ضد شعوبهم، ويقفون في صف أعدائهم.
إن هؤلاء الحكام مع أميركا في العراق، طوعاً أو كرهاً، معها في إجراء العملية الانتخابية، معها في الاعتراف بالدستور الذي صاغته أميركا، معها في الاعتراف بأي حكم عراقي عميل تأتي به الانتخابات المفصلة على القياس الأميركي، معها في محاصرة المقاومة والقضاء عليها ونعتها بالإرهاب، معها في نشر كفرها الديمقراطي المبني على أساس فصل الدين عن الحياة، معها في حربها الصليبية ضد المسلمين… إن هؤلاء الحكام مع اليهود في كل ما يفعلونه في فلسطين، بل إن من هؤلاء الحكام من يطوفون ويسعون بين الدول التي تسمى عربية للاعتراف باليهود المغضوب عليهم. ومنهم من يظهر استعداده للتفاوض مع يهود من غير شروط. ومنهم من يتهالك للانضمام إلى اتحاد دول الكفر، والتي من أول أهدافها اتحادها لمحاربة الإسلام، ومنع عودته إلى واقع الحياة. ومنهم من يوقع اتفاقية تمزيق دولة بلده بيده التي ستشهد عليه يوم القيامة. إنهم حكام لم يرَ الزمان مثلهم في الخسة ولا وَلَدَ.
أيّها المسلمون
لا تلوموا أميركا، ولا يهود، ولا حكامكم، فإنهم أعداؤكم، ولكن لوموا أنفسكم. لقد أصبحت المؤتمرات تحاك ضدكم في العلن، وهذا دليل الاستهانة بكم. وأصبح دينكم مرمى سهام أعدائكم، فهل أصبح دينكم هيناً عليكم حتى تسكتوا؟ هل تريدون أن تتغير الأوضاع بلا ثمن؟ هل تريدون أن تتغير هذه الأوضاع وأمثال هؤلاء الحكام على رؤوسكم؟!
أيّها المسلمون
إنه لا خلاص لنا إلا بالتغيير على أساس الإسلام، وعلى خطا الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا بتغيير هؤلاء الحكام الخونة العملاء بحاكم واحد يحكم بالإسلام، ويرعى شؤون الرعية بالإحسان والعدل, إنها طريق واحدة لا مبدل لها، ولقد جاءنا من كلام رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو يطلب النصرة من أهلها: «إن هذا الأمر لا يصلح إلا لمن أحاط به من جميع جوانبه» أو كما قال والله من وراء القصد.