رؤوس الجهل
1992/03/31م
المقالات
2,000 زيارة
الشاعر: يوسف إبراهيم
كانون الثاني 1992
دعوا الفضيلة من للدين قد نُسِبا لا يَعرفُ الزيفَ والتدجيلَ والكذبا
واللهُ بالعلم زانَ الرسلَ شرَّفهمْ وأنزل الشرعَ والفْرقانَ والكُتُبا
أهدى رسول الهدى من نوره قَبَساً فأحسنَ الهديَ والتعليمَ والأدبا
وصار من بَعده إرثاً لأمَّتهِ ومَنْهلاً صافي السُّقيا لمن شَربا
فاعتزَّ بالعمل أهلُ العلم وارتفعوا به إلى أن تحدّى مجدْه الشُّهُبا
وقد أفاضوا على الدنيا بما حملوا من نوره فأضاء الدهر والحُقُبا
وظل يَسقي بقاع الأرضَ كوْثرُهُ ما جفّ مورِدُهُ الصافي ولا نَضَبا
حتى أتى سُفهاءُ الجهل كي يضعوا من قَدْرِهِ فغذا في الأرض مُغْتربا
واغتاله الليلُ في طغيان ظلمته والنورُ في أُفْقِه الوضاء قد حُجبا
وبُعثرتْ بعدما عزّتْ لآلِئًهً وكنزُ أمجادِهِ الموروثُ قد سُلبا
يُزوّرون الفتاوى للطِّغاةِ فهمْ في كفِّ مَنْ حَكموا قد أصبحوا لُعبا
وما دعاهم إلى الإذعان طاغيةٌ إلا وكانوا له نعلاً غ رَغِبا
وما أتت جمعة إلا وقد نهضوا يدبّجون سخيف القول والخُطبَا
يخشوْنَ من صوْلة الباغين إن غضبوا ولا يخافون ربَّ العرش إن غضبا
حَسْبُ المنابر خزياً أنْ فارسها من فوقها يمدح الأوثانَ والنُصُبا
لو أسمعوا هُبُلاً ما قيل من كذبٍ لاهتزَ من تفه الأقوالِ واضْطربا
واللهْ في محكم القرآن يضربه يا بؤسَهُ مثلاً في مِثْلهمْ ضُربا
كعَيْرٍ قد حمِّل الأسفار وَليس له مما تُحمّل إلا الجهد و(التعبا)
يا لَلْهوانِ ووجهُ الأرض مبتذلٌ أمام من عبدوا الألقاب والرتبا
إذا تسابق أهل العمل في ترفٍ سُحْبٍ وحَثُّوا الخُطا من خلفِهِ خبَبَا
نأوْا عن الفضل حتى لو رأوْا سحراً طيفاً لهم لنأوْا من طيفهم هربا
وأرخصوا الدين بيعاً في تجارتهمْ وأثروا باطلَ الدنيا لهم أربا
تزودوا من ظلام الإفك لو نظروا يوماً لنور الضحى من أفقه لَخَبا
ولو تباروْا مع الشيطان في دجل لأحرزوا السبْقَ بالتدجيل والغَلَبا
جاءوا عبيداً إلى فرعون والتجأوا وقدّسوا المنصبَ الفتّانَ والذهبا
ولو تراءت بأقصى الأرض مصلحةٌ من الرّياءِ لمدّوا نحوهما سَبَبَا
ومن يَعِشْ بين أحضان الطغاة يجدْ في عيشه رَغبَ اللذاتِ والرَّهَبا
كصاحب الكلب يقصيهِ ويزجرهُ إذا أراد، ويُدْنيه إذا رَغِبا
وإن دعى كلبِهُ والعظمُ في يدِهِ أقعى ذليلاً وهزَّ الرأس والذنبا
يا قادة الفكر يا فرسانه النُّجُبا يا ذادةَ الحق يا أسيافَه القُضُبا
لا تَقْعُدوا عن جهادٍ صادقٍ وَجَبا والعَرينُ بأيدي الغدر قد غُصِبا
وأوقدوا النورَ للدنيا وإن حُجبا يزيفٍ من اتقنوا التدجيلَ والكّذِبا
وحَطِّموا البغيَ مهما صالَ واحتربا وذللوا كلَّ ما استعصى وما صَعُبا
وأرشدوا الأمة الحيرى إلى غدِها وجَنْبوا دربَها الويلات والنُّوَبا
من قال إنّ سيوفَ النصر قد حُطِمتْ وان عهْدَ صلاحِ الدين قد ذَهبا؟
من قال إنْ خيول الفتح قد نُحِرَتْ وإن فارسَها المغوار قد غُلِبا؟
من قال إنّ سِراجَ الفكر منطفيءٌ ونجمهَ الساطعُ الوّقَّادُ قد غَرَبا؟
ما زال يَهدي خُطانا نورُ مشعلهِ يمزّق الغيهبَ المسدولَ والحجبا
ما زال يَنبوعُه الصافي يضح دماً مؤججاً من عروق الصخر مُلْتهبا
ما زال غيثُ من القرآن يُغْدِقُها سُقْيا تَمُدُ بحارَ الأرض والسُّحُبا
فأمتي تَرْقُبُ الإصباحَ نبعثُه فجراً من النصر والتحرير قد قَرُبا
تَصبوا إلى المجد ما خارتْ عزيمتُها في الحادثات ولا سيفُ الجهادِ نَبا
فَتَهزم البغيَ مختالاَ بعزتهَ وتحطم الشرك والطاغوت والنصبا
وتُخرِس الباطل الأشقى ومن صَنعوا له الفتاوى لسناً أَوْمأ الكذبا
فيهربُ الأفكُ والشيطانُ مندحراً في الأرض حيرانَ يَجري ظامئاً سَغِبا
يَرجعُ الأمسُ لا ظُلْمٌ ولا ظُلَمُ كالشمس مشرقةً كالغيث مُنْسَكِباً.
1992-03-31