كلمة أخيرة احتجـاجـات في المناسـبات
1999/04/25م
المقالات
1,482 زيارة
رافق الضربة الأميركية للعراق التي وقعت قبل حلول شهر رمضان المبارك، موجة من المظاهرات والاحتجاجات تشبه البركان الذي ينفجر فجأة، بالرغم من أن بعضها كان مُسيّراً ومُسيّساً، إلا أنها ذات فائدة كبيرة، ولها دلالات معبرة عن مدى الاحتقان الذي يعتمل في صدور أبناء الأمة الإسلامية تجاه الصلف الأميركي، وتعبّر عن مدى توق الأمة للانعتاق من التبعية المزمنة التي تعيشها البلاد الإسلامية منذ عشرات السنين، وهذا هو الجانب الإيجابي الذي ينبغي الاعتراف به.
أما الجانب السلبي الذي يجب تجنبه والابتعاد عنه فهو عدم الاكتفاء بمظاهرات المناسبات، وعدم الاكتفاء بالجانب التنفيسي للمشاعر المكبوتة والاكتفاء فقط بردّات الفعل حينما يكون الاعتداء كبيراً والضجيج الإعلامي قوياً وتهييج (الجماهير) في أوج شدته.
ونعيش هذه الأيام ضربات أميركية شبه يومية للعراق فيما يشبه حرب الاستنـزاف ولكن «الجماهير العربية» التي حركوها والتي تحركت وحدها لم تحرك ساكناً، لماذا يا ترى؟ فهل تتجزأ الكرامة، وما يسمونه خطأ «السيادة»؟ أم نعتبرها منتهكة إذا كانت الضربة قوية جداً، وغير منتهكة إذا كانت ضربة متوسطة الحجم أو صغيرة الحجم. إن الانتهاك وحدة واحدة لا تتجزأ سواء كان بواسطة أطنان من المتفجرات أم بواسطة أسراب من الطائرات، أم بواسطة طائرة واحدة تخترق الأجواء لثوانٍ فقط ويجب أن تُشجب وتُرفض وتُستنكر وتُقاوم.
والأهم من ذلك كله القواعد الأميركية البحرية والبرية الموجودة في بلاد المسلمين ابتداء من دول النفط العربية وانتهاء بباقي دول العالم الإسلامي والتي تواجه بسكوت مطبق من الشعوب والأنظمة ووسائل الإعلام وكأنها قدر محتوم، أو أمر واقع لا بد منه، أليس في هذا الوجود انتهاك صارخ لما يسمونه «السيادة»؟ ولماذا هذا الصمت المريب تجاه استعمار جديد، واحتلال جديد، وتفريط «بالسيادة المزعومة» لا يعادله انتهاك، فماذا يختلف هذا عن القواعد البريطانية التي كانت تنتشر على بقاع شتى من العالم الإسلامي، والتي كانت هدفاً دائمياً للاحتجاجات والانتقادات حتى تفكيكها؟!
لا شك: أن الواجب الشـرعي يتطلب اتخاذ موقف غير الصـمت الذي يخيّم على الموقف الذي يسود الآن .
1999-04-25