عايد الشراوي
جائزة نوبل التي شغلت الصحافة العربية هذه الأيام وشغلت جميع وسائل الإعلام العربية وتصدرت أغلفة المجلات هي قضية سطحية تنم عن تعاظم التخلف والتبعية للغرب فكراً وحضارة، وتدل على إكبار للغرب ومقاييسه ومفاهيمه للحياة، فلو تجاوزنا ذكر الأسباب الكامنة وراء منح الجائزة، وكيف يُنتقى أشخاصها، وإذا تجاهلنا الجهة التي وقفت وراء منحها لشخص عربي، فإننا نتساءل: لماذا تم انتقاء شخص قصصي أو مؤلف مسرحيات لهذه الجائزة ولم يقع اختيارهم على عالم نووي عربي أو على عالم كيمياء أو طبيب متفوق؟ وهل يُعدُّ ذلك الانتقاء مؤشراً على أن نظرتهم للعرب لا تتعدى كوْنهم قوماً يتقنون صناعة الكلام ولا يتقنون غيرها؟ ثم ألم تُمنح جائزة نوبل لمجرم الحرب اليهودي بيغن وشاركه فيها أنور السادات؟ ثم أليس في ذلك دليل واضح على نوعية الأشخاص الذين يختارونهم لمثل هذه الجائزة؟ إن كل شخص يخدم الغرب فكرياً أو سياسياً يكون مشروع مرشح لهذه الجائزة، ويستحيل أن تُعطى لغير الأشخاص الذين ينقلون حضارة الغرب وفكره ومنهج حياته.
كثيرون هم الذين استبشروا وفرحوا بمنح الجائزة لشخص عربي وقالوا: لقد أصبح العرب شيئاً مهماً في العالم، فقد اعترف بهم العالم أخيراً وأصبح لديهم مؤلف عالمي انطلق صيته في الآفاق، وكأن لسان حالهم يقول: نعم نريد من الغرب أن يعطينا شهادة تفيد أن هنالك من بيننا أشخاصاً يفهمون، لذلك فنحن قوم نستحق الحياة ونستأهل أن يُشار إلينا بالبنان. ولكن لماذا ننتظر شهادة منهم؟ لماذا زلنا نشكو من مركبات النقص وننظر إلى الغير نظرة الأسياد والروّاد، ونحن نحمل أسمى عقيدة وأفضل نظام حياة؟ وما هي المقاييس التي يستخدمونها للتمييز بين الحَسَن والقبيح من البشر، لكي يكافئوا الحسن ويعاقبوا القبيح؟