الكتاب: قواعد نظام الحكم في الإسلام.
المؤلف: الدكتور محمود عبد المجيد الخالدي.
الناشر: دار البحوث العلمية/1980م/ الكويت.
437 صفحة من الحجم الكبير.
«لا يتصور عقلاً ولا شرعاً وجود حياة إسلامية في غياب نظام الحكم الإسلامي أي وجود الدولة الإسلامية التي هي ليست خيالاً يداعب الأحلام، لأنها واقع مادي محسوس وملموس، امتلأت بأحداثها جوانب التاريخ في مدى ثلاثة عشر قرناً من الزمان، فالدولة الإسلامية حقيقة، كانت كذلك في الماضي، وقد تعود كذلك في المستقبل، لأن عوامل وجودها أقوى من أن ينكرها الزمن، أو يقوى على مصارعتها، ثم هي فرض على المسلمين، وأمر الله تعالى الأمة أن تقوم به، لا لذاتها، وإنما لأن الدولة الإسلامية هي الطريقة الشرعية الوحيدة لوجود الإسلام عملياً في حياة المسلمين، ومن أجل حمل الدعوة الإسلامية إلى كافة أرجاء المعمورة». (من مقدمة المؤلف).
فلقد أعاد المؤلف في كتابه غربلة ما دخل من أفكار غير إسلامية في الفكر الإسلامي، وإبعاد ذلك كله وإنزال حكم الله فيه. فقام الدكتور الخالدي في كتابه ببيان أربعة أسس لنظام الحكم جعلها قواعد لهذا النظام، بحيث إن غابت قاعدة واحدة، ووجدت الثلاث الأخريات، لا يكون نظام الحكم إسلامياً بحال من الأحوال. وقام المؤلف بنقض ما أدخل على الفكر الإسلامي من أفكار غربية بحته كالديمقراطية. ونقضها عقلاً وشرعاً، وكذلك استنبط المؤلف من الأدلة الشرعية ما ينقض كون السيادة للشعب، وتقرر بالأدلة أن السيادة في الإسلام للشرع وحده فقط. وقام المؤلف بأبحاث جديدة كمسألة المدة التي لا يجوز أن تظل الأمة فوقها بلا خليفة.
ثم تحدث الدكتور الخالدي عن الشورى وأنها تخالف الديمقراطية مطلقاً. وذلك ببيان واقع الآراء في دنيا الواقع، وكيفية الترجيح فيها. ثم مجلس الشورى وعضويته واختصاصاته، وخلص المؤلف إلى جواز أن تكون المرأة عضواً في مجلس الشورى وقد وضح المؤلف فرض محاسبة الحكام، وأن محاسبة الحكام من الأسس التي يقوم عليها سلطان الأمة. في نصب ومحاسبة وعزل الحاكم وفق الشروط الشرعية المعتبرة.
ووقف الدكتور الخالدي طويلاً عند مسألة شروط الخليفة ومكانة شرط النسب القرشي بينها، وفنّد الأقوال الواردة، في ذلك. ثم خلصَ إلى أن الشروط: إما شروط إنعقاد، وإما شروط أفضلية تنعقد الخلافة لشخص من الأشخاص بدونها، وبعد البحث والتحقيق جعل الدكتور الخالدي شرط النسب القرشي من شروط الأفضلية لا من شروط الانعقاد. لأن هذا الشرط إن كان شرط انعقاد، فإنه يتعارض مع قاعدة أساسية من قواعد نظام الحكم في الاسلام، تلك التي تجعل السلطان للأمة. وهو شرط أفضلية لأنه وردت فيه نصوص صحيحة من السنة.
وقد عرض الدكتور الخالدي لمسألة وجود الأحزاب السياسية في الاسلام، وقد توصل إلى أنها ضرورة من ضرورات الحياة السياسية السليمة إذ يمكن عن طريق الأحزاب السياسية ممارسة فرض محاسبة الحكام، وتقديم أفضل المرشحين لمنصب رئاسة الدولة الإسلامية.
وقد قسّم الدكتور الخالدي بحثه إلى مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة، وجعل لكل قاعدة باباً مستقلاً يتضمن عدة فصول، والفصل إلى عدة مباحث، والمبحث إلى عدة مطالب، والمطلب إلى عدة فروع، حسب ما تقتضيه المادة العلمية كل موضوع.
فالباب الأول: تضمن القاعدة الأولى، التي تنص على أن السيادة للشرع لا للشعب. وفيه ثلاثة فصول.
الفصل الأول: في تعريف السيادة، وجمع المؤلف فيه تعاريف وأقوال رجال القانون الدستوري، ثم تبنى تعريفاً للسيادة وفق الأحكام الشرعية.
الفصل الثاني: ويبحث في مصدر السيادة. وفيه أربعة أقوال تدور حول من هو صاحب السيادة، وهي لا تخرج عن كونها: للأمة أو لرئيس الدولة أو للشرع، أو للأمة والشرع معاً.
الفصل الثالث: تناول نقض النظام الديمقراطي. من جهتين: عقلاً، وتتبع المؤلف أقوال رجال القانون، والسياسة، وأحكام العقل في مفهوم الديمقراطية. وشرعاً: وذلك ببيان واقع الديمقراطية والأسس التي قام عليها النظام ونظرية سيادة الأمة ثم قام بتطبيق النصوص الشرعية على واقع النظام الديمقراطي ونقض ذلك من أربع جهات: كون السيادة في الفكر الإسلامي حسب ما جاءت به العقيدة الإسلامية للشرع لا للشعب. وأن فصل الدين عن الحياة هو القاعدة الفكرية للنظام الديمقراطي. وأن الحاكم في الإسلام هو الشرع وفي الديمقراطية العقل. ثم أخيراً أن حكم الأغلبية المقدس في الديمقراطية والذي يمثل سيادة الأمة، ليس معيارً للصواب.
ورأى الدكتور الخالدي أن من تمام بحث نقض الديمقراطية، بيان أن لا عدل إلا عدل الإسلام. ثم هدم دعوى شائعة بعدم شمول الشريعة الإسلامية.
أما الباب الثاني: فهو القاعدة الثانية التي تقرر أن السلطان للأمة.
وشمل هذا الباب ثلاثة فصول، تعدُّ الأسس التي قام عليها مفهوم سلطان الأمة في الإسلام. وهي: البيعة، التي تمثل قمة الشخصية السياسية للأمة، إذ بدونها لا يستطيع شخص أن يحتل منصب رئاسة الدولة، فالبيعة هي الطريقة الشرعية الوحيدة لتولية الحكام. وكل من يصل إلى السلطة السياسية عن غير طريق الأمة، فإنه يعد مغتصباً للسلطة، ومعتدياً على سلطان المسلمين.
ثم تحدّث الدكتور الخالدي طويلاً عن الشورى، حكمها، ومشروعيتها، ووقف ملياً عند واقع الرأي في العالم، وكيف نظم الإسلام أخذ الرأي، ومتى يكون الترجيح، وأن الشرع أجاز إنشاء مجلس للشورى كجهاز من أجهزة الدولة الإسلامية.
وفي الفصل الثالث: الذي تضمن بحث المحاسبة. وأنه حق للمسلمين من جهة أن الشرع أمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وجعل من يقتل من جراء قيامه بهذا الفرض سيد الشهداء، لأنه تصدى لظلم الحكام لا يخشى في الله لومة لائم طمعاً في رضوان الله تبارك وتعالى.
والباب الثالث: ينص على أن نصب رئيس واحد للدولة فرض على المسلمين. فقد قدم الدكتور الخاليد لهذه القاعدة بمقدمة موجزة نظراً لما غشى أفكار الأمة المعاصرة من مفاهيم غربية جعلت أقلاماً تقف مستنكرة للأحكام الشرعية المتعلقة بالخلافة الإسلامية.
وفي الباب خمسة فصول، تتحدث عن التعريف برئيس الدولة، وحكم نصب رئيس للدولة، وهل ذلك واجب أم جائز؟ وعقلاً أم شرعاً؟ ثم الطريقة الشرعية لنصب رئيس الدولة، بالبيعة أو الاستخلاف أو الاستيلاء؟ أو بالنص عليه من الله تعالى.
وفي الفصل الرابع: بيّن الدكتور الخالدي شروط انعقاد الخلافة، وأقوال علماء المسلمين في ذلك ووضّح أنها إما شروط انعقاد وإما شروط أفضلية. وعقد الدكتور الخالدي مبحثاً خاصاً لمناقشة النسب القرشي كشرط للخلافة، وهل هو من شروط الانعقاد فلا يكون من غير قريش خليفة إلى قيام الساعة. أم هو شرط أفضلية كالقراءة والكتابة والشجاعة وغير ذلك؟
وفي الفصل الخامس: وضّح الدكتور الخالدي أن القيادة في الإسلام فردية، وأنه لا يجوز أن يكون للمسلمين إلا خليفة واحد، لتحقيق وحدة الأمة ووحدة الدولة ووحدة القانون. ولعموم وخصوص الأدلة الواردة في ذلك.
أما الباب الرابع: فقد تضمن ثلاثة فصول دارت حول: مشروعية القاعدة الرابعة من قواعد نظام الحكم في الإسلام. وبيان الأصل في ذلك، وصلاحيات رئيس الدولة في تبني الأحكام.
تنويه:
إن كتاب «قواعد نظام الحكم في الإسلام» هو من الكتب النادرة التي تطرقت لقواعد نظام الحكم في الإسلام بالتفصيل والوضوح والدقة. مع العلم بأن المؤلف قد نال بهذا البحث درجة الدكتوراة مع مرتبة الشرف الأولى في علم السياسة الشرعية من كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر.
جزاكم الله خيرا