لماذا لا تستقر ديمقراطيتهم على حال؟

لماذا لا تستقر ديمقراطيتهم على حال؟

l الديمقراطية في تركيا تحرسها حراب العسكر، والعلمانية أيضاً تحرسها الحراب نفسها، والسياسيون والعسكر منخرطون في لعبة القط والفأر منذ عدة عقودٍ خلت، والناس في حيرة من أمرهم، من يناور من؟ فهل يصدق عاقل أن العسكر يريدون عودة الإسلام إلى المجتمع والسلطة على حساب اختفاء العلمانية من الوجود؟! ومن يصدق أن العسكر لا يستطيعون مواجهة السياسيين؟ وأن السياسيين تغلَّبوا على العسكر، وأن العسكر لا حول لهم ولا طول؟

l إن من يراقب مهزلة (الديمقراطية) في كثير من البلدان الإسلامية يدرك أن هذه الديمقراطية تشبه صنم التمر الذي كان يصنعه أهل الجاهلية ويسجدون له، ثم لا يلبثون أن ينقلبوا على من سجدوا له ثم يفرطوه ويلتهموه.

l حصلت انتخابات قبل عامين في كل من فلسطين المحتلة (الضفة وغزة) ولبنان وتركيا، ولا نريد أن نوسع دائرة الأمثلة، وقيل يومها إنها ديمقراطية جداً جداً، ونزيهة جداً، وحرة جداً، وكذلك في العراق المحتل حصلت انتخابات تحت حراب المحتل الهمجيّ، وقيل حينها إنها حرة ونزيهة وديمقراطية، وحضرها ممثلون من دول الغرب «الديمقراطي» جداً، وكذلك حصل في انتخابات فلسطين ولبنان، ولكن ماذا حصل؟

l بعد مرور أشهر على انتخابات فلسطين ولبنان انفجرت صراعات ظاهرها على الأكثرية والأقلية، وعلى ما يسمى «حكومة وحدة وطنية» وعلى مصداقية تمثيل من نجحوا في الانتخابات للناس، وعلى مشروع قيام الدولة واختفاء مشاريع «الدويلات» كما قيل، وبدأت الأصوات تطالب بتعجيل قيام انتخابات جديدة قبل أن يجف حبر الانتخابات القديمة. أما في العراق فلم تكد تمضي شهور قليلة على تسلّم المالكي حتى انفجرت الصراعات وفرق الموت الديمقراطي وتوالت الاتهامات بين أفرقاء جماعة أميركا، وبدأت الانسحابات من الكتل والأحلاف، وبدأت الأصوات تعلو منادية بانتخابات جديدة. وفي تركيا رفض العسكر ترشح مرشح حزب العدالة لرئاسة الجمهورية، ونادى البرلمان العلماني بانتخابات برلمانية مبكرة في تموز القادم، وهكذا تستمر (الديمقراطية) من نجاح إلى آخر، فوسِّعوا لها الأبواب، وارفعوا نعشها على الأكفّ!