رَجَّعْ صَداهُ العَذْبَ فالآذانُ من حاكيهِ ترتشفُ الصَّدى
.
|
وابعثْ نِداءَ الحقّ يكتسحُ الحدودَ بصوتِهِ الداوِي ويخترقُ المدى
.
|
واسْكُبْ مِنَ النبعِ الفُراتِ نَميرَهُ، أَكْرِمْ بنبعٍ للهدايةِ مَوْرِدَا
.
|
وانْثُرْ ضياءَ الفِكْرِ فالليلُ المُعَرْبِدُ بالظلامِ تَلَبّدَا
.
|
غشى على الأبصارِ حالِكُهُ، فظلَّ الركبُ في تيهِ الحياة مُشَرّدَا
.
|
جَفَّ الدمُ الموّارُفي شِرْيانِه الواهي فخَرَّ من الكَلالةِ مجْهَدا
.
|
أَرجعْ إليهِ النَّبْضَ حيّاً يَبعثُ الأرواحَ والأجسادَ من جَدَثِ الرَّدى
.
|
يا مِسْعَرِيُّ، وبورك الأَبُ حين أنجبَ ِبْلَهُ الحُرَّ الأبيَّ مُحمّداً
.
|
نَعْمَ السَّمِيُّ، قَبَسْتَ من نورِ النبوّةِ شُعْلَةَ الإيمانِ نِبراسَ الهدى
.
|
أوْقَدتَها من جَذوةِ المِصباحِ، تَحكي الكوكبَ الدُّرِيَّ حينَ تَوَقّدَا
.
|
نورٌ على نورٍ يُحَرِّرُ من ظلامِ الجهل شَعْباً بالقيود مُصَفَّدَا
.
|
هي صيحةُ التحريرِ دَوَّتْ كالأذانِ العَذْبِ في كل البِقاع تَردَّدا
.
|
فَحملْتَ رايتَها بوجهِ المُجْرِمِ الباغِي وكنتَ لها الفِندى
.
|
وهززتَ عرضَ النِّفْطِ حينَ رأَيْتَهُ فوق الجماجمِ بالحِراِب مُشَيّدا
.
|
والقاعدونَ على أرائِكِهِ لأميركا تَهاوَوْا راكعينَ وسُجَّدا
.
|
وانقادَتِ الأعناقُ صاغرةً لمالِكِها ولانَتْ مِقْوَدَا
.
|
خَدَمٌ لسادتِهمْ، وفي أوطانهم أيدِ تُلَوِّحُ بالخناجرِ والمُدى
.
|
وعلى بحارِ النِّفْطِ والدَّمِ سارَ مرْكَبُهُمْ وتاهَ وعَرْبَدا
.
|
شربوا الدَّمَ الممزوجَ بالبِتْرولِ ما ملأوا به جَوْفاً ولا بَلّوا الصَّدى
.
|
ملأوا خزائنهمْ بأصدافِ الخليج وزْيتِهِ دُرّاً يُضيءُ وعَسْجَدا
.
|
فَرَمَوْهُ في حانِ الفجورِ على نِعالِ الراقصاتِ مُبَعْثَراً ومُبَددا
.
|
صاغوهً سَهْماً نافذاً يَدْمى، إلى صَدْرِ الكَرامة والشعوبِ مُسَدَّدا
.
|
واستقبلوا في الدّارِ أَمْيركا، وقد فتحوا القلوبَ لها وقد بَسطوا اليدا
.
|
فَرَشُوا لها الرَّيْحانَ والأجْفانَ دَرْباً للغُزاةِ المجرمينَ مُمَهّدا
.
|
وضَعوا عليها تاجَ كِسرى في ديار المسلمينَ مُمَلَّكاً ومُسَوَّدا
.
|
تَنْهى وتَأْمُرُ والجميعُ بِحِجْرها عَشِقوا على فُرُشِ المَذَلَّةِ مَرْقَدا
.
|
حتى غدا الوطنُ الأبيُّ مُأَمْرَكاً، والقدسُ في أسْرِ الغُزاةِ مُهَوَّدا
.
|
وانْهارَ مجدُ الفاتحينَ، وجَحْفَلُ الأَقْزامِ بالأوطانِ داسَ السُّؤْدَدَا
.
|
والثأْرُ في صدرِ الرُّجولةِ لَمْ يَعُدْ لَهَباً، فماتَ وأُخْمِدَا
.
|
ííí
|
يا مِسْعَرِيُّ ويا أَخا الدَّرْبِ الذي ما زالَ للعلياءِ مُتَّصِلَ المَسِيرْ
.
|
يا أَيُّها الصوتُ الذي من أرض نَجْدٍ فيه أصداءُ المُبَشِّرِ والنَّذيرْ
.
|
أحْلى من الأنغام في أُذُنِ السميعِ، ومن ضياء الشمسِ في عين البَصيرْ
.
|
نُصْغي إليهِ وكأنَّهُ في آلَةِ التسجيلِ خَفْقٌ في الجوانِحِ والصّدورْ
.
|
وَتُحِسُّهُ طَيْفاً تكاد الرّوحُ من شوقٍ تُعانِقُهُ ويَحْضِنُهُ الضّمِيرْ
.
|
يا من شَهَرْتَ الحقَّ في وَجْه المُكابِرِ كالمُهنَّدِ في يد البطلِ المُغيرُ
.
|
وهَتَكْتَ عَوْراتِ القصورِ وكلَّ ما ضَمَّتْ مَواخيرُ الخلاعةِ في القُصورْ
.
|
لا تبتئسْ مهما تَمادى البغيُ بالصَّلَفِ المُعَرْبِدِ والتبجُّحِ والغُرورُ
.
|
فالفكر أقوى من سِياط الظلْمِ والصَّنَمِ المُتَوَّجِ والأرائِكِ والسَّريرْ
.
|
وأَمامَ صوتِ الحقِّ فِرْعوْنُ العَتِيُّ وعَرْشُهُ وجنودُهُ قَزَمٌ حَقيرْ
.
|
وعَزيمةُ الإيمانِ تَفتحُ كلَّ بابٍ للمعالي مُوصَدٍ صَعْبٍ عَسيرْ
.
|
وتَشُقُّ دَرْبَ المجدِ وهْيَ تُفَجّرُ اليُنْبوعَ في قلب الصُّخورْ
.
|
لَسْتَ الوحيدَ بسجنكَ الداجِي، فأُمّتُنا تعيشُ اليومَ في سجنٍ كَبيرْ
.
|
لا تبتئسْ فقصورِهمْ قَشٌّ، سيطويها لهيبُ الحقّ في لَفْحِ السَّعيرْ
.
|
وبَشائِرُ التحريرِ تَهتِفُ بالنيامِ فتوقِظُ الأموات من ظُلَمِ القُبورْ
.
|
يا فارسَ الميْدانِ ما زالتْ خيولُ النَّصْرِ مُسْرَجَةً لتقتحم الحواجزَ والثغورْ
.
|
وقوافُلُ الإيمانِ كالطوفانِ في دَرْبِ الشهادةِ نحو غايَتِها تَسيرْ
.
|
والحربُ أَنّى سِرْتَ دائرةٌ على الإسلام، ما زالتْ مراجِلُها تَفورْ
.
|
بَدْرِيةٌ تستصرخُ الأنصارَ ساحتُها ورايتها وقد عَزّ النَّصيرْ
.
|
فابْسُطْ يَدَ العَهْدِ الذي ما زالَ يحملُ بَيْعةَ الرضوانِ تَنْفَحُ بالعَبيرْ
.
|
وأَعِدْ إلى الصحراءِ غيثاً كان يُمْطِرُها رَوِيَّ المُزْنِ دَفّاقَ النَّميرْ
.
|
يا مُوقِظَ الفَجْرِ الذي في أُفْقِ نَجْدٍ كادَ يَخْنُقُهُ الظلامُ القَمْطَريرْ
.
|
صَحَتِ الغفاةُ من الرُّقادِ وكَهْفِهِ المَنْسِيَّ لمّا هَزّها صوتُ البَشيرْ
.
|
هذا الضياءُ يَلُوحُ في نَجْدٍ فيَيْتَسِمُ النخيلُ ويَسْتَحِمُّ بهِ الغَديرْ
.
|
وتَضُوعُ أنفاسُ العَارِ ويَصْدَحُ الطيرُ المُغَرّدُ في حُبورْ
.
|
سَقَطَ القِناعُ وزَيْفُهُ الواهِي الذي نَسَجُوهُ من إفْكٍ وزورْ
.
|
وتَمزّقتْ حُجُبُ الرياءِ وجُبَّةُ الشيخ الدَّعِيِّ بها وجِلبابُ الأَميرْ
.
|
هذِي البلادُ هَوى بها الكَذّابُ وانْدَحَرَتْ سَجاحُ ومادَ صَرْحُهُما الكَفورْ
.
|
والفاتحونَ خالدٌ وفيالقُ الصِّديقِ تَجْتَثُّ الضلالَ مِنَ الجُذورْ
.
|
ما زالَ في رَمْلِ اليَمامَةِ من دَمِ الشهداءِ سِفْرٌ ناطِقٌ عَبَقُ السُّطورْ
.
|
ومشاعلُ التوحيدِ ما زالتْ بنور اللهِ تَهديها على مَرَّ العُصورْ
.
|
فامْدُدْ يَمينَكَ يا أحي فالأرضُ كالبركانِ مائجةٌ تَمورْ
.
|
لِخِلافةٍ حَفّاقَةِ الراياتِ ما زالتْ رَحى الإسلامِ في وطني تَدورْ
.
|
والمسلمونُ أَعِزَّةٌ باللهِ، والرّحْمنُ ناصِرُهُمْ ويا نعم النَّصيرْ
.
|