« لا يدخـل الجـنـة فَـتَّـانٌ »
2000/08/08م
المقالات
3,985 زيارة
عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة فتَّان» [رواه البخاري].
جاء في لسان العرب عن معنى كلمة فتَّان: «وفي الحديث: لا يدخل الجنة فتان: هو النمام، يَفُتُّ الأحاديث فَتّاً أي ينمّها نَمّاً، وقيل هو الذي يستمع أحاديث الناس فيخبر أعداءهم. وقيل: هو الذي يكون مع القوم يتحدثون فينم عليهم، وقيل: هو الذي يتسمّع على القوم وهم لا يعلمون فينمّ عليهم.
وجاء في تفسير القرطبي لآية (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً) [الحجرات] ما يلي: «لأن التجسس البحث عما يُكتم عنك، والتحسس (بالحاء) طلب الأخبار والبحث عنها. وقيل إن التجسس (بالجيم) هو البحث؛ ومنه قيل: رجل جاسوس إذا كان يبحث عن الأمور. وبالحاء: هو ما أدركه الإنسان ببعض حواسه… عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفْسَدَهم»… وعن أبي بَرْزة الأسلميّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته»… هذا بعض ما ورد لدى القرطبي وهناك المزيد من الأحاديث أوردها في تفسير الآية (ولا تجسسوا).
هذه الأحاديث تنطبق على كل من يعمل جاسوساً على أبناء أمته لصالح الأنظمة الحاكمة، أو لصالح أعداء الأمة، أو لصالح شركة أو لصالح هوى نفسه. وهذا الجاسوس هو عينه ما يسمونه هذه الأيام بأسماء مستحدثة لإخفاء جريمته وحقيقة الخزي الذي يلحقه في الدنيا والآخرة.
ومن الكلمات المستحدثة التي تخفي بشاعة ما يرتكب الجاسوس من خيانة ومنكر الكلمات التالية: مخبر، استخبارات، أمن، استقصاء، تحري، استطلاع، مخابرات، جمع معلومات، كتابة تقارير.
فعلى كل من يعمل في وظيفة تحمل اسماً من هذه الأسماء أن يدرك المصير الذي ينتظره «لا يدخل الجنة» وأن لا يخدع نفسه بالألفاظ المنمقة والألقاب والرتب. وينبغي على الأمة أن تلفظ الجواسيس من بين أبنائها لأنهم أعداء لها فتقاطعهم وتحتقرهم، ولن يفيدهم نفوذ أسيادهم إذا لفظتهم الأمة، فهذا النفوذ زائل، وكل آتٍ قريب حين تزمجر الأمة وتلفظ جميع الأنجاس وتدوسهم بالأقدام .
2000-08-08