براءة
1993/06/09م
المقالات
1,850 زيارة
بقلم: محمد هيوري ـ فرنسا
إن من عين اليقين أني ميت، ومن خفة عقل المرء أن ينتدب له حياة ذل تحت سطوة كافر مستعمر، أو يظن أنه لو عمّر لأدرك حلمه الغابر.
فكرامة المرء لا تنال حبراً على ورق ولا إمضاءات على ملفات قفراء زلا شعارات تصرُ صبح مساء على منصات العُقم ولا خطابات تردِّدها ألسنة ثكلت ضميرها واستحسنت لشعوبها الذل.
فلسطين تودع صبيانها وتُسقي الأرض دمعاً لكي تُنبت زرعاً لجيل الحجارة، ودماءُ اليتامى تُروي المتعطشين لغد بهيج.
أتدرون من القائل يا سماسرة واشنطن؟
يا من الأمهات يخلعن فلذات أكبادهن زاداً لكم، وما ردُّ القوم سوى قرارات وإمضاءات وطقوس.
إلى أصحاب البدل الرمادية في حانات الخزي، إلى جنرالات الذل، إلى من تولَّوا رئاسة العار، إلى من استحبوا الخلود إلى الأرض وامتثلوا لأمر جلادهم، إلى أقزام التاريخ نقدم براءة من كل قرار استسلام اتخذوه باسمنا.
ويحضرني قول علي عليه السلام لمّا أغار سفيان بن عوف الأسدي على الأنبار وقتل عامله عليها، لأهلها:
«فوا عجباً من جدِّ هؤلاء في باطلهم، وفشلكم عن حقكم، فقبحاً لكم حين صرتم عرضاً يُرمى، يُغار عليكم ولا تُغيرون، وتُغْزوْن ولا تَغزون، ويُعصى الله وتَرضوْن».
1993-06-09