بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
في هذا العام، 2016م، حلَّت على المسلمين الذكرى المئوية لاتفاقية (سايكس بيكو). تلك الاتفاقية المشؤومة التي شكلت سهمًا سامًا أودى بجسد الدولة الإسلامية التي كانت توصف آنذاك بالرجل المريض، ففتَّتت وحدة المسلمين، وقسَّمت أراضيهم، وفرضت عليهم الحكم بالكفر… واعتمدت فيها كل من بريطانيا وفرنسا على عملاء لها ربَّتهم على يديها، فكانوا وما زالوا خنجرًا يطعن به الغرب جسد هذه الأمة كلما أرادت أن تستعيد حياتها وتأخذ دورها…
لقد كثرت المقالات المأجورة التي تتناول هذه الاتفاقية في الذكرى المئوية، وتتحدث عن بدء سقوطها، وعمل الغرب، وعلى رأسه أميركا، وبمساعدة أذنابهم من الحكام، على إقامة (سايكس بيكو2) مكانها، وتسوق لها بطرق خفية، وتتعامل معها على أنها قدرًا مقدورًا …
ولما كانت مثل هذه الاتفاقيات على علاقة وثيقة بضرب مشروع الخلافة العظيم، ولما كان مهمًا جدًا ربط هذا التآمر بمنع إقامة الخلافة والتركيز عليه… أرادت الوعي أن تصدر عددًا خاصًا بهذه المناسبة تسلط الضوء فيه على ما كان لهذه الاتفاقية الآثمة من شرور على الأمة الإسلامية والقضاء على دولتهم الجامعة، دولة الخلافة… وتسلط الضوء أيضًا على أن الأمة مع صحوتها تريد العودة إلى العيش في رحاب الإسلام في ظل دولة الخلافة… وتسلط الضوء أيضًا وأيضًا على أن الغرب يكيد كيده مرة أخرى، فإذا هدفت اتفاقية سايكس بيكو الأولى التي رعتها بريطانيا وفرنسا ومعهم روسيا إلى القضاء على دولة الخلافة، فإن أميركا اليوم ومعها كل دول العالم وعلى رأسها روسيا تعمل على فرض اتفاقية بديلة تهدف إلى فرض اتفاقية بديلة لمنع إقامة دولة الخلافة من جديد…
واللافت أن هذه الاتفاقية قد مر عليها مئة من السنين العجاف وتبعه وعد بلفور 99 سنة الذي فرط بالأرض التي بارك الله بها ليسلمها ليهود أعدى أعداء الأمة، وسقوط الخلافة 95 سنة… فهل نحن على رأس قرن يريد الله أن يجدد فيه لهذه الأمة أمر دينها مصداقًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله يبعث على رأس كل مئة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها»؟ علمًا أن تجديد أمر هذا الدين لا يمكن تتويجه إلا بإقامة خلافة راشدة تكون على منهاج النبوة وهذا ما بشَّر به حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «ثم تكون خلافة على منهج النبوة» وهل سيشفي الله قلوب المسلمين من يهود مصداقًا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «تقاتلكم يهود فتقتلونهم»؟. وهل سيعمُّ الإسلامُ الأرضَ فيخلص العالم من شرور الرأسمالية وعنتها، ويصدق فينا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله زوى لي الأرض مشرقها ومغربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها»؟… فهل آن أوان إظهار هذا الدين؟!… نسأل الله العزيز الحكيم كل ذلك.