أخطار الغزو الثقافي عبر الأقمار الاصطناعية
1990/05/07م
المقالات
3,035 زيارة
كثيرة هي الأخطار المحدقة بالعالم الإسلامي، والذي يزيد من خطورتها أنها حملات مبرمجة ومنظمة تقودها أجهزة وتنظيمات تابعة للدول الكبرى الطامعة في بلاد المسلمين والعاملة ليل نهار للكيد لهم بقصد نزع تعلقهم بعقيدتهم وحضارتهم، وإدخالهم في جحر الضبّ الذي دخلوه. وهذه الأخطار المتعددة والمتجددة لا يمكن القضاء عليها من خلال معالجتها مشكلة تلو الأخرى، مع أنه من الصعوبة بمكان علاج هذه المشاكل كل مشكلة على حدة لأنها من الحجم الكبير ولا تقدر عليه إلا دولة تملك الإمكانات والنية الصادقة والإخلاص، وهذه الدولة غير موجودة الآن، مع أن السعي لإيجادها هو أمر أسهل وأسرع من الانهماك في حل المشاكل الجزئية المتجددة والمعددة، تلك المشاكل التي تبدأ ولا تكاد تنتهي، والانشغال فيها يستنفذ الجهد والوقت الذي لو كُرّس لإيجاد الأصل لكان وجد الحل تلقائياً بوجود الجهة صاحبة الحق والصلاحية والقدرة وهي دولة الخلافة، ومن ضمن المشاكل العديدة التي يعاني منها المسلمون نُسلط الضوء على أخطار الغزو الثقافي الذي يزحف إلينا عبر الأقمار الاصطناعية.
ونبدأ الحديث بذكر مدى التأثير الذي يحدثه التلفاز في مشاهديه وذلك من خلال كلمات بعض الخبراء في هذا المجال حيث يقول الدكتور محمد فريد الصحن في كتابه (العلاقات العامة المبادئ والتطبيق 1988) ما نصّه: (يعتبر الاتصال عن طريق المرئيات أكثر وسائل الاتصال فعالية في نقل الأفكار في مجال العلاقات العامة، ويعتقد العلماء أن قدرة المرئيات على التأثير في حاسة البصر تفوق قدرة الصوتيات على التأثير في حاسة السمع في جذب الانتباه بما يزيد على خمسة وعشرين ضعفاً. يضاف إلى ذلك أن خاصة البصر هي أسرع الحواس في تسجيل الصور الذهنية في عقل الإنسان. ويقول العلماء أيضاً أن الرؤية تشكل 33% من المعلومات المكتسبة أي أن حاسة البصر وحدها تتقدم على جميع حواس الإنسان الأخرى في اكتساب المعلومات بنسبة (4 إلى 1).
فإذا أضفنا الصوت إلى الصورة، فإن الرسالة يصبح أثرها في الاتصال قوياً إلى درجة كبيرة. كما أن الصوت الإنساني في الأفلام يضفي عليها صفة الواقعية ويكسبها الإقناع، بالإضافة إلى أثره في جذب الواقعية ويكسبها الإقناع، بالإضافة إلى أثره في جذب الانتباه. ولذلك فإن نقل الأفكار عن طريق الأفلام الصوتيّة يتميز بنسبة عالية من الوضوح في الرسالة والاهتمام من جانب المستقبل وتكون النتيجة قدرة أكبر على تذكر المعلومات المكتسبة من الأفلام بالقياس إلى ما يكتسبه من وسائل الإعلام الأخرى. كما أن الحركة العامرة بالمعنى تأسر الاهتمام، وتخلق الشعور بالتوتر والإحساس بالمشكلة، أما الثرثرة الصوتية المتصلة فتقف عقبة أمام استيعاب المعلومات والتجاوب مع المشكلة المطروحة.
ومن هنا كان نجاح السينما [التلفزيون] مع المثقفين وغير المثقفين، وحتى مع الأجانب الذين لا يجيدون لغة الفيلم، وقد أثبتت التجارب التي أجرها (ستودارد، وهولوداى) أن الوسائل البصرية تمتاز بمقدرتها الفائقة على الاستهواء، ويؤيد معظم العلماء هذه النتيجة بالنسبة للأطفال. وقد أثبتت معظم الدراسات قدرة الأفلام على تزويد الجماهير بالمعلومات الجديدة بالإضافة إلى دورها في تكوين الرأي حول المشكلات والموضوعات التي لم تتكون بشأنها اتجاهات راسخة… كما أن الأفلام المستوردة قد تسبب أثراً عكسياً لاختلاف ظروف المجتمع المأخوذة عنه عن الظروف المحلية والنماذج البيئية).
والآن بعد هذه المعلومات القيّمة حول مدى تأثير الصورة المرئية على المشاهد وذلك استناداً إلى معلومات إحصائية ورقمية أوردها خبراء في هذا المجال ننتقل إلى أرقام أخرى ومعلومات عن حجم البث التلفزيوني الوافد إلى العالم الإسلامي عبر الأقمار الصناعية وذلك من خلال أخذ عينة من هذا العالم الإسلامي وهي مسلمو المغرب العربي.
ففي مقال ورد في مجلة (الهلال الدولي) ما يكفي لإلقاء الضوء على ما يعانيه إخواننا في شمال أفريقيا. يقول المقال: ((تونسيون غاضبون رفعوا قضية لدى وزارة العدل ضد (مدير الإذاعة والتلفزيون) وطالبوا بأن تفرض الحكومة رقابة على برامج القناة الفرنسية الثانية لا سيما الأفلام الهدامة التي يراد بها تقويض القيم والتقاليد الإسلامية.
وقد بدأت القناة الفرنسية الثانية (انتين دو) ببث برامجها من على شاشة التلفزيون التونسي في بداية شهر يونيو/ حزيران، أي قبل زيارة الرئيس الفرنسي ميتران لتونس بفترة قصيرة جداً. وكان موضوع القناة الثانية هو الموضوع الرئيسي للمحادثات بين ميتران وبن علي. وقد خصّصت مساحات واسعة في صحف شمال أفريقيا لمناقشة برامج القناة الثانية الفرنسية المثيرة للجدل وعدم ملاءمتها للتقاليد والأعراف في شمال أفريقيا.
التلفزيون الإيطالي الذي يبث برامجه مباشرة من روما يشكّل أيضاً جزءاً من الغزو الثقافي لتونس الذي يستهدف تغيير شخصية البلاد، والذي يحط من المعايير الأخلاقية إلى مستوى شبيه بالمستوى السائد في أوروبا.
صحون الأقمار الاصطناعية (لتقوية التقاط البرامج الأجنبية) بدأت تنتشر في أماكن أخرى في شمال أفريقيا وليس فقط في تونس. مكتب التخطيط والمراقبة التابع لمديرية الجمارك الجزائرية ذكر أن عدد هذه الصحون بلغ (1200) صحن في البلاد. ولكن بعض المراقبين يذكرون عشرة أضعاف هذا الرقم. وتكلف عملية نصب الصحن ما بين 3000 إلى 4000 دينار جزائري لذلك فإنها تمثل مصدر ربح مهم للأطراف المعنية بتسويقها وتصنيعها ونصبها وهي في معظمها شركات أجنبية. وبواسطة هذا النوع من الهوائيات يستطيع مشاهدو التلفزيون في تونس التقاط (15) قناة أجنبية أكثرها شعبية قناة (5) الفرنسية الداعرة عدوة العرب والمسلمين والتي لعبت دوراً أساسياً في تهييج مشاعر الفرنسيين ضد الإسلام فيما يخص قضية المرتد سلمان رشدي.
يقول أحد الفنيين الجزائريين واسمه رباح وعمره 38 سنة: (( في حيّنا: مدينة الأنصار، لا زلنا نحاول منذ 10 سنوات إنجاز بناء مسجد جامع لكننا لم نوفق كثيراً. ولكن في غضون أشهر قلائل جمعت مئات الملايين من الدنانير لنصب هوائيات جماعية (صحون لاقطة). ولقد أجاعوا أطفالهم خلال شهر رمضان واستدانوا لكي يحصلوا على الهوائيات لكي يلتقطوا بواسطتها سموم الغرب وانحطاطه. ولن أسمح أبداً لأطفالي أن يشاهدوا الجنس والعنف على شاشة التلفزيون. إن الهوائي هو سمٌّ في العسل، المقصود به تفسيخ وتذويب طريقة حياتنا الإسلامية وليس من باب الصدفة أنه استخدم في هذه المرحلة بالذات من تاريخنا)) وشكوى رباح هي من الشكاوي النموذجية التي تدور على ألسن مئات الآلاف من المسلمين في الجزائر.
شخص آخر اسمه جمال (36 سنة) وهو موظف حكومي سئل: كم من الوقت يقضي في مشاهدة البرامج الوطنية؟ أجاب: (ولا دقيقة واحدة، أنا أشاهد القناتين الفرنسيتين الخامسة والسادسة فقط).
هنري غوبار الذي يدرّس في جامعة باريس الثامنة منذ تأسيسها في عام 1968 يميّز بين ثلاثة أنواع من الحروب: الحرب التقليدية المقصود بها الغزو والقتل، والحرب الاقتصادية المقصود بها الاستغلال والإثراء، والحرب الثقافية التي تستهدف الفكر، والتي لا تجرح بل تشلّ. الهدف من هذه الحرب الأخيرة تفسيخ الثقافات والشعوب ومسخها لصالح ثقافة أخرى وحضارة أخرى. إنها الحرب الأكثر تدميراً والأكثر خبثاً لأنها تتسلل إلى الوجدان غبر طرق لا يستطيع المرء كشفها للوهلة الأولى. وسائل هذه الحرب هي عادة الكتب المدرسية، والبرامج بتعبيراتها المختلفة. برامج التلفزيون تكاد تكون أخطر أسلحة هذه الحرب على الإطلاق. الصحون التي تستقبل ما تبثه الأقمار الاصطناعية التي تجتاح تونس والجزائر هي في حقيقة الأمر سفن الإنزال التي تحمل الغزاة)).
وننتقل إلى كاتب آخر يسلط الأضواء على جوانب أخرى من الأخطار الإعلامية والتلفازية بشكل خاص [د. مصطفى المصمودي، وزير إعلام تونسي سابق، كتاب النظام الإعلامي الجديد ـ سلسلة عالم المعرفة ـ 1985م، ص 238 وما بعدها]. يقول الدكتور المصمودي: (( وفيما يخص توزيع البرامج من حيث توعيتها فإن البرامج الترفيهية تحتل المرتبة الأولى في البث التلفزيوني العربي بحجم قدرة 16395 ساعة سنوياً لكامل التلفزات العربية، تليها البرامج الإخبارية بحجم قدره 5078 ساعة سنوياً، والبرامج التربوية 3499 سنوياً والبرامج الدينية 2136 ساعة. وما يمكن ملاحظته هنا أو توزيع البرامج من حيث نوعيتها وتصنيفها غير متكافئ، فإذا اعتبرنا أن مهام التلفزيون الأساسية هي التثقيف والإعلام لوجدنا أن توزيع البرامج العربية لا يحترم هذا التصنيف، ومن جهة ثانية فإن التلفزة العربية تستورد بين 40% و60% من برامجها من الخارج.
مواجهة الاختراق الثقافي:
أما في المجال الثقافي فمن لا يخشى تأثير البث التلفزي بواسطة الأقمار الصناعية الصادر عن الدول الغربية وأوروبا خاصة؟ إن هذا البث سيغمرنا ويدخل بيوتنا دون سابق استئذان منا، وذلك نتيجة التجاوزات التقنية التي لا مجال لتلافيها. وهذه المشكلة تتعدى في الحقيقة الصبغة الفنية المجردة، إذ أن وراء هذا الاختراق عزواً ثقافياً يتمثل في فرض نموذج حضاري معين ومطابق لتصور المجتمع المصنّع. فعلينا التدبر في الأمر والبحث عن حلول تراعي حرمتنا وتضمن احترام قيمنا.. وقد بلغ في سنة 1982 حسب إحصائيات اتحاد الإذاعات العربية حوالي 750 ساعة منها 290 ساعة صادرة عن أربع دول صناعية كبرى فقط وهي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.
ويتابع الدكتور المصمودي قائلاً: إن حماية الهوية ومجابهة الاختراق الفكري الأجنبي هما من الاختيارات الرئيسية لأية سياسة إعلامية عربية.. ويتمثل المظهر الأول في البث الإذاعي والتلفزي الإسرائيلي نحو البلاد المجاورة التي هي عرضة أكثر من سواها للعمل الدعائي الإسرائيلي وتأثيره، ثم هناك التأثير الأوروبي المباشر الذي تتعرض له بلدان المغرب العربي نتيجة قصر المسافة التي تفصل بين الضفتين الجنوبية والشمالية للبحر الأبيض المتوسط، مما ساعد على تنقل اليد العاملة نحو الشمال بأعداد كبيرة، وقد تأثرت هذه الجاليات أكثر من غيرها بالقيم الغربية، فانعكس ذلك على مجتمعها الأصلي بعد عودتها إليه. وذلك فضلاً عن غزارة تدفق الإعلام الأوروبي في بلاد شمال أفريقيا والنسبة المرتفعة من السواح الغربيين الذين يقصدونها. وهناك أيضاً العمالية الناعمة في أقطار الخليج، أي تشغيل اليد العاملة الأجنبية داخل البيوت حتى ولو كانت قادمة من بلدان نامية. ذلك أن الخطورة تتمثل في الآثار اللغوية والعقائدية التي ترسخها في أذهان النشء الصغير بدون رؤية وعلى أسس غير سليمة. كما أن أقمار البث التلفازي المباشر المنتظرة من الغرب والشرق في السنوات القادمة ستوسع من ظاهرة الاختراق الثقافي مما يستوجب وضعها في مقدمة المشاغل العربية المشتركة، لذلك فإنه من الضروري التدبر في الأمر وخلق شروط المناعة التي يستوجبها ضمان الأمن الثقافي العربي.
ومن جهة أخرى لقد أفسحنا المجال للغات الأجنبية في الحقول العملية والتقنية وميادين البحث العلمي وبقيت محاولات التعريب مقصورة على الجوانب السطحية، ولم نتعظ حتى بالتجارب الأجنبية، فمن الصين إلى الفيتنام، ومن كوريا إلى اليابان وجدنا أن تعقّد لغتها الظاهري لم يكن عائقاً على تقدم هذه البلدان في مجالات العلم والتقنية، بل إن نجاحها كان راجعاً أساساً إلى استعمالها للغاتها (الذاتية) التي ساعدتها إلى هضم الأبحاث والنظريات، كما أن تمسّك أصغر الشعوب بلغاتها (الذاتية) لم يكن في يوم ما عائقاً أمام تقدمها، بل المساعد الأساسي على بروز شخصيتها والضمان لبقائها، وحتى الكيان الإسرائيلي بالذات فقد اتخذ من العبرية ـ التي لا يتكلم بها إلا القليل النادر ممن استوطن فلسطين المحتلة ـ لغة رسمية يدرس بها كافة المواد الأدبية والعلمية بما فيها علوم الذرة.
إننا قلدنا الغرب كثيراً، إلا أننا لم نوجّه الاهتمام بما يقوم به العديد من الدول الصناعية شرقاً وغرباً لحماية لغاتهم (الذاتية) من أجل حماية ثقافاتهم والذود عن مصالحهم الحيوية. من ذلك أن هذه الدول تمنع عرض الأفلام الأجنبية في التفلزة إذا لم تكن مترجمة صوتياً (فرنسياً، وألمانياً) وذلك بالإضافة إلى تحديد نسبة هذه البرامج وكل البرامج الأخرى الواردة من الخارج.. إن سلبيات وسائل الإعلام الحديثة بالنسبة للدول النامية (ذات الغالبية المسلمة) تنسحب تماماً على البلدان العربية وخاصة منها أخطار الاستعمار الإعلامي، نتيجة السيطرة الإعلامية التي تفرضها الشركات العالمية تحت شعار حرية انسياب المعلومات ليس على وسائل الاتصال فحسب، بل على كل ما تنقله من معلومات ومعطيات بيبليوغرافية. وقد يكون العرب في مقدمة المتعرضين إلى مخاطر هذه الاستعمالات.. وقد أشارت الصحف أخيراً إلى ظاهرة جديدة تتمثل في التشويه التاريخي وقلب الحقائق من خلال الألعاب الإليكترونية الموضوعة في متناول الأطفال ذوي العقول البريئة، ومن جهة أخرى فقد حلل الصحفي عبد الله الجعيش في جريدة الرياض 25/02/1983 مفعول الفيديو، هذه الوسيلة الإعلامية الحديثة الأخرى وقعها على الشباب العربي ومدى تأثيرها في عواطفه وحياته. فاستنتج هذا الصحافي من أحاديث واقعية أن البعض من هذا الشباب أصبح يشعر باليأس من وجود زوجة كما صورتها له أجهزة الفيديو، من خلال الأشرطة التلفزية التي يقبل عليها أكثر من غيرها. وأن البعض الآخر أضحى يشعر بالسعادة عندما يتحدى دوريات الشرطة ويسير بسرعة فائقة. وكل ذلك متأثراً بالأفلام الرخيصة التي ساعدت أجهزة الفيديو على انتشارها، حيث تقدم لك الخير مُحارَباً، والشر منتصراً وسائداً، والمخلص فاشلاً محارَباً والمنافق ناجحاً ثرياً، والجبان سالماً غانماً، ويختم الكاتب قائلا: إنك أمام قضية تخريب كامل لهذا الجيل)).
وبعد هذه المقتطفات المنذرة بالأخطار الإعلامية الوافدة عبر أجهزة الغرب وأقمارهم وأشرطتهم فإن ذلك يجب أن لا يكون باعثاً لليأس في النفوس والاستسلام له كأمر واقع، بل ينبغي معرفة أن هذا المرض هو واحد من عشرات الأمراض التي تعاني منها الأمة الإسلامية، تلك الأمراض التي لا يمكن علاجها جزئياً أو بواسطة التصدي لكل منها على انفراد بل يجب علاجها العلاج الجذري الكامل الذي يزيلها مرة واحدة وإلى الأبد، وذلك عن طريق إيجاد الدولة الإسلامية الواحدة التي تحطم حين قيامها بإذن الله كل ما يعبدون من أصنام المدنية الغربية وحينها يزهق الباطل كما زهق يوم فتح مكة، وقام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بتحطيم الأصنام داخل الكعبة المشرفة مردداً قول الله تعالى: ]وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا[.
1990-05-07