تلويث مياه الشرب في عمّـان جريمة من جرائم (اتفاقية السلام)
2016/09/26م
المقالات
2,684 زيارة
تلويث مياه الشرب في عمّـان
جريمة من جرائم (اتفاقية السلام)
في 9/8/1998م قدم وزير المياه والري الأردني، منذر حدادين، استقالته من منصبه، إثر جريمة تلويث مياه الشرب في محطة (زي) للمياه، بعد أن أرسل الملك حسين رسالة لشقيقه الأمير حسن ادعى فيها أن الخلل الذي سبب التلوث كان في ترك (الفلاتر) على خط المياه حتى وصلت إلى حالة العجز عن أداء واجبها، وبعد تقرير اللجنة المشتركة (الزراعة والصحة والبيئة) حول تلوث المياه، الذي تبين أنه ناتج عن تغيير نوعية المياه القادمة من طبريا، المحملة بالمواد العضوية والطحالب بكميات كبيرة جداً، لم تكن المحطـة مؤهلة لاسـتقبالها، اسـتعداداً لتغيير نوعية المياه القادمة.
وباستقالة وزير المياه والري تكون الدولة، وعلى رأسها الملك وشقيقه ولي العهد، قد اختارت كبش فداء لجريمة تلويث المياه، فأسكتت كل من نقد وهاجم سياسة الدولة في هذا الموضوع، من نواب وفعاليات ومواطنين، وكأن شيئاً لم يكن… وبدأوا المطالبة بترحيل الحكومة الحالية، والإتيان بحكومة وطنية جدية بمواصفات معينة، وصاحب ذلك كيل المديح للملك ولنائب الملك لأنهما تابعا المشكلة وعملا على حلها، وأمرا بتشكيل لجنة لمعرفة المسببين ثم معاقبتهم.
إن هذه التمثيلية تتكرر بعد كل جريمة في الأردن، وذلك للتستر على المسبب الفعلي والحقيقي، ولتضليل الشعب الأردني، فتسليم الضفة الغربية لليهود عام 1967م سببها، كما قال الملك، هو الواقع العربي السيئ. وفك الارتباط بين الضفتين كان بضغط من الأشقاء العرب والفلسطينيين. والوضع الاقتصادي المتدهور كان سببه الانشغال في الحروب مع اليهود و… وأخيراً كان سبب تلوث مياه الشرب هو (الفلاتر) وتقصير بعض المسؤولين، وهكذا دواليك… فكان الكذب والتضليل، في كل هذه الأسباب، هو الأساس.
إن الحاكم المخلص لشعبه يكون عيناً ساهرة على رعاية شؤونهم، ولا سيما الحاجات الأساسية، كالمأكل والمشرب والأمن والمسكن والملبس، فكيف بالماء الذي هو من مقومات الحياة، والذي يجب أن تتحقق فيه المواصفات القياسية للماء الصالح للشرب، وذلك بدوام مراقبة صلاحيته للاستهلاك البشري… أين هذه الصفات من صفات الحاكم الذي وافق في اتفاقية وادي عربة الخيانية، على النص التالي، الوارد في الملحق المتعلق بالمياه: “… مقابل موافقة الأردن لإسرائيل بضخ الكمية الإضافية شتاءً المبينة في الفقرة (1/ب)، توافق إسرائيل على نقل مياه للأردن خلال فترة الصيف مقدارها 20 مليون متر مكعب من نهر الأردن، من مكان يقع مباشرة قبل بوابات دجانيا على النهر، ويدفع الأردن نفقات التشغيل والصيانة لهذا النقل…”، فالنص لم يعين نوعية المياه البديلة للمياه النقية التي تأخذها (إسرائيل) من نهر اليرموك… فأي حاكم هذا الذي يعطي المياه النقية، من نهر اليرموك في الشتاء، ليسقي شعبه مياه الصرف الصحي (المجاري) الملوثة بغائط اليهود؟!… في حين يشرب هو وحاشيته المياه النقية الصحية، المنقولة جواً من فرنسا على حساب شعبه الفقير!
إن مياه دجانيا مياه غير صالحة للشرب بعد تنقيتها، لأنها تحتوي على مواد معدنية، ومخلفات بشرية (غائط) أعلى من النسب المسموح بها لمياه الشرب، وإن معالجتها بالكلورين يضاعف سوء طعمها ورائحتها، إذ يتفاعل الكلورين مع المركبات العضوية فيها ليعطي مركبات ضارة جداً، تعد علمياً من المواد السامة، وبعضهم يعدها من المواد المُسَرْطِنة.
لقد ثبت مخبرياً أن المياه القادمة من طبريا هي سبب التلوث، بينما الوزير المستقيل كان قد نفى ذلك مراراً، والملك يصور أن الخلل في قدم (الفلاتر)، بينما الخبراء يقولون بأن الماء يظل ملوثاً وضاراً بعد (الفلترة) كما جاء في تقارير شركة (ستانلي).
ولقد ثبت أن المشكلة بدأت منذ 2/7/98 ولم تحظ باهتمام رأس النظام إلا في 7/8/98، فهل كان الشهر غير كافٍ لكشف سبب التلويث (لا التلوث)، في حين أن الأجهزة الأمنية في الأردن تسارع للبطش بمن يحاسب الملك أو يفكر في محاسبته خلال بضع ساعات أو أقل، كما حصل في معان، وفي اعتقال بعض حملة الدعوة، وفي ملاحقة من يدعو إلى مقاتلة اليهود.
ولقد ثبت أن الأحواض المائية في الأردن كافية لإمداد سكانه بالماء شرباً وزراعة، فحوض الديسي – مثلاً – الذي مساحته حوالي (600) كم مربعاً، يؤخذ منه سنوياً (75) مليون متر مكعب للزراعة من قبل فئة قليلة منتفعة، مع العلم أن مياهه من أنقى المياه الصالحة للشرب في العالم، وقد سمح لليهود في أرض وادي عربة الأردنية أن يستخرجوا من مياه هذا الحوض للزراعة، في حين منعت الدولة الأردنيين المحاذين لليهود من استخراجها.
إن الدولة في الأردن تحرص على إرضاء اليهود وخدمتهم، وتضغط على الشعب الأردني لحسابهم، بل تعمل علناً وبكل جدية لتمكينهم من الاستيلاء على الأردن باسم تفعيل عملية (السلام)، وباسم الاستثمار والمدن الصناعية المشتركة… واليهود بدورهم يحرصون على الاحتفاظ بثروات الأردن ومياهه الجوفية لتكون احتياطياً مستقبلياً عندما يستولون عليها. وقد ظهر اهتمامهم بمياه المنطقة قبل اغتصابهم فلسطين، فقد صرح (هرتزل) في مؤتمر (بازل) عام 1897م عن دولة اليهود المنتظرة قائلاً: “إن المؤسسين الحقيقيين للأرض الجديدة القديمة، هم مهندسو المياه”، وطالبوا عام 1919م بجعل حدود فلسطين تشمل منابع نهر الأردن ونهر اليرموك ونهر الليطاني، وقال أحد خبرائهم حديثاً: “إن تحقيق السلام في المنطقة يتطلب وضع مصادر المياه، في الجولان وجنوب لبنان والضفة والقطاع تحت السيطرة الإسرائيلية نهائياً”.
أيها المسلمون!
يجب أن لا يخطر على بالكم أن حكام الأردن الذين يوالون اليهود ويتخذونهم أصدقاء، مخالفين بذلك قوله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ)، يجب أن لا يخطر على بالكم أبداً، أن مثل هؤلاء الحكام يعملون لمصلحة المسلمين. ويجب أن لا تنطلي عليكم أكاذيبهم وألاعيبهم التي مرروها ومارسوها عليكم بأساليب متنوعة. فتلويث مياه الشرب في عمان أمر خطر جداً، قد اشترك فيه حكام الأردن واليهود منذ توقيع اتفاقية وادي عربة الخيانية، لأن الطرفين كانا يدركان واقع مياه طبريا، والتي تظل حاملة للمواد السامة والمسرطِنة ولو عولجت بالكلورين. وإن الوزراء والمدراء والمسؤولين، ما هم إلا أدوات لتنفيذ ما يريده رأس النظام. وإن معالجة الأمر لا تكون باستقالة أو إقالة حكومة أو وزير، ولا بمعاقبة موظف أو مسؤول، وإنما تكون بتغيير هذا النظام الفاسد واجتثاثه من جذوره.
أيها المسلمون!
إلى متى تظلون مستكينين، تَسْتَجْدون (بركات السلام) التي وعدكم بها رأس النظام، والتي كان آخرها شربكم للمياه الملوثة بغائط اليهود؟!
إننا نطلب منكم أن تستجيبوا لأمر الله تعالى وتعملوا معنا لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة، بالطريقة الشرعية التي فرضها الله على المسلمين، لتغيير هذا الواقع الفاسد، لكي تعيشوا أعزاء، متمتعين بخيرات بلادكم، ولكي تنالوا رضوان الله تعالى في آخرتكم، قال تعالى: (وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) .
20 من ربيع الثاني 1419هـ
الموافق 12/ آب /1998م
2016-09-26