السيادة في المبدأ الرأسمالي لها مدلول مغاير ومناقض للإسلام، لأنها في البلدان الرأسمالية التي تتبنَّى النظام الديمقراطي تتلخص في كلمتين هما (السيادة للشعب) أما في الإسلام فإن السيادة هي للشرع فقط، أما الشعب فهو صاحب السلطان.
وإذا أردنا أن نحاكم المتشدَّقين بالسيادة وحتى من منطلقاتهم هم فإننا سوف نصل إلى نتيجة وهي أن وجود سيادة في كل ما يسمى بدول العالم الثالث ومنه العالم الإسلامية هي كذبة كبرى وخيال ليس له وجود في الواقع، وإذا تعقَّقنا أكثر وذلك بضرب الأمثلة الواقعية فإن الأمر يتوضح لكل مكابر.
ففي الدويلات القائمة في العالم الإسلامي كثيراً ما نسمع شعارات تتكرر دائماً مثل «الاعتداء على السيادة»، «وحدة واستقلال وسيادة لبنان والكويت»، «الاستعمار والاحتلال وتدخل الدول الأجنبية هو اعتداء على الاستقلال والسيادة».
تعالوا نطبِّق هذه الشعارات على الواقع في بلد صغير كلبنان وهو من أكثر البلدان تكراراً لكلمتي الاستقلال والسيادة، كم مرة يقوم الطيران الإسرائيلي بطلعات جوية في أجوائه في الأسبوع مضروبة في اثنين وخمسين أسبوعاً؟
كم مرة يختلي السفير الأميركي والإنجليزي والفرنسي والسوفياتي بمن يريدون ومتى يريدون بدون علم السلطة وبدون إذنها حتى لو كان المختلى بهم يشغلون مراكز حساسة في المواقع العسكرية والاقتصادية والسياسية والطائفية والعشائرية والدينية؟ ثم هل تسمح أميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا بأن يختلي أي سفير من بلادنا بأصغر إنسان عندهم دون علم وإذن مسبقين من وزارة الخارجية؟ هذا إذا افترضنا سُمح له بذلك. كم مرة تدخلت تلك الدول في جولات الحرب اللبنانية ورسمت خطوطها الحمراء؟ كم مرة أرسل المبعوثون بدون إذن الناس أو حكامهم؟ وكم مرة جاءت كلمة السرّ من الخارج؟ كم مرة تدخلوا في السياسة الداخلية للبلد والسياسة الخارجية والاقتصاد والبرامج التعليمية؟ كم مرة سرحت ومرحت أجهزة أمنهم؟ وكم كيلو متر مربع تقتطع إسرائيل من الأراضي إضافة إلى فلسطين؟ كم مرة قصفت المدنيين بطائراتها ودباباتها وكم مرة تسلَّلت إلى القرى الحدودية فمشَّطت ونسفت وزرعت الخراب والدمار؟
فعن أية سيادة تتحدثون؟! فعلاً الذين استحوا ماتوا¨