الأمم المتحدة منبر يدعو إلى الفساد: تحرير المرأة وتحديد النسل سلخ للمرأة المسلمة عن دينها
2009/08/21م
المقالات
2,381 زيارة
الأمم المتحدة منبر يدعو إلى الفساد:
تحرير المرأة وتحديد النسل سلخ للمرأة المسلمة عن دينها
عصام الشيخ غانم
تتعرض المرأة المسلمة وكذلك البنية الاجتماعية للمجتمعات في البلدان الإسلامية إلى حملة شرسة تقودها الأمم المتحدة ودول الغرب الكبرى تهدف إلى تفكيك الأحكام الشرعية من بنية الأسرة المسلمة بعدة وسائل. وتحت عناوين براقة من تمكين المرأة وتقوية وتعزيز دورها في المجتمع تنفذ الأمم المتحدة رؤية الدول الاستعمارية الكبرى في ضرب أفكار الإسلام بين المسلمين، تقوم بذلك بتعاون لا حدود له من حكومات الكرتون القائمة في بلدان المسلمين مشيعةً الفوضى الأخلاقية لا سيما وسط قطاع الشباب والشابات. ومن أجل النجاح في هذه الحملة المستمرة تقوم بإغداق الدعم المالي والسياسي للمؤسسات التي أنشئت في البلدان الإسلامية خصيصاً لتنفيذ توصيات الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة وتحديد النسل. وإذا كان الغرب المنبهر بإنجازاته العلمية والمدنية خلال القرن العشرين يراقب جهود سلخ المسلمين عن دينهم بشكل عام ومنه المسائل المتعلقة بالمرأة، فإنه يقوم بذلك بنفسه وبتعاون محلي ولكنه واقع الآن تحت وطأة شيخوخته الحضارية وأمام معالم واضحة لبروز العملاق الإسلامي.
إن الأمم المتحدة هي أداة الدول الكبرى الفاعلة على المسرح الدولي لتنفيذ سياساتها عبر الأمم في العالم، ويخطئ من يظن أنها تمثل أمم الأرض قاطبةً، وبذلك يتم إزالة الغشاوة الأولى في فهم واقع هذه المؤسسة التي من صالح الدول الكبرى أن تسميها دولية، ويكفي لتأكيد ذلك موقف هذه الهيئة الدولية من فلسطين وضربها بعرض الحائط بموقف الأمة الاسلامية. وبشكل أكثر توضيحاً فإن سياسة وتوصيات الأمم المتحدة لا تكون إلا خدمةً لأميركا أولاً والدول الأوروبية الغربية لا سيما بريطانيا وفرنسا ثانياً. والمسألة قيد البحث تمثل رؤية هذه الدول في قضايا المرأة، وبعيدأ عن العواطف الجياشة ضد هذه الدول الأعداء، فإنه يجب فهم ظروف الهجمة الغربية ضد المرأة المسلمة والعوامل التي تزيدها شراسةً من أجل مقاومتها والحيلولة دون تخريبها للبيت الإسلامي.
يمكن تقسيم الحملة الغربية للنيل من القيم الاجتماعية للمرأة المسلمة إلى مرحلتين، فالحملة الأولى كانت في إطار الاندفاع الغربي لملء الفراغ الشامل الذي تركه هدم الكفار لدولة الخلافة العثمانية والذي استمر عقوداً عبر القرن العشرين، فكان الغرب يهدف إلى إحلال القيم الغربية مكان القيم الإسلامية الموروثة، ولكن الغرب الفخور بقيمه ونجاحاته المدنية لم يشغل نفسه بالقيام بالحملة ضد المرأة المسلمة بنفسه، وذلك راجع إلى كثرة المفتونين من أبناء الأمة الإسلامية بالغرب، فقد كان هؤلاء يقومون بالتحريض ضد الأعراف والتقاليد الشرعية الموروثة عن العصور الإسلامية الأولى عبر ثلاثة عشر قرناً، وعلى الرغم من تأصل الأعراف والتقاليد الاجتماعية الإسلامية والتي تضبط علاقة الرجل بالمرأة بالأحكام الشرعية إلا أن ظروف ضعف المسلمين وغياب الحامي لهم ووقوعهم تحت الاستعمار وعملائه قد مكنت تلك الحملة من النجاح، لا سيما في بث الاختلاط وسفور النساء في معظم المدن الإسلامية وامتدت إلى الأرياف. وقد أخذت هذه الحملة تنتكس شيئاً فشيئاً في النصف الثاني من القرن العشرين وذلك ببروز التيارات الإسلامية وعودة المسلمين رجالاً ونساءً لتطبيق الأحكام الشرعية الفردية، وما أن انتهت ثمانينات القرن الماضي وانهارت حركات اليسار في هزات ارتدادية لانهيار الاتحاد السوفياتي حتى رأى الغرب تعاظم مظهر الحجاب وعودة العفة في البلدان الإسلامية مع تعاظم قوة التيارات الإسلامية، وأدرك الغرب بأن الكثير من العوامل قد تغيرت وأنه بحاجة إلى الانخراط بنفسه في حملة ثانية ضد المرأة المسلمة.
أما العوامل التي تغيرت، فأولها ضعف تيار المتأثرين بالثقافة الغربية في العالم الإسلامي، وتزايد النظرة السلبية للمسلمين تجاه الغرب على أثر الانكشاف الكبير للسياسات الغربية الرامية إلى إضعاف الأمة الإسلامية لا سيما أمام اليهود وفي العديد من القضايا الأخرى، ناهيك عن إجهاض الغرب لكل محاولات الوحدة بين الأقطار الإسلامية؛ فظهر للقاصي والداني عداء الغرب للأمة الإسلامية بكافة شعوبها، وأصبحت هذه النظرة متأصلة لدى المسلمين. وأما العامل الثاني فهو بروز فتوة المجتمعات في البلدان الإسلامية بارتفاع نسب الشباب والتزايد السكاني الهائل أمام شيخوخة غير خافية في المجتمعات الغربية وتراجع حجم القوى العاملة، فكان من هذه الزاوية لا بد من القيام بحملة تهدف إلى ضرب أحكام الإسلام الداعية للإنجاب وإكثار النسل، وفي هذا الجانب يقول فرانك نوتشتين رئيس لجنة الإسكان في الأمم المتحدة إنه يجب ” إعداد برامج للحد من النمو السكاني في نصف الكرة الجنوبي -أي البلاد الإسلامية وأميركا اللاتينية-، وإلا فإن التقدم الاقتصادي في هذه الأصقاع سيؤدي إلى قيام عالم في المستقبل تتحول فيه الدول المسيطرة حالياً إلى أقلية يتضاءل وزنها باطراد، ويقل بالتالي باطراد نصيبها من ثروة العالم، وتقل قدرتها على التحكم فيه. إن تحديدنا لسياستنا القومية نحو المناطق المتخلفة يجب أن يتحقق في ضوء هذه الحقيقة”.
وفي هذا الاتجاه نفسه كتب جان كلود شسنيه -مدير المعهد الوطني للدراسات السكانية بباريس-” إن أوروبا تواجه غلبة المسلمين عليها والأفارقة، مع اتساع الفجوة السكانية والاقتصادية بين شمال البحر المتوسط وجنوبه، فمع تركز الثراء في الشمال الأوروبي سيتحرك الناس من الجنوب إلى الشمال .. وفي الجنوب ستبزغ قوى فتية بفضل الزيادة في حجم سكانه التي تبعث الحيوية، وفي المقابل فإن قوى الشمال الهرمة ستذوي مع النقص في عدد السكان”. وفي نفس الاتجاه تصب رؤية هنري كيسنجر وهو صاحب النظرة الاستراتيجية في أميركا بأن الزيادة السكانية في سبعة أقطار إسلامية تمثل تهديداً للأمن القومي الأميركي، ورأى أثناء توليه منصب مستشار الأمن القومي الأميركي بوجوب التركيز على تخفيض السكان في هذه البلدان ورسم وتنفيذ البرامج اللازمة لذلك. وتجدر الإشارة أن البلدان الأوروبية خاصة تعاني من تناقص حاد في المواليد في العقود الماضية، وأن اوروبا تقف أمام حقيقة أن شبابها قد انتهى بنهاية حملة المواليد الكثيفة التي شهدتها بعد الحرب العالمية الثانية، وهي تلجأ الآن إلى استقدام القوى العاملة من الخارج ورفع سن التقاعد فيها من أجل تدوير عجلة النمو الاقتصادي.
وإذا ما قرن ذلك بالمخاطر الأيديولوجية التي يمثلها صعود الإسلام من جديد على الحضارة الغربية، فإن الدول الغربية قد أعدت العدة لحملة أخرى تحارب بها المرأة المسلمة بصفتها عنواناً للزيادة السكانية وقوة الأسرة وتماسك المجتمع في البلدان الإسلامية. فأخذت الأمم المتحدة والدول الكبرى وعبر برامج مختلفة ومؤتمرات دولية تنعى على المرأة المسلمة جودة التناسل واصفةً إياها بأنها مجرد مصنع لإنتاج الأطفال في الوقت الذي تخصص فيه الدول الغربية حوافز كبيرة للنساء الغربيات المنجبات للأطفال وتزيد في رعايتهن تشجيعاً للتناسل، وفي هذه الأثناء تدعو النساء المسلمات إلى الإجهاض وتعاطي موانع الحمل، وشنت الأمم المتحدة عبر مؤسساتها المتعددة مثل لجنة مركز المرأة التابعة للأمم المتحدة وصندوق الأمم المتحدة للسكان وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة والمعهد الدولي للبحث والتدريب من أجل النهوض بالمرأة، شنت هجوماً جنونياً على الأحكام الشرعية التي تضبط استقرار الأسرة الإسلامية. فمن أجل منع الإنجاب ومن أجل محاربة الأحكام الشرعية عملت مؤسساتها على بلبلة الأسرة المسلمة، فنادت بحرية المرأة الجنسية خارج الزواج وشجعت عليها، ودعت المرأة إلى الاختلاط بالرجال كما كان واضحاً في وثيقة المؤتمر الدولي للسكان والذي عقد خصيصاً في القاهرة سنة 1994م، كما وصورت هذه المؤسسات بأن قوامة الرجل على المرأة إنما يفرضها ضعف المرأة الاقتصادي وليس الأحكام الشرعية والفطرة التي فطر الله الخلق عليها، فدعت المرأة إلى العمل جنباً إلى جنب مع الرجال ومنافسة الرجال في أسواق العمل، بل وحضت المؤسسات المحلية على توازن الوظائف بين الرجال والنساء تحت عنوان جندرة المؤسسات، وأخذت المؤسسات الدولية المانحة تقيس جدارة المؤسسات المحلية في البلدان الإسلامية والمؤهلة لتلقي دعمها المالي بمقياس الجندر، حيث تريد أن تجعل مسألة تحرير المرأة وإخراجها عن طاعة زوجها وأبيها قضيةً للمؤسسات الكثيرة التي تعتاش على التسول من الدول المانحة والتي أخذ العالم الإسلامي يعج بها.
وبالطبع فإن هذه السياسة المعادية للإسلام لا تفتقر إلى الدهاء من أجل الولوج والتأثير في مجتمعات البلدان الإسلامية، فهي ترفع شعارات تمكين المرأة وتقويتها وفتح فرص العمل أمامها تحت شعار قديم جديد بأن نصف المجتمع معطل، أي النساء، وقد فرضت توصيات الأمم المتحدة ومن خلفها الدول الغربية تبني الحكومات المحلية لقوانين تحدد الكوتة النسائية في المجالس المحلية والتشريعية في انتخابات بعض البلدان الإسلامية، ومن المفارقات التي تبين أن هذه الدول إنما تتقصد بلبلة وضع المرأة في البلدان الإسلامية فإنها، أي الدول الأوروبية وأميركا، لا تفرض كوتا نسائية محددة في بلدياتها وبرلماناتها. وأما تحديد النسل فقد عنونته تحت شعارات تنطلي على السفّة من الناس أي مقاومة الفقر والصحة الإنجابية. وأمام الحواجز الإعلامية التي ينصبها عملاء الغرب الحاكمون في البلدان الإسلامية أمام الدعوة الإسلامية فإن كثيرين يظنون بأن رعاية طفلين أنجع من رعاية ستة أطفال وأبعد عن العوز، فباستطاعة الأهل توفير ظروف أفضل لعدد قليل من الأطفال متغافلين عن عقيدة الإسلام التي تجزم بأن لكل فرد رزقه وأن الرازق هو الله. وأما الصحة الإنجابية فمنها شنت الأمم المتحدة الحرب على الزواج المبكر الذي يحض عليه الإسلام، وتحت شعارها يشجع الإجهاض وتنشر بين الناس موانع الحمل المختلفة وبأسعار زهيدة.
وأما الجندر ذاك الاصطلاح الذي اخترعه المؤتمر الرابع للمرأة الذي عقدته الأمم المتحدة في بكين سنة 1995م فقد أصبح منارةً لترويج الأمم المتحدة ومؤسساتها للإباحية الجنسية بين الشواذ، وكذلك للدعوة لمساواة المرأة بالرجل مساواةً تامة في كل شيء، ودعوةً لنبذ المرأة للولاء للأب والزوج، وتحريراً لها من أي ستر يستر عورتها، وبذلك أصبحت الأمم المتحدة ومعها مؤسسات الدول الغربية المانحة منبراً كبيراً لاشاعة الفساد في العالم الإسلامي بكثرة المؤتمرات التي تعقدها خصيصاً للمرأة ولتحديد النسل، وأصبحت هذه المؤسسات جبهةً تقاتل ضد القيم الإسلامية التي تعتبر المرأة عرضاً يجب أن يصان، وذلك عن طريق تشجيع شباب وشابات المسلمين على السقوط في مهاوي الرذيلة بتوصياتها المباشرة المخالفة للأحكام الإسلامية، ومناداتها بسفور المرأة وحريتها الجنسية، ومناداتها بكسر الحواجز الدينية والثقافية في زواج المسلمات من الكفار.
إن هذه المؤسسات الكافرة تصور المجتمع في البلاد الإسلامية بأنه سجن يفرضه الرجال على النساء، وكأن المجتمع في حالة صراع بين الجنسين، متناسيةً بأن الإسلام الذي حرم الزنا على النساء حرمه كذلك على الرجال، وأن الاسلام الذي منع النساء من الاختلاط قد منع كذلك الرجال، وهكذا في باقي الأحكام، أما أحكام الميراث وقوامة الرجال وإباحة الزواج بأكثر من امرأة فإن المسلمين يقبلون بها لأنها من الله الخالق تبارك في علاه، وليس المسلمون بحاجة إلى أهل الإيدز وزعماء السفلس ليبينوا لهم طريقة العيش، وينظر المسلم متعجباً مما يظهره الغرب الكافر من مساندة للمرأة المسلمة في الوقت الذي يقتل فيه آلاف النساء والأطفال المسلمين كما في حروب العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين، وكذلك في الوقت الذي يسجل فيه أعلى نسب العنف ضد المرأة في البلدان الغربية، وضعف الروابط الزوجية بما يتخذه رجالهم أولاً من خليلات، وارتفاع نسب الطلاق بصورة مذهلة.
لم تقف الأمم المتحدة والمؤسسات الغربية المانحة عند حد المؤتمرات والنعيق بحقوق المرأة، بل بادرت الدول الغربية إلى أمر الحكومات المحلية في العالم الإسلامي والتي لا ترعى في مؤمن إلاً ولا ذمةً في سبيل إرضاء الغرب بتبني التشريعات التي تمنع الزواج بأكثر من واحدة كما في تونس وتركيا وأوزبكستان، أو تلك التي تحد من الزواج المبكر وتفرض حداً أدنى لسن الفتاة عند الزواج كما في الكثير من أقطار العالم الإسلامي، وكذلك إقرار مصر لقانون الأحوال الشخصية الجديد الذي جاء استجابة لما يسمى بالهيئات والجمعيات النسائية في مصر المرتبطة والممولة من التيار النسوي الغربي، وهو التيار الذي صاغ أجندة مؤتمر السكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عام 1994م، ثم أجندة (وثيقة مؤتمر بكين) الذي عقد ببكين في الصين عام 1995م، وتبني القانون الجديد في مصر لمواد خاصة بـ(الخُلع) و(سفر الزوجة) و(قبول طلاق المتزوجة عرفياً)، كل ذلك بهدف كسر قوامة الرجل بالسماح لزوجته بالسفر دون إذنه، وتفكيك الأسرة المسلمة عن طريق إعطاء المرأة (حق الخلع) أي الحرية بالمفهوم النسوي الغربي لإنهاء العلاقة الزوجية متى شاءت ودون عوائق.
وكذلك في مراكش حين أمر الملك سنة 2000م باستبدال مدونة الأحوال الشخصية بمدونة جديدة للأسرة، وكان هذا جزءاً من مخطط الأمم المتحدة المتسلط على أوضاع المرأة في البلادالإسلامية، وفي هذه المدونة تم اعتماد بعض القوانين المخالفة للشريعة مثل النص على مساواة الزوج والزوجة في الحقوق والواجبات المتبادلة بينهما، وتم حذف عبارة طاعة الزوجة لزوجها، وكذلك مساواة المرأة والرجل في سن الزواج المحددة بـ18 سنة، وكانت تنص مدونة الأحوال الشخصية قبل التعديل على أن سن الزواج بالنسبة للرجل هو 18 سنة وبالنسبة للمرأة 15 سنة، وكانت المنظمات النسائية ترى في ذلك إخلالا بالمساواة بين الجنسين، ونصت المدونة الجديدة على أن الولاية في الزواج بيد المرأة الراشدة لا بيد وليها إلا بطلبها بالإضافة إلى تضييق التعدد، وغير ذلك من الحرب المفتوحة على الأحكام الشرعية في باقي البلدان الإسلامية كقبول حكومة الأردن هذا العام لمبادئ الأمم المتحدة في مساواة النساء بالرجال والضجة التي أثيرت حول ذلك، بل إن بعض الحكومات في العالم الإسلامي قد أنشأت وزارة لشؤون المرأة كما في السلطة الفلسطينية إرضاءً للغرب والذي ويا للمفارقة لا توجد به هكذا وزارات.
وبالطبع فإن هذه الحملة الغربية لم تقف عند الضغط على الحكومات الهابطة القائمة في بلاد المسلمين وسن التشريعات، بل قد امتدت أيدي الغرب إلى دعم مؤسسات محلية نسوية أو غير نسوية لتنفيذ مشاريع على الصعيد الشعبي ونقل الدعوة لتحرير المرأة ومساواتها بالرجل الى المستوى غير الحكومي، وبدأت هذه المؤسسات المحلية التي تعتاش على التسول بتنفيذ مشاريع تحت عناوين خلق فرص عمل للنساء وإعطائها القروض والمنح لتأسيس أعمال صغيرة، كل ذلك على أمل جذب النساء المسلمات للنشاطات ذات الطابع الفكري ومحاولة تحميلهن هموم الغرب بالمساواة بين المرأة والرجل وتحريض المرأة على السفور تحت مسميات الحرية الشخصية، وقد احتضنت وسائل الإعلام في العالم الإسلامي الكثيرات من حليقات الرؤوس في ندوات وحوارات تهدف بشكل مبطن إلى نقل ثقافة الإيدز ونشر السفلس بين أبناء وبنات المسلمين وذلك من أجل القضاء على ما تبقى من أحكام الله في حياة الناس في الاختلاط والزواج والطلاق والميراث.
وعلى الرغم من شراسة هذه الحملة المستمرة والمكثفة وإغداق المال على المؤسسات المتسولة، وعلى الرغم من إقرار الأمم المتحدة بفشلها بشكل عام في تحسين أوضاع المرأة على الصعيد الدولي لا سيما تقرير التقييم للعشر سنوات التي أعقبت مؤتمر بكين سنة 1995م وأن المساواة لم تتحقق، إلا أن ثقتنا برسوخ أحكام الله في أذهان الفئة الأعظم من المسلمين كفيلة وحدها بإزهاق الدعاوى الغربية، وكفيلة كذلك بتقصير أعمار أنظمة الحكم الفاسدة المتعاملة مع هذه المشاريع الغربية في بلدان المسلمين، لا سيما في الظرف الجديد الذي ينفذ فيه الغرب هذه المشاريع تحت سيف الخوف من الإسلام السياسي وسيف عودته عملاقاً حامياً للقيم الإسلامية راداً ثقافة السفلس إلى أهلها رداً قبيحاً كما قبحها الله.
وإذا كان الغرب الكافر ينفذ هذه المشاريع تحت هول القضية السكانية وتحت شعار أن العالم الإسلامي الذي بلغ تعداه 375 مليوناً سنة 1950م سيرتفع الى ملياري نسمة سنة 2020م، فإن هذه الحقيقة تقترب من التحقيق وأن المسلمين اليوم يتناكحون ويتناسلون ليباهي بهم محمد عليه الصلاة والسلام الأمم يوم القيامة، وهم يستهزئون بهذه الدعوة التي تأثرت بها فئة قليلة من المسلمين الغرباء في بلادهم وعن شعوبهم كالطبقة الحاكمة وأفراد جمعيات التسول، وأن الزخم الشبابي في العالم الإسلامي قد بدأ فعلاً يكيل الضربات العسكرية للجيوش الغربية المحتلة للعراق ولأفغانستان ولفلسطين مكبداً إياها خسائر استراتيجية غير قادرة على تحملها، ناهيك عن العود القريب بإذن الله لدولة الخلافة الإسلامية والتي ستنصر بالشباب كما نصر قدوتها محمد عليه الصلاة والسلام بهم، وأن هذا العود وقربه يقض مضاجع الغرب الحاقد، وبعدها ستنقى بلاد المسلمين من تأثير الغرب ودعواته الباطلة، بل وتنتقل دعوة العفة والصحة الجنسية إلى بلاد الغرب نفسه والذي هو أحوج ما يكون إليها، وستكون على أساس الأحكام الشرعية الذي تكون وظيفة نشرها من مهام دولة الخلافة وأدواتها العسكرية وغير العسكرية. وإن غداً لناظره لقريب.
2009-08-21