المعونات الأميركية وسيلة استعمارية ثمنها باهظ
2012/10/29م
المقالات
2,010 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
المعونات الأميركية وسيلة استعمارية ثمنها باهظ
م. موسى عبد الشكور – الخليل
لقد أبقت أميركا عيناها مفتوحتين على الثورات الدائرة في بلاد المسلمين خشية انهيار الأنظمة الحاكمة التابعة لها، وخاصة في مصر لمكانتها، ومانعة أي دولة منافسة لها، وخاصة بريطانيا ومن معها من دول أوروبا، من التسلل ومد نفوذها إليها، ومحاولة استغلال الثورات لإخراج نفوذ بريطانيا السياسي من اليمن والخليج وشمال أفريقيا. ومن ضمن الوسائل والأساليب التي تعتمدها لتحقيق ذلك استغلال فكرة الصداقة الأميركية القائمة على مد الشعوب الفقيرة بـ المعونات الأميركية واستعمال القمح وتقديم القروض والمنح المالية والمساعدات الإنسانية عن طريق المؤسسات التابعة للأمم المتحدة المليئة بالجواسيس.
إن أسلوب المعونات الأميركية هذا قد استمر بعد الثورات، فقد أعلنت أميركا عن استئناف تقديم مساعدات لمصر تبلغ 1.3 مليار دولار، وزيادة في المساعدات الإنسانية لليمن لتبلغ 55 مليون دولار، ومساعدات لتونس لقضاء ديونها التي تبلغ 100 مليون دولار. وهنا يطرح أكثر من سؤال حول هذه المساعدات وحقيقتها وأهدافها: هل هو الكرم الأميركي الحاتمي؟ أم هو الدافع الإنساني طمعاً في إغاثة الملهوف وأملاً في نشر الخير والمعروف؟ أم هي لوجه الله؟… أم هي مساعدات شيطانية تقوم على اللف والدوران الرخيص والتضليل الحقير وشراء الذمم من أجل السيطرة ومد النفوذ ورهن توجهات البلاد السياسية ومقدراتها الاقتصادية. إن المساعدات الأميركية هذه هي إحدى أدوات الأمن القومي للولايات المتحدة، وهي مساعدات سياسية وليست إنسانية؛ لذلك هي تتعلق بالمساءلة الدستورية التي يحاسب الكونغرس رئيس البلاد عليها.
إن تاريخ المعونات الأميركية يعود إلى زمن الرئيس الأميركي الأسبق ترومان الذي أقر برنامج للمعونات تحت مسمى: «مساعدة تقنية للدول النامية» وقد أُظهرت على أنها تعبير عن سلوك إنساني ونوايا طيبة لمجتمع ديمقراطي تجاه المجتمعات الأقل حظاً والتي تتسم بالتخلف التقني وغياب القيم الاجتماعية المتناسقة مع التقدم والرخاء. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الشعب الأميركي يعارض في معظمه هذه المعونات ويطالب بتخفيضها، وهذا يوضح أن الرأي العام الأميركي ليس هو الذي يقرر سياسات المعونة الخارجية. وكذلك فإن المعونات الأميركية تستمر حتى في أوقات الأزمات وقصور الإنفاق العام الداخلي لأنها تخدم مصالح أميركية متعددة لا يعلمها إلا السياسيون، فقد قال عضو الكونجرس كلارنس لونج إن مؤيدي المعونة يمثلون دوافع اقتصادية وسياسية متنوعة تشكل أهدافاً مختلفة مثل شراء أصوات في الأمم المتحدة أو مواقف تخدم مصالحها أو إقامة قواعد عسكرية عبر البحار. فالرؤساء الأميركيون يعترفون بصراحة بأهمية المعونات الخارجية كأداة لتعزيز مصالح أميركا الاقتصادية والسياسية والعسكرية في الخارج. فمرسوم الكونجرس لسنة 1950م الخاص بالتنمية الدولية يبيح فتح الأسواق المحلية في الدول على مصراعيها للبضائع الأميركية عموماً. وفي ظروف الهيمنة السياسية الأميركية تتمتع الشركات الأميركية بمساندة حكومتها لأنشطتها التجارية الخارجية؛ وبذلك تعترف وكالة التنمية الدولية USAID وكذلك الخارجية الأميركية للكونجرس وللشعب الأميركي أن المساعدات الأميركية ليست هبة وإنما مصالح.
ويصف وزير الخارجية الأميركية الأسبق جورج شولتز برنامج المعونات الأميركية في مقدمة تقريرٍ خاص صدر عن الخارجية الأميركية عام 1983م على أنه “أداة أساسية من أدوات سياسة أميركا الخارجية، وأنه يرتبط ارتباطاً مباشراً بأمن أميركا القومي وازدهارها الاقتصادي”. ويذكر الرئيس الأسبق رونالد ريغان في رسالته السنوية أمام الكونغرس الأميركي عام 1986م في هذا السياق: “إن كل دولار ينفق على المساعدات الأمنية يساهم في الأمن العالمي بالمساهمة نفسها لذلك الدولار في بناء قوة الدفاع الأميركية”.
وتقرر هذه المساعدات وتمرر بالإضافة إلى المؤسسات الأميركية من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين تسيطر الولايات المتحدة عليهما، سواء من خلال رأس المال المقدم أومن خلال عملية اتخاذ القرارات عن طريق قوتها التصويتية وسيطرة موظفيها، وهذا شكل من أشكال الوصاية الأميركية الدولية على العالم بحيث تتحقق فى النهاية أهدف الأمن القومي الأميركي.
وقد كرست السياسة الخارجية الأميركية جهودها على استخدام الدولار استخداماً سياسياً فى المعونات الخارجية، وهو ما أطلق عليه الاقتصادي الأميركى سيتوارت سميث “الدولار السياسي”، حيث وجه انتقادات قاسية لسياسة المساعدات الاقتصادية الأميركية بوصفها لوناً من ألوان السيطرة الجديدة لخدمة الأهداف الأميركية دون مراعاة المصالح الوطنية للدول المتلقية للمساعدات. فالدولار الأميركي لم يتخلَّ عن جنسيته السياسية من خلال المساعدات الأميركية إلى الخارج. ومنذ بروز الدور العالمي للولايات المتحدة الأميركية كقوة كبرى بعد الحرب العالمية الثانية كان هناك ترابط وثيق بين المساعدات الاقتصادية والمساعدات العسكرية، فنادراً ما كانت هناك مساعدات اقتصادية دون أن ترتبط بمساعدات عسكرية.
هذه الأساليب التي تستخدمها أميركا في سياساتها الاستعمارية ظهرت واضحة كل الوضوح بعد توقيع الاتفاقيات مع كيان يهود في فلسطين، وكان منهج معاهدات السلام أن يؤثر على كل وجوه الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية في العالم الإسلامي، أي سياسة التطبيع مع العدو الصهيوني والمحافظة على اتفاقيات السلام أو التبعية الاقتصادية. ففي مصر كمثال لمكانتها وتاثيرها في المنطقة حيث تعد اليوم من بين الدول الأولى في العالم المتلقية للمعونات الأميركية ولا يفوقها في ذلك إلا كيان يهود. ففي العشر سنوات الماضية وصل مصر 15 بليون دولار ما بين منح وقروض أميركية بالإضافة إلى مساهمات ألمانيا الغربية واليابان والبنك الدولي المهيمَن عليه من قبل أميركا حيث تم تحويل مصر إلى قاعدة أميركية.
هذا وقد بدأت مصر في الحصول على المعونات الأميركية في زمن عبد الناصر ثم ازدادت كثيراً بعد معاهدة السلام والتى تم توقيعها بين مصر و(إسرائيل) برعاية أميركية، وكان ذلك فى عام 1979م، ومنذ ذلك التاريخ اقترح الرئيس الأميركي فى ذلك الوقت جيمى كارتر بأن تقوم أميركا بدفع معونة لكل من دول الصراع فى منطقة الشرق الأوسط (مصر و(إسرائيل) والأردن وسوريا ولبنان) ومنذ ذلك التاريخ تمت الموافقة على ترتيب معونة لـ (إسرائيل) تبلغ (2.3مليار دولار) سنوياً ومعونة لمصر تبلغ (2.1مليار دولار) سنوياً وهي عبارة عن (1.1مليار دولار) معونة عسكرية و(مليار دولار) معونة اقتصادية كما أعلن، ومنذ ذلك التاريخ تقوم أميركا بسداد هذه المعونة فى شكل سلع وخدمات وليست معونة (نقدية) كما تحصل عليها (إسرائيل)، وتعطى هذه المعونة فى صورة (أسلحه ومعدات) و(نقل أسلحة) على متن شركات أميركية وخبراء تدريب أميركيين ومكافآت للمستشاريين العسكريين الأميركيين، فقد تم تدريب أكثر من 25 ألف عسكري مصري بمختلف الرتب في أميركا بالإضافة إلى قطع الغيار، وكل هذا يستهلك المعونة لصالح أميركا حتى إن (66%) من قيمة المعونة يعود مرة أخرى لجيوب أميركا.
وتصر أميركا على استمرار تقديم الدعم للجيش المصري لاستمرار نفوذها فيه بالرغم من الأزمة الاقتصادية الأميركية، فالحفاظ على النفوذ الأميركي القوي في الجيش المصري يعتبر من أهم الإنجازات الأميركية في الشرق الأوسط منذ خمسينات القرن الماضي، وقد فسّرت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية بتاريخ 17/2/2012م ذلك الإصرار بنقلها عن مصادر دبلوماسية غربية وعسكرية مصرية ما نصه: “ومن الأسرار المكشوفة تقريباً أن الضباط يتلقون زيادات في الرواتب منذ بدء الاحتجاجات، ولكن يمكن أن تكون المكافآت التي يعطيها المجلس العسكري الأعلى حتى أكبر مما كان يُعتقد في السابق”، وقال دبلوماسي غربي آخر إنه شاهد أدلة على دفعات منتظمة تصل إلى 11600 دولار لضابط برتبة عقيد فما فوق”.
وقالت المصادر: “إن طبقة الضباط هي التي يهتم المجلس العسكري الأعلى بإرضائها”، وأضافت: “كثيرون من أولئك الضباط وبينهم الكثير دُرِّبوا في الولايات المتحدة عادوا إلى مصر لإدارة شؤون البلاد” وقد أثرت تلك الأموال الأميركية على علاقات ضباط الجيش بالمجلس العسكري فقالت المجلة: “إن المجلس العسكري الأعلى في مصر يشعر بقلق عميق من الاحتكاك المتزايد بينه وبين ضباط الطبقة المتوسطة، ونتيجة لذلك فإن المجلس متمنع بصورة متزايدة عن عمل أي شيء يمكن أن يمثل مخاطرة بتدهور العلاقة بينه وبين ضباط الجيش إلى حد أكبر”، وأضافت: “إن المجلس العسكري الأعلى سرَّع عشرات حالات الترقية لضباط شباب في محاولة لكسب موافقتهم.
ويصر المجلس العسكري في كل من مصر وأميركا على إبقاء هذه المساعدات، فقد عمد المجلس العسكري في مصر إلى الإبقاء على الدولة محتاجة إليها لعمالته، فقد أشارت ندوة المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى أن الفجوة التي لم تتمكن الحكومة من تدبيرها في عجز الميزانية تصل لنحو10 مليارات دولار لا مفر من تغطيتها إلا بالاقتراض والحوار مع صندوق النقد الدولي لاقتراض3.2 مليار دولار.
إن هذه المعلومات تؤكد على مدى تغلغل النفوذ الأميركي في أوساط ضباط الجيش المصري حتى من الرتب الدنيا، فالحفاظ على هذا النفوذ الأميركي الكبير في أوساط الجيش هو الذي يبرر استمرار المعونات الأميركية لمصر بالرغم من ارتفاع الأصوات في الكونغرس لقطعها؛ ولذلك حذّر رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي من أن: “قطع المعونة الأميركية عن مصر سيعزل الولايات المتحدة عن الجيل المصري القادم ما يعني فقدان التأثير الأميركي عليه” وقال “إن تصرف المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بمسؤولية جاء في جزء منه نتيجة أننا شركاء معاً؛ حيث يأتون إلى مدارسنا ويتبادلون البرامج معنا على مدى 30 عاماً. إن قطع المعونة وبناء على ذلك عزل أنفسنا عنهم يعني أن الجيل القادم لن تكون لديه هذه الميزة، ولا أدري إلى أين سيأخذنا ذلك، وما أقوله لكم هو الحقيقة”.هذا هو سر استمرار المساعدات الأميركية للجيش المصري تحديداً.
ورغم وضوح العلاقة بين العسكر في مصر وأميركا وارتباطاتهم الوثيقة وعمالتهم للقاصي والداني إلا أننا نسمع أصواتاً غريبة محسوبة على الإسلاميين في مصر تُنادي بالحفاظ على المساعدات الأميركية لمصر، وتُهدد في حال قطعها بتعديل معاهدة كامب ديفيد الخيانية، فقد قال عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان المصري بأنه إذا قطعت الولايات المتحدة المعونة عن مصر فسوف يقوم البرلمان المصري بتعديل معاهدة كامب ديفيد الموقعة بين مصر والكيان (الإسرائيلي) لأن المعونة جزء من هذه الاتفاقية على حد قوله.
ولا بد من التذكير هنا بأن معاهدة كامب ديفيد المشؤومة التي وقعت بين الرئيس المصري السادات ورئيس وزراء كيان يهود مناحيم بيغن في العام 1979م قد أخرجت مصر بوصفها أكبر قوة عربية من المعركة وحقّقت لأميركا و(إسرائيل) ما لم تكونا تحلمان به، وكان من نتائجها المدمرة:
1- عدم السماح لدخول القوات المسلحة المصرية إلى سيناء إلا بإذن (إسرائيلي).
2- وضع قواعد رادار أميركية في سيناء.
3- ربط الجيش المصري بأميركا تجهيزاً وتسليحاً وتدريباً وإشرافاً ربطاً محكماً ودائمياً.
4- التخلي عن القضية الفلسطينية وترك حلها للفلسطينيين ولعب دور الوسيط لصالح (إسرائيل).
5- الاعتراف والتطبيع مع كياد يهود مهما كلف الأمر .
6- عدم السماح للجيش المصري بامتلاك أي سلاح يُهدّد أمن دولة يهود.
7- تزويد (إسرائيل) بالنفط والغاز الرخيص.
8- لا يمكن تغيير الاتفاقية إلا بطلب (إسرائيلي).
هذه هي أهم النتائج المعلنة التي أسفرت عنها هذه الاتفاقية المشؤومة، والغريب أن نجد السياسيين المصريين الجدد الذين دخلوا إلى الحلبة السياسية يُركزون على الحفاظ على هذه الاتفاقية بكل ما ورد فيها من بنود مهينة وإذلال، والأغرب من ذلك الإسلاميون!! حيث لم يكتفِ بذلك حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين في مصر، بل تعداه إلى القيام بخطوة جريئة لتنفيذ السياسة المالية العميلة في مصر التي تنفذ عن طريق بعثة صندوق النقد الدولي التى وصلت القاهرة لاستكمال المحادثات الخاصة بإقراض مصر 3.2 مليار دولار حيث اجتمعت البعثة بمحمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، وخيرت الشاطر، نائب مرشد الإخوان، فى مقر الحزب، كما عقدت لقاءً مع رئيس الوزراء كمال الجنزوري ووزراء التخطيط والمالية ورئيس البنك المركزى، والمجموعة الوزارية الاقتصادية، تحت عنوان الإصلاح وإعادة نمو الاقتصاد بعد الثورة.
إنه لمن الحرام شرعاً أن يُطالب أي مسلم باستمرار هذه المساعدات الأميركية لأنها لا تعني إلا بقاء النفوذ الأميركي، ويجب على أهل مصر إلغاء اتفاقية كامب ديفيد على الفور وقطع كل العلاقات مع أميركا ودولة يهود وإعادة بناء الجيش المسلم في مصر بعيداً عن أعين الأعداء ليقوم بواجبه بتوحيد البلاد وطرد الأعداء وتحرير فلسطين من دنس الكفار المستعمرين. لقد كان حرياً بعصام العريان وسائر السياسيين المصريين أن يرفضوا المساعدات الأميركية، وأن يرفضوا اتفاقية كامب ديفيد وأن يكشفوا خطورة هذه المساعدات.
وتعتبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID حلقة اتصال مهمة بين الشركات الأميركية والأسواق الخارجية وفي معظم المجالات، وقد أعدت خططاً محكمة لتنفيذ سياسة أميركا الاستعمارية بوجه ملائم وجذاب، وغالباً ما تحوم شبهات فساد حول آلية إحالة عطاءات تطرحها هذه الوكالة لتنفيذ البرامج والمشاريع حيث الشروط التي تفرض وبالتعاون مع الأنظمة الحاكمة لا يتم تنفيذها إلا باستقدام الخبراء الدوليين وخاصة الأميركيين في الدول التابعة للنفوذ الأميركي أو المحتملة أو الخبراء الأوروبيين، وذلك بتكاليف تصل لخمسة أو ستة أضعاف أجر أي مستشار أو خبير محلي، حيث إنها تستهلك ما يصل إلى 25% من المنحة المقدمة للدولة من خلال المصاريف الإدارية ومصاريف بيت وسيارة وهواتف وتنقلات. وفي النهاية لا تصل نسبة الإنجاز لمثل هذه المشاريع 40% مما يجب إنجازه على أرض الواقع، أما البرامج التي تعمد السياسات الغربية والأميركية (والأوروبية) تنفيذها وتساعد فيها فهي:
أولاً :برنامج المساعدات الأميركية للغذاء:
من خلال المساعدات الغذائية توفر USAID فرصاً إضافية لتوسيع التجارة الخارجية الأميركية، وهي لا تصل إلى المعنيين وبالتالي لا تخفف من حدة جوعهم، ونجد أن الهيئات الحكومية الأميركية تتفق مع القول أن المعونة الغذائية قليلاً ما تصل إلى الجائعين، وفي نفس الوقت فهي تؤدي إلى تخفيض أسعار المنتجات الزراعية المحلية، وتزيد المنتجون المحليون فقراً. وكثيراً ما استغلَّ الغذاء مقابل المواقف السياسية!! وباختصار تعتبر المساعدات الغذائية أداة للتحكم السياسي. وظهر هذا واضحاً من تصريحات قادة الإخوان المسلمين في مصر ربطوا قطع المعونة بمعاهدة كامب ديفيد.
ثانياً: المساعدات الأميركية الأمنية:
أما المساعدات الأمنية والتي تهدف لتعزيز حالة الاستقرار في المناطق التي تؤخذ بعين الاعتبار في التخطيط الأمني الأميركي ففي هذه المناطق تعتبر المعونات الاقتصادية الأميركية مفيدة في مساندة (السلام أو الحرب حسب وجهة النظر الأميركية) لأن الملاحظ أن الدول التي لها الأولوية من المساعدات نجد أنها تتميز بمواقع عسكرية استراتيجية. والحقيقة هي أن المساعدات الأميركية إلى مصر والأردن والسلطة الفلسطينية هي في جوهرها مساعدات للكيان الصهيوني (أي بيع فلسطين لأميركا والصهاينة تدريجياً) لأنها ترتبط بشكل مباشر بعقد الاتفاقات السياسية بين الدول العربية والكيان الصهيوني، وقد تم إعفاء الأردن من 700 مليون دولار من الديون عام 1994م بعد اتفاق وادي عربة، وتحصل مصر على أكثر من ملياري دولار سنوياً لقاء صفقة كامب ديفيد.
ثالثاً: المساعدات الأميركية العسكرية:
يقول وليام كوهين وزير الدفاع الأميركي الأسبق إن صفقات السلاح الأميركية:» تأتى فى إطار اتفاقيتي كامب ديفيد واتفاق الصلح بين القاهرة وتل أبيب لضمان عدم محاكمة العسكريين أو المدنيين الأميركيين أمام المحكمة الجنائية الدولية على ارتكابهم لجرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية، وكذلك تكون مقابل قواعد عسكرية أميركية ومؤسسات ذات صفة عسكرية، وجيش من عناصر الحماية لأغراض حماية السفارات الأميركية وقنصلياتها فضلاً عن حماية الحكومات العميلة التي ترعى بدورها المصالح الأميركية.
وعلى سبيل المثال فقد قدمت مصر تسهيلات بحرية وجوية مقابل المساعدات الأميركية العسكرية على الشكل التالي:
تسمح مصر للطائرات العسكرية الأميركية باستخدام الأجواء العسكرية المصرية، وخلال الفترة من 2001م إلى 2005م سمحت مصر 36553 مرة بعبور طائرات عسكرية أميركية الأجواء المصرية.
منحت مصر تصريحات على وجه السرعة لـ861 بارجة حربية أميركية لعبور قناة السويس خلال نفس الفترة، وقامت بتوفير الحماية الأمنية اللازمة لعبور تلك البوارج.
نشرت مصر حوالى 800 جندي وعسكري من قواتها في منطقة دارفور غربي السودان عام 2004م.
قامت مصر بتدريب 250 عنصراً في الشرطة العراقية و25 دبلوماسياً عراقياً خلال عام 2004م.
أقامت مصر مستشفى عسكرياً وأرسلت أطباء إلى قاعدة باجرام العسكرية في أفغانستان بين عامي 2003م و2005م حيث تلقَّى حوالى أكثر من 100 ألف مصاب الرعاية الصحية.
المناورات العسكرية الأميركية المشتركة المعروفة باسم «النجم الساطع» حيث جرت أكثر من مناورة شاركت فيها قوات عسكرية من الجانبين، استهدفت الترتيب الأمني الأميركي الجديد لأفريقيا.
«الحرب على الإرهاب» وتعزيز الأمن زاد من عسكرة سياسة بوش الأفريقية لعام 2008م.
المساعدة في مواصلة السعي للاستفادة من الموارد الأفريقية، وإقامة قيادة عسكرية مركزية لأفريقيا تعمل على تحقيق غرض الوصول إلى نفط وغاز أفريقيا وغيرها من الموارد الطبيعية في القارة.
وكان من الواضح، أن المساعدات التى قدمتها الولايات المتحدة الأميركية إلى كل من مصر وسوريا فى أعقاب حرب 1973م، قد ارتبطت فى الأساس بنتائج اتفاقات فك الاشتباك بين القوات العربية و(الإسرائيلية)، ففى خلال المرحلة المكوكية لهنري كسينجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق، كان هناك تركيز فى المفاوضات على الربط بين التسوية والاستقرار والرخاء فى المنطقة، على أن تلعب الولايات المتحدة الأميركية دوراً رئيسياً فى كل ذلك.
رابعاً: المساعدات على صعيد القضية الفلسطينية:
أما على صعيد فلسطين، فواضح أن المساعدات كانت مقابل السلام والأمن لكيان يهود حيث تمثل عملية السلام في الشرق الأوسط محوراً أساسياً في العلاقات بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، وأنّ مساعدات الحكومات الأميركية المختلفة للسلطة الفلسطينية سعت لتحقيق أولويات سياسية، وأن مستقبل المساعدات الأميركية للسلطة الفلسطينية يتوقف على مدى التزام السلطة بهذه الشروط وهي: مكافحة ما يسمى “الإرهاب” ضد (إسرائيل) من قبل الفصائل الفلسطينية والمنظمات المسلحة الأخرى، واستدامة الاستقرار، ودعم التعايش السلمي مع (إسرائيل)، والاعتراف بحق “كيان يهود” في الوجود.
فقد ذكرت مصادر فلسطينية مطلعة أن الإدارة الأميركية ما زالت تواصل تقديم المساعدات للأجهزة الأمنية الفلسطينية بكل أنواعها، سواء من ناحية إقامة المقرات أم تقديم التجهيزات والدعم اللوجستي إضافة للأموال. ويعترف ويؤكد وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني حسن أبو لبدة بأن لدى السلطة توجهاً رسمياً برفض المساعدات الأميركية للفلسطينيين لعام 2012م إذا ما اقتصرت على قطاع الأمن، وتعزيز القدرات الأمنية الفلسطينية الهادفة في نهاية الأمر لتعزيز الأمن لصالح (إسرائيل)، وإن اقتصار هذه المساعدات على الأمن يعني أن للادارة الأميركية تصوراً حول وظيفة السلطة لا نقبله ويقوم على أساس أن لها وظيفة أمنية أكثر منها وظيفة اقتصادية وسياسية واجتماعية وما شابه.
لقد تحولت السلطة الفلسطينية إلى بسطة أمنية (مخفر صغير) وحارس عميل متسوِّل لأموال “المانحين” الأميركيين وغير الأميركيين التي تقدم للفلسطينيين باسم “دعم عملية السلام” والتي تتحول إلى رشاوى وفساد وفضائح على رؤوس الأشهاد.
خامساً: برامج المساعدات الأميركية لتحديد النسل:
تدَّعي أميركا أن الانفجار السكاني إذا لم يوقف سيؤدي إلى ثورات… لذلك يجب السيطرة على زيادة السكان لكي تسير الحركة الطبيعية للمصالح التجارية الأميركية حول العالم بشكل مأمون… وتدعي أنه بدون محاولة معاونة هذه البلاد في تنميتها الاجتماعية والاقتصادية، سيثور العالم ضد الوجود التجاري الأميركي القوي، تقول كارين مايكلسن: كان يفرض على الدول الفقيرة برامج تحديد النسل بصرف النظر عما إذا كان لديها أو لم يكن لديها مشكلة سكان، وكان ذلك شرطاً لمنح معونة الغذاء وأشكال أخرى من المعونات الثقافية بدعوى مواقفها الإنسانية.
هذا بعض ما يسمى بالمعونات الإنسانية الأميركية التي تقدم للدول التي تسمى فاشلة في إطار عدم التكافؤ السياسي، وكلها تقع في دائرة الشبهات وخاصة في ظل النظام الرأسمالي المادي الجشع والمكاسب السطحية التي قد تنتج من هذه المعونات لهذه الدول الفاشلة مقابل الثمن السياسي الباهظ الذي تقبضه الدول الغربية الرأسمالية.
وبعد كل هذا لا بد من التذكير لمن يرضى ويطالب بإبقاء هذه المساعدات الأميركية والغربية بما يقوله الخبراء الغربيون عنها:
فقد قال الخبير الاقتصادي دامبيسا مويو في مقال كتبه بمجلة وول ستريت: إن أموال المساعدات الخارجية حاصرت العديد من الدول الأفريقية في دائرة من الفساد والفقر والتباطؤ في النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن ضرر هذه الأموال أكثر من نفعها. وقال الخبير السابق في بنك غولدن ساكس ومؤلف كتاب “المساعدة الميتة: لماذا لا تنجح المساعدات؟ وكيف السبيل لطريقة أكثر نفعاً لأفريقيا؟”: إن الأدلة تشير إلى أن المساعدات الدولية التي ترسل إلى أفريقيا وتبلغ أكثر من 50 مليار دولار سنوياً، تزيد الفقراء فقراً، وتجعل الاقتصاد أكثر بطئاً .وهذه المساعدات خلفت دولاً ترزح تحت وطأة الديون والانكماش، وجعلتها أكثر هشاشة أمام الأسواق المالية وتنفيراً للاستثمارات ذات الجودة العالية، كما أنها عززت من خطر الوقوع في دوامة الحروب الأهلية والفوضى. وحاول الكاتب أن يوضح أن المساعدات لا تصرف في أوجهها الصحيحة، فيضرب مثلاً فيقول “فبدلاً من إغراق الأسواق الفقيرة بالمنتجات الأميركية التي يتم شراؤها من فتات أموال المساعدات، كان من الأجدى استخدام هذه الأموال في شراء المنتجات من المزارعين المحليين ومن ثم توزيعها على المحتاجين في البلاد.”
ويقول ضياء الدين داود رئيس الحزب الناصري: “لو جرى استفتاء للشعب المصري حول قبول أو رفض المعونة الأميركية ستكون النتيجة لصالح رفض هذه المعونة مقابل التخلص من شبح التدخل في شؤوننا الداخلية والفوز بتحرير إرادتنا الوطنية من أي تدخل خارجي يسعى دائمًا لتحقيق مصالحه على حساب مصلحة الآخرين”.
وبعد كل هذا يخرج علينا حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين في مصر بعجب عجاب، ويهدد بإعادة النظر باتفاقية كامب ديفيد الموقعة مع (إسرئيل) في حال أوقفت الولايات المتحدة مساعدتها للقاهرة!! حيث قال محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة في بيان صحفي بعد الثورة: إن “المعونة الأميركية جزء من اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر و(إسرائيل)، والجانب الأميركي ضامن لها وطرف أصيل فيها”. واعتبر أن “التلويح بوقف المعونة من جانب الإدارة الأميركية ليس في محله وإلا سيعاد النظر في الاتفاقية وقد تتعثر”. وتابع: “لا مجال للحديث عن المعونة إلا في إطار الاتفاقية”، ولكنه أشار في نفس الوقت إلى أن حزبه “يريد لمسيرة السلام أن تستمر بما يحقق مصلحة الشعب المصري”. وكانت واشنطن قد هددت بقطع المساعدات عن مصر بسبب محاكمة السلطات لأعضاء «جواسيس» في المنظمات المدنية بينهم 14 أميركياً على خلفية تلقي أموال من الخارج واستخدامها لأغراض غير قانونية في مصر.
إن هذه التصريحات تدل على أن الأحزاب في مصر ومنها حزب الحرية والعدالة المحسوب على الإخوان المسلمين، وهو من ذوي الاتجاهات الإسلامية، بقوا على نفس النهج السابق زمن مبارك في حالة استجداء وخنوع وانبطاح لأميركا لتحقيق أهدافها الاستعمارية والتي حرصت مصر والولايات المتحدة معاً لتحقيقها وهي:
القبول بالاتفاقات الفلسطينية – (الإسرائيلية) مهما كانت نتائجها
الإسهام الفاعل في إرساء تسوية مقبولة للقضية الفلسطينية تراعي حقوق ومطالب أطراف النزاع.
المساعدة في التوصل إلى السلام في السودان، وتم فعلاً تقسيم السودان بمساعدة مصر.
التحالف الاستراتيجي Strategic alliance بما يعنيه من تعاون عسكري وتدريب ومناورات مشتركة وبرامج تسليح عسكري ومخابراتي.
الالتزام بالسلام بما يعنيه من تسوية سلمية للصراع العربي (الإسرائيلي) على جميع المسارات وتحقيق الأمن والاستقرار الوطني والإقليمي.
الالتزام باتفاقية كامب ديفيد المشؤومة.
التعاون المصري الأميركي في حرب الخليج في عام 1991م؛ والذي أثمر عن إلغاء ديون مصر العسكرية.
إقناع الأطراف العربية بالجلوس مع (إسرائيل) على مائدة المفاوضات، واستمرت الجهود المصرية من أجل دفع المفاوضات الفلسطينية-(الإسرائيلية) لإحلال السلام في المنطقة والوصول إلى تسوية للقضية الفلسطينية والقدس من خلال لقاءات القمم في شرم الشيخ و كامب ديفيد وغيرها الكثير.
التعاون في مكافحة الإرهاب كما يدعون وحسب فهمهم.
هذه هي ثمار المساعدات الأميركية وأهدافها وهي واضحة بينة للقاصي والداني.
وأخيراً فإن العالم كله قد سئم أميركا وأفاعيلها ونفاقها ومساعداتها المشبوهة، ونحن كمسلمين لسنا بحاجة إلى المعونات الأميركية والغربية، فبلاد المسلمين غنية عن التعريف في مواردها، ولكن أنظمتها الحاكمة غبية في الإدارة وعميلة في السياسة وماهرة في السرقة ونهب الأموال وتبديدها لصالح الفئة الحاكمة والعسكر. فقد أكد مدير مركز الدراسات الاقتصادية الدكتور صلاح جودة أن مصر غنية بالموارد لكنها غبية في الإدارة؛ لأن لديها موارد كبيرة تستطيع أن تلحق بالدول المتقدمة، وتستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي لو تم حسن استغلال الموارد الموجودة فيها وحسن سير الإدارة فيها بطريقة صحيحة وتم الحفاظ عليها من سرقة المجرمين لأصبحت مصر متقدمة غنية تستطيع أن تقوم بإعطاء منح للآخرين. فخروج مصر من تحت الهيمنة الأميركية يجعل الجيش يطور تسليحه دون معرفة أميركا، وبالتالى (إسرائيل) التي تحرص الولايات المتحدة على ضمان تفوق جيشها على جميع جيوش الدول العربية.
وهنا تجب الإشارة إلى المعطيات التالية:
إن بلاد المسلمين لا تحتاج أن تستجدي المساعدات من أحد! وإن المسلمين يرفضون (صدقة) من عدو هذه الأمة! بل إن بلاد المسلمين منذ فجر التاريخ كانت سلة غذاء العالم التي لا تنضب، فكيف نرضى أن نقف اليوم على أعتاب الأعداء نستجدي معونة دولة الإجرام أميركا أو غيرها من أعداء الإسلام والمسلمين؟!.
إن المساعدات التي تقدَّم لبلاد المسلمين تكون مشروطة بإملاءات وارتهانات كارثية، مثل ضمان الحفاظ على معاهدات السلام مع كيان يهود الغاصب، وغيرها من الارتهانات التي تجعل بلاد المسلمين بقبضة أميركا تملي على حكامها ما فيه مصلحة لها بغض النظر عما ستجرّه لبلاد المسلمين من مصائب وويلات!
اننا نرفع الصوت عالياً، أن على المسلمين والواعين من أبناء هذه الأمة، أن يعُوا تمام الوعي، أن أميركا والغرب ما كانوا يوماً أصدقاء للأمة الإسلامية، بل هم العدو فاحذروهم، فجرائمهم ملأت الأرض شرقاً وغرباً. فلا تقبلوا منهم معونة ولا (صدقة)، فمعونتهم إملاءات وشروط وارتهان، يتبعه انصياع وتبعية وعمالة، تعود بالبلاد إلى درك أسوأ مما كانت أيام العملاء مبارك وبن علي وعلي عبدالله صالح والقذافي وشلتهم .
إن الله سبحانه قد حبا الأمة الإسلامية بخيرات وثروات لا يحصيها العدّ، فمن ثروة بترولية وغاز وفوسفات ومعادن، إلى الثروات الحيوانية والبحرية والزراعية الهائلة، والتي لا يستفيد منها المسلمون بل أعداؤهم. فثروات بلادنا كثيرة يصعب عدها وإحصاؤها.
إن عزة المسلمين تكون باتحادهم فيما بينهم تحت راية التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، في دولة واحدة هي دولة الخلافة الراشدة، فالمسلمون تجمعهم رابطة العقيدة الإسلامية التي تفرض أنّ سِلم المسلمين واحدة، وحربهم واحدة، وثرواتهم واحدة، ولا يخضعون لابتزاز ولا مذلة مهما كلف الأمر، فهي الأمة التي رفعت شعار «الموت ولا المذلة»
إن على الكفار أميركا وأوروبا أن يقرؤوا التاريخ جيداً عن مصير من حاول حرب الإسلام والمسلمين، وكيف كان مآل أمواله التي جمعها وأنفقها في الحرب والصد عن سبيل الله. فالمعركة هي بين الله وأوليائه المؤمنين وبين الكفار المجرمين. فمنذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم قد أنفق الكفار الكثير من الأموال لمحاربة الإسلام وأهله ومنع إقامة دولة الاسلام إلا أنها كان مصيرها الفشل. وهذه حقيقة واضحة جلية في كتاب الله تعالى حيث يقول: ]إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37)[.
لقد حذر حزب التحرير مراراً وتكراراً من أن المساعدات الأميركية والغربية تُمنح لبلاد المسلمين من أجل الهيمنة عليها ومصادرة قرارها السياسي، وبعبارة أخرى فإن المساعدات الأميركية والغربية لا تعطى حباً بالمسلمين وعطفاً على حالهم، وصدق رب العزة حيث قال: ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)﴾ فالمساعدات الأميركية والغربية تهدف إلى احتلال أرض المسلمين وسرقة ثرواتهم قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)﴾
من كل ما ذكر، فإن هذه المساعدات يجب أن تتوقف فوراً، ويجب قطع يد كل من تسوِّل له نفسه التدخل في شؤون المسلمين، ويحب إخراج الاستعمار من أرض الإسلام وتحريرها وإنهاء دول الضرار العميلة وإقامة دولة الخلافة الراشدة على أنقاضها. فيا أيها المسلمون ضعوا أيديكم بأيدي حزب التحرير لإقامة دولة محمد صلى الله عليه وسلم ورفع رايته ولوائه، ويكون دستورها مستمداً من العقيدة الإسلامية فحسب، والتي تقام بالطريقة الشرعية وبسند حقيقي من الأمة، والتي تقطع الطريق على أي تدخل أجنبي بأي أسلوب كان، ومتوكلين على الله حق توكله، ولا نخشى في الله لومة لائم لا من أميركا ولا من أوروبا. فالنصر بيد الله وليس بمساعدات أميركا وأوروبا والحلفاء، قال تعالى: ]إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)[
2012-10-29