بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).
هذا هو جواب ربّ العزّة على كفّار قريش الذين دعوا رسول الله ﷺ إلى عبادة أوثانهم سنة ويعبدون معبوده سنة. حين كان الرسول في موقف المضطَهَد وكانت قريش في موقف المضطهِد.
هذا جواب صارخ من كلّ المسلمين، الذين يحملون الإسلام منهج حياة ونظام حكم ورعاية شؤون، إلى كل الطواغيت الذين نبذوا حكم الله وحاربوه وحكموا بالكفر وأنظمته.
هذا جواب صارخ لكل الذين أحسّوا بالهوان والذل وطول الطريق فضاقت صدورهم وارتضوا أن يخضعوا للواقع وأن يقبلوا به، فمشوا مع الظالم وأعانوه على ظلمه وشاركوه في حكمه بالكفر، مبرّرين عملهم هذا تارةً بـ «الضرورة» وطوراً بجواز «المشاركة».
هذا جواب صارخ لكل القائلين بوجوب القبول بالواقع والخضوع له، بأن الإسلام يرفض الخضوع للواقع ويدعو لقلب الواقع ونسفه ليشكله بشكله.
بالأمس القريب، وبعد أن هدمت الخلافة الإسلامية ولم يبق إلا الرأسمالية والاشتراكية كمبادئ سياسية، وقع أنصار «الواقعية» في حيرة من أمرهم أيهما أقرب للإسلام: «الرأسمالية» أم «الاشتراكية» لتطبّق عليهم، ولم يفكّر أحدهم بإعادة الإسلام بل خضعوا للواقع فأخذ بعضهم يرقّع الرأسمالية ويضفي عليها بعض أحكام المواريث المأخوذة من الإسلام أو بزيادة بند: «إن دين الدولة الإسلام» في الدستور أو بإلغاء «الربا» من النظام الاقتصادي الرأسمالي فيصبح بذلك نظاماً اقتصادياً إسلامياً، وكأنهم يحاولون تخليص جسد من روحه، ويرجون أن الجسد سيبقى حياً وسيقوم بمهماته. والبعض الآخر أخذ يسمّي الشيوعية ومنها الاشتراكية، بالاشتراكية العربية وبأنها غير الاشتراكية الماركسية وأنها توافق الإسلام وانبرى علماء السلطان يطلقون على الإسلام بأنه دين الاشتراكية، وغير ذلك من التعابير التي ما أنزل الله بها من سلطان.
هذه هي عقدة «الواقعية» التي يعيشها بعض المسلمين. لم يفكر أحدهم، إلا من رحم ربي بالخروج من هذا الواقع الذي فرضه الكافر المستعمر، ونسفه من أساسه، وإبدال الإسلام به كما فعل رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام.
واليوم أصبحنا نسمع من أبناء أمتنا المسلمة في فلسطين بأنه يجب أن نرضى بالواقع الذي فرضته خيانة ما يسمّى بالمجلس الوطني الفلسطيني وأن نعترف بمقرراته، ونحاول تغيير ما حصل من خلال شرعية هذه القرارات!! وأخذوا يصفون الرافضين للواقع الجديد بالمتطرفين والداعين لشق الصف الواحد!!. وبأنه يجب محاربتهم لأنهم أخطر من اليهود. هذا هو منطق الواقعية الذي أصبح به الباطل حقاً والحق باطلاً.
هذا هو جواب صارخ إلى الداعين للإقليمية والعمل من خلالها ومن خلال واقعية تقسيمات الغرب للعالم الإسلامي. فيطالبون بالعمل من منطق هذا «لبناني» وذاك «فلسطيني» وو… من منطق ما فرضه الغرب. لم يفكّر أحدهم بالخروج على ما رسمه الغرب من خطوط حمر وما فرضه عليه من تقسيمات.
إن منطق القبول بالواقع، أو ما يسمّى بالواقعية وأنصاف الحلول، منطق يرفضه الإسلام ويحاربه. ولا يقبل إلا المواقف العقائدية.