الربا وأثره في تدمير المجتمع
1993/03/08م
المقالات
3,095 زيارة
بقلم الأستاذ: إبراهيم بن محمد الوزير
ربما يتساءل متسائل لماذا اركز فيما أكتب على الربا والاستغلال ونهب المال العام وأكل أموال المسلمين بالباطل. والحقيقة أن هذا جانب مهم في الإسلام، وكثيراً ما يتساهل ويتسامح فيه المسلمون، حتى بعض الدعاة منهم في بلادنا والذين يشارك بعضهم في أكل المال العام وانتهابه بدون حق.
ولكي يتبيّن لنا أهمية تجنب أكل المال العام ملك المسلمين وأكل أموال الناس بالباطل في الإسلام: علينا أن نتذكر أن الإسلام جاء بالعدل، وأن الله خلق السماوات والأرض بالحق، وأن الله يأمر بالعدل، وقد جاء ذلك نصاً في كتاب الله العزيز حيث يقول عزّ وجل: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) وحين يوجد أكل المال العام وانتهابه وأكل أموال الناس بالباطل فإنه لا يوجد عدل، وإذن فإنه لا يوجد إسلام بل يوجد بعض مظاهر الإسلام ويترك بعضها، وحينئذ فإن الإسلام ينعدم في المجتمع بصفته الكاملة التي أرادها الله ودعا إليها رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ولا شك أن الربا من أعظم مظاهر أكل أموال الناس بالباطل، ولتبيين بعض هذا الظلم المترتب على الربا في المجتمع دعوتُ إلى محاضرة في يوم من الأيام القيها في جامع الشوكاني وإليك جزءاً من تلك المحاضرة أو الكلمة التي ألقيتها تحت عنوان: الربا وأثره في تدمير المجتمع:
لقد حرّم الله الربا بصريح العبارة في قوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا).. وأمر بتركه في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ).. وأعلن الحرب على المسلمين الذين لا يتركون الربا في قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [البقرة/ 79].
وتحريم الربا والتحذير منه في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحد معجزات الإسلام العظمية لمن أراد أن يفهم الإسلام بتجرد. فالربا وسيلة للكسب غير المشروع بطريقة ماكرة وذكية، فيها احتيال ماكر على المواطنين لصالح أفراد قلائل في الداخل ولصالح دول وشخصيات أخرى خارج البلاد. وعن طريق الربا يمكن لفرد واحد أو بضعة أفراد في المجتمع أن يحتكروا كل حركة التصنيع داخل البلد، وأن يستولوا على كل ما يقام من المنشآت الصناعية والزراعية والإنشائية. وبواسطة الربا يمكن لفرد واحد أن يستولي على نصف حركة الاستيراد في البلاد أو أكثر، لنفسه أو له ولبضعة أفراد من ممثلي مراكز القوى داخل المجتمع. وذلك بطريقة احتيالية محزنة ومؤسفة. والناس يعرفونها لكنهم يتغاضون عنها باعتبارها واقعاً معاشاً وأمراً لا بد منه.
وإليك تفاصيل هذه الطريقة:
لنفترض أن فرداً واحداً أراد أن ينشئ مصنعاً أو عدة مصانع، ولنفترض أنها لصناعة السكر في البلد، وأن هذا الرجل لا يملك النقد الكافي لإنشاء هذا المصنع أو المصانع المتعددة. ولنفترض أن هذه المصانع تكلف ألف مليون دولار وليس بحوزته سوى مائتي مليون دولار، فإن هذا الرجل يستطيع أن يذهب إلى البيت الربوي الذي يسمى «البنك» ويطلب منه أن يمول هذا المشروع أي أن يقرضه المبلغ الذي يريده وقدره ثمانمائة مليون دولار بفوائد ربوية حتى يستطيع الشروع في إنشاء هذا المشروع. وحينما يعرض على البنك دراسة المشروع بما فيها (دراسة الجدوى الاقتصادية) التي تبين كم سيكلف المصنع وكم سينتج ومتى ينتج وكم سعر السلعة التي سينتجها وما هي الكمية التي يقدر المصنع على إنتاجها وهل المجتمع الموجود قادر على استيعاب الكمية الخ… بحيث يطمئن البنك إلى أنه مشروع ناجح، فإذا اقتنع البنك ـ بعد الاطلاع على هذه الدراسة ـ بنجاح المشروع لهذه الأسباب المذكورة إضافة إلى العلاقات والاتصالات التي لا تخفى في العالم العربي وفي بلادنا بالذات فإن البنك يبدي استعداده لتمويل المشروع، وفي هذه الحالة يقوم البنك بإقراض صاحب المشروع مبلغ ثمانمائة مليون دولار يقدمها له لإنشاء مصنعه. فمن أين يأتي البنك بهذا المبلغ ويقرضه لصاحب المشروع؟ هل البنك يملك هذا المبلغ وأمثاله عشرات المرات بل مئات المرات حتى يمول كل المشاريع الصناعية والزراعية والإنشائية وكل حركة الاستيراد التي يحتاج إليها البلد؟
لا شك أن البنك لا يملك هذه المبالغ الخيالية، والبنوك تنشأ عادة بالمال القليل ثم يتعامل بالنقد الكثير وقد لا يساوي رأسمال البنك الذي أنشئ به والذي يملكه البنك فعلاً (1%) واحداً في المائة من السيولة والنقد الذي يتعامل به. إذن فمن أين يأتي البنك بهذه المبالغ الكبيرة ويقرض الرأسماليين الكبار المبالغ الهائلة لإنشاء مشاريع تخصهم؟
إن البنك يأتي بها من مصدرين اثنين هما أهم مصادر البنوك في الحصول على السيولة التي يستولون عليها ويتعاملون بها لصالحهم.
الأول: الأموال المودعة لديه والتي أودعها المواطنون أو المراكز والمؤسسات الحكومية والشعبية لديه أما في حسابات جارية أو بأي طريقة من طرق التعامل المعروفة مع البنوك.
الثاني: التسهيلات النقدية من البنوك الأجنبية بصفة القرض بفوائد ربوية لتغطية التزامات (البنك) في معاملاته الكثيرة ومشاريعه، وهذان المصدران هما أهم مصادر البنك في الحصول على النقد الذي يتعامل به ويقرضه بفوائد ربوية للأشخاص الذين يطمئن إليهم سواءً لإقامة المشاريع في الداخل أو لتغطية حركة الاستيراد من الخارج. وعادة ما يمول البنك المشاريع الداخلية من الأموال المودعة لديه ولا يسحب من البنوك الأجنبية قروضاً إلا بعد نفاد القدر الذي يبيح لنفسه التصرف فيه من أموال المودعين. وعادة ما يجعل التسهيلات (القروض) من البنوك الأجنبية لأغراض الاستيراد الخارجية.
ومما لا شك فيه أن المواطنين، في هذا الزمان الذين يملكون شيئاً من النقد الفائض على احتياجاتهم اليومية صاروا كلهم يضعون نقودهم في (البنك) ليطمئنوا عليها ويحتفظوا بها لديه لعند الحاجة وقد صارت هذه عادة الناس جميعاً في هذا الزمان… وإذن فالنقد الموجود في البلد والثروة الوطنية وكل السيولة النقدية التي يملكها المواطنون توجد كلها في البيت الربوي الذي يسمى (البنك) وتحت تصرفه.
وإذن فإن (البنك) إذا اقتنع بتمويل هذا المشروع فإنه يعمد إلى أموال المواطنين المودعة لديه فيأخذ منها ـ بدون إذنهم طبعاً ـ ما يعدل مبلغ ثمانمائة مليون دولار وبفوائد ربوية تكون حظه يستولي عليها هو من خلال العملية. وليس للمواطنين أصحاب النقد الذي سينشأ به المصنع أي نسبة في المصنع أو الأرباح أو غيرها.
وعندما يأخذ رجل الأعمال صاحب المصنع المبلغ الذي هو أصلاً من أموال المواطنين ونقودهم وينشئ بها مصنعه يكون ملزماً بثلاثة أمور:
الأول: قضاء القرض الذي صار عليه للبنك والذي انشأ به المصنع.
الثاني: قضاء الفوائد الربوية التي تم الاتفاق عليها والتي ترتبت على صرف مال الغير بدون إذنه. ولنفترض أن هذه الفوائد الربوية بنسبة 15% خمس عشرة في المائة، إذن فالمبلغ المترتب على القرض سيكون عبارة عن مائة وعشرين مليون دولاراً يجب على صاحب المشروع أن يسددها سنوياً للبنك. (ويزيد هذا المبلغ وينقص بحسب ازدياد القرض أو نقصانه).
الثالث: لا بد من الحصول على أرباح مجزية تشبع طمع صاحب المشروع وهي التي أمل فيها وقام بهذه المغامرة من أجلها.
فمن يقوم بتسديد هذه الالتزامات؟ إن صاحب المشروع لا يملك من هذا النقد الآن شيئاً فالمبلغ المقترض قد تبدد وأصبح في شكل (هناقر ومكائن وآليات وخيوط) ونحوها ولم يعد موجوداً في الواقع. ويجب أن تصير هذه الهناقر والمكائن (أي المصنع كاملاً) ملكاً لصاحب المشروع لأنه الآن لا يملكه في الواقع فقد اشتراه بمال الغير وقد تبدد النقد فمن الذي سيقوم بتسديد القرض؟ ودفع الفوائد للبنك؟ والأرباح لصاحب المشروع؟
الذي سيقوم بكل هذه الالتزامات ويسدد القرض ويقوم بإعادة الأموال وتسديد الفوائد للبنك والأرباح لصاحب المشروع هم المواطنون أنفسهم لا أحد غيرهم. المواطنون المستهلكون الذين هم أصلاً أصحاب النقد الذي أنشئ به المصنع هم الذين سيسددون القرض ويعيدونه إلى حساباتهم في البنك حتى يطمئنوا على نقودهم وأموالهم التي أقرضها البنك ـ بدون إذنهم ـ لإنشاء المصنع. فلا بد لهم أن يعيدوا أموالهم إلى البنك بأيديهم، ويسددوا هم أنفسهم هذا القرض الذي أخذ من أموالهم. وذلك عن طريق شراء السلعة من صاحب المصنع وبالسعر المطلوب منهم واستهلاكها باستمرار.
وبهذه العملية يكون المواطنين قد سددوا القرض الذي أخذ من أموالهم بدون إذنهم وسددوا أيضاً الفوائد للبنك التي ترتبت على تصرفه في أموالهم وإقراضها للغير. وعليهم أيضاً أن يستمروا في إعطاء صاحب المشروع أرباحاً مجزية مستمرة.
ولا شك أن الرجل المرابي قد اخذ القرض ووافق على استخدام مال الغير على مسؤوليته الكاملة أملاً في أن هذا الغير سيسدد القرض مستقبلاً بنفسه. وفي حالة فشل العملية فإن رجل الأعمال هذا مستعد أن يسدد مال الغير من ماله الخاص ولو أدى إلى بيع منزله وكل ما يملك مع كل (أجور) البنك الربوية التي استحقها مقابل الموافقة على التصرف في مال الغير والتي تسمى مُغَالَطَة (فوائد).
وبما أن رجل الأعمال صاحب المشروع مهدد بفشل العملية وبما أنه يترتب على فشلها أمور خطيرة بالنسبة له قد تؤدي إلى إفلاسه وبيع منزله وأملاكه فإنه يريد أن يسدد القرض الذي عليه، مع الفوائد التي سيدفعها للبنك. مع حصوله على أرباح مجزية. بأقصى سرعة ممكنة وليس أمامه للقيام بهذه الالتزامات إلا أن يقوم (برفع سعر السلعة) التي ينتجها المصنع على المواطنين حتى يتخلص من هذه الالتزامات في أقرب وقت. فإذا كان (الشوال) السكر مثلاً يكلفه مائتي ريال فإنه يبيعه للمواطنين بسبعمائة ريال، وذلك حتى يستطيع القيام بالتزاماته المذكورة مع الحصول على أرباح مجزية بأقصى سرعة ممكنة.
ومن هنا يأتي الترابط الدائم بين الربا والغلاء، فما وجد الربا إلا ووجد معه الغلاء. وفي هذا أحد معجزات النبي الصادق الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الدعاء الذي يكرره خطباء المسلمين في كل يوم جمعة في مشارق الأرض ومغاربها والذي نسمعه دائماً: «اللهم أجرنا من الغلاء والربا. اللهم أصرف عنا الغلاء والربا. اللهم إنا نعوذ بك من الربا والغلاء والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن». فلا يُذْكَر الربا إلا ويُذْكر معه الغلاء، إشارة نبوية صادقة إلى تلازم الربا والغلاء. والغلاء أحد مظاهر الحرب التي هدد الله بها المجتمع الذي يتعامل بالربا.
وقد عالجت المجتمعات الأوروبية مشكلة الغلاء في بلادها المترتب على الربا بمعالجات متعددة مثل (الضمان الاجتماعي) والعلاج المجاني مقابل ضريبة رمزية، وغير ذلك من الوسائل. إلا أن هذه المعالجات لم تقضِ على الفوارق الكبيرة بين أبنائها والمترتبة على الحياة الربوية التي يعيشونها. أضف إلى ذلك أن هذه المعالجات لا توجد في البلاد العربية، وإذا وجدت فإن الذين يستفيدون منها هم الأغنياء وأصحاب المكانة الاجتماعية والتأثير في الدولة والمجتمع لا الفقراء والمحرومون. ثم أنها على كل حال لا تحل الإشكال.
وبسبب رفع ثمن السلعة وبيعها للمواطنين بأضعاف تكلفتها الحقيقية ينتهي تسديد القرض الربوي للبنك مع الفوائد في مدة قصيرة… وبهذه (المغامرة الاحتيالية الخفية) يصبح المصنع كاملاً ملكاً للرجل المرابي المقامر في آخر الأمر ويصير وسيلة ناجحة لاستنزاف كل دخل المواطنين لصالحه.
وهنا هل يخفض صاحب المشروع ثمن السلعة؟ ما دام قد انتهى من تسديد الالتزامات التي عليه؟ طبعاً لا. إن نفسه لا ترضى في أول الأمر، وقد تعود المواطنون على هذا السعر، وهو وحده المالك لهذا المصنع، أو بالاشتراك مع بضعة أشخاص قلائل هم من ممثلي مراكز القوى الذين في إمكانهم منع الاستيراد المنافس لسلعته بحجة (حماية الصناعة الوطنية)، وهم مستفيدون من المصنع، ومستعدون لدعمه لاستمرار السعر المفروض ابتداء، والشعب مستعد أن يدفع بسخاء واستغفال، فما الداعي إلى تخفيض سعر السلعة اليوم؟ وقد تقبل المواطنون السعر الأول بكل رحابة صدر. ومن المفيد بالنسبة له أن يصير الفرق الكبير بين تكلفة السلعة وبين سعرها الذي تباع به لحسابه الخاص مع شركائه وأصدقائه الذين في إمكانهم أن يستمروا في دعمه.. فالآن وبعد التخلص من الالتزامات التي للبنك قد جاء دوره ليحصل على أرباح تدير الرؤوس وتبلغ حد الخيال من عملية غير مشروعه تمتْ بنجاح. الذين سيدفعون هذه الأرباح هم المواطنون من كدهم وكدحهم… لكن المواطنين يستحقون أن يدفعوا ذلك من أموالهم فهم على درجة من الغفلة واللامبالاة والاستعداد لتقبل الظلم. وسنن الكون التي وضعها الله لا تحمي المغفلين. لقد أنزل لهم رب العالمين تشريعاً يحقق العدل بينهم فتركوه فهم يستحقون هذه النتائج… إنهم يستحقون أن يلهثوا في العمل طيلة اليوم ليدفعوا نتيجة عملهم وثمرة شغلهم وكدحهم آخر اليوم وفي كل يوم للرجل المقامر المرابي وذلك عن طريق شراء كل احتياجاتهم من مصانعة التي أقامها بأموالهم…
ألم يقل لهم ربهم إنه سيحاربهم إن رضوا بالربا ودخلوا فيه.. فليذوقوا مرارة حرب الله لهم وما سيأتي من حرب الله لهم في المستقبل أشد وأعظم.
هذه هي العملية الربوية في إنشاء مصنع من المصانع، وسائرُ المصانع والمشاريع الزراعية وغيرها تخضع لنفس التحليل ولنفس المواصفات وفي ذلك ظلم كبير من عدة نواح:
أولاً: أن المواطنين هم الذي أنشئ المصنع بأموالهم وبدون إذنهم.
ثانياً: المواطنون هم الذين سيسددون القرض الذي هو أصلاً من أموالهم وباستغفال كبير.
ثالثاً: البنك هو الذي سيأخذ الفوائد الربوية التي هي أصلاً محرمة ومع ذلك فهو لا يستحقها لأن المال الذي صرفه لم يكن من ملكه وإنما هو ملك الغير.
رابعاً: ما يترتب على ذلك من الغلاء الفاحش الذي يتحمله المواطن من أجل فرد واحد أو بضعة أفراد هم الذين قاموا بإنشاء المصنع بأموال الغير، ومن أجل مصلحة البيت الربوي المحتال (البنك).
خامساً: استخدام الثروة الوطنية والسيولة التي يملكها المجتمع كاملاً لمصلحة فرد أو بضعة أفراد قلائل. ما يتنافى مع المنطق ومع العدالة التي لا بد أن تتحقق في المجتمع ويجعل بضعة أفراد في المجتمع يملكون الملايين التي لا حصر لها من أموال المواطنين وكدحهم ويجعل الآخرين يزدادون فقراً وعوزاً وحاجة.
سادساً: يجعل كل أبناء الشعب يشتغلون لحساب المرابين الذين أخذوا نقودهم فأقاموا بها مشاريع تخصهم، ولحساب أصحاب البيوت الربوية الموجودة في البلد (البنوك) ويصبح المجتمع منقسماً إلى قسمين ظَلَمَة مستأثرين ومحرومين مظلومين.
هذا وقد تحدثنا عن هذه العملية على أساس دفع البنك للقرض المطلوب من أموال المودعين وهي المصدر الأول للنقد الذي يستخدمه البنك. وعادة ما يستخدمها البنك في عملياته الداخلية كتمويل مصانع وغيرها، ولا يسحب البنك قروضاً من البنوك الأجنبية إلا بعد نفاد أغلب النقد الموجود لديه من أموال المودعين كما أوضحنا سابقاً.
والقروض الربوية من البنوك الأجنبية هي المصدر الثاني للنقد الذي يستخدمه البنك في عملياته الربوية، وغالباً ما يستخدمها في عمليات الاستيراد، وآمل أن أتكلم عن هذا الجانب (عمليات الاستيراد) التي يعتمد فيها البنك على التسهيلات والقروض من بنوك أجنبية وآثارها في المجتمع في أعداد قادمة بإذن الله ومشيئته.
ثم آمل أن أبيّن إن شاء الله تعالى الطريقة الإسلامية التي يجب أن يعتمد عليها الاقتصاد في المجتمع الإسلامي لإنشاء المصانع والمشاريع وعمليات الاستيراد وغيرها التي تحقق العدالة في المجتمع كما تحقق التطور والتقدم الذي هو من أهم الواجبات الإسلامية على المسلمين.
وأتوجه إلى الله تعالى بهذا الدعاء:
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا ابتاعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم اقض عنا الدين وأغننا من الفقر وقوّنا على الجهاد في سبيلك. اللهم اكفنا والمؤمنين الصادقين شر خلقك أجمعين.
اللهم إنا ندرؤ بك في نحور الأعداء والجبابرة. اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم.
حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير وعلى الله توكلت .
1993-03-08