السياسة التركية
2016/09/26م
المقالات
1,585 زيارة
السياسة التركية
7/6/1998 بقلم: أحمد سيف الإسلام
السياسة الخارجية التركية
العلاقات التركية – الأميركية:
تعتبر العلاقات التركية الأميركية علاقات فاترة وفي حالة انكماش. والسبب في ذلك هو أن السياسة التي تتبعها تركيا حيال مناطق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأزمة قبرص والبلقان تتعارض مع السياسة الأميركية. فالقول بأن علاقات البلدين طبيعية وجيدة ليس صحيحاً، فأميركا تضيّق الخناق على تركيا، وترتب إلى توريطها في حرب خارجية مع إحدى دول المنطقة كاليونان أو سوريا أو أرمينيا أو إيران. وأما في الداخل فتضغط على تركيا من خلال شبكة العصابات والحرب الداخلية.
علاقة تركيا بالمجموعة الأوروبية:
ليس في نية المجموعة على الإطلاق ضم تركيا إلى مجموعتها، والسبب في ذلك واقع تركيا الديني والاقتصادي، بالإضافة إلى وضعها الجيوبوليتيكي. فالخلافات القائمة بين تركيا من جهة وسوريا وإيران وأرمينيا واليونان من جهة أخرى تمنع أوروبا من ضم تركيا إليها، كما أن أوروبا لا تريد مشاكل من هذا النوع. فدخول تركيا بمشاكلها الإقليمية سيؤدي بالتالي إلى تفسخ أوروبا التي تسعى إلى تكوين اتفاقات تعاون متينة الصلة مع تركيا. إن أوروبا تريد أن تجعل من تركيا قلعتها الحصينة من خطر الشرق. بينما تهدد تركيا أوروبا بالاتجاه نحو آسيا الوسطى والشرق الأقصى في حالة عدم ضمها إلى المجموعة الأوروبية.
أما الدول الأوروبية فإنها تقابل هذا التهديد بتهديد تقسيم البلاد من خلال اللعب بالورقة الكردية والورقة الأرمينية وورقة القتل الجماعي للأرمن. وكأن أوروبا تقول لتركيا: “أنتِ لا شيء بدوننا، فنحن الذين أوجدناك بعد أن كنتِ لا شيء. فباستطاعتنا أن نقضي عليكِ متى شئنا، فينتهي أمرك. إخرسي ولا تتجاوزي حدّكِ. وليس بوسعك أن تتبعي سياسة رغماً عنّا. وليكن في علمك أن قبلتكِ هي الغرب وليس أي مكان أو جهة أخرى”.
نعم هذا لسان حال الدول الأوروبية تجاه تركيا التي فهمت هذه الرسالة. فوضع تركيا الآن لا تُحْسَدُ عليه، فلا هي إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فهي في منـزلة بين المنـزلتين. ففي الوقت الذي أرادت فيه أن تتخلص من الضغوط الأميركية اتجهت إلى إسرائيل. وتقربها من إسرائيل أزعج الدول الغربية التي بدأت تمارس الضغوط عليها. وباختصار فإن تركيا الآن في حالة حيرةٍ من أمرها لا تدري ما تفعل.
العلاقات التركية الروسية:
في هذا الظرف الراهن تركيا لا تفكر في مواجهة روسيا. والسياسة الخارجية المتبعة تجاه دول آسيا الوسطى هي عدم إغضاب روسيا التي لم تتخلَّ عن هذه المنطقة. فكما أن روسيا لا ترغب في تحمل أعباء مشاكل هذه الدول الاقتصادية فإنها تهزّ العصا لمن يريد التدخل فيها سياسياً أو عسكرياً. وقد أطلقت العنان للحركة الاقتصادية فقط، ولذلك نجد أن الجهود التركية هناك لا تخرج عن الأنشطة الاقتصادية والتعليمية. وترغب تركيا في أن يكون لها حصة جيدة في خط أنابيب النفط والغاز الطبيعي، وهذا الأمر كفيل بأن يجعل تركيا تواجه روسيا. وفي هذه الحالة فإن روسيا لن تتردد في اللعب بورقة القضية الكردية والمسألة الأرمينية.
كما أن روسيا تولي أهمية كبيرة جداً للصلاحيات التي منحتها إياها كل من معاهدتي لوزان ومونترو اللتين تعطيان حرية الحركة لروسيا في مضائق إستانبول جناق قلعة، كما أنها تسعى في إرسال وحدة عسكرية إلى قبرص. وما إرسال صواريخ S-300 للجانب الرومي (اليوناني) إلا دليل واضح على ذلك. فروسيا تكفلت في زرع هذه الصواريخ وإعطاء الخبرة العسكرية الكافية لردع أي هجوم عسكري، وهذا يعني وجود روسي عسكري في الجزيرة فعلاً. وتدعي بعض الأوساط وجود ما لا يقل عن 30 ألف مهاجر روسي في الجزيرة يعملون لحساب المافيا.
ولتشتيت هذه الغيوم فإن تركيا تتبع سياسة مرنة تجاه روسيا، وتقدم لها الطلبات المغرية لعملية التسلح. والزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الأركان العامة لموسكو هي لهذا الغرض. أما زيارة دميريل لأوكرانيا والقِرْم فكانت تحمل رسالة تهديد لروسيا مفادها: “إذا ما فكرت موسكو باللعب بورقة القضية الكردية أو الورقة الأرمينية فإننا سنضطر إلى اللعب بورقة القرم”.
العلاقات التركية الإسرائيلية:
إن فعاليات المثلث التركي – الأردني – الإسرائيلي تبرز في المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية والاستخباراتية، والاستراتيجية كذلك. إن أطماع إسرائيل في منطقة جنوب شرقي البلاد التي يتم فيها إنشاء مشروع جنوب شرق الأناضول – والذي يعتبر من أضخم مشاريع الشرق الأوسط – كبيرة جداً. ولأهمية هذه المنطقة الاقتصادية فإن إسرائيل تطمع في أن تجعل منها مخزناً ضخماً للغذاء. وإذا ما صحت التقارير التي تتحدث عن احتلال الماء والغذاء موقعاً استراتيجياً في القرن القادم، وأنهما قد يلعبان دوراً كبيراً في السياسة الدولية، فإن أهمية هذا المشروع لا شك ستزيد. إن إسرائيل تحاول استغلال تركيا كقلعة تحتمي وراءها من جهة، وكمفتاح للدخول إلى دول آسيا الوسطى. نأمل أن لا تكون تركيا شجرة الغرقد التي يختبئ وراءها اليهود.
العلاقات التركية الفرنسية والأزمة الأرمينية:
لقد توترت العلاقات التركية الفرنسية في الآونة الأخيرة بسبب المسألة الأرمينية. فقبل أكثر من شهرين قام دميريل بزيارة رسمية لفرنسا استُقْبِل فيها بحفاوة بالغة. وكانت فرنسا تتحدث بلهجة تريح المسؤولين الأتراك. وسبب هذه الحفاوة هو تعهد تركيا شراء ما قيمته (6-7) بليون دولار من الأسلحة الفرنسية إلى العام 2005 وتوقيع مذكرة تفاهم على هذا الأساس. إلا أن الزيارة التي قام بها رئيس الأركان العامة حقي قره داي إلى موسكو لنفس الغرض أغضبت المسؤولين الفرنسيين، حيث ناقش مجلسُ الوزراء الفرنسي مشروع قرار عن عمليةَ القتل الجماعي للأرمن، وتمت المصادقة على هذا المشروع فوراً. وفي حال مصادقة البرلمان الفرنسي على مشروع القرار هذا في 29/6/1998 فإنه سيكون قراراً رسمياً يدخل حيّز التطبيق. وامتعاض المسؤولين الأتراك ليس بسبب الافتراءات الوقحة على الدولة العثمانية، وليس لأنها مسألة عزة، وليس لأن هذه الوقاحة تطول الخليفة عبد الحميد الثاني بوصفه (الرجل الأحمر). بالعكس فإن كل هذه الافتراءات والوقاحات أشاعتها برامج التعليم العلمانية التركية. بل إن الامتعاض يكمن في النتائج السياسية والحقوقية الوخيمة التي قد تتولد جراء هذا المشروع. ومنها:
1- مصادقة بقية دول المجموعة على مشروع قرار مماثل، وبالتالي مصادقة مجلس المجموعة على ذلك ونقله إلى أروقة الأمم المتحدة. وهذا سيشكل ضغطاً كبيراً على تركيا.
2- تشجيع الأرمن على القيام بأعمال إرهابية منظمة.
3- دفع الكثير من الأرمن إلى رفع دعاوى ضد تركيا لدفع دية القتلى، وهذه ما لا تستطيع تركيا دفعها.
4- دفع أرمينيا إلى المطالبة بأجزاء مهمة من تركيا، ما قد يجعل أمر المطالبة هذا أمراً مشروعاً.
كما لاحظنا فإن أرمينيا هي كالقنبلة الموقوتة لمنطقة آسيا الوسطى وتركيا. كما أن أميركا والدول الأوروبية تريد أن تجعل من أرمينيا إسرائيل أخرى، حيث تلهي دول المنطقة بها وتنهب هي خيرات الأمة وثرواتها. وبعبارة أخرى فإن أميركا وأوروبا تريدان اللعب بورقة أرمينيا في منطقة آسيا الوسطى.
علاقة تركيا بالبلقان:
تسعى تركيا في هذه المنطقة إلى تغيير وجهة الأحداث إلى الوجهة التي تنسجم ومصالحها. ولمنع دخول أميركا عسكرياً فإنها تطرح ما تسميه (قوات حفظ السلام في البلقان).
تركيا والأزمة القبرصية:
إن أهمية قبرص الاستراتيجية زادت من حدة الصراع السياسي الدائر. فأميركا لم تستطع حتى الآن فرض نفسها عسكرياً في الجزيرة، كما أنها لم تنجح في طرد القواعد العسكرية الإنجليزية والقوات التركية خارج الجزيرة، وقد فشلت في تنفيذ المخططات التي تهدف إلى ذلك، إلا أنها نجحت في فرض نفسها كطرف مفاوض بحيث لم تعقد جلسة مفاوضات إلاّ ودخلت فيها عَنوة، مع العلم أن أميركا ليس لها أية حقوق تُذكر، فرئيس الطرف التركي رؤوف دنكتاش والرومي (اليوناني) كلاريدس لا يتخليان عن السياسة الإنجليزية. ولهذا السبب نجد أن المبعوث الأميركي الخاص للأزمة القبرصية هولبورك فشل في كل مرة يقدم بها إلى الجزيرة.
وفي الآونة الأخيرة نجد أن اهتمام الروس بالجزيرة ازداد عن السابق. فروسيا كانت تولي للجزيرة أهمية دائماً لما لها من تأثير على السياسة الإقليمية. فإعطاء روسيا صواريخ من نوع S-300 للروم جعل منهم طرفاً في الأزمة القبرصية. وخلاصة الحديث فإن الأشهر القادمة تخبّئُ لنا أحداثاً ساخنة.
هذه هي الخطوط العريضة للسياسة الخارجية لتركيا.
السياسة الداخلية في تركيا
1- لا شك أن السياسة الداخلية لتركيا متأثرة بالسياسة الدولية، وبعبارة أخرى فإن السياسة الخارجية هي التي تتحكم بالسياسة الداخلية. ولذلك فإن الصراع الجاري على السلطة لم ينتهِ. فأحد الأطراف يُسمى ب (الدولة المتجذرة) والطرف الآخر يسمى (العصابات) وهو معروف بولائه لأميركا.
-
الدولة المتجذرة: هي الطرف الذي يستغل إمكانيات الدولة للبقاء في السلطة، وهذا الطرف هو الجيش. ولكي يُثبِّت الجيش نفسه ويجعل نفسه في مأمن فإنه يسعى إلى صياغة الدولة صياغة جديدة ضمن إطار دستوري. أما الأهداف التي يسعى الجيش إلى تحقيقها فهي:
أ- إضفاء الصبغة الدستورية على مجلس الأمن القومي، ومن المعلوم أن كل مؤسسات الدولة هي تحت سيطرة مجلس الأمن القومي. إلا أن هذا الواقع الفعلي تنقصه الناحية الدستورية.
ب- إلحاق كل من جهاز الأمن والشرطة وقوات الوحدة الخاصة ووحدات الاستخبارات بالجيش، الذي يعترف بعدم سيطرته التامة على كل هذه الوحدات، كما أنه يرى في هذه الوحدات خطورة على وجوده. وقد حاول في الأشهر الماضية الإجهاز على كمية من الأسلحة الثقيلة التابعة للشرطة – البوليس – وقوات الوحدة الخاصة، ولكن كل محاولاته باءت بالفشل.
ج– صياغة وضع سياسي جديد للبلاد يجعلها تحت سيطرته تماماً، وذلك بإيجاد حزبين فقط في البرلمان أحدهما يميني والآخر يساري، وبهذا يسهل على الجيش استصدار القوانين التي يريدها.
د- تحقي الاستقرار السياسي من خلال تطبيق النظام الرئاسي النصفي.
ه- إخضاع كل القطاعات التجارية والاقتصادية بمواردها المالية لسيطرة مجلس الأمن القومي.
من أجل تحقيق هذه الأهداف الخمسة لا بد من تغيير الدستور الحالي. ومجلس البرلمان بشكله الحالي لا يمكن له تغيير الدستور إطلاقاً. ولذلك فإن الجيش يهدد دائماً بالانقلاب لتطبيق قرارات 28/2/97. ويبدو أن الجيش قد وضع استراتيجية وحدد زمناً معينين لهذا الغرض. إلاّ أن تحركات (العصابات) من جهة، والصراع المحتدم من غير العلويين بين حفنة العلمانيين اليهود على السلطة حدَّ من هذا كله، فإذا نجح الجيش في رأب الصدع الذي هزَّ كيانه فإنه سيبدأ على الفور في تنفيذ ما يريد، ومظاهر هذا الصدع داخل الجيش هي:
– الصراع والمشاحنات التي حصلت بين أفراد حزب الشعب الجمهوري من غير العلويين في المؤتمر الذي عقده الحزب مؤخراً.
– وجود نفس المستوى من الصراع بين رؤساء جمعيات الأفكار الكمالية.
– السماح للعلويين بتشكيل الأوقاف والجمعيات الخيرية والإدلاء بتصريحات موالية لهم.
– انتشار الإشاعات التي تتحدث عن وجود شرخ جدي بين العلمانيين غير العلويين.
– نَعْتُ رئيس الوزراء مسعود يلماز بعضَ الأطراف بأنها “تستغل الأصولية في صراعها للوصول إلى السلطة”.
– وإذا كان الإعلام يبالغ في حجم الأمر إلاّ أن وجود هذا الصراع لا يمكن إنكاره. وسببه هو الحرص البالغ في الوصول إلى السلطة. وللحد من هذا الصراع فإن الإعلام يتعمَّد المبالغة ب (خطورة الأصولية). والقصد من اللعب بورقة الأصولية تقوية احتمال وقوع محاولة انقلاب للجيش، ووضع الشعب من جهة والبرلمان والأحزاب السياسية من جهة أخرى أمام خيارين لا ثالث لهما:
أ- فإمّا أن تحصل التغييرات في هيكلية الدولة عن طريق الانقلاب العسكري.
ب- وإما من خلال تشكيل حكومة شكلية بعد عملية الانقلاب، وتنفيذ ما يريد من خلال هذه الحكومة المزعومة. وربما يشكل ما يسمى ب (مجلس البرلمان المحافِظ) الغرض منها تغيير الدستور والقانون لصالحه. وقد تجري انتخابات عامة بعدما يتم تغيير قانون الانتخابات. وفي هذه الحالة فإن ورقة التهديد بالانقلاب ستكون بمثابة الفزاعة. ولهذا الغرض يحافظ الجيش على إيجاد التوترات من خلال تنفيذ عمليات الاغتيال أو التفجيرات المتعمَّدة، وكل ذلك بالنتيجة سيؤدي إلى فقدان ثقة الشعب بالبرلمان الحالي.
-
هذا عن الدولة المتجذرة أما العصابات فإنها مستمرة في تنفيذ مخططاتها في مجلس البرلمان من جهة ومؤسسات الدولة من جهة أخرى. فعلى سبيل المثال سعي العصابات هذه في تكوين جبهة »الديمقراطيين« في البرلمان وإيجاد الأرضية المناسبة لحرب داخلية من خلال تغذية الصراع بين السنيين والعلويين، أو بين الأكراد والأتراك، أو بين من هم غير العلمانيين.
أما عن آخر التطورات لحزب العمال الكردستاني: فإن أميركا على وشك التخلي عن اللعب بالورقة الكردية. فقد أوقفت دعمها اللوجستي لحزب العمال الكردستاني وسبب ذلك هو اقتناع أميركا بأن اللعب بهذه الورقة بدأ يعطي نتائج سلبية. وقد قامت تركيا باستغلال هذه الورقة لصالحها، وبحجة التمرد الكردي دخلت تركيا عسكرياً وسياسياً واقتصادياً إلى شمال العراق وفرضت نفسها على جميع الأطراف. كما أن الجيش التركي مستفيد في هذه الحالة من استمرار حالة الطوارئ في شرق وجنوب شرق البلاد ومن تجارة المخدرات أيضاً. كما أن الجيش يزيد من قوته واعتباره من خلال العمليات العسكرية التي يجريها بحجة التمرد الكردي.
2- حرب الإسلام والمسلمين
إن كل الدول الكافرة والطواغيت المعاصرة اليوم قد أعلنتها حرباً شعواء ضد الإسلام، وتتهجم دائماً على الإعلام السياسي. والعصبة العلمانية الكمالية في تركيا تتبع نفس السياسة في هذا المجال. والسبب في ذلك أنهم لا يعتبرون أنفسهم في مأمن تام، من ناحية أخرى فإنهم يعتبرون أنّ الإسلام فيه الخطورة الكبرى على كيانهم. ويمكن تلخيص ما تقوم به السلطة في تركيا في هذا المجال بما يلي:
أ- محاولة تحريف الإسلام وطمس حقيقته وذلك من خلال:
– المزج المتعمَّد بين الإسلام والديمقراطية، وإرغام المسلمين على اختيار الديمقراطية أو الإسلام الموحِّد. وللأسف الشديد نجد الكثير من الناس قد اختار خيار الديمقراطية، وأصبح يردد ألفاظ الديمقراطية ويدافع عنها دفاع المستميت، لا بل وأضحى المرءُ يعتقد أنه لا يقوم بعمل يخالف الإسلام.
– الدعوة إلى التسامح والحوار، ويقصد من هذا دعوة المسلمين إلى التسامح، وبالتالي قتل الشعور والحس الإسلامي، كي لا يتسنى للأمة رفع الظلم والجوْر والفساد والفتنة، والأمةُ التي تتمتع بالحس الإسلامي المرهف تعتبر خطراً على السلطة.
– الادعاءات الواهية أن الإسلام ليس له علاقة بالسياسة، وليس فيه نظام حكم معين. وبهذا يبقى الحكم التعسفي للعلمانيين الكماليين والجمهوريين النظام الوحيد الحاكم بلا منازع، وترغم الأمة على العيش في ظله طول الدهر.
ولإشاعة هذه الادعاءات فإن من الشخصيات »الإسلامية« الرخيصة هي التي تقوم ببث ذلك. وقادة حزب (الفضيلة) لهم دورٌ فعال ومباشر في ذلك، ويشاركهم الدور كثير من أصحاب الطرق والدراويش.
ب- إذلال المسلمين من خلال:
– إقفال كافة الأوقاف والجمعيات التابعة لهم.
– الاستيلاء على أموال الشركات التي يشرف عليها مسلمون، والتهديد بحل هذه الشركات إذا استدعى الأمر. كاعتقال مدراء شركة دوست للضمان المحدودة، وتجميد 300 مليون دولار لشركة (KOMBASAN).
– رفع دعوى ضد رئيس جمعية رجال الأعمال المستقلين، بحجة انه انتقد مشروع التعليم الإلزامي الجديد. وقد رُفعت دعوى أخرى ضده لأنه انتقد المَحاكِم في البلاد عندما قال: “لا يهمنا ما ستتوصل إليه هذه المحَاكِم، إنما يهمنا ما سيكون يوم المحكمة الكبرى”. وتطالب الأوساط الرسمية بحَلِّ هذه الجمعية.
– رفع دعوى ضد رئيس بلدية إستانبول رجب طيب أردوغان، بحجة أنه قرأ شعراً قال فيه: “مناراتنا رماح وقبابنا قبَّعة ومساجدنا ثكنة والمؤمنون عسكر”. وقد اتهمت المحكمة طيب أردوغان وحَكمَتْ عليه بالسجن لمدة عشرة أشهر، ومنْعِهِ من العمل السياسي لمدة خمس سنوات. كما أن المحكمة رفعت دعوى ضده عندما قال أمام المحكمة أثناء محاكمته: “الإسلام هو مرجعي الوحيد”.
– محاكمة رئيس بلدية محافظة قيصري عندما تحدث عن احتفالات زيارة قبر أتاتورك قائلاً: “إني أشترك في هذه الاحتفالات وأنا أبكي دماً” وقال: “على المسلمين أن يُكِنّوا العداء لهم – للعلمانيين -“. وقال أيضاً: “إن تركيا اليوم علمانية، ولكن لا أحد يضمن أن تبقى على علمانيتها غداً”. وقد حكمت المحكمة بحبسه.
– حبس رئيس بلدية مقاطعة سنجان التابعة لأنقرة لأنه احتفل ب (يوم القدس).
– تم إقفال بعض مدارس تحفيظ القرآن ومَنْعِ تحفيظ القرآن للأطفال.
فمثل هذه الأقوال والأشعار أصبحت جرماً وحجة لإذلال المسلمين الذين يبدو أنهم قد أذعنوا لهذه الضغوط وخنعوا لها، وقد أبدلوا دنياهم بآخرتهم. وإذا ما بقي المسلمون على حالهم هذا فإنهم سيكونون من الخاسرين – معاذ الله -.
لاحظنا من ذلك كله أن الكفار قد أعماهم الغرور، وقد وصلت الوقاحة بهم إلى أنهم أفسدوا في الأرض وصدوا الناس عن سبيل الله وأضلوهم وأهلكوا الحرث والنسل. وسبب ذلك كله هو عدم وجود الكتلة التي تعمل على إظهار الحق وإزهاق الباطل، أي غياب دولة الخلافة الراشدة. وللتخلص من هذا الوضع المزري، على الأمة أن تعمل على إقامة الدولة الإسلامية. يقول الله تعالى : (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الْأَرْضُ) [البقرة:251].
ويقول الله تعالى: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج:40] .
2016-09-26