أميركا وإدارة الملفات
من السوابق الأميركية في بلاد المسلمين تكليفها للدول المتجاورة بإدارة الملفات الساخنة نيابة عنها ولصالحها مجاناً. حصل ذلك في أفغانستان ولبنان، وتجري محاولات ومفاوضات لتكرار التجربة في العراق.
ففي أفغانستان قامت أميركا بتكليف باكستان أيام الحرب ضد الروس بدعم “المجاهدين” حسب التسمية الدارجة يومها، وتم فعلاً دعمهم عسكرياً وسياسياً وإعلامياً، تدريباً وتسليحاً ومعلومات، واستمرت عمليات إدارة ملف أفغانستان حتى قبيل الغزو الأميركي لأفغانستان بأيام قليلة. وحينما سيطرت جيوش الاحتلال الغادر، استلمت أميركا ملف أفغانستان؛ لأنها حضرت بصفتها الأصيل فتراجع البديل.
وفي لبنان تم تكليف (قوات الردع العربية) بإيعاز من جامعة الدول العربية الموجهة أميركياً، بالانتشار في لبنان لتغطية تكليف سوريا بملف لبنان، وكان الإخراج عربياً، والمقصود تكليف سوريا، واستمر ذلك ثلاثة عقود، ثم عاد الأصيل بعد عام 2005م ليستلم الملف من البديل.
وفي غزة والضفة تم تكليف مصر عبر عمر سليمان بترتيب الملف الفلسطيني ورعاية مفاوضات التنظيمات الفلسطينية فيما بين بعضها البعض، ثم بين السلطة وسلطات الاحتلال، واستمر التكليف، لكنه يقوى ويضعف بحسب سخونة الأجواء.
وفي العراق تم السماح لإحدى دول الجوار بالتسلل إلى الداخل عبر أشكال مختلفة، لكنها لم تفوّض تفويضاً كاملاً أو علنياً، بل سُمح لها بترتيب بعض الملفات عبر التنظيمات التي تربّت في أحضانها قبل الغزو الأميركي للعراق، وتجري محاولات للتفاوض حسب ما أعلنته أغلب وسائل الإعلام، فهل تنتهي هذه المفاوضات بتسليم الملف للجيران؟ هذا ما سوف تكشفه الأسابيع والأشهر القادمة.