الديمقراطية خدعة غربية وهدفها تفتيت المجتمع… وإشهار الأحزاب بعيداً عن الإسلام سيزيد الطين بلة
2007/12/25م
المقالات
1,914 زيارة
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية الكويت حسن الضاحي:
الديمقراطية خدعة غربية وهدفها تفتيت المجتمع…
وإشهار الأحزاب بعيداً عن الإسلام سيزيد الطين بلة
أجرت جريدة السياسة الكويتية الصادرة في 30/10/2007م مقابلةً صحفيةً مع حسن الضاحي رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية الكويت، ركزت فيه على الحزب وإشهاره أكثر مما ركزت على أفكاره. ويذكر أن هذه المقابلة أتت بعد حوالى الشهرين من اعتقال شباب حزب التحرير في الكويت بسبب محاولتهم القيام بنشاط يتعلق بمناسبة هدم الخلافة الإسلامية منذ 86 سنة، ووقوفهم موقفاً صادقاً يشهد لهم به إن شاء الله تعالى. ويبدو من طبيعة الأسئلة الموجهة إليه أنها من آثار هذه الاعتقالات. ومما جاء فيها:
أكد عضو حزب التحرير حسن الضاحي أن أرضية الكويت السياسية مهيأة لإشهار الأحزاب السياسية، لافتاً إلى أن المجتمع بحاجة إلى أحزاب تعمل على نهضة المجتمع بالإسلام، لا أحزاب تكون وبالاً يزيد الطين بلة على ما يعانيه المجتمع من تأخر.
وقال الضاحي، في حوار لـ”السياسة”، إن إشهار الأحزاب لا يفتت المجتمع الكويتي، فالتفتت حاصل أصلاً قبل إشهار الأحزاب.
وأضاف الضاحي: إن حزب التحرير ليس حزباً كويتياً ولا مصرياً ولا إندونيسياً ولا باكستانياً ولا تركياً، مؤكداً أن حزب التحرير يضم في صفوفه جميع المسلمين لا يفرق بين الأعراق والأجناس والألوان، وإليكم التفاصيل.
الأحزاب غير المشهرة
– بداية ماذا تقول بشأن الأحزاب السياسية في الكويت التي تمارس أعمالها دون إشهار؟
– بدايةً لا بد أن أقر حقيقة، وهي أن وجود الأحزاب وإقامتها ليس عملاً سياسياً يقتضيه الواقع فحسب، بل إن إقامة الأحزاب السياسية حكم شرعي أصله كتاب الله عز وجل وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسيرة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
ويرجع ذلك إلى قول الله عز وجل في آل عمران: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران 104]، وكما قال الإمام الطبري في تفسير (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ) أي جماعة تدعو إلى الإسلام وإلى شريعة محمد، وتأمر بأوامر الله وتنهى عن كل ما يخالف شريعته.
أما سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرة صحابته رضوان الله عليهم فإنه كان واضحاً أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتل الصحابة حوله في دعوته لإقامة الدولة الإسلامية، وظل هذا التكتل بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام تكتل الصحابة، وقد حافظ سيدنا عمر (رضي الله عنه) على وجود هذا التكتل داخل المدينة، وكان يرفض تفرق الصحابة خارجها.
كل هذا يبين لنا أن وجود الحزب أو الأحزاب ليس بدعةً جديدةً؛ لذلك لا ضير في وجود أحزاب سياسية تقوم بالمراقبة والمحاسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شريطة أن تكون قائمة على أساس الإسلام، أي العقيدة الإسلامية، وهذا ما يؤكده تفسير الآية (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) أي الإسلام.
فإذا كان الحزب أساسه الإسلام وطريقته سياسية فكرية قائمة على العقيدة الإسلامية فلا ضير من وجوده.
إلى عصر الخلافة الراشدة وتكتل الصاحبة أو حزب الصحابة كان موجوداً، ولكن بعد أن تحول الحكم إلى ولاية عهد، وعدم تبني علماء المسلمين لمسألة تشكيل الأحزاب، مع العلم أنهم لم يقصروا في محاسبة الخلفاء والحكام، فإنهم كانوا واعين تماماً على فرضية المحاسبة والمراقبة، وقد ضربوا لنا أروع الأمثلة في المحاسبة، من أمثال الإمام أحمد، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جيبر، وسفيان الثوري، وغيرهم الكثير من علمائنا الأفاضل رحمهم الله.
– كأنك تقول إن المحاسبة من خلال الأحزاب أهم من المحاسبة الفردية، كيف ذلك؟
– الموضوع ليس شيئاً أهم من شيء فالمحاسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على المسلمين، سواء الأحزاب أو الأفراد.
وهناك الكثير من الأدلة الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمحاسبة، وكلها أوامر عامة للمسلمين، سواء أكانوا أحزاباً أم أفراداً، إلا أن وجود الأحزاب يجعل فكرة المحاسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متواجدة في المجتمع، فلا تندثر مع ذهاب الأفراد. فالمحاسبة من خلال أفراد تنتهي بانتهاء الفرد كما حصل مع علمائنا السابقين، أما الحزب القائم على فكر سياسي، ويتخذ طريق المحاسبة والمراقبة والدعوة للالتزام بأحكام الشرع يُوجِد في المجتمع روح العمل الجماعي والحزبي مما يترك الأثر على الحكومات والسلطات، فمن الطبيعي أن الحكومات لا تنظر للأحزاب كما تنظر لأفراد الشعب، لأن أثر الأحزاب أقوى بكثير من أثر الأفراد أو العمل الفردي.
ضرورة الإشهار
– هل ترى ضرورة إشهار الأحزاب في الكويت؟
– الأحزاب والجماعات موجودة في الكويت وظاهرة ومعروفة، والضروري هو ليس إشهار الأحزاب لأنها موجودة أصلاً وتعمل، بل الضروري في الموضوع هو ماهية هذه الأحزاب، ما هي الأفكار التي تحملها وتدعو لها؟ ما وسائلها في العمل؟ وما مدى توافق كل ذلك مع الإسلام؟ وهل وجودها وإشهارها سيؤدي إلى نهضة في البلد أم إلى شكل سياسي جميل من دون نتيجة حقيقية تعود بالفائدة على أهل البلد وغيرهم من المسلمين؟ هذا ما يجب أن نصبَّ اهتمامنا عليه في مناقشة هذا الموضوع، فما الفائدة من إشهار الأحزاب إذا كانت تدعو للحريات والرذيلة وهدم القيم الإسلامية وتشكك في عقيدة المسلمين، لذلك ما أراه هو ضرورة الالتزام التام بشروط الآية التي ذكرتها سابقاً حين تشكيل جماعة أو حزب، ليكون وفق أوامر الله ونواهيه، يؤدي إلى نهضة سياسية وفكرية في البلاد والعباد، لا الإشهار لمجرد الإشهار.
– في حال إشهار الأحزاب فهل ستعملون على إشهار حزب التحرير؟
– حزب التحرير ليس مخفياً أو سرياً لكي نعمل على إشهاره، فحزب التحرير منذ أن تأسس عام 1953م وهو معلن بوجوده وبأفكاره وبغايته وهي إقامة الخلافة الراشدة، ومعروفة لدى الجميع طريقته السياسية الفكرية، وهذا لأننا نعتبر أن العمل السري حرام ولا يجوز شرعاً، وهو مخالف لسنة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالرسول عليه الصلاة والسلام حين كان يدعو في مكة أتاه الأمر بالصدع وعدم البقاء في السر، (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) [الحجر 94]، وعندما جمع الصحابة حوله لم تكن جماعتهم سرية بل ظاهرة للعيان. وأخذهم وطاف بهم الكعبة بشكل علني بعيد كل البعد عن السرية والغموض؛ لذلك فحزب التحرير مشهر ومعلن. هذا أمر، أما موضوع الإشهار الذي تطرقت إليه في سؤالك فأنا أدرك أنك تقصد تنظيم عملية الأحزاب بشكل قانوني وترخيصها وما إلى ذلك، أقول إن القوانين الحالية لا تمنع أقامة الأحزاب، والسكوت عنها وعدم تنظيمها لا يعني منعها البتة، أما إن استجد أمر على هذا الموضوع وكأنه سيستجد فوضعت قوانين جديدة لتنظيم تشكيل الأحزاب أو ترخيصها أو غيرها من النظم في هذا الموضوع فسنتقدم كحزب سياسي يدعو إلى تطبيق أحكام الإسلام بالوسائل السياسية الفكرية السلمية.
المرأة والأحزاب
– كيف ترى عمل المرأة في مجال الأحزاب السياسية؟
– الخطاب الذي وجهه الله عز وجل للأمة خطاب عام، لم يحدد فيه الرجل دون المرأة حيث قال: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ) والمحاسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها أعمال فرضها الله على المسلمين بخطاب عام يشمل المرأة والرجل، فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر» وهذا خطاب عام لم يخصص فيه الرجل دون المرأة، وسيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحابته خير دليل على ترجمة أوامر الله عز وجل في المحاسبة من قبل النساء. يروى أن إحدى نساء المدينة أتت إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقالت له أنا أتيتك أمثل من ورائي من النساء، وعمر وقفت له امرأة حاسبته في تحديده للمهور.
لذلك فللنساء أن يحاسبن ويأمرن بالمعروف وينهين عن المنكر، ولهن أن يكنّ أعضاء في أحزاب سياسية، ولكن لا بد من مراعاة أحكام الشرع في التعامل مع النساء في موضوع الاختلاط والخلوة واللباس الشرعي وغيرها من الأحكام الشرعية.
– وغير المسلمين هل لهم نصيب في الأحزاب برأيك؟
– الإسلام أخي الكريم ليس نظاماً للمسلمين فقط، بل هو نظام للبشرية جمعاء، أتى ليحكم البشر جميعاً بأحكام الله، لذلك تجد رعايا دولة الخلافة الراشدة ليسوا مسلمين فقط بل كل من يعيش في كنفها يكون من رعاياها، وإن بقي على دينه؛ لأن الله حرم أن يكره أحد على اعتناق العقيدة الإسلامية، ولغير المسلمين حقوق أعطاها لهم الإسلام، روي عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «من آذى ذمياً فأنا خصمه»؛ لذلك لرعايا دولة الخلافة من غير المسلمين الحق في المطالبة بحقوقهم ومحاسبتهم الدولة في تطبيق الإسلام عليهم، ويكون ذلك عن طريق الأفراد منهم أو عن طريق الأعضاء منهم في مجلس الأمة؛ لأن في الإسلام يجوز لغير المسلمين أن يكونوا أعضاء في مجلس الأمة، ويكون لهم حق الشكوى من ظلم الدولة عليهم، إذ لهم حق المحاسبة فيما يخصهم من تطبيق الدولة لأحكام الإسلام إن حدث سوء تطبيق عليهم.
أما موضوع الأحزاب فإن دليل إقامتها هو الآية الكريمة في آل عمران: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ) ومنكم هنا في الآية عائدة على المسلمين لأن بداية الخطاب كانت في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران 102] إلى أن يصل إلى قوله: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ) الأمر الآخر أن الآية حددت عمل الحزب بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) والخير هو الإسلام والمعروف هو أوامر الله والمنكر هو مخالفتها، ولا يدعو إلى الإسلام ويأمر بأوامر الله وينهى عن مخالفتها إلا المسلم.
وفي النهاية يقول الله عز وجل: (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) والفلاح لا يوصف لغير المؤمنين الذين يعتقدون عقيدة الإسلام؛ لذلك فلا يجوز لغير المسلمين أن يشكلوا أحزاباً أو جماعات أو تنظيمات، ومن جانب آخر فإن الإسلام قد ضمن حقوقهم وسطرها في أحكامه وأعطاهم حق الشكوى والمحاسبة في مجلس الأمة.
الانتماءات الخارجية
– ما رأيك في بعض الأحزاب التي لها انتماءات خارجية؟
– إن كنت تقصد بالانتماءات الخارجية الارتباط بالغرب فهذا لا يجوز حتماً، لأن الغرب لا يريد خيراً بالمسلمين، والله سبحانه وتعالى حذرنا ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الانسياق وراءهم، قال عز وجل: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) [البقرة 105] لذلك أي جماعة أو حزب يكون له انتماء للغرب هو خطر على الأمة الإسلامية وعلى بلاد المسلمين.
– عفواً أردت من الانتماءات الخارجية معنى آخر، وهو الأحزاب التي تكون موجودة خارج الكويت ولها أعضاء في الكويت كحزب التحرير أو الإخوان مثلاً.
– أنا لا أفضل استخدام كلمة انتماءات خارجية؛ لأن الانتماء يكون للإسلام، وأي انتماء لغير الإسلام هو انتماء باطل؛ لذلك وجود أعضاء الحزب في أكثر من مكان في العالم هذا ليس انتماء خارجياً، بل هو وحدة فكرية أساسها العقيدة الإسلامية، وكونك ذكرت حزب التحرير كمثال فأقول لك بأن حزب التحرير ليس حزباً كويتياً، ولا مصرياً، ولا إندونيسياً، ولا باكستانياً، ولا تركياً، مع أن أعضاءه موجودون في كل هذه البلدان وغيرها؛ لأن حزب التحرير قام على العقيدة الإسلامية ويضم في صفوفه جميع المسلمين، ولا يفرق بين الأعراق والأجناس والألوان، امتثالاً لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى»، فكون أن هناك أعضاء للحزب منتشرين في كل أنحاء العالم هذا لا يعني أن للحزب انتماءات خارجية.
دعم خارجي
– هناك اتهامات بأن حزب التحرير يتلقى دعماً مالياً خارجياً، فما ردكم على ذلك؟
– أقول إن البينة على من ادعى، فمن يتهمنا هذا الاتهام الخطير فعليه بالبينة، وأذكركم أنتم كجهة إعلامية بقول الله عز وجل: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات 6] أخي، كل من له أدنى معرفة بالحزب يدرك أن حزب التحرير ليس له أي ارتباطات خارجية، وليس له أي علاقات مع تنظيمات أخرى، ولا يتعامل مع الحكومات ولا مع دول الغرب، فحزب التحرير ليس مدعوماً من أحد، ولا يقبل أي تمويل من غير شبابه؛ لذلك يحرم الحزب على نفسه أي دعم مالي من خارج الحزب.
الديمقراطية الكويتية
– هل صحيح أن الديمقراطية الكويتية لا تكتمل إلا بإشهار الأحزاب؟
– السؤال هل هناك ديمقراطية كويتية أصلاً؟ أخي الكريم، الديمقراطية ليست كويتية، بل هي غربية رأسمالية، أما الكويت فهو بلد من بلاد المسلمين وليس من بلاد الغرب، وأهله مسلمون وليسوا رأسماليين، لذلك لا يمكن أن تكتمل الديمقراطية في الكويت، لا بإشهار الأحزاب ولا غيرها، فالديمقراطية خدعة غربية أتوا بها إلينا لننسى شريعة الله عز وجل، وبنفس الوقت الغرب يدرك أننا لا يمكننا أن نكون مثله بالديمقراطية، فنكون كمن نسي مشيته ومشية الحمامة، وبذلك نكون خلف الركب متخلفين عن المجتمع الدولي، وهذا ما يصبو إليه الغرب أن يجعلوا المسلمين خلفهم تابعين لهم حتى يدخلونا جحر الضب.
الصبغة الإسلامية
– هناك من يطالب بإشهار الأحزاب شريطة ألا تكون ذات صبغة إسلامية فما رأيك؟
– أقول قول الله تبارك وتعالى: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) [البقرة 138] أنا أستغرب من مسلم يطالب بإزالة صبغة الإسلام من الأحزاب، صحيح أنه لا يجوز أن تكون الأحزاب أحزاباً دينية كهنوتية منعزلة عن معالجات الواقع ورعاية الشؤون، ويجب أن تكون أحزاباً سياسية تتبنى قضايا الأمة وتطالب بحقوقها، إلا أن هذا لا يعني أن تنسلخ هذه الأحزاب من الإسلام، بل لابد أن يكون الأساس الذي يقوم عليه أي حزب هو العقيدة الإسلامية لأننا مسلمون نشهد الشهادتين، ولا يجوز لنا أن نقوم بأي عمل ليس من الإسلام، فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» فالأصل أن تكون المطالبة هي بإشهار الأحزاب شريطة أن تكون قائمة على العقيدة الإسلامية وليس غير ذلك.
تفتيت المجتمع
– قيل إن إشهار الأحزاب معناه تفتيت المجمتع الكويتي، فهل ترى ذلك؟
– ليس إشهار الأحزاب من يفتت المجتمع الكويتي، فالأحزاب الآن ليست مشهرة ومع ذلك ترى هذا التفتت بارزاً في المجتمع، من الذي فرق المجتمع إلى حضر وبدو؟ ومن الذي فرقهم إلى سنة وشيعة؟ ومن الذي فرقهم إلى قبائل ونزعات ونعرات؟ ومن الذي فرق الناس إلى تجار وعاديين، إلى أصليين وغير أصليين؟ وإلى وإلى…. المجتمع أخي الكريم تفتت أصلاً قبل إشهار الأحزاب، وإشهار الأحزاب بأوضاعنا هذه قد يزيد الطين بلة، والسؤال: لماذا هذا التفرق والتفتت؟ وببساطة أقول إن السبب هو الديمقراطية، عندما ارتبطت المصالح والمنافع المادية بكرسي البرلمان وأصبحت العضوية تشريفاً لا تكليفاً، وأصبح الكل يتهالك عليها لا لخدمة الناس والمحاسبة وخدمة دين الله، بل لتحقيق المنافع والمصالح الشخصية له ولمن هم حوله، فأصبحت كل فئة من المجتمع تريد أن تصل إلى هذا الكرسي للحصول على لقمة، من هنا كان التفرق الذي انتقل بدوره إلى أسوار الجامعة والكليات، فتجد التفرق بين الطلبة على أساس العرق والأصل والمذهب وغيره؛ لذلك فأس التفرقة موجود وهو الديمقراطية التي جعلت الحياة كلها مادة ومنفعة ومصالح، وإن أشهرت الأحزاب على ما عليه المجتمع حتماً ستزيد التفرقة والتفتت بين فئات الناس.
أما لو نظرنا إلى العلاح الرباني عندما جعل المسؤولية أمانة «إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة»، وجعل المحاسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرضاً وليس مصلحة ومنفعة، «والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم» إن الإسلام لم يفرق بين الشعوب بل آخى بينها، ولم يجعل للعرق والنسب والمال قيمة أمام التقوى، يقول عليه الصلاة والسلام مخاطباً أهله: «لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم يوم القيامة».
– صراحة، هل ترى أن الأرضية الكويتية السياسية مهيأة لإشهار الأحزاب؟
– كل بلد من بلاد المسلمين مهيأ لأن توجد فيه أحزاب، لأنه أمر مفروض على المجتمعات، ولكن أرضية سياسية بعيدة عن الحكم الشرعي، مع إشهار أحزاب لا تقوم على أساس العقيدة الإسلامية سيأخذ المجتمع الكويتي إلى الوراء ولن يتقدم. أما وجود أحزاب سياسية تتخذ طريقة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) طريقة لها في الدعوة، وتقوم بمحاسبة الحكومة على أساس الإسلام وتدعو لتطبيقه بدل الأنظمة الرأسمالية، فهنا ستكون النتيجة إيجابية، وهذا ليس كلاماً غريباً، فالناس في الكويت ليسوا منعزلين عن أمتهم الإسلامية، بل هم جزء منها لا يتجزأ، والأرضية السياسية في الكويت لاتختلف كثيراً عن أي أرضية سياسية في أي بلد من بلاد المسلمين، والمسلمون في الكويت وخارجها يتوقون لتطبيق الإسلام، لذلك فأرضية الكويت السياسية مهيأة لأحزاب سياسية تعمل على نهضة المجتمع بالإسلام لا أحزاباً تكون وبالاً تزيد الطين بلة على ما يعانيه المجتمع من تأخر.
الأحزاب والمحاسبة
– كثيراً ما تذكر عمل الأحزاب بأنه المحاسبة، فهل ترى فرقاً بين المحاسبة والمعارضة؟
– نعم هناك فرق كبير، فالإسلام ليس فيه معارضة، لأن الإسلام ليس نظاماً من تأليف البشر فأختلف أنا معك عليه، بل هو نظام رباني، أنا وأنت وكل من يشهد الشهادتين قبلنا به نظاماً للحياة، ومأمورون بالتزام أحكامه، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) [الأحزاب 36]. فالدولة في الإسلام دولة الخلافة تحكم بأحكام الإسلام، وبنظام الإسلام وبدستور مستنبط من كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا يجوز أن يعارض ذلك أحد، ولكن في الإسلام تكون هناك محاسبة على التزام الدولة والخليفة وباقي حكام الدولة بتنفيذهم لأحكام الإسلام، وتكون المحاسبة لضمان عدم الحيد عن اتباع الأحكام الشرعية في شؤون الدولة؛ لذلك الإسلام لا يجيز التعددية؛ لأنه لا يجوز أن توجد أحزاب أو جماعات على غير أساس الإسلام كأحزاب شيوعية أو رأسمالية أو ملحدة، وهذا يختلف اختلافاً كاملاً عن النظام الديمقراطي؛ لأن النظام الديمقراطي من تأليف البشر، ومن الطبيعي أن يختلف البشر في اختيار أنظمة حياتهم، واعتبرت حرية العقيدة فيه شيئاً مقدساً، لذلك تظهر أحزاب شيوعية وإسلامية ورأسمالية وملحدة، ما أوجد أفكاراً تضلل المجتمع والناس، لذلك تجد الأحزاب تظهر بشكل معارض للحزب الحاكم في الدول الديمقراطية على النظام البشري الحاكم الذي يمكن تغييره من قبل البشر، وأغلب هذه المعارضة تكون من أجل المعارضة لا من أجل الإصلاح أو الارتقاء في المجتمع.
2007-12-25