افتتاحية العدد: دوداييف والعسكريون والمثقفون في بلاد الإسلام
1996/05/30م
المقالات, كلمات الأعداد
1,760 زيارة
تناقلت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية يوم الأربعاء الرابع والعشرين من نيسان إبريل الماضي نبأ مصرع الزعيم الشاشاني جوهر دوادييف بعد أن تأكد ذلك من الجانبين الشاشاني والروسي بإصابته بصاروخ روسي أرداه شهيداً وهو يقوم بمكالمة هاتفية ومعه عديد من رجاله الذين كانوا يصحبونه في الميدان.
وتزامن مصرع رجل الحرب والدولة الشاشاني دوداييف واستشهاده بأيدي الكفرة الروس مع مصرع واستشهاد المئات من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان في جنوب لبنان من جراء القصف الجوي والبحري والميداني الوحشي الذي قام به أعداء الله ورسوله إليهود ومع تشريد مئات الألوف من المسلمين من ديارهم ومنازلهم ليهيموا على وجوههم فلا يجدون ملجأ لهم إلا هيئة الظلم المتحدة كالمستجير من الرمضاء بالنار. إن استشهاد دوادييف والمئات من مسلمي لبنان والآلاف من مسلمي البوسنة والشاشان قد فضح الحكومات والدول من ورائها المثقفين والعسكريين في العالم الإسلامي وعراهم وأظهر سوءاتهم.
فدوداييف رجل الدولة والحرب أبى أن يموت جبانا على فراشه كما يموت البعير ورؤساء الحكومات والدول في العالم الإسلامي… كما أبى أن يعيش ذليلاً يجلله خزي العبودية للروس الكفرة كما يجلل خزي العبودية للغرب حكام المسلمين قاطبة دون استثناء وقواد الجيوش وضباطها في العالم الإسلامي ومن ورائهم المثقفين كذلك.
وقد جاء مصرع رجل الحرب والدولة دوداييف الذي تحدى دولة كبرى في الموقف الدولي ومن ورائها الدولة الأولى أمريكا التي تساندها في ضرب المسلمين الشاشان… جاء مصرعه البطولي هذا في ميدان الجهاد ضد الكفار الروس صفعة قوية في وجوه حكام المسلمين التي شاهت لا بل صرخة “مدوية” تهيب بالأمة الإسلامية ولا سيما المثقفين من أبنائها والعسكريين أن قد آن الأوان للإطاحة بكيانات الكفر والذل والمهانة التي أورثتنا دار البوار، ثم جلب القائمين عليها أمام القضاء بتهمة الجبن والخيانة وسرقة أقوات الأمة وإهدار أموالها في كل ما يغضب وجه الله تعالى ويسخطه. إذ لم يعد لهؤلاء المثقفين والعسكريين أي عذر أو حجة أمام الله وأمام الأمة بعد كل هذا الهوان والذل والاستسلام وبعد كل هذه الهرولة والارتماء في أحضان أعداء الله ورسوله من الأمريكيين والإنجليز والفرنسيين واليهود وبعد كل هذا التهافت من هؤلاء الحكام تهافت الذباب على الأقذار وحمئات الوباء.
استشهاد دوادييف في ميدان الجهاد
إن استشهاد دوداييف في ميدان الجهاد يهيب بالعسكريين والمثقفين من أبناء الأمة الإسلامية أن كفاكم ارتزاقا وتمسكاً بلعاعات الدنيا الفانية وتقاعسا عن نصرة دين الله ورفع كلمته وتثاقلا مريبا إلى الأرض… وكفاكم استبدالا الأدنى بالذي هو خير، ونكوصا على الإعقاب تريدون عرض الحياة الدنيا والله يريد الآخرة… كما يهيب بالمثقفين خاصة أن كفاكم ندوات ومؤتمرات ومناقشات في القاهرة وبغداد وتونس ودمشق والرياض لبحث أدواركم في هذه المرحلة أو تلك من المراحل التي يمر بها المسلمون وكأنكم لم تسمعوا قوله تعالى أو تقرأوه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) كما يهيب سقوط رجل الحرب والدولة دوداييف شهيدا بهؤلاء المثقفين وبهؤلاء القادة من العسكريين أن كفاكم خنوعا وارتزاقا وارتماءً على المصالح الشخصية والامتيازات إذ لن يزيدكم ذلك إلا ذلا على ذل ومهانة على مهانة وهوانا على هوان ولن يدفع ذلك الأمة إلا إلى المزيد من الانهيار والذل والشتات… فذل الأمة ذل لكم وعزها عز لكم ولا غَرْوَ فحاضرها هو حاضركم ومستقبلها هو مستقبلكم سواء في الدنيا أو في الآخرة…فما لكم رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة بدلا وبالذل من العز خلفاً…
يستشهد المسلمون ويجرحون ويشردون في لبنان والشاشان والبوسنة ويحاصرون ويجوعون ويموت أطفالهم في العراق وأنتم أيها العسكريون والمثقفون لائذون بالصمت المريب كصمت القبور وكأنه لا يعينكم من أمر أمتكم شيء…وكأن ما يحيق بها من نوازل وكوارث ومصائب ونكبات واقع في كوكب آخر وليس على هذه الأرض أو حتى ليس في دياركم؟
إن لوذانكم بهذا الصمت المريب لم يعد مقبولا من أحد حتى من أعدائكم الذين يقفون مشدوهين من هذا الصمت المريب، وأنتم أهل الحل والعقد كما يقولون. إلا ترون بأم أعينكم كيف راحت ذئاب الكفر تتناوش أمتكم من شتى الجهات ألا ترون اليهود، شر خلق الله وأذلهم، كيف راحوا يجوسون خلال الديار وكيف أضحوا في قلب ديار الإسلام يصولون ويجولون ولا تتحرك فيكم جارحة. مالكم ويحكم، يسلحكم الحكام أيها العسكريون لا للذود عن حياض الأمة بل لضرب هذه الأمة وإذلالها إذا تحركت ضدهم وللإطاحة بهم فما نفع هذا التسلح وما هي الفائدة منه؟ أليس هو إفقاراً للأمة ثم إذلالا لها؟ مالكم ويحكم ألم تُحَدث أحدكم نفسه بذلك… ألم يتساءل أحدكم هذا التساؤل؟
وأنتم أيها المثقفون والمفكرون في ديار الإسلام يهيب بكم استشهاد رجل الحرب والدولة دوداييف أن كفاكم لهاثا وراء المنافع الشخصية وأن كفاكم تغيرا للمواقف يمينا وشمالا وكفاكم رفعا للشعارات الجوفاء… كما يهيب بكم أن تعلموا وأن تكونوا على يقين أن المثقف ليس هو الذي حمل الشهادات العالية وتسنم أعلى الدرجات في الدولة والمجتمع… وإنما المثقف هو الشخص الذي يحمل قضية يحيا من أجلها ويموت من أجلها. فالفكر والثقافة هما هذه القضية… وهي قضية مصيرية… لا يتخذ فيها إلا إجراء واحد هو إجراء الحياة أو الموت.
وأنتم بحملكم هذه القضية بوصفكم عيون الأمة من شأنكم والحالة هذه أن تقودوا أمتكم بها وأن تزحفوا بها على الدرب الخطر… لتبلغوا بها مصاف المجد في الدنيا وتنالوا بها أعلى الدرجات في الآخرة كما فعل المثقف الشاشاني رجل الحرب والدولة جوهر دوداييف رحمه الله… فهو قد حمل قضية وهي تحرير الشاشان المسلمين من عبودية الروس الكفرة وانتزاع سيادتهم انتزاعا بالحديد والنار وبسيول من الدماء لا بمفاوضة الذل والاستسلام الذي يطلق عليه الخائن عرفات “سلام الشجعان”
فهلا قمتم أيها العسكريون والمثقفون إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين كما فعل رجل الحرب والدولة دوداييف من قبل، وكونوا عند قوله
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
1996-05-30