أرض الحرمين في خطر!
2024/06/19م
المقالات
1,571 زيارة
جندل صلاح – جنين
لا يوجد عاقل اليوم لا يدرك أن هناك ما يحضر لبلاد الحرمين، شر عظيم يجهزه اليهود والصليبيون، في غفلة عجيبة تحيِّر العقول من أهل بلاد الحرمين.
ربما يخيل لكثير من المتابعين وأهل البلد أن تصرفات محمد بن سلمان -الدب الداشر كما يسمونه- أن تصرفاته ليست سوى عبث مراهق يشعر بنشوة القوة والتمكُّن، وأنه يتخبَّط، وأن كل المشكلة هي أن هناك حاكمًا مراهقًا يقود البلد بتصرفاته الغبية إلى واد سحيق… والحق، والله أعلم، أن هذا غير صحيح… فنحن لسنا أمام حاكم مراهق يعبث عبث الصبيان، بل نحن أمام مخطَّط خطير…
من المسلم به أن محمد بن سلمان وصل للحكم وقام بالإمساك بزمام الأمور بقرار أمريكي، وهذا ما كشفه مايكل وولف في كتابه (نار وغضب) الذي تحدث فيه عن دور الرئيس دونالد ترمب في هندسة الانقلاب الداخلي الأبيض بالسعودية بتصعيد ابن سلمان إلى ولاية العهد؛ وهو ما يشير بجلاء إلى أن وصول محمد بن سلمان كان مقصودًا ومدبرًا، وله أهداف طويلة الأمد تسعى الإدارة الأمريكية لتحقيقها. فلا يظن أحدٌّ أن أمريكا ستسمح لمراهق غبي بإدارة أهم منطقة حيوية بدون توجيه؛ لكن طبيعة المخطط الذي ينفذه تجعله يبدو هكذا… كل تصرفات محمد بن سلمان مدروسة بدقة ومعدَّة مسبقًا، وتم التوافق عليها مسبقًا مع الأجهزة الأمنية والمخابراتية الأمريكية واليهودية.
فعلاقة ابن سلمان مع اليهود لم تعد خافية، ولم نعد حتى بحاجة لإثباتها أو مناقشة أحد في حقيقتها، ففوق أن تصرفاته السياسية والاقتصادية إبَّان حرب غزة ما بعد طوفان الأقصى ودعمه اللوجستي للكيان اليهودي لم يعد خافيًا، بل حتى حكام آل سعود لا يُخفون اليوم حقيقة علاقتهم مع اليهود، فحتى صحيفة جيروزاليم بوست (الإسرائيلية) كانت متفاجئة من مدى عمق وثبات العلاقة بين آل سعود وبين اليهود؛ خاصة ما بعد لقاء محمد بن سلمان مع مؤسس مركز التراث اليهودي الذي علق بقوله: «إنهم يحبون (إسرائيل) أكثر من اليهود أنفسهم». وعندما سأله: ماهو رأيك باليهود والمسيحيين؟ فأجابه محمد بن سلمان: «إنه أحبهما كثيرًا». وعندما تساءل اليهودي عن سبب هذا الحب أجابه بن سلمان: «لأن والدتي واحدة منهم» رد عليه مؤسس مركز التراث اليهودي: ماذا تتحدث؟! أجابه محمد بن سلمان: «إن مربيتي كانت يهودية متطرفة «إنجيلية» من أصل أثيوبي». (المؤتمر السنوي لجورازيليم بوست 22/6/2019م).
لذلك ليس من الغريب أن تشارك السعودية في تجهيز خط إمداد غذائي طوله 2000 كلم لدعم الجيش اليهودي الذي يطحن أهل غزة ويدنس المسجد الأقصى!… وليس من الغريب أن يزور نتنياهو السعودية عدة زيارات سرية متتابعة منذ عام 2020م، فضحت واحدة منها بتاريخ 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2020م!… وليس من الغريب أن يكون الوزير (الإسرائيلي) حاييم كاتس مع وفده المرافق كثير التردد على السعودية!… وليس من الغريب أن يؤسَّس في بلاد الحرمين في عهد محمد بن سلمان (حاباد) يديره الحاخام يعقوب هرتسوغ!… وليس غريبًا أن يكون هناك مقر في العاصمة الرياض لجمعية (ديارنا اليهودية) التي تعمل هناك منذ 15 سنة لجدولة الأملاك اليهودية في بلاد الحرمين، وزايارات الحاخام رابي هرزوق ورئيس دائرة الأعمال الإبراهيمية رافييل نيجل!… ولا تستغربوا عندما تعلموا أن شركة عوفر الأمنية (الإسرائيلية) هي التي تشرف على تنظيم الحجيج، والقائمة تطول كثيرًا.
أذكر هذه النتفاف فقط ليفهم القارئ مدى عمق العلاقة بين آل سعود واليهود. وحتى نفهم جيدًا أننا لسنا أمام (شطحات مراهق)، بل نحن أمام تصرفات مبنية على مخطط أعدته مسبقًا الإدارة الأمريكية بمشاركة يهودية واضحة.
مفهوم الدولة الفاشلة:
وحتى لا أطيل الكلام أقول إن تصرفات محمد بن سلمان مقصودة، والهدف منها إيصال بلاد الحرمين إلى ما يسمى مفهوم (الدولة الفاشلة)؛ وذلك من خلال إيصال سكان بلاد الحرمين إلى حالة من عدم الأمان الغذائي والاقتصادي والاضطراب الشعبي؛ وصولًا إلى حالة الدولة الفاشلة.
ومفهوم الدولة الفاشلة هذا من المفاهيم السياسية الخطيرة المقنَّنة دوليًّا وعالميًّا… وعندما نقول مقنَّنة فهذا يعني أنه تم وضع قوانين دولية للتعامل مع الدولة الفاشلة، أي أن إعلان بلاد الحرمين (دولة فاشلة) يمنح حق للأمم المتحدة بإدارتها مباشرة.
مصطلح الدولة الفاشلة ظهر في أوائل التسعينات في خطاب مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة. وكما هي كل المفاهيم التي تصدرها الولايات المتحدة، فإن المفهوم غامض ليس له تعريف محدَّد كما هو مفهوم الإرهاب، ومفهوم الجندر، ومفهوم تمكين المرأة، ومفهوم نشر الديموقراطية… الأمر الذي يفسح المجال بدعم وموافقة نصوص القانون الدولي التدخل في هذه الدولة وتحديد سيادتها وصلاحياتها وإعادة ترتيب أجهزتها الأمنية والجيش والمؤسسات السيادية بحسب المادة 34 من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، وبحسب المادة الرابعة من شرعة الأمم المتحدة، وهذا بالضبط بحسب ما نرى أنه يتم الآن في بلاد الحرمين. إن إيصال البلد إلى حالة الدولة الفاشلة أو حالة التحلُّل الذاتي هو مرحلة ما قبل الاقتطاع والتقسيم..
هل سيتم تقسيم بلاد الحرمين؟
عندما نتحدث عن مشروع التقسيم، يخطر مباشرة في بال الكثير برنارد لويس؛ لكن الحقيقة أنه منذ عام 1982م حتى اليوم، هناك عشرات مشاريع التقسيم التي طرحت على الكونجرس من قبل خبراء عالي المستوى. الإعلام الغربي يركز على مخطط برنارد لويس مع أنه الأقل أهمية؛ في محاولة ربما لصرف الأنظار أو لإعطاء إيحاء بخيالية المشروع؛ لكن هناك العديد من المخططات، بل هناك خطط أصحابها غامضون جدًّا لدرجة الريبة، ومن الصعب جدًّا التعرف عليهم أو تتبع أخبارهم، فمثلًا:
هناك مخطط رالف بيترز (حدود الدم، 2006م). هذا المخطط يرتكز على ثلاثة ركائز هيمنة (إسرائيل) والسيطرة على منابع النفط وأمن الأكراد.
وهناك مخطط (لبنجوري، 1957م) الذي ذكر الخبير الاستراتيجي المصري اللواء حسام سويلم الذي اعتمد في الغزو اليهودي للبنان الذي استمر 18 سنة؛ لتقسيم لبنان إلى عدة «كنتونات» تكون فيها بيروت تحت الوصاية الدولية.
خطة أودد ياينون، 1982م. هذا الرجل غامض لدرجة أنك لن تجد له إلا صورة واحدة منشورة. هذا الرجل هو العقل المدبِّر للعديد من استراتيجيات حزب الليكود، نشر يينون خطته في مجلة (كيفونيم) عام 1982م.
وهناك مخطط جيفري جولدبرج، المسماة خريطة (أتلانتيك، 2008م).
وهو جندي سابق بجيش اليهود، نشر المخطط على صفحات مجلة (أتلانتيك) الشهيرة، بالتزامن مع إقرار مجلس الشيوخ الأمريكي خطة غير ملزمة لتقسيم العراق.
ثم هناك مخطط برنارد لويس الشهير.
حتى إن الباحث السياسي الدكتور ياسر نجم عدَّد ما يقارب 15 مخططًا من شخصيات عالية المستوى.
على كل حال، يراد التأكد من أن كل هذه المخططات المنشورة ليست قيد التطبيق، وأن هذه المخططات كلها للاستهلاك الإعلامي وإثارة ردود فعل معينة مقصودة لدى الرأي العام…
لكن هذا العدد الكبير جدًّا من مخططات التقسيم التي يتسابق الخبراء المخابراتيون والاستراتيجيون لتقديمها للكونجرس تعطينا صورة واضحة أن أمريكا فعلًا تريد تفتيت المنطقة وتقسيمها، وخاصة أن لدينا أمثلة عملية مثل جنوب السودان، ومناطق الأكراد؛ لكننا نستطيع أن نجزم أن دولة بقوة أمريكا لا نظن أنها تستند في مخططاتها على أفراد ينشرون مخططاتهم في الصحف والمجلات، حتى ولو كانوا موظفين عالي المستوى؛ لا سيما وأن هذه السياسة تتعلق بمنطقة هامة جدًّا مثل الشرق الأوسط، إضافة إلى أن لديها جيشًا من الخبراء والسياسيين والعلماء والاستراتيجيين… لكن بشكل أكيد، هناك مخطط من نوع آخر غير معلن؛ ولكنه ضمن الخطوط العامة لمؤامرة التقسيم.
بلاد الحرمين عصية على التقسيم… ولكن!
الآن في حالة بلاد الحرمين… لو درستم مخططات التقسيم أو مشاريع التقسيم المعلنة ستجدون أنها جميعها تلمح لمسألة هامة؛ وهي أن كل الخبراء وشياطين أجهزة المخابرات يرون أن مصر وبلاد الحرمين عصية على التقسيم؛ لأن ظروفها الديموغرافية والدينية ليست مواتية لأي عملية تقسيم، كما حصل في السودان: دارفور والوسط والجنوب، أو العراق: سني شيعي كردي
أي إن الحديث عن التقسيم من المستحيلات في ظل وجود تناغم سكاني وانسجام عقائدي في البلد؛ لذلك، فإن مصر وبلاد الحرمين عصية على التقسيم؛ ولكنها ليست عصية على الاقتطاع…
الآن من المسلمات في ميدان العمل السياسي، وهذا الأمر ملاحظ بوضوح في السياسة الخارجية الأمريكية، أنها تبني نفوذها وتنفذ أجنداتها وتحكم سيطرتها من خلال إثارة النزاعات والفوضى في المنطقة المقصودة ثم تعيد ترتيبها وصياغتها…
من الحرب العالمية الثانية وإعادة ترتيب أوروبا، إلى الحرب العراقية الإيرانية، ثم حرب الخليج والسيطرة على منابع النفط، وصولًا إلى احتلال العراق وتحويل الثورة السورية وبقية الثورات العربية إلى فوضى؛ لإعادة رسم المنطقة كلها…
حتى إنه عندما شارفت الحرب العراقية الإيرانية على الانتهاء، قال بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي: إنه من الضروري تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش حرب الخليج الأولى تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود سايكس _ بيكو.
لذلك فإنه وفي ظل عدم وجود قدرة على إثارة نزاعات إثنية وطائفية داخلية؛ بسبب التناغم الديني والسكاني في بلاد الحرمين، فإن أمريكا تستخدم طريقة مختلفة عن (الحالة العراقية) لتتمكن من تقسيم بلاد الحرمين، وهي استخدام قانون (الدولة الفاشلة) بدل إثارة النزاعات المسلحة الداخلية كما فعلت في العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان.
وهنا نجد أن أمريكا وجدت حلًّا لعدم قدرتها على إثارة نعرات طائفية ومذهبية في بلاد الحرمين.
تحطيم البلد داخليًّا:
في مرور سريع على الحالة السياسية والأمنية في بلاد الحرمين، ستلاحظون أن الأزمات موجودة في كل زاوية في البلد، وعملية تأزيم الأزمات أكثر وأكثر هي عملية مقصودة لإيصال البلد إلى ما يسمى مفهوم الدولة الفاشلة التي ستجعل من الممكن اقتطاع أجزاء معينة منها مثل المنطقة الشرقية أو الجنوبية، أو تدويل الحرمين الشريفين، أو خصخصة مناطق منابع النفط، أو فصل نجد عن الحجاز وتهامة أو غيرها من التقسيمات الممكنة…
في مرور سريع آخر، نجد أن ابن سلمان وعد أنه سيتدخل عسكريًّا في اليمن بضعة أشهر، وها هي تمر سنوات وما زال الجيش السعودي عالقًا في الحد الجنوبي، ثم فقدت السعودية هيبتها العسكرية أمام إرسال موجات طائرات مسيرة واشتعال مصانع نفط استراتيجية، حتى أفقد الجيش الرسمي هيبته أمام شعبه وبلده وجعله أضحوكة أمام الجماهير.
ثم نجد كذلك كيف أن هيئة الترفيه والقوانين المستحدثة للمرأة قلبت الحالة الاجتماعية من الحالة المحافظة إلى الحالة المنفلتة الساقطة، خاصة في الفعاليات العامة مثل اليوم الوطني والجنادرية وغيرها، والنفقات العالية جدًّا على التفاهات مثل ملعب الغولف وسباقات الفرمولا التي فاقت تكلفتها 3 مليار دولار، وشراء نوادي كرة قدم مثل نيوكاسل والتعاقد مع رونالدو وإنفاق مئات الملايين من أرزاق الشعب على التفاهة، التي جرَّب ملوك السعودية تأثيرها (الثوري) على أهل الحرمين، والتي كانت قد تسببت نفس التصرفات في عهد الملك خالد في تشكيل تنظيم (الإخوان) ثم حصول أزمة جهيمان العتيبي، وهي تصرفات يقصد منها فعلًا إيصال الشارع لحالة غليان وتمرُّد.
ثم مشروع نيوم وما رافقه من مشاركة استراتيجية مع كوشنير ومكتبه في تل أبيب، ودخول اليهود على الخط والكشف عن مؤسسة الأملاك اليهودية (ديارنا)، وصولًا إلى مشروع مدينة الساحل (ذا لاين)، والعلاقة المشبوهة جدًّا بين مشروع نيوم السعودي وبين (مملكة نعوم التوراتية) التي ذكرت حدودها في سفر التكوين، والتي نشرت خرائطها في مجلة هاشاشار الصادرة في نيويورك عام 1917م، وهي نفس الخارطة المحفورة على العملة المعدنية (الأغورة)، ولا ننسى محمد العيسى وتسريبه للأفكار الماسونية إلى البلاد .
ثم أزمة إهانة شيوخ القبائل التي كان من أبرزها اعتقال أمير قبيلة عتيبة –أكبر قبيلة في بلاد الحرمين- الشيخ فيصل بن سلطان بن حميد الذي احتجز في العزل الانفرادي وتمت إهانته وإذلاله، ثم إجلاء القبائل البدوية التي كان أبرزها قبيلة الحويطات، وأزمة مصادرة المساكن وهدمها في عدة مدن كان أشهرها ما حصل في مدينة وجدة.
والحملة المسعورة لتحطيم تجار منطقة الحجاز ومنطقة تهامة الذين يعتبرون أكبر تجار المنطقة أمثال عائلة بن لادن والنويصر وخالد زينل ومحمد بن حسين العمودي، ثم إهانة وعزل الشيخ عبد الله التركي منسق القبائل الحجازية.
ثم الاعتقالات التعسفية البلطجية التي طالت أمراء وتجارًا كبارًا وعلماء، وحتى أئمة في الحرمين مثل الشيخ صالح آل طالب.
الناظر عن بعد بشكل سطحي سيخيل إليه أن هناك دبًّا داشرًا يخرب الأرض بغبائه… وحاكم سفيه لا يعرف ما يفعل؛ لكن كما قلنا: الحقيقة أعمق من ذلك…
ابن سلمان يقود مخطَّطًا مدروسًا بعناية ليحطم البلد؛ ولكن ليس على طريقة الحالة العراقية، بل هو تحطيم داخلي يقود إلى انهيار الدولة ذاتيًّا حتى يكون تقسيمها أمرًا طبيعيًّا… وهذا يضع أهل البلد الآن، وخاصة كبار رجال البلد والعشائر ورجال الجيش أمام واجب مستعجل…
ليعلم ساكنو بلاد الحرمين أن البلاد تسير باتجاه انهيار داخلي شمولي ومفاجئ، تدبره أمريكا وتخطط له أن تكون هي صاحبة القرار في تلك اللحظة؛ لتعيد بناء البلد بطريقة جديدة تتماشى مع مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تريده. وهذا الأمر لن يكون سهلًا بل سيتم إدخال البلد في حالة (الفوضى الخلَّاقة) من خلال تحريك عملائهم لدفع القبائل على التناحر فيما بينها في ظل انهيار الجيش، حتى تعود بلاد الحرمين إلى الحالة القبلية الجاهلية، ومن خلال هذه الفوضى ستكون أمريكا قد أمَّنت منابع النفط وخطوط الإمداد وخطوط النقل الرئيسية، تاركة البلد في حالة فوضى أمنية وانهيار اقتصادي وفقر وجوع.
والنصيحة الوحيدة التي يمكن تقديمها اليوم، هو مسابقة أمريكا في مخططاتها. فبلاد الحرمين التي كانت منبع الإسلام، ونقطة ارتكاز الدولة الإسلامية الأولى، وهي ما زالت قبلة مشاعر المسلمين… يجب إعادتها إلى أصلها الأول في (دولة إسلامية راشدة) هذه الدولة التي عليها أن تقود المسلمين من جديد، وتعيد ترتيب الأمة الإسلامية، وتنطلق حتى تحكم العالم كل العالم إن شاء الله تعالى.
ولا نرى عذرًا اليوم لأهل الخليج في التقاعس عن هذا؛ خاصة وأنكم كنتم مركز القيادة والقوة البشرية الإسلامية. فبلاد الحرمين فيها أقوى عشرة قبائل في العالم: (قبيلة عتيبة، قبيلة عنزة، قبيلة غامد، قبيلة زهران، قبيلة قحطان، قبيلة الدواسر، قبيلة شمر، قبيلة مطير، قبيلة جهينة وقبائل بنو تميم… ) هذه القبائل ليس لها نظير في القوة البشرية على مستوى العالم إلا ربما قبيلة البشتون، وهذه قبائل محاربة وليست مثل قبائل الصين واليابان وروسيا أعداد لا قيمة لها، بل إن قبائل بلاد الحرمين قبائل حمالة سيف كابرًا عن كابر وقبائل محاربة ومجربة.
فليس من المقبول عقلًا ولا ديانة ولا على مقاييس الرجال… أن ترى هذه القبائل أرض الحرمين يتم تحطيمها على يد (قبيلة مدسوسة) مثل آل سعود، وهم يتفرجون وينتظرون عودتهم إلى الجاهلية الأولى.
بلاد الحرمين قادمة على الاقتطاع والتحالفات السياسية الخفية الموجودة فعلًا من الآن. والمسألة مسألة وقت، قبل أن تنفجر الأوضاع وتتدخل أمريكا لفرض أجندتها على الداخل، من خلال عملائها الذين تم إعدادهم مسبقًا.
فهل سنرى في قابل الأيام صحوة تعيد أرض الحرمين لقيادة الأمة الإسلامية ورفع راية الجهاد في سبيل الله (خلافة راشدة) تجدد عهد الراشدين، أم ستنجح أمريكا في تحطيم بلاد الحرمين، ليضاف إلى قائمة خيبة أملنا بعد العراق وسوريا والسودان وليبيا، ثم نجد بلاد الحرمين، لا سمح الله، تغرق في نفس المستنقع… نعم، هل نرى صحوة أخرى غير التي سبقتها في التسعينات من القرن الماضي، والتي أجهضها آل سعود، ومعهم العلماء من آل الشيخ وتوابعهم، والتي كانت بما طرحته تحمل أملًا للأمة بما كانت تدور انتفاضتهم عليه من توحيد الحاكمية، إلى جانب توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، والتي كانت لا تعني عندهم إلا إقامة دولة الخلافة.
فلعلنا على أبواب بشرى رسول الله التي أخرجها الإمام مسلم في صحيحه مِن حَديثِ ابنِ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الإسلامَ بدَأَ غرَيبًا، وسيَعودُ غرَيبًا كما بدَأَ، وهو يَأْرِزُ بيْن المسجِدينِ كما تَأْرِزُ الحيَّةُ إلى جُحرِها«
فاللهم احفظ بلاد الحرمين وأنجِها من كيد الكافرين وتفريط الخائنين، وردها قلعة للإسلام وللمسلمين.
2024-06-19