المـعـارضـة السـيـاسـيـة
2016/09/27م
المقالات
3,581 زيارة
المـعـارضـة السـيـاسـيـة
يوجد في الإنسان طاقتان، الأولى: حيوية، والثانية: فكرية، والطاقة الحيوية تنفعل بفعل المؤثرات الفكرية والخارجية والداخلية، فيتحرك هذا الانفعال متطلباً الإشباع الذي يتم عن طريق الأشياء والأفعال، وهنا يأتي دور الطاقة الفكرية التي تتحكم بالإشباع ونوعه وصفته، فيتم الإشباع وفق المفاهيم التي يتبناها الإنسان، بقطع النظر عن كون هذه المفاهيم راقية أم منحطة، ولما كانت المفاهيم التي تعتنقها القوى الفكرية والسياسية متناقضة ومختلفة، لذلك تكون مواقفها تجاه الأحداث والأشياء والأفكار متناقضة ومختلفة.
والإنسان تتفاوت فيه القوى الحيوية والفكرية، وهذا التفاوت بين البشر يؤدي إلى التفاوت بينهم في فهم الوقائع الفكرية والسياسية ونحوها، والى التفاوت في النظرة إليها، والموقف الذي يجب أن يتخذ نحوها. وعليه فتناقض المفاهيم، وكونها تتضمن بعض المتناقضات في بعض الفروع، وتفاوت القدرات الحيوية والفكرية، يحتم الاختلاف بين البشر ومنها القوى السياسية والفكرية.
فالمعارضة في الواقع: اختلاف بين المفاهيم نتج بسبب تناقضها أو بسبب تناقض فهمها، ويتفرع عنه اختلاف في المواقف بين البشر.
والمعارضة السياسية: هي خلاف بين المفاهيم السياسية يتفرع عنه خلاف في المواقف السياسية بين القوى السياسية.
والمعارضة الدولية: هي اختلاف في المفاهيم بين الدول الكبرى يتفرع عنه معارضة لمواقف الدولة الأولى، سواء جرى هذا الاختلاف داخل هيئة الأمم أم خارجها عن طريق المؤتمرات والقمم والأحلاف الدولية التي تتم بين الدول الكبرى، ولا يشترط أن يجري الاختلاف داخل مجلس الأمن، لأن هذا المجلس هو جسر تعبر من خلاله الدول الكبرى لتمرير سياساتها وإضفاء الشرعية عليها، وهو أحد الجسور، ولا يمثل الجسر الوحيد. فالمعارضة الدولية إبّان الوفاق بين أمريكا وروسيا في عام 1961 كانت منحصرة بهما، ولم يكن لفرنسا وبريطانيا أي دور في المعارضة الدولية، مع أنهما عضوان في مجلس الأمن، فالعضوية في المجلس لكل من بريطانيا وفرنسا والصين لم تجعل لهذه الدول أي تأثير في المعارضة الدولية.
إن القوى السياسية التي تريد المحافظة على كيانها السياسي من خطر المعارضة السياسية على إطلاقها، والمؤدية إلى شرذمة وتفكك هذا الكيان، وخلق الصراعات الداخلية فيه، والتلهي بها لتنحرف عن خط السير المؤدي إلى تحقيق غاياتها على المستويين المحلي والعالمي، تعمد هذه القوى لمعالجة هذه الأخطار، عن طريق تحديد المفاهيم السياسية التي تحفظ الوحدة، وتقضي على الاختلاف، وتحمي الكيان من الانهيار والفشل، وبالتالي تستمر في خوض غمار الصراع الفكري والسياسي مع القوى السياسية الخارجية المعادية لمفاهيمها من أجل القضاء على هذه القوى عن طريق القضاء على مفاهيمها، وبعد تحديد المفاهيم تأتي الخطوة الثانية وهي تبني هذه المفاهيم لتكون الرابط الذي يربط كيانها السياسي ويفرض الانسجام فيه، ليشكل هذا الكيان قوة سياسية مؤثرة مثيرة، ثم الخطوة الثالثة وهي ترسيخ هذه المفاهيم بالتلقي الفكري عمقاً واستنارة، ليكون التبني قوة ذاتية لها، وعاملاً من عوامل خلق الإبداع في كيانها.
والمعارضـة السـياسـية من زاوية فكرية تقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: معارضة مبدئية: وهي الاختلاف السياسي والفكري على أسس مبدئية، كالاختلاف بين الإسلام والكفر، فمفاهيم الإسلام لا يمكن أن تلتقي مع مفاهيم الكفر، فالديمقراطية والعلمانية والحرية المطلقة والرأسمالية والاشتراكية، ونحو ذلك من مفاهيم الكفر لا يمكن أن تتفق مع مفاهيم الإسلام، والصراع بين مفاهيم الإسلام ومفاهيم الكفر هو صراع دائم إلى أن يرث اللـه الأرض ومن عليها. والمعارضة المبدئية تحتم تبني سياسة المواجهة بشكل دائم ضد مفاهيم الكفر التي تصوغ المصالح ومنها الأهداف للقوى السياسية الكافرة سواء على المستوى المحلي أم الإقليمي أم الدولي.
الثاني: معارضة استراتيجية: وهي الاختلاف السياسي على أسس استراتيجية. ولما كان بناء الاستراتيجيات يستند إلى قواعد صلبة وأسس مبدئية، وهي خادمة لمصالح وأهداف المبدأ، لذلك قد يكون الاختلاف الاستراتيجي في بعض الأحيان راجعاً إلى اختلاف مبدئي، وفي هذه الحالة، أي: كون المفاهيم الاستراتيجية تتعارض مع المبدأ، يجب محاربتها وتبني سياسة المواجهة ضدها، ولكن ذلك لا يمنع من العمل على احتواء هذه الأفكار أو المفاهيم، والعمل على تغيير جوهرها لكي لا تتعارض مع المبدأ، بل مسخّرة لخدمة المبدأ ومصالحه، ففكرة هيئة الأمم هي فكرة تتعلق بالاستراتيجيات الدولية ولا تتعلق بالمبدأ الرأسمالي، ولكنها في الوقت نفسه تستند إلى القانون الدولي الكافر، لذلك يجب محاربة هيئة الأمم بجوهرها الحالي، ولكن السير في سياسة المواجهة ضد هيئة الأمم لا يمنع من احتواء هذه الفكرة الاستراتيجية، عن طريق تغيير جوهرها وأبعادها ووسائلها والأساس الذي تستند إليه. وكذلك الحال بالنسبة لفكرة حقوق الإنسان، والرأي والرأي الأخر، والمعارضة، ونحو ذلك من الأفكار والمفاهيم التي يمكن أن تبنى على أسس لا تمس المبدأ، وعلى قواعد صلبة لخدمة المبدأ. وهذه الأفكار ونحوها يجب محاربتها ما دام الغرب يستخدمها وفق الأسس الرأسمالية، وما دامت القوى السياسية تطبقها عملياً وفق المفاهيم الغربية، سواء قبل قيام الخلافة أم بعدها. وعملية الاحتواء لهذه الأفكار من ناحية عملية تتم بعد قيام الخلافة لا قبلها، لأن إمكانية الاحتواء بالفعل تفتقر إلى وجود الخلافة. وإن لم تتعارض الأفكار الاستراتيجية مع المبدأ، ولكن يمكن أن تسخر لصالح الأعداء، فهذه الأفكار يمكن تبني سياسة المواجهة ضدها أو التمييع أو التجميد أو الاحتواء حسب مصلحة الدعوة والجهاد، وحسب طبيعة الظروف السياسية المحيطة بهذه الأفكار، وحسب إمكانات النجاح في انتقاء السياسة المناسبة أو في انتقاء عدة سياسات تطبق بمراحل زمنية مختلفة، فمثلاً فكرة تشكيل النادي الذي يضم الدولة الدائنة من العالم الغربي ومن المؤسسات الدولية، فهذه الفكرة إذا عرضت على دولة الخلافة، يمكن تبني سياسة التجميد نحوها بحجة فهم طبيعة الديون على العالم الإسلامي قبل قيام الخلافة، ثم يجري الطلب من الدائنين أن لا يعملوا ضد الخلافة، وأن يزيلوا استعمارهم.
والدول المؤثرة لا تقتصر على معالجة الأفكار الاستراتيجية التي تطرح من قبل الأعداء، بل تبادر في طرح الأفكار الاستراتيجية الدولية والإقليمية التي تهدد مصالح وأهداف الدول الكافرة وعلى رأسها الدولة الأولى – أمريكا، وتبادر إلى ذلك في التوقيت والظروف المناسبة.
الثالث: معارضة عرضية: وهي الاختلاف السياسي على أمور إدارية أو مبدئية فرعية لا تمس أصول المبدأ، والاختلاف الإداري، قد يتعارض مع المبدأ فيعامل مثل المعارضة المبدئية، وقد لا يتعارض معه فيعامل مثل المعارضة الاستراتيجية. والغرب الحاقد على الإسلام وأهله منذ أن انفرد في إصدار الأبحاث السياسية صـار يسير في سياسـة التضليل السياسـي، وينظر إلى المفاهيم السياسية غير المبدئية نظرة تستند إلى مفاهيمه المبدئية وتخدم مصالحه وأهدافه المحلية والإقليمية والدولية.
فالمعارضة السياسية من وجهة نظره: رأي الأقلية السياسية المخالف لرأي الأكثرية، ويتجسد رأي الأقلية عادة في القوى السياسية المعارضة، ورأي الأكثرية يتجسد في الحزب الحاكم وأتباعه وأعوانه.
فالغرب قد اعتبر رأي السلطة هو الرأي الشرعي النافذ، وهو رأي أغلبية الشعب، أما الرأي الآخر فهو رأي الأقلية التي تقر بشرعية هذه السلطة، وتتفق معها في المبدأ الرأسمالي من ناحية الأسس، وتختلف معها في بعض الأمور الفرعية. وتستغل الأحزاب المعارضة هذا الاختلاف، وقد تتصنعه بهدف الوصول إلى السلطة، كما تمتص نقمة الفئة الغاضبة على السلطة، حين تتصدى لها في الأمور الفرعية، فهي كالسلطة تماماً من حيث الإيمان بالنظام المطبق وبالدستور والميثاق والمبدأ، فالاختلاف بينهما عرضي وليس مبدئياً، والفئة الرأسمالية هي التي تمكّن الحزب الفلاني من الوصول إلى السلطة، فيكون هذا الحزب هو الحزب الحاكم، وتُبقي على الأحزاب الأخرى خارج السلطة لخدمتها ودعمها بوصفها أحزاب المعارضة.
وقد استغل الغرب مفهومه للمعارضة في بلاد المسلمين أفظع استغلال، فهو قد مكن عملاءه من الوصول إلى السلطة، وحرص على إبقائهم فيها، وإضفاء الشرعية على وجودهم في السلطة، فشجع هؤلاء العملاء على تشكيل أحزاب معارضة والعمل على احتواء الأحزاب المناوئة للسلطة، وذلك عن طريق أفكار الحوار والمعارضة والتعددية والرأي والرأي الآخر، على أن تمارس العمل السياسي بالصورة التي تخدم عملاء الغرب، فلا تعمل على هدم الدستور أو الميثاق أو النظام المطبق أو تكشف مؤامرات وخيانات السلطة، بل تتلهى في الأمور الفرعية، وتبرز رأيها من خلال مؤسسات السلطة، فتكون ضمن سيطرة السلطة السياسية، وبهذا تنجح السلطة في امتصاص نقمة الجماهير عليها عن طريق ما يسمى بالأحزاب المعارضة، وتكسب أيضاً الشرعية والدعم والمساندة، فتكون هذه الأحزاب من ركائز السلطة التي يجب كشفها وتعريتها أمام الأمة الإسلامية، حتى ولو لبست ثوب الإسلام وكان جوهرها خبيثاً يتآمر مع الكفار وأعوانه ضد الإسلام وأهله.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكافر وأعوانه من الحكام والسياسيين، يصفون الحركات الإسلامية التي تسير حسب المفهوم الغربي للمعارضة، وتخالف أحكام الإسلام، بالحركات المعارضة، أما الحركات الإسلامية التي تسير وفق مفاهيم الإسلام وتحاسب الحكام وتكشف تآمرهم وعمالتهم وخياناتهم وولاءهم وكفر معظمهم، فإنهم يصفونهم بالحركات المتطرفة والأصولية والإرهابية، لأنها لا تريد التفاهم والحوار والتعايش مع الأنظمة الكافرة، وتؤمن بأن الإيمان والكفر لا يلتقيان، لأن المسألة مسألة جنة أو نار، وتعمل لقلع الحياة الغربية من الجذور، وتستهدف هدم الدساتير والأنظمة الكافرة لتحل محلها الحياة الإسلامية عن طريق سيادة حكم اللـه وكتابه وسنة نبيه في الأرض، ويحاول عملاء الغرب والحكام من زعماء الحركات الإسلامية التذرع بذريعة تبنيهم للمعنى الواقعي للمعارضة، وأنهم يستغلون الأوضاع الديمقراطية لخدمة الإسلام وأهله.
والجواب عن هذه الذريعة الرخيصة، هو أن استغلال الأوضاع الديمقراطية يجب أن لا يتعارض مع مبدأ الإسلام، كما أن السير حسب المعنى الواقعي للمعارضة يتطلب أمرين:
أحدهما: عدم السير وفق المفهوم الغربي للمعارضة، فلا تدخل الحركات الإسلامية في أي حوار أو تفاهم مع السلطة أو مع الدول الكافرة، ولا تقبل بنظام الدولة أو دستورها أو ميثاقها، وتعلن على رؤوس الأشهاد أن الأنظمة في العالم ومنه العالم الإسلامي أنظمة كفر، وحكم طاغوت. وكذلك حال دساتيرها وقوانينها ومواثيقها، ولا تتلهى بالأمور الفرعية، بل تتصدى للحكام، وتكشف خطط الكافر ضد دين اللـه وأمة الإسلام، وتحاربها محاربة فكرية وسياسية بصورة قوية ومؤثرة، فلا تفكر أو تعمل على احتواء أو تمييع خطط الكفر، بل تحصر نفسها بسياسة المواجهة فقط، وتحاسب الحكام محاسبة وفق مفاهيم الإسلام، فلا تكتفي بإبراز رأيها بل تضغط على الحكام عن طريق الأمة والقوى المؤثرة في الجيوش، وتحطم الركائز والوسائل التي تسند السلطة، حتى تثنيهم عما يقومون به من مؤامرات وخيانات، ثم تجتث عروشهم من القواعد والجدران والسقف، فلا تقبل أن تضع نفسها في زاوية الفئة الأقلية، ولا تقبل الترقيع على أفكار الكفر أو حتى على أحكام الإسلام، بل تطلب وتعمل على تطبيق أحكام الإسلام فقط بغض النظر عن الأقلية أو الأكثرية، فيجب عليها أن لا تسير حسب المفهوم الغربي للمعارضة.
ثانيهما: فهم حقيقة القوى السياسية المعارضة من ناحية عملية، وكيفية سيرها بالمعارضة حسب مفاهيم الإسلام.
فالقوى السياسية المعارضة من ناحية عملية على ثلاثة أنواع: حقيقية، مخادعة، خاطئة.
-
المعارضة الحقيقية: هي الموقف السياسي العملي الذي يتجسد في القوى السياسية إزاء المفاهيم التي تناقض مفاهيمها السياسية، فتعارضها وفق ما تتطلبه هذه المفاهيم.
-
المعارضة الخادعة: هي عدم التلبس بالموقف السياسي العملي من قبل القوى السياسية تجاه المفاهيم السياسية التي تناقض مفاهيمها في الأسس والقواعد.
-
المعـارضـة الخاطئة: هي عدم التلبس بالموقف السياسي العملي من قبل القوى السياسية تجاه المفاهيم السياسية التي تختلف عن مفاهيمها في الأمور الفرعية أو الاستراتيجية أو الإدارية.
ولنأخـذ أمثلة توضح كيـفـيـة سـيـر الـقـوى السياسية المعارضة من ناحية عملية حسب مفاهيم الإسلام:
-
1- إن موقف الإسلام من أفكار الكفر واضح في كتاب اللـه وسنة رسوله، فهجوم الإسلام على الكفر واضح وصريح بلا ذبذبة ولا تلون ولا تمييع ولا احتواء، بل مواجهة قوية مؤثرة مثيرة. وعليه فيجب أن يكون موقف الحركات الإسلامية من أفكار الكفر وفق مبدأ الإسلام فيجب عليها أن تحارب الديمقراطية والرأسمالية والحرية وفصل الدين عن الحياة أو عن السياسة، والقومية والوطنية وما شابه ذلك من أفكار الكفر محاربة لا هوادة فيها، وتستمر على ذلك حتى يتمكن الإسلام من سيادة الكرة الأرضية ومن اجتثاث هذه الأفكار من عقول ونفوس البشرية، فإذا قامت بعض الحركات بالعمل على تبنّي أفكار الكفر وإضفاء الصفة الإسلامية عليها، كالديمقراطية في الإسلام أو الحرية (الغربية) في الإسلام أو تحارب السياسة والعمل السياسي، فهذه الحركات لا تعارض الكفر معارضة حقيقية بل هي تعمل على تمييع الإسلام، وإدخال الظلم والظلمات على العدل والنور، وتعمل على ديمومة سيادة الكفر على الكرة الأرضية، فهي كمن يؤيد الالتقاء بين الإيمان والكفر ويمزج بينهما، وبين المؤمنين والكفار ويعتبرهم أخوة، وأن الناس مؤمنين وكفاراً يجتمعون معاً في الجنة والنار في آن واحد يوم القيامة. وعليه فيجب على المخلصين من أبناء هذه الحركات إيقاف هؤلاء العملاء الخونة الضالين المضلين عند حدهم، والإعلان على رؤوس الأشهاد أنهم يخونون أمانة الإسلام.
-
2- إن موقف الإسلام من حكام المسلمين العملاء الخونة ومن دساتيرهم وقوانينهم ومواثيقهم الكافرة واضح جلي، فالهجوم عليهم وعلى أنظمة الكفر التي يطبقونها، وكشف مؤامراتهم وخياناتهم وعمالتهم أمر محتم، وواجب مصيري، فلا يجوز الارتماء في أحضانهم ومدحهم أو قبول التفاهم معهم ومع أنظمتهم ودستورهم عن طريق السير بفكرة الحوار أو التعايش حسب المفهوم الغربي، أو قبول أن تكون الحركات الإسلامية هي التي تحمل الرأي الآخر، والسلطة تحمل الرأي النافذ، أو قبول فكرة التعددية السياسية على أساس الدستور الكافر وكذلك المعارضة، بل يجب محاربة هذه الأفكار، وكشف مضمونها وإبعادها، التي تتلخص بسيطرة الكفر على بلاد المسلمين وديمومة هذه السيطرة، وإضفاء الشرعية على هؤلاء الطواغيت، وعلى أنظمتهم ودساتيرهم الشيطانية. وعليه فمن لا يتلبس بالموقف المبدئي الإسلامي عملياً تجاه هذه الأفكار وتجاه هؤلاء الحكام وأنظمتهم، فهو معارض مخادع، وتابع للقيادة الفكرية الغربية وأدواتها، وعليه فيجب كشف هؤلاء المخادعين، وعلى المخلصين من أبناء الحركات الإسلامية كشف هذه الشخصيات العفنة وتعريتها في الوقت الذي ينصبّ الهجوم على الحكام وعلى الأفكار ومَن وراءهم.
-
3- إن موقف الإسلام من الخلافات الفقهية ومن الأمور الفرعية الإدارية والفكرية السياسية هو موقف واضح، وهو المناقشة بالدليل الأقوى ضمن حدود الأدب والاحترام، والذي لا يتلبس بالموقف الصحيح الذي يمليه الإسلام تجاه هذا الخلاف، فهو معارض مخطئ، وإن كان مدفوعاً من جهات خارجية بهدف تحويل الخلافات الفرعية إلى خلافات أساسية لشطر وحدة القوى الإسلامية وضرب كيانها ولجعلها تتلهى في هذه الأمور لتنشغل عن العمل ضد أعداء الإسلام فهو معارض مخادع ومتآمر على الإسلام وحماته. فمسألة تأجير الأرض للزراعة، مسألة خلافية، البعض يجيزها والبعض الآخر يحرمها، فالتركيز على مناقشة مثل هذه المسألة بصورة زائدة عن الحد، وجعلها أمراً مصيرياً، هو أمر خاطئ إن صدر عن المخلصين، وهو خداع وتآمر إن صدر عن فئة تجعل من هذه الأمور الشغل الشاغل لها، ولا تستهدف أعداء الإسلام بالمعارك السياسية والفكرية. إننا مع الكفر كفرسي رهان، إما أن تكون الغلبة لنا أو له، ومع وجود اليقين عندنا أن الغلبة لنا بنصر من اللـه عزيز مؤزر، ولكن يجب علينا الأخذ بالأسباب امتثالاً لأمر اللـه سبحانه.
عبد الحكيم عبد الله
2016-09-27