درس من مراحـل الدعـوة
1999/05/25م
المقالات
2,141 زيارة
يقول الحق تبارك وتعالى مخاطباً رسوله عليه السلام: (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يُهلك إلا القوم الفاسقون )- الأحقاف/35. وقال: (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون )- الروم/60.
قبل البداية بموضوع الحديث نقول: إن كتاب الله “القرآن الكريم” هو إشعاع نور وهداية ورحمة لأمّـة الإسلام وللبشرية جمعاء حتى تقوم الساعة، وذلك بما حوى من بيان لكل شيء: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين )- النحل/89. وبما حوى من عبر وقصص لمن سبق من الأنبياء والأمم. فهو بحق كما وصفه الحق تبارك وتعالى نور: (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً )- النساء/174، وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدىً ورحمة للمؤمنين )- يونس/57.
هذا الكتاب خاطبت آياته الكريمة الرسول عليه السلام في مرحلة حرجة من مراحل الدعوة، في مرحلة الدعوة الأولى في مكة المكرمة قبل التمكين والاستخلاف في الأرض. في هذه المرحلة عاش الرسول عليه السلام ومعه خيرة البشر من المؤمنين الذين اتبعوه، حياةً صعبة في المواجهة وفي الإمتحان والابتلاء والاختبار. ففوق الإيذاء الشديد من قبل صناديد مكة وساداتها، كانت قلوب المؤمنين تتلهف للنصر، للتمكين والاستخلاف في الأرض، حتى تشفى صدورهم، وحتى يستريحوا من هذا الضنك الشديد والعذاب المضني. وانتظر الرسول عليه السلام ، وانتظر أصحابه رضوان الله عليهم ثلاثة عشر عاماً متتالية، تعرضوا فيها للحصار في شعب أبي طالب، وتعرضوا فيها للتعذيب في صحراء مكة الملتهبة، وهاجروا مرتين إلى الحبشة هرباً بدينهم وعقيدتهم.
فكيف عالجت الآيات القرآنية نفسيات المؤمنين في هذه المرحلة، وكيف كانت خاتمة الأمر؟ لقد عالجت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتنـزلة على لسان الرسول الكريم نفسيات المؤمنين بثلاثة أساليب:
الأول: كانت آيات الكتاب المتتابعة تتحدث عن مسائل في العقيدة كمسألة الرزق والأجل والقدر، فتخبر الرسول عليه السلام وأصحابه معه أن الله هو الرازق كقوله تعالى: (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين )- الذاريات/58، وقوله: (وكأيّن من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم )- العنكبوت/60، فمهما حاصرتكم قريش في شعب أبي طالب أو منعت عنكم الطعام والشراب فإن رزقكم آتيكم رغم أنفها: (وفي السماء رزقكم وما توعدون )-. وتخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن الله هو الذي يحي ويميت وأن الأجل بيده لا بيد قريش ولا بيد ساداتها كقوله تعالى: (ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )- الأعراف/34، وقوله: (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون )- العنكبوت/57. فرغم العذاب والاضطهاد لن تموت نفس منكم إلا إذا استوفت أجلها.
وتخبر الرسول كذلك أن الأمر كله لله، فلن ينالكم نصبٌ ولا أذى إلا وقد قدّر عليكم، كقوله تعالى: (لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون – بنصر الله) الروم/4 ـ 5.
بالإضافة إلى ذلك كانت الآيات والأحاديث تهوّن أمر الدنيا مقابل الآخرة، فتخبرهم أن الدنيا هينة على الله، وأنها دار عبورلا قرار، وأن هذا العذاب كله لا يقابل غمسة نعيم واحدة في الجنة، وأن الله قد جعل مصير المؤمنين في جنات الخلد، وجعل مصير هؤلاء المردة الكفرة من صناديد قريش في نار جهنم. وكذلك كانت الآيات تصف النعيم وتصف الجحيم، كقوله تعالى: (فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه – إني ظننت أني ملاق حسابيه – فهو في عيشة راضية – في جنة عالية – قطوفها دانية – كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية – وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه – ولم أدر ما حسابيه – يا ليتها كانت القاضية – ما أغنى عني ماليه – هلك عني سلطانيه – خذوه فغلوه – ثم الجحيم صلّوه – ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه – إنه كان لا يؤمن بالله العظيم )- الحاقة/19ـ33.
أما الأسلوب الثاني والذي كانت تتنـزل به الآيات لتلطيف الجو ولتهوين الأمر على الرسول وصحبه، فهو قصص الأنبياء السابقين وكيف حملوا مشعل النور، كيف واجهوا أقوامهم، وكيف آذوهم واضطهدوهم تماماً كما اضطُهد المسلمون والرسول صلى الله عليه وسلم معهم، وكيف كانت الخاتمة في الدنيا قبل الآخرة، ولمن كانت العاقبة.
ولقد كانت الآيات تركز على أولي العزم من الرسل، حيث خاطب الحق تبارك وتعالى رسوله بأن يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل وبشّره بأن العاقبة ستكون له كما كانت لهم: (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين )- هود/49. وأشهر تلك القصص التي هونت الأمر على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه قصة نوح وإبراهيم وموسى عليهم السلام جميعاً.
ففي قصة نوح مثلاً، عرض الحق تبارك وتعالى مشاهد الكبر التي كانت تقفها نفسيات الكفار أمام مشاهد الصبر والإيمان والاحتساب عند الله التي وقفها نوح عليه السلام مع قومه غير مكترث بما يلاقي في سبيل ذلك، فدعا قومه عليه السلام ألف سنة إلا خمسين عاماً: (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون )- العنكبوت/14، حتى إذا رأى منهم جحوداً بعد أجيال متعاقبة خاطب ربه قائلاً: (قال ربّ إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً – فلم يزدهم دعائي إلا فرارا – وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرّوا واستكبروا استكبارا – ثم إني دعوتهم جهارا – ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا )- نوح/5 ـ 9، فأمره ربه أن يصنع الفلك: (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون )- هود/37. وحتى في هذه المرحلة لم يسلم نوح من شرهم، قال تعالى: (ويصنع الفلك وكلما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون – فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم )- هود/38ـ39. حتى إذا جاء أمر الله، حتى إذا جاء نصر الله، ورفْعُه للإيمان ومحْـقُه للكفر، قال مخاطباً نوحاً عليه السلام: (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل – وقال اركبوا فيها باسم الله مجريها ومرسها إن ربي لغفور رحيم) هود/40 ـ41.
ثم تختتم قصة نوح عليه السلام بمخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين: (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين )- هود/49. أي اصبر يا محمد ومن معك فإن الله ناصرك وجاعل العاقبة لك ولمن حولك من المؤمنين.
وكذلك قصة موسى “كليم الله” عليه السلام مع فرعون، فيها من العبر والعظات الشيء الكثير، فهي قصة طاغية متجبر يبحث عن الحق ليطفئه بجبروته، ويأبى الله في نهاية الأمر إلا أن يطفئ نار فرعون وضلاله وجبروته، وأن يتم نوره في الأرض. قصة متجبر في الأرض يبحث عن وليدٍ سيحمل الحق بالوحي والرسالة ليقتله وهو يتربى داخل قصره في أحضانه وأحضان زوجته. قال تعالى واصفاً بداية القصة: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين – فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين – وقالت امرأة فرعون قرتُ عينٍ لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون )- القصص/7ـ9.
وتربى موسى في بيت فرعون: (ألم نربّك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين )- وبُعث موسى عليه السلام، وعاد إلى فرعون، ومكّن الله له في الأرض مع بني إسرائيل من بعد ضعف واستضعاف وإذلال. قال تعالى: (ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين – ونمكّن لهم في الأرض ونريَ فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) القصص/5 ـ 6. لقد كانت العاقبة للتقوى كما قال تعالى على لسان موسى وهو يبشر قومه بحسن العاقبة في الدنيا: (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين )- الأعراف/128.
أما الأسلوب الثالث، فهو البشارات التي تبشر المؤمنين مع رسولهم عليه السلام أن العاقبة هي للتقوى، ففي كل قصة، أو خلال سردها كانت الآيات تخبر الرسول عليه السلام أن العاقبة هي لك ولأتباعك، وستظهرون على أعدائكم كما ظهر إبراهيم على النمرود، وكما ظهر نوح، وكما ظهر موسى، وكما ظهر غيرهم من الأنبياء والمرسلين. وكان الوحي كذلك ينـزل بالبشارات على لسان الرسول عليه السلام بأن العاقبة هي للتقوى، هي لهم وليست لقريش ولا لأعوانهم من العرب. وليس أدل على ذلك من بشارته عليه السلام لخباب بن الأرت عندما جاءه على رأس وفد من الصحابة بعد أن أكلت السياط لحومهم، ولهيب الصحراء وجوههم، وبعد أن طال النصر عليهم، فقال خباب رضي الله عنه: ألا تدعو لنا، ألا تستنصر لنا يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «… والله ليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون» رواه البخاري. وصدق الله ورسوله، فبعد رحلة اضطهاد وعذاب وعنت، وصبر وإيمان ومصابرة استمرت ثلاثة عشر عاماً، لاقى فيها المسلمون ما لاقوا، وهاجروا مرتين إلى الحبشة، وحوصروا وجوعوا. صدق الله وعده فكانت الدولة، وكانت العزة، وكان التمكين في الأرض كما مكن لمن سبقهم من أنبياء ورسل، وأصبح الراكب يسير من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه، بعد أن فتحت مكة وفتحت الحجاز، وفتحت الشام، والمدائن، وفارس والروم وغيرها.
وإن لنا نحن المسلمين هذه الأيام وخاصة حملة الدعوة، لدرساً بليغا في هذا، وخاصة أننا نعيش مرحلة مشابهة لتلك التي عاشها صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين، قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )- الأحزاب/21.
فالمسلمون بشكل عام، وحَمَـلَـة الدعوة بشكل خاص في كرب شديد، في ضيق، في اضطهاد وعذاب ومشقة وعنت، ينتظرون النصر من الله بفارغ الصبر، وهم صامدون ثابتون على دينهم كالنخلة الباسقة التي لا تؤثر فيها رياح ولا أعاصير. ولا نبالغ إذا قلنا إن الأذى الذي يلحق بحَمَـلَـة الدعوة اليوم هو أكبر وأشد من الأذى الذي لحق بالرسول عليه السلام وأصحابه، وذلك أنهم كانوا يجدون على الحق أعوانا ونحن لا نجد على الحق أعوانا، فليس لنا إلا الله وكفى به وكيلا.
فيا حملة الدعوة الأبرار إنكم على الحق وإنكم على الإيمان، وإن سنة الله باقية لا تتغير ولا تتبدل حتى يرث الله الأرض ومن عليها: (فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلاً )- فاطر/43. فالله تعالى هو الذي بشر الأنبياء والرسل ممن سبق الرسول عليه السلام بالنصر، وقد بشر الرسول عليه السلام كذلك، وأظهرهم الله ونصرهم ومكن لهم في الأرض وأنجز وعده: (ومن أوفى بعهده من الله) التوبة/111. وقد بشركم رسولكم عليه السلام وبشركم ربكم في قرآنه أن العاقبة هي لكم، بعموم الآيات التي وردت في نصره الحق وتأييده كقوله تعالى: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون – هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون )- التوبة/32ـ33. وقوله: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد )- غافر/51. وكقوله عليه السلام: «إن الله زوى (أي جمع وضم) الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها» رواه الإمام أحمد عن ثوبان. وقال بعد أن سئل أي المدينتين تفتح أولاً القسطنطينية أم رومية، فقال صلى الله عليه وسلم: «مدينة هرقل تفتح أولاً»، يعني القسطنطينية. رواه أحمد. ولم تفتح روما بعد، وإن شاء الله ستفتح قريباً بعد قيام دولة الإسلام (الخلافة) التي بشر بها عليه السلام حيث قال: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت» رواه أحمد.
وقبل أن نختم موضوعنا نقول مخاطبين المخلصين من أبناء هذه الأمة من حملة المشعل الإلهي، من حملة الإيمان والحق:
l إنه لا بد قبل النصر من الإيمان، ولا بد للإيمان من الاختبار والابتلاء والامتحان، وبعدها يكون النصر والفرج، بعد الصدق والثبات على الحق، ولا يضير ذلك ضعف ولا قوة، فيأتي الفرج من الله حتى ولو كان حملة الدعوة ضعفاء مسـتضعفين في الأرض وعدوهم قوياً متغطرساً. قال تعالى بشأن الابتلاء: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون – ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) العنكبوت/2ـ3.
l إن هذا الدين بذرة حية، وأرض الله واسعة، ولا ندري بأي أرض تقع هذه البذرة، وأي أرض طيبة سوف تحتضن شجرة الإيمان الطيبة، كما احتضنت مدينة الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن يدري لعل الله يهيء أناسا لا نعلمهم لنصرة أصحاب الحق واحتضانهم.
l إن الجزاء الحقيقي، الجزاء الأوفى هو في الدار الآخرة وليس في دار الدنيا: (ثم يُجزاه الجزاء الأوفى )- النجم41، فقد حمل رئيس الكتلة مشعل الهداية، ولم يقدر له الله أن يرى ثمرة عمله في الدنيا، ولكنه سيرى ثمرة عمله طيبة عند ربه في دار الجزاء الأوفى، وحتى لو قامت الدولة وكانت العزة، فليس هذا هو الجزاء الأوفى من الله، بل هو جائزة الدنيا، وثمرة الصبر والإيمان في دار الدنيا.
فالآيات القرآنية التي تحدثت عن الجزاء وعن النصر جعلته بشرى للمؤمنين وثمرة طيبة ينالونها في الدنيا، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم – تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون – يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم – وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين )- الصف/10ـ13.
l إن الثبات على المبدأ، والالتزام بالفكرة وأحكامها، والاستقامة على الطريق، وعدم الانحراف عنها قيد شعرة، هو الشرط الأساس للنصر. فحذار من الانحراف أو التجاوب مع نصيحة صديق يريد لكم الخير، ويحاول أن يحميكم من كيد الظالمين والكافرين، وهو في حقيقة الأمر يسهّـل لكم الانحراف، وفي ذلك الخسران المبين في الدنيا والآخرة. قال تعالى مخاطباً رسوله الكريم: (واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك) المائدة/49.
نسأل الله تعالى أن تكون العاقبة لنا في الدنيا كما كانت لرسولنا عليه السلام ومن سار معه، وأن تكون العاقبة لنا في دار الجزاء الأوفى. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
أبو المعتصم
عزون ـ بيت المقدس
1999-05-25