حدائق ذات بهجة سورة البروج
2014/10/30م
المقالات
2,158 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
حدائق ذات بهجة
سورة البروج
«اصبري يا أماه، فإنك على الحق»
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22) )
قال الإمامُ أحمدُ: حدثنا عفانُ حدثنا حمادُ بن سلمة عن ثابتٍ عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى عن صهيبٍ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان ملكٌ فيمن كان قبلَكم وكان له ساحرٌ، فلما كبر الساحرُ قال للملك: إني قد كبرَتْ سنِّي وحضر أجلي، فادفعْ إليَّ غلاماً فلأعلمُه السحر. فدفع إليه غلاماً فكان يعلمُه السحر، وكان بين الملكِ وبين الساحرِ راهبٌ، فأتى الغلامُ على الراهبِ فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، وكان إذا أتى الساحرَ ضربه وقال: ما حبسك؟ وإذا أتى أهلَه ضربوه وقالوا: ما حبسك؟ فشكا ذلك إلى الراهبِ فقال: إذا أرادَ الساحرُ أن يضربَك فقل: حبسني أهلي، وإذا أراد أهلُك أن يضربوك فقل: حبسني الساحر.
قال : فبينا هو ذاتَ يومٍ، إذ أتى على دابةٍ فظيعةٍ عظيمةٍ قد حَبَسَتِ الناسَ فلا يستطيعون أن يجوزوا فقال: اليوم أعلمُ أمرَ الساحرِ أحبَّ إلى الله أم أمرَ الراهبِ، قال: فأخذ حجراً فقال: اللهم إن كان أمرُ الراهب أحبَّ إليك وأرضى من أمرِ الساحرِ فاقتلْ هذه الدابةَ حتى يجوز الناس، ورماها فقتلها، ومضى فأخبر الراهب بذلك فقال: أي بني أنت أفضلُ مني وإنك ستُبتلى، فإن ابتُليت فلا تدلَّ عليَّ . فكان الغلامُ يبرئُ الأكمَهَ والأبرصَ ، وسائرَ الأدواءِ ويشفيهم.
وكان جليساً للملكِ فعَمِيَ، فسمِعَ به فأتاهُ بهدايا كثيرةٍ فقال: اشفِني ولك ما ها هنا أجمعُ. فقال: ما أنا أشفي أحداً، إنما يَشفي اللهُ عز وجل، فإن آمنتَ به ودعوتَ اللهَ شفاك، فآمن فدعا اللهَ فشفاه، ثم أتى الملكَ فجلسَ منه نحو ما كان يجلسُ فقال له الملكُ: يا فلانُ، من ردَّ عليك بصرَك؟ فقال: ربي. قال: أنا؟ قال: لا. ربي وربُّك الله. قال: ولك ربٌّ غيري؟ قال: نعم، ربي وربُّك الله. فلم يزلْ يعذبُه حتى دلَّ على الغلامِ فأُتيَ به فقال: أَيْ بُنَيَّ، بلغَ من سحرِك أن تُبرئَ الأكمَهَ والأبرصَ وهذه الأدواءَ، قال: ما أَشفي أنا أحداً، إنما يشفي اللهُ عزَّ وجلَّ، قال: أنا ؟ قال: لا، قال: أوَلك ربٌّ غيري؟ قال: ربي وربُّك الله. قال: فأخذَهُ أيضاً بالعذابِ، ولم يزلْ به حتى دلَّ على الراهبِ، فأُتيَ بالراهبِ فقال: ارجِعْ عن دينِك فأبى، فوُضِع المنشارُ في مَفْرِقِ رأسِه حتى وقع شُقَّاهُ، وقال للأعمى: ارجِعْ عن دينِك فأبى، فوُضِعَ المنشارُ في مَفْرِقِ رأسِه حتى وقع شُقَّاه. وقال للغلام: ارجِع عن دينك فأبى، فبعثَ به مع نفرٍ إلى جبلِ كذا وكذا، وقال: إذا بلغتُمْ ذُروتَه، فإن رجعَ عن دينِهِ وإلا فَدَهْدِهُوه، فذهبوا به، فلما علَوا الجبلَ قال: اللهُمَّ اكفِنِيهِمْ بما شئتَ، فرجفَ بهمُ الجبلُ فدُهْدِهُوا أجمعون. وجاء الغلاُم يتلمَّسُ حتى دخلَ على الملكِ فقال: ما فعل أصحابُك؟ فقال: كفانِيهُمُ الله. فبعثَ به مع نفرٍ في قرقورٍ فقال: إذا لججْتُمُ البحرَ فإنْ رجعَ عن دينه وإلا فأغرقوه في البحر، فلجَجُوا به البحرَ فقال الغلامُ: اللهُمَّ اكفِنِيهِمْ بما شئتَ فغرقوا أجمعون، وجاء الغلامُ حتى دخلَ على الملكِ فقال: ما فعلَ أصحابُك؟ فقال: كفانِيْهِمُ اللهُ.
ثم قال للملكِ : إنكَ لستَ بقاتِلي حتى تفعلَ ما آمُرُكَ به، فإن أنتَ فعلتَ ما آمُرُكَ به قتلتَني، وإلاّ فإنك لا تستطيعُ قتلي. قال: وما هو؟ قالَ: تجمعُ الناسَ في صعيدٍ واحدٍ، ثم تصلبُني على جذعٍ، وتأخذُ سهماً من كنانَتي، ثم قل: بسمِ اللهِ ربِّ الغلامِ، فإنَّك إذا فعلتَ ذلك قتلتَني. ففعلَ، ووضعَ السهمَ في كَبِدِ القوسِ ثم رماه وقال: بسمِ اللهِ ربِّ الغلامِ، فوقعَ السهمُ في صدغِهِ، فوضعَ الغلامُ يدَه على موضعِ السهمِ ومات، فقال الناسُ: آمنَّا بربِّ الغلامِ فقيل للملكِ: أرأيتَ ما كنتَ تحذرُ؟ فقد والله نزلَ بكَ، قد آمنَ الناسُ كلُّهم، فأمرَ بأفواهِ السِكَكِ فحفَرَ فيها الأخاديدَ، وأُضْرِمَتْ فيها النيرانُ، وقال: من رجعَ عن دينِهِ فَدَعُوهُ وإلاّ فأَقْحِمُوهُ فيها. وقال: فكانوا يتعادَونَ فيها ويتدافعُون. فجاءَتِ امرأةٌ بابنٍ لها تُرْضِعُهُ، فكأنَّها تقاعَسَتْ أن تقعَ في النارِ فقال الصبيُّ: اصبري يا أماهُ، فإنَّكِ على الحقِّ» كذا رواه الإمام أحمد ورواه مسلم والنسائي والترمذي.
2014-10-30