دمج الجاليات الإسلامية ومحاولة تذويبها في المجتمعات الغربية
2016/10/19م
المقالات
2,003 زيارة
دمج الجاليات الإسلامية
ومحاولة تذويبها في المجتمعات الغربية
بقلم: فراس حمدوني ــ إيطاليا
(لأنتم أشد رهبة في صدورهم من اللـه، ذلك بأنهم قوم لا يفقهون) الحشر 13.
.. لا يزال وجود الإسلام، أي المسلمين في إيطاليا هشاً مقارنة ببلدان أخرى كألمانيا وبريطانيا وهولندا، ذلك أن هجرة المسلمين إلى إيطاليا جاءت متأخرة أي في بدايات العقد الماضي، وإن كانت أعدادهم كبيرة ومنهم الكثير ممن يلتزمون بالدين، يبقى أن الصفة الظاهرة عليهم – ومعظمهم من شمال إفريقيا – أنهم غير متعلمين أو لم يتموا تعليمهم في بلدانهم، أما هنا فقد جاءوا للعمل والعمل فقط. هذه الأعداد الهائلة والملتزمون منهم لا يحملون الدين كما ينبغي أن يحمله المسلم بقوته المتأصلة في العقيدة والتمسك بالأحكام الذي من شأنه أن يلفت أنظار الكفار أهل البلد، بل حملهم له أضعف من ذلك بكثير.. إلا أن أجهزة المخابرات والشرطة السرية متحسسة من وجود المسلمين بهذه الأعداد الهائلة، ذلك أن هذه الأجهزة تعمل ليلاً نهاراً وبتنسيق مع الأجهزة الأمنية في أوروبا كلها. من ذلك ما يحصل باستمرار من مداهمات بيوت شباب مسلمين في كافة التراب الإيطالي حتى في الجنوب الذي تسوده الفوضى ومخالفة القوانين من أهل الجنوب أنفسهم. فقد داهمت الشرطة السرية بيوتاً لأشخاص مسلمين عاديين وفتشوا بيوتهم وصادروا ما كان بحوزتهم ووصل إلى حد أن صادروا إذن الإقامة لشاب جزائري وأخذوا أمواله التي كانت في بيته والأمانات التي كانت عنده لبعض أصدقائه ولم يستردها إلا عن طريق القضاء والمحامين، ويستمر التضييق على كل من يعدونه هم من النشطين في المراكز الإسلامية الثقافية – طبعاً لا يوجد في إيطاليا إلا مسجدان اثنان فقط بصفة جامع الأول في روما والثاني في مدينة ميلان وما تبقى كلها مراكز ثقافية إسلامية – وحين تقوم تلك الأجهزة بإيقاف أي مسلم في الشوارع العامة وأمام الناس، يسألونه عما إذا كان يعرف المسجد – طبعاً المركز الإسلامي – وهل يعرف فيه أشخاصاً، وهل هو يصلي أم لا، وهل يذهب يوم الجمعة إلى العمل أم إلى أداء صلاة الجمعة، وهل هو راض على وجوده في إيطاليا… ونحو ذلك. وأجهزة الأمن جادة بشكل محسوس في تتبع حركات المسلمين والنشطاء منهم – حسب تقديرها هي -.
في إيطاليا لم يكن مقبولاً أن ترفق المرأة المسلمة أي طلب – مثل الهوية أو إذن الإقامة أو رخصة السوق – بصورة شخصية لها وهي تضع الخمار على رأسها، إلى قبل سنتين حيث وافق البرلمان وأجاز قبول تلك الصور قياساً على جواز قبول صور الراهبات – الأخوات SUORE – وهن يضعن المناديل على رؤوسهن، دون – ولا يمكن أن يكون – النظر إلى موضوع الأديان أو حق المسلمين ونحو ذلك. وظاهر تحسس الدوائر المسئولة من تزايد الجالية المسلمة ووجود عائلات مسلمة، وأظهرت ذلك وسائل الإعلام، رغم أن البابا كان قد وجه رسالة تطمين إلى الشعب وأنه لا خوف من وجود عائلات مسلمة في المجتمع الإيطالي – والغربي – ما دام أطفال المسلمين سيدرسون في المدارس الإيطالية!!! فرغم ذلك ورغم قلة وجود من يحمل الإسلام بقوة – عقائدية أو فقهية – فكرية أو نفسية – تحاول أجهزة الإعلام على غرار الإعلام الغربي في فرنسا أو بلجيكا أو غيرهما، أن يشوشوا على شعوبهم التي باتت تحس بوجود المسلمين والمسلمين الصادقين، ومنذ أسابيع فقط – الثلاثاء 29/4/97 نظم التلفزيون الذي تمتلكه الدولة عبر قناته الأولى – RAIUNO – لقاء في مدينة فيشاسا VICENZA في شمال إيطاليا، حضره قادة اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية في إيطاليا – وهم عرب مسلمون – حاول المذيع الذي أدار اللقاء على مدار ساعتين كاملتين – مع وجود جمع غفير من المسلمين وعائلاتهم – حاول متبعاً أخبث الطرق أن يُظهر صورة المسلمين – والإسلام طبعاً – متناقضة وبائسة، ففي الوقت الذي يحاول فيه أي مسلم من الحضور أن يتحدث عن الإسلام كدين ونظام حياة كامل متكامل يقاطعه المذيع بعرض صورة امرأة عارية أمام المسلمين الحضور أو بإجراء اتصال مباشر عن طريق الأقمار الصناعية بعدد من المسلمين في فرنسا، ممن أظهر قبوله بالحضارة الغربية وانساق في تيارها، وركز على اتصال مباشر مع صحفية جزائرية علمانية -خالدة مسعود – حيث أبدت امتعاضها ورفضها لغير الديموقراطية، ثم عرض صوراً لبعض عمليات التفجير والقتل وذبح الأطفال في الجزائر، مقاطعاً بذلك كله وغيره الحديث عن الإسلام، وهنا يبدو واضحاً التنسيق الدقيق مع أجهزة الأمن وهم يحاولون تشويه صورة الإسلام أمام الجمهور الإيطالي الذي تابع اللقاء وشاهده، فيزداد خوفهم من الإسلام فيرفضونه ]يريدون ليطفئوا نور اللـه بأفواههم واللـه متم نوره ولو كره الكافرون[ الصف 8.
واليوم تقوم جمعية القديس إيجيديو النصرانية النشطة جداً – حتى على مستوى مساعدة المسلمين مادياً وتعليمهم اللغة الإيطالية مجاناً – تقوم بالاتصال بالمراكز الإسلامية طالبة أن يكون هناك حوار معها وتعاون في موضوع الفاكس المرفق مع الخطاب. وإنما قلنا إن وراء ذلك أجهزة الأمن أن الكثير من الجمعيات والهيئات النصرانية دائمة الاتصال بالمراكز الإسلامية تريد تعاوناً وحواراً خاصة في المجال الثقافي. والدعوة التي توجهها اليوم هذه الجمعية النصرانية النشطة لمسئولي المراكز الإسلامية وسيحضرها دكاترة من الأزهر والمغرب والجزائر، جادة في محاولة تشويه صورة الإسلام أمام المجتمع الغربي وتهدف إلى محاولة قبول المسلمين بمبدأ الحوار بين الأديان وصرفهم عن التمسك بالدين الحق (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره، وإذاً لاتخذوك خليلاً) الإسراء 73. وهذه وغيرها أكثر وأخطر لتذويب الجاليات المسلمة في المجتمعات الغربية ولصرف أنظار شعوبهم أن تُقبل على دين اللـه القيم الذي سيظهره اللـه على الدين كله ولو كره الكافرون ولو كره المشركون واللـه غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، فإلى التمسك بالإسلام وأحكامه والعمل على إيجاده دولة تطبق أحكامه وتحمله جلياً واضحاً إلى المجتمعات الـمُضلَّلة فتخرجها من الظلمات إلى نور الإسلام وعدله، ندعوكم أيها المسلمون.
2016-10-19