العداء الصليبي للإسلام
إن الصليبية هي صفة عدائية للإسلام مستفحلة في قلوب المنتسبين للحضارة الغربية، وهذه الصفة مزروعة في قلب كل غربي بغض النظر إن كان مؤمناً بالنصرانية أم لا لدرجة أن المنتسبين للإسلام ممن يؤمنون بالحضارة الغربية يحملون هذه الصفة، فسلمان رشدي ونوال السعداوي وأحمد لطفي السيد وطه حسين وأضرابهم كثيرون. ومن المفاهيم الحضارية للمبدأ الرأسمالي وجود هذه الصفة – أي وجود العداء للإسلام وأهله – فطريقة بناء المفاهيم الرأسمالية والديموقراطية تجسد هذا العداء في العقليات المؤمنة بها.
ــــــــــــ
وما تصريح بوش المشهور في إعلانه حرباً صليبية ضد الإسلام باسم (الإرهاب)، وتصريح برلسكوني الذي زعم فيه بأن الحضارة الغربية أرقى من الحضارة الإسلامية، إلا غيض من فيض لهذه الوتيرة المتزايدة من هذه التصريحات الحاقدة والمكشوفة في عدائها للإسلام.
ولو ألقينا نظرة سريعة على الصحافة الغربية فإننا نلمس بوضوح هذه الصليبية بين ثنايا المقالات والتقارير والتعليقات، وقد عبَّرت هذه الصحف الغربية ومنها الروسية بأبلغ العبارات بأن المشكلة لا تكمن في الأشخاص الإرهابيين وإنما تكمن في ذات الفكرة الإسلامية التي تنتج الإرهابيين.
ولقد انتقلت هذه العدوى الصليبية من أتباع الحضارة الرأسمالية إلى أتباع الحضارات الأخرى كالهندية والصينية واليابانية، فأصبح الهنود يعادون المسلمين في الباكستان والصينيون يعادون المسلمين في تركستان الشرقية بروح الصليبية تماماً كمعادة النصارى الصرب والكروات، وكمعاداة اليهود للمسلمين. فلقد تأصلت هذه الروح الصليبية وتجسدت في أتباع كل الملل والنحل وكل الأديان والمبادئ والحضارات المخالفة للإسلام.
إن استفحال الصليبية بين الكفار هو أمر طبيعي في ظل عدم وجود دولة للمسلمين، تمثلهم، وترعاهم، وتذود عن بيضتهم، وتتبنى مصالحهم، وتدافع عن حقوقهم، وتحمل الدعوة للعالم، وتنشر عدل الإسلام في ربوع المعمورة جمعاء، فغياب دولة الخلافة الإسلامية هو الذي أطمع أعداء الإسلام في المسلمين لأنهم أصبحوا بغير راعٍ يرعاهم، فأصبحوا كالغنم بغير راعٍ، تنهشهم الذئاب، وتنبح في وجههم الكلاب، بل تحولت الأُمة الإسلامية إلى قصعة دسمة مستباحة للجميع تتداعى إليها أيدي الأكلة المتوحشين.
هذا هو السبب الوحيد لتنامي الصليبية بين الأمم، ألا وهو ضعف المسلمين الناشئ عن ضعف قياداتهم، أو قل بسبب غياب قيادة حقيقية تمثلهم، وإلاّ فما الذي يفسر غياب هذه الظاهرة وضمورها في فترات قوة الدولة الإسلامية وبروزها في حالات ضعفها فقط!
إن الذي مكَّن أميركا وبريطانيا والغرب الصليبي عموماً من أفغانستان والعراق والبوسنة ليس هو قوة أميركا وحلفائها بل هو خيانة حكام البلاد العربية والإسلامية وتواطؤهم مع أميركا على قهر تلك البلدان.
فأميركا لم تنتصر على العراق وأفغانستان بقوتها الذاتية وإنما انتصرت بقوة السعودية ومصر والباكستان وإيران وباقي الدول القائمة في البلاد الإسلامية. حتى إن أميركا لم تكن لتحلم مجرد حلم بتحقيق ما حققته في العراق وأفغانستان لولا تعاون الدول المجاورة للعراق وأفغانستان وكلها دول شعوبها مسلمة.
فالمشكلة الحقيقة إذن تكمن في وجود هؤلاء الحكام الخونة، ووجود هذه الحكومات العميلة المأجورة لأميركا وحلفائها.
لذلك كان على الذين يودون التغيير والمواجهة أن لا يكتفوا بمواجهة أميركا وإزالة نفوذها فحسب بل كذلك لمواجهة الحكام العملاء وإزالة أنظمتهم لأنهم هم الذين أدخلوا نفوذ أميركا وسلطانها في بلاد المسلمين.
فكيف لنا أن نواجه أميركا ونترك هؤلاء الحكام يعيثون فساداً في بلادنا ويمكنون أميركا من رقاب المسلمين!!
كيف لنا بمواجه أميركا وهؤلاء الحكام مجرد أجراء وموظفين لها تأمرهم فيطيعون، وتطلب منهم فينفذون وتستبدلهم فيستبدلون!!
فبرويز مشرف قدم لأميركا الفضاء والأجواء والقواعد والأنحاء والمياه والأصفاد فسقطت أفغانستان بسهولة بين فكي الوحش الأميركي.
ومصر والسودان واليمن والصومال والأردن وإيران وكل الدول والحكومات المأجورة القائمة في العالم الإسلامي قد تحولت إلى مزارع لأميركا، وإلى ثكنات عسكرية للجيش الأميركي، وإلى مراكز تجسس للمخابرات الأميركية، إذ لم يكتف هؤلاء بمد يد العون لأميركا في ضرب أفغانستان بل راحوا يضربون المسلمين في بلدانهم ضرب مبادأة وقبل أن تطلب أميركا منهم ذلك كما تفعل اليمن وغيرها الآن.
لقد ساموا شعوبهم سوء الخسف، وأفقروا العباد، وحولوا المناضلين والمقاومين إلى إرهابيين، وعادوا الدين، وحاربوا الشريعة، وقاموا بضرب الإسلام والمسلمين بأساليب جهنمية لا تستطيع أميركا ولا الغرب من ورائها أن يقوموا بما قامت به هذه العصابات الإجرامية التي تسمى دولاً وحكومات زوراً وبهتاناً.
لذلك كان عداء هذه الحكومات وهؤلاء الحكام للشعوب الإسلامية في جوهره صليبية حقيقة لا بد من مجابهتها ولا بد من فضحها والتشهير بها.
لقد انتهى زمن الخوف والخضوع لهؤلاء الأشقياء الذين طبع الله على قلوبهم وفضحهم على رؤوس الأشهاد، وآن الأوان أن يزول عهد الاستسلام والخنوع لتلك الشرذمة العميلة من الأشرار الرويبضات، فإما أن تزال هذه العصابات البغيضة المتحكمة في رقاب الناس، وإما أن يستمر الخضوع لأميركا – لا سمح الله -.
فإلى إزالة هؤلاء الحكام وخلعهم والإطاحة بأنظمة حكمهم وإقامة دولة الخلافة الراشدة ندعوكم أيها المسلمون فإن ذلك هو الطريق لتحقيق النصر في مواجهة العداء الصليبي الكامن في نفوس الغرب الحاقد المعادي للإسلام، وإعادة الأمة إلى المكانة التي ارتضاها الله لها: (خير أمة أخرجت للناس) (آل عمران/110) .