مفـهـوم مـضـلِّـل «الجندي الأميركي في بلاد المسلمين معاهد»
2003/07/20م
المقالات
1,601 زيارة
مفـهـوم مـضـلِّـل
«الجندي الأميركي في بلاد المسلمين معاهد»
القائلون بهذا المفهوم لا يميّزون بين الجندي المقاتل المقيم في قاعدةٍ عسكرية قائمةٍ على أرض الإسـلام وبين الشـخـص غير المقـاتـل كالتاجر والسائح والمرأة القـادم من بلدٍ معـاهدٍ بأمان. وهم يريدون بقولهم هذا إقناع المسلمين بخطأ ما يفعله البعض من قتلٍ للجنود الأميركيين، وتنفيرهم من هذا الفعل والتشنيع على القائم به، وإضـفـاء الشـرعية على جرائم أمراء الفرقة. وهم غالباً ما يقصدون بالمعاهد الحليف ضمن الأحلاف العسكرية.
ــــــــــــــ
نعم إنّ المعاهد لا يجوز قتله بدليل قوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) [التوبة/9] فهو والمستأمن والذميّ سواء لا يحلّ قتلهم إلا بحق، أخرج البخاري في صحيحه عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإنّ ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً” وأخرج الترمذي وقال حسن صحيح عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “ألا من قتل نفساً معاهداً له ذمّة اللَّه وذمّـة رسوله فقد أخفر بذمّة اللَّه فلا يرح رائحة الجنة وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً”. وتحريم قتل المعاهد لا خلاف فيه بين المسلمين، قال الشوكاني في النيل: “المعاهد هو الرجل من أهل دار الحرب يدخل إلى دار الإسلام بأمان فيحرم على المسلمين قتله بلا خلافٍ بين أهل الإسلام حتى يرجع إلى مأمنه”. فلا خلاف في تحريم قتل المعاهد، لكن الخلاف في تحقيق مناط الجنود الأميركان في القواعد العسكرية وخارجها على أرضٍ إسلامية هل هم معاهدون، أي هل واقعهم واقع المعاهدين، وبالتالي يأخذون حكمهم فيحرم قتلهم؟ أم ليسوا كذلك فهم حربيون.
والصواب الذي لا يحتمل خلافاً أنهم حربيون محتلون لأرض الإسلام، مقيمون عليها رغم أنوفنا، فهم يدخلون ويخرجون ويتحركون دون إذنٍ منا لا في دخولهم ولا في خروجهم ولا في حركتهم، فالسيادة لهم على أجوائنا ومياهنا وكثير من أرضنا.
هذا من ناحية ومن ناحيةٍ ثانية فإنه مما لا خلاف فيه، ولا يحاول أحدٌ إخفاءه أنّ الأميركان يقومون بالاعتداء على المسلمين من هذه القواعد فقد اعتدي على العراق من تركيا ونجد والكويت، واعتدي على الأفغان من قطر وباكستان وغيرها. وهذا واضحٌ في أنهم يعطون الأمان في البلد الذي ينطلقون منه للاعتداء على بلدٍ آخر. ويمنع المسلمون في البلد الذي يعتدون منه من محاربتهم بحجة أنهم معاهدون أي أنه تتمّ قسمة المسلمين إلى قسمين قسم في حالة حرب وقسم في حالة عهد، وهذا ما لم يقل به مسلم فوق أن يقول به فقيه. أخرج الحاكم وصححه عن قيس بن عبادة قال دخلت أنا والأشتر على علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الجمل فقلت هل عهد إليك رسول اللَّه عهداً دون العامة فقال لا إلا هذا وأخرج من قراب سيفه صحيفةً فإذا فيها “المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمّتهم أدناهم وهم يد على من سواهم لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهدٍ في عهده” وأخرج ابن حبان في صحيحه عن ابن عمر من حديثٍ طويلٍ “… والمؤمنون يد على من سواهم…” وأخرج ابن خزيمة في صحيحه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال سمعت النبي عام الفتح يقول “يا أيها الناس… المسلمون يد على من سواهم…” وأخرج مسلم عـن أبي هـريـرة قـال قـال رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم): “… المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره…”. فتقسيم المسلمين إلى محاربين ومعاهدين للجنود الأميركان وعسكرهم على أرض الإسلام تقسيمٌ باطل، وعهود باطلة، وعلى هذا اتفق المسلمون، قال ابن حزم في مراتب الإجماع: واتفقوا أنه إن أمنهم على أن يحاربوا المسلمين ولا يحاربهم المسلمون أنّ ذلك باطلٌ لا ينفذ. وما ذكره ابن حزم ينطبق على ما نحن فيه، إذ الجند الأميركان آمنون في تركيا ونجد واليمامة والحجاز وقطر والبحرين والكويت وعمان وعسير والباكستان وقرغيرستان وأوزبكستان وغيرها، فهم معاهدون آمنون في هذه البلاد، ولا حق للمسلمين فيها أن يقاتلوهم في الوقت الذي يحاربون ويعتدون على المسلمين في العراق والأفـغـان. فهـل هـذا هو الإسلام يا رؤوس الجهل الضالّين المضلّين!!
على أنّ الجزيرة لها حكمٌ خاص اتفق عليه المسلمون وهو عدم جواز سكنى الكفار فيها حتى ولو كانوا مدنيين فكيف بالقواعد العسكرية. قال ابن حزم في مراتب الإجماع: واتفقوا على أنّ لهم سكنى أي بلدٍ شاءوا من بلاد الإسلام على الشروط التي قدمنا حاشا جزيرة العرب.
فإطلاق لفظ المعاهد على المحتل إن هو إلا تضليلٌ وتمويهٌ وتزوير، فهل يملك أحدٌ من أمراء الفرقة أن يقول لأميركا اخرجوا من بلادنا فقد انتهى العهد الذي بيننا وبينكم، ومن وجد منكم بعد ثلاث فقد برئت منه الذمّـة.
وأيضاً فإنّ الذين أبرموا هذه العهود المزعومة هم أمراء الفرقة، وهم دون استثناء لا يمثّـلون الأمة، بل يمثّـلون من نصبهم من دول الكفر. فهي عهود باطلة من هذه الناحية أيضاً. والباطل يعامل معاملة المعدوم، أي أنّـه لا وجود له .
ع.ع
2003-07-20