عيد الفطر… مشعرٌ عظيمٌ يُذكّرُنا بِوحدة أمة الإسلام
2016/07/25م
المقالات
2,519 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
عيد الفطر… مشعرٌ عظيمٌ يُذكّرُنا بِوحدة أمة الإسلام
حمد طبيب- بيت المقدس
إننا نعيش الأيام الأخيرة من خاتمة هذا الشهر العظيم؛ شهر رمضان، شهر الخير والبركة، ونقف على أعتاب عيد الفطر؛ بعد يوم أو يومين.. وفي هذا المشعر العظيم عدة معانٍ عظيمة، يتذكرها المسلمون وهم يحيون هذا اليوم المبارك، وأبرز هذه المعاني، هو أن هذا العيد يذكرنا بوحدة هذه الأمة الكريمة، أمة الإسلام «خير أمة أخرجت للناس على وجه الأرض» حيث إنها تجتمع جميعًا بكافة أعراقها ولغاتها وبلدانها على هذه الشعيرة، منهية عبادة عظيمة، اجتمعت وأجمعت عليها شهرًا كاملًا… وهذا الأمر العظيم لا يوجد في أي أمة أخرى على وجه الأرض غير أمة الإسلام، وخاصة في الديانات الموجودة على وجه الأرض؛ اليهودية والنصرانية!!…
لقد كان رمز هذه الوحدة وجامعها خليفة المسلمين هو من يحيي هذه الشعيرة في مركز بلاد المسلمين؛ في خلافتها؛ حيث كان خليفة المسلمين يؤم الناس في صلاة العيد، أو ينيب أحدًا من المسلمين في حضرته، في عاصمة الخلافة، ويعلي ذكر الله عز وجلّ، ويرفع صوته بشعارات التكبير تدوي في كل أرجاء الدولة، ويرددها خلفه المسلمون بعزة وقوة وإباء: الله أكبر… الله أكبر… الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.. لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون…
ثم يستقبل خليفة المسلمين المهنئين من الولاة والعمال من كافة أرجاء الدولة، ويستقبل كذلك قادة الجند، وهم ينقلون له أخبار الانتصارات والفتوحات الجديدة في كافة أرجاء الأرض!!…
إن هذه المعاني العزيزة العظيمة، لتذكرنا بحال أمة الإسلام اليوم، وهي تتفرق في عيدها وفي أقطارها، وفي مشاعرها وشعورها تجاه بعضها البعض، ويغري بينها الكافر المستعمر العداوة والبغضاء، والاقتتال في سوريا الشام وفي اليمن السعيد، وفي العراق وأفغانستان وباكستان، وغيرها من أقطار متفرقة ممزقة متنافرة متناحرة…
يذكرنا بأمة تعدُّ أكثر من مليار ونصف المليار، يغتصب شرذمةٌ من اليهود أقدس مقدساتها؛ في أرض الإسراء والمعراج، ويسومون أهلها سوء العذاب، يقتلون أبناءهم ونساءهم وشيوخهم، ويضعونهم في سجون متلاصقة؛ سجان فيها يمسك بسجان…
يذكرنا هذا المشعر العظيم بالكفار من البوذيين؛ يعتدون على دمائها، وأعراضها وشعائر دينها؛ في بورما وفي الصين؛ حيث يُهجَّر الآلاف من المسلمين في بورما ويُحرَقون في النيران؛ كأصحاب الأخدود، ويُجبَر المسلمون على الإفطار في رمضان في الصين الملحدة؛ على مسمع ومرأى من خمسٍ وخمسين دولة في العالم الإسلامي، تجمع أكثر من مليار ونصف المليار، في الجامعة العربية والجامعة الإسلامية، لا يحركون ساكنًا ولا يفعلون شيئًا!!…
يذكرنا بإخواننا من أهل الشام؛ حيث يُشرَّدون في أقطار الأرض، تحت الصقيع والبرد والمطر، والحر الشديد في الصيف بلا ماء ولا غذاء ولا مأوى… ويعانون ما يعانون حتى في بلاد المسلمين، في الأردن وتركيا ولبنان ومصر وغيرها، ويوضعون في سجون محاطة بالأسلاك الشائكة، في خيام لا تقي حرًا ولا قرًّا!! … وخيرات المسلمين يتنعم بها أعداء الإسلام وشركاته الكبرى عابرة البحار والقارات. وبلاد المسلمين ترتع فيها أميركا وأوروبا كيف تشاء…
فأين من هذا الواقع البئيس معتصمٌ بالله؛ يلبي دعوة امرأة صاحت وامعتصماه، يلبي صرختها بجيش أوله في زبطرة على حدود الروم وآخره في بغداد؟! قال أبو تمام واصفًا هذه العزة:
لَبَّيْتَ صَوْتاً زِبَطْرِيّاً هَرَقْتَ لَه
عداك حرُّ الثغورِ المستضامة عنْ
أجبتهُ مُعلناً بالسَّيفِ مُنصَلتاً
حتّى تَرَكْتَ عَمود الشرْكِ مُنْعَفِراً
|
ُكأسَ الكرى ورُضابَ الخُرَّدِ العُرُبِ
بردِ الثُّغور وعنْ سلسالها الحصبِ
وَلَوْ أَجَبْتَ بِغَيْرِ السَّيْفِ لَمْ تُجِبِ
ولم تُعرِّجْ على الأوتادِ والطُّنُب
|
أين من هذا الواقع الأسود صلاح الدين أبو المظفر ( الناصر لدين الله ) وهو يلبي صرخة امرأة في قافلة الحج استنجدت به؛ قائلًا والله لأذبحن أرناط – حاكم الكرك- بحد سيفي هذا، وفعلًا أوفى بوعده في معركة حطين؟!
أين من هذا الواقع قتيبة بن مسلم الذي قال لأحد الكفار – وهو يعرض الفدية العظيمة؛ من الدنانير والدراهم: والله لا تروَّع بك مسلمة بعد اليوم أبدًا!!.
إن هذه المعاني وغيرها من شعائر ومشاعر العزة ستعود عما قريب بعون الله، عندما تجتمع هذه الأمة «كما كانت» أمة واحدة من دون الناس»؛ في دولة واحدة تحت إمرة خليفة واحد، ترفع راية واحدة هي راية « لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وتطبق شريعة واحدة مستنبطة من كتاب واحد وسنة واحدة، تتمثل قوله تعالى: (وإن هذه أمتكم امة واحدة وانا ربكم فاتقون) 52 المؤمنون.. وقول رسولها عليه الصلاة والسلام – في موادعة المدينة: «المسلمون أمة واحدة من دون الناس» سيرة ابن هشام
وإن هذا اليوم بات قريبًا بإذنه تعالى لنصلي خلف خليفة المسلمين؛ في ساحات المسجد الأقصى المبارك؛ تمامًا كما صلى صلاح الدين، والجند عن يمينه وشماله في جمعة الفتح، وبعدها في عيد الفتح الذي حضره في الأقصى المبارك، يرفع الجند أصواتهم عاليًا.. ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين… ويكبرون ويهللون!!.
نسأله تعالى أن يكرمنا بعيد كأعياد المسلمين السابقة؛ في ظل خلافة الإسلام نصلي خلف خليفة المسلمين.. آمين يا رب العالمين..
2016-07-25