هل الأميركان مُحَرِّضون على الإرهاب؟
1998/10/26م
المقالات
1,753 زيارة
على مدى السنين القليلة الماضية، تزايد إحساس الأميركان بخطر مخفي. لقد أصبح الإرهاب مصدراً دائماً للخوف عند كثير من المواطنين في الداخل والخارج. ويصرح الأميركان معلنين الحاجة لحماية أنفسنا من الإرهابيين الأشرار حول العالم. وهذا يجعلنا في الواقع مجموعة من المخادعين.
أزف إليكم هذا الخبر: ربما تكون الولايات المتحدة أكبر مرتكب للإرهاب والنشاطات المتعلقة به في هذا القرن. ماذا؟ هل صُـعقتم لذلك؟ هل تظنونني معتوهاً، أو هبِّيّـاً طويل الشعر محباً للسلام؟ حسناً، فكروا ثانيةً.
لم تقم حكومتنا بتنفيذ العمليات والانقلابات الإرهابية وحسب، ولكننا ـ فوق ذلك ـ موّلناهم، وتغاضينا عنهم، وقتلنا ببساطة كمية هائلة من الناس من شعوب أخرى من أجل مصلحتنا. مع ذلك ـ وبكل أمانة ـ، لا توجد لديّ شخصياً مشكلةٌ في ذلك.
الولايات المتحدة هي الدولة الأقوى في العالم، وعلينا الاحتفاظ بحقنا في دفع مصالحنا لدى أية دولة أخرى، حتى لو اضطررنا لاضطهاد بعض الناس في سبيل ذلك. ولكن علينا كمواطنين أن نعلم أننا نرتكب الصنف نفسه من الجرائم الذي يرتكبه الإرهابيون، وإلا فإننا سنفاجأ بمن يخبرنا بذلك في يوم من الأيام.
إذاً، أنتم تتساءلون من أين أتيت بفكرة أن شعبنا قد اقترف أفعالاً شريرة؟ حسناً، لنضرب أمثلة جيدة.
أولاً، لنتحدث عن إندونيسيا. سوهارتو ـ الذي خلع مؤخراً ـ وحكومته قدموا إلى السلطة عن طريق قتل 500.000 يساري في تيمور الشرقية. وهذا على الأقل ما أعلنه سوهارتو وزمرته. وفي الحقيقة، كان أولئك (اليساريون) مجموعة من المساكين وجدهم سوهارتو في الطريق لتحقيق هدفه.
من أين تظنون أن سوهارتو حصل على الأسلحة؟ إنها الولايات المتحدة الأميركية (المحترمة!)، وقد تعامينا عن جميع ذلك عند حدوثه. لقد بدا أن نظاماً بزعامة سوهارتو سيفيد تطلعاتنا، أو على الأقل تطلعات قادتنا السياسية في آسيا، ولذلك تعامينا عما حصل.
لماذا؟ لأننا نرغب في التمكن من إرساء قواتنا البحرية في المياه المقابلة لتيمور الشرقية. وهذا عظيم من الناحية الاستراتيجية: أفضل القوات البحرية في العالم، بصواريخها بعيدة المدى، قريبة جداً من روسيا والصين وكوريا الشمالية ـ دفاعنا القومي على أفضل ما يرام.
ألم تتساءلوا من قبل لماذا يكرهنا الإيرانيون لهذه الدرجة؟ ربما لأننا ساعدنا في خلع حكومتهم ووضعنا مكانها الشاه الألعوبة. نعم، إن لم تعلموا من قبل، لقد أطحنا بالقوة بتلك الحكومة ووظفنا شخصاً لمصلحتنا. وهذا عظيم بالنسبة لنا، لأننا امتلكنا شخصاً في وسط آسيا يمكننا التحكم به خلال الحرب الباردة. ولكنهم عندما تخلصوا من الشاه، وجاء آيات الله إلى السلطة، ليس مستغرباً أن يميل الإيرانيون لشيء من الانتقام.
بمناسبة الحديث عن الانقلابات، هل سمعتم من قبل عن «مدرسة أميركا» الموجودة في فورت بنينغ في ولاية جورجيا؟ في تلك المدرسة نقوم بتعليم إرهابيين وشرطة وضباط جيش من أميركا اللاتينية كيف ينفذون كل أنواع القبائح من أجل الحفاظ على النفوذ الأميركي لدى تلك الدول.
ألا تبدو هذه المدرسـة مشـابهة للمدرسـة التي فجرناها في أفغانستان (يعني معسكر ابن لادن). لقد ساعدنا في الإطاحة بحكومات وذبح المئات، حتى إن ذلك لم يكن سراً. وإذا أردتم المزيد من المعلومات فالموقع التالي على الإنترنت (www.soaw.org) سيجيب عن معظم تساؤلاتكم.
وعلى أية حال، عن طريق ذلك حافظنا على سلطتنا وسـيطرتنا على نصف الكرة الأرضية هذا. ولا زلنا إلى اليوم نمتلك تأثيراً واضحاً على أميركا اللاتينية وأميركا الجنوبية، وذلك التأثير يفيدنا يومياً.
كمثال محدد على تدخلنا في الشؤون الداخلية لأميركا اللاتينية، لنأخذ نيكاراغوا. لقد مولنا جماعة الكونترا الإرهابية المسلحة، كي تطيح بحكومة الساندنستا المنتخبة قانونياً. لماذا؟ لأن الساندنستا أرادوا تطبيق بعض السياسات الشيوعية. بالإضافة إلى الحديث المعهود حول نظرية الدومينو والرعب الهائل من الشيوعية، فإن ما فعلناه كان التطبيق العملي الأمثل لمبدأ مونرو. إنه القدر الذي لا يرد!
وبناء على ذلك، انتصر أصدقاؤنا الإرهابيون، وتلاشت حكومة الساندنستا. وبذلك نقص عدد الحكومات الشيوعية التي تقلق حكومتنا. والنتيجة حكومة عميلة أخرى في تلك المنطقة المهمة من العالم. وهذا بكل تأكيد في صالح دولتنا ومواطنيها.
خلال مطلع القرن، قتلنا مئات الألوف من الناس ـ فقط من أجل التجارة. أين؟ بالطبع في الفليبين. فبينما كنا نتوسع ونمد أذرعنا المتنامية ضمن حقل نفوذنا، أدركنا بالتالي كم كانت الفليبين قاعدة ممتازة للتجارة.
وبدلاً من عقد الاتفاقيات مع حكومة الفليبين، قمنا ببساطة باستعمارها. في الواقع، بوجود فرنسا في فيتنام، وبريطانيا في كل مكان، كان علينا أن نجد موطئ قدم في جنوب شرق آسيا بأي ثمن. لقد كان قتل كل أولئك الناس الخيار الأفضل في نظر حكومتنا. إن المال هو الذي يتحدث، وعندما شحت المصادر، تحدث المال داعياً لإيجاد التجارة ومصادر الثروة.
ما أريد أن أقوله في الأساس إنه ما من شعب بريء من الإرهابيين. نحن نكره الإيرانيين بسبب ما فعلوه بنا، وهم يكرهوننا للسبب نفسه، نحن لسنا أفضل منهم. ولكننا نمتلك الحق، لأننا نستطيع النجاح فيما نفعله.
إن واقع العلاقات الدولية مشابه جداً لساحة يلعب فيها أطفال من الصف الرابع. الطفل الأضخم والذي يمكنه التغلب على بقية الأطفال يحصل على نقودهم. ما يحصل هو أن بقية الدول عادية بطول أربعة أقدام، بينما نحن بالوراثة طفل طوله سبعة أقدام ويزن 250 باونداً (100كغم)، فلا أحد يجرؤ من الأطفال على المساس به، ولكنهم يقذفونه من الخلف بالحجارة.
نحن لا نضـع في الاعتبـار إلا مصـالحنا القومية العليا. أو على الأقل ما نحسب أنه مصالحنا العليا. بالضبط مثلما تفعل طالبان، وكما يفعل الفلسطينيون، وكما يفعل الليبيون. لذلك لا تتصرفوا بتعالٍ وعجرفة، ظناً بأننا أخلاقيون فيما نفعله .
(الوعـي): نشر هذا المقال في صحيفة (دياموند باك) التي يصدرها طلاب في جامعة ميريلاند بتاريخ 13/10/98.
1998-10-26