قس أميركي يفضح بابا الفاتيكان وينتصر للإسلام
2010/05/18م
المقالات
2,618 زيارة
قس أميركي يفضح بابا الفاتيكان وينتصر للإسلام
بقلم: أحمد المحمود
نشرت شبكة الإعلام العربية الإلكترونية – محيط هذا المقال الذي يشير إلى عمق الأزمة التي تعيشها الكنيسة، وهي أزمة يمكن أن يقال فيها إنها إفراز طبيعي لعملية حرف الدين النصراني عن رسالته السماوية النقية الطاهرة التي جاء بها سيدنا عيسى عليه السلام حيث دنست الأفكار وقدّس الأشخاص بدءاً بصاحب الرسالة حيث ادعي أنه إله أو ابن إله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، ومروراً بوالدته البتول، وانتهاءً بإعطاء رجال الكنيسة صفات الواسطة بين الخالق والمخلوق، وهو هوذا التحوير والتغيير والتبديل تقع آثاره على رأس محوريه ومغيريه ومبدليه. ولا نملك إلا أن ندعو: هدى الله جميع خلقه للإسلام ذلك الدين الإسلامي المحفوظ من التغيير والتبديل والذي يقدس الخالق بما يليق به ولا يرفع المخلوق عن العبودية لله تعالى وحده حتى ولو كان رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
بابا الفاتيكان
لم يكن بابا الفاتيكان يتوقع وهو يهاجم الإسلام بشكل غير مبرر أن ينكشف المستور في هذا الصدد على وجه السرعة وبصورة صدمت المسيحيين في كافة أنحاء العالم، بل ويبدو أن الأسوأ لم يقع بعد، خاصة وأن الأمر لم يعد يقتصر على الفضائح حول اعتداءات جنسية ارتكبها قساوسة بحق أطفال في عدد من الدول ومن بينها أيرلندا والنمسا وهولندا وسويسرا، وإنما امتد أيضا لاتهامات بالفساد والشذوذ الجنسي داخل الكنيسة الكاثوليكية الأم نفسها.
ففي 7 إبريل / نيسان، كشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية عن أحدث فضيحة تهز الفاتيكان وتتعلق بتورط قس يعمل حاجباً للبابا بينديكيت السادس عشر في شبكة دعارة للشواذ جنسياً .
ووفقا للصحيفة ، فإن تفجر الفضيحة جاء بعد أن تمكنت الشرطة الإيطالية من القبض على أنجيلو بالدوتشي وهو مهندس إيطالي وعضو سابق بمجلس إدارة الأشغال العامة في إيطاليا ومستشار إنشاءات الفاتيكان على خلفية اتهامات بالفساد، حيث تم الكشف عن مكالمة هاتفية كان يتفاوض فيها مع حاجب “البابا” النيجيري الجنسية توماس جيندو إيهايم على التفاصيل الجسدية المحددة التى يريدها فى الرجال الذين سيحضرهم له.
تسجيلات صوتية
ولم يقف الأمر عند ما سبق، حيث كشفت “الجارديان” أن بحوزتها تسجيلات وبراهين تكشف عن عدد كبير من الرجال تم تقديمهم لبالدوتشي الذي يتمتع في الوقت نفسه بمنصب ضمن حاشية البابا المعروفة بـ”نبلاء صاحب القداسة”، وأن واحداً على الأقل من بينهم كان يدرس الكهنوت ، لافتة إلى أن توماس جيندو إيهايم عضو في هيئة “جوقة” مختارة تضم حجاباً يستدعون للعمل في “القصر الرسولي” للفاتيكان فى مناسبات مهمة مثل استقبالات البابا لرؤساء دول أو عندما يرأس البابا مناسبات كبيرة، وأفراد تلك الجوقة هم الذين حملوا نعش البابا السابق يوحنا بولس الثانى أثناء مراسم جنازته فى 2005م.
وقال الحاجب أو المرتل النيجيري إيهايم للمهندس الإيطالي بالدوتشي في أحد تسجيلات الاتصالات الهاتفية: «لدي ثلاث أو أربع قضايا جيدة جداً لك إن لم تكن مشغولاً، بينهم رجلان من كوبا، لقد رأيتهما يا أنجيلو وهما يشكلان فرصة جيدة، يمكن تدبير شيء ما فوراً».
وفي اتصال هاتفي آخر، قال إيهايم لبالدوتشي: «إذا كنت ترغب يمكنني أن أرتب حضورهما بشكل متتالٍ»، فيرد بالدوتشي قائلاً: «من هم الأفضل بين من عرضت علي»، فيجيبه إيهايم «الأفضل هما من ذكرتهما لك أول الأمر، رجل من بالونيا والثاني من روما».
وكانت الشرطة الإيطالية ألقت القبض في مارس الماضي على بالدوتشي مع ثلاثة موظفين حكوميين كبار آخرين ورجل أعمال بتهمة الحصول على رشى لقاء تسهيل فوز بعض شركات المقاولات بصفقات حكومية وبينها أعمال البناء في مطار بيروجيا، وأكدت تحقيقات الشرطة أن الرشى توزعت على شكل مبالغ مادية أو هدايا عقارية وخدمات جنسية.
وأعرب فرانكو كوبي محامي بالدوتشي عن غضبه تجاه كشف الصفقات الجنسية لموكله وطبيعتها وقال إن عرض الأمور الشخصية التي لا صلة لها بالتحقيقات “معيبة”.
ومن جانبه، اعترف المرتل النيجيري توماس جيندو إيهايم في مقابلة مع مجلة “بانوراما” الإيطالية بأنه كان يجلب الرجال من مختلف أنحاء العالم إلى بالدوتشي ليمارس الجنس معهم بما في ذلك ممثلين ورياضيين وعاملين في عرض الأزياء وصولاً إلى طلاب في معاهد لاهوتية.
وأضاف أن بالدوتشي كان يفضل الرجال الذين هم فوق سن الأربعين ويرى أن الشباب في منتصف العقد الثاني من عمرهم صغار جداً بالنسبة له.
وزعم المرتل النيجيري الذي يبلغ من العمر 39 عاماً أنه كان يقوم بهذه المهمة لمساعدة عائلته مادياً في نيجيريا.
ورغم أن الفاتيكان أعلن أن البابا قرر إعفاء إيهايم من منصبه ضمن جوقة الفاتيكان، إلا أنه لم يأخذ موقفاً من بالدوتشي، واكتفى بالقول إنه لن يتمكن حالياً من ممارسة مهامه ضمن مجموعة “نبلاء صاحب القداسة” بسبب وجوده في السجن.
وأضاف الفاتيكان في بيان له أن القضاء لم يدن الموظف الإيطالي بعد، متوقعاً أن يتم إقالته من “نبلاء صاحب القداسة” التي تضم مناصب شرفية دون رواتب، وأعضاؤها بمثابة حجاب للبابا وتتركز مهماتهم في استقبال رؤساء الدول والحكومات ومرافقتهم إلى مكتب البابا، في حال إدانته.
تصريحات القس الأميركي
ورغم إعفاء إيهايم من منصبه ، إلا أن الانتقادات ضد الفاتيكان تصاعدت حدتها بل وطالب البعض للمرة الأولى في تاريخ الفاتيكان باستقالة ومحاكمة البابا نفسه .
ففي 13 إبريل/ نيسان، طالب القس الأميركي جيمس ساكهيل بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر بالاستقالة فوراً، واتهمه بالكذب في قضية الاعتداءات الجنسية التي تعصف بالكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة وبلدان أخرى من العالم.
وأضاف القس ساكهيل في مقابلة محطة «دبليو سي في بي» التي تبث في ولاية ماساتشوستس الأميركية «أعتقد أن تستراً ما وعن قصد قد حدث بغرض حماية صورة المؤسسة وصورة القساوسة وسلك الرهبنة حتى لو كان ذلك على حساب الأطفال».
وتابع أن الكهنة حتى في أصغر الكنائس على علم بأن زملاءهم لهم عقود من السلوك غير اللائق مع الأطفال، قائلاً: “من السذاجة أن نعتقد أن أعلى المناصب في الكنيسة لم تكن على علم، كما هو واضح، هذا الشذوذ في الكنيسة يحدث حتى على الصعيد العالمي، فكيف يمكن أن نشك في أن الفاتيكان لم يكن يعلم؟”.
واستطرد القس الأميركي قائلاً: «إنه بنقل المسيئين والمعتدين على الأطفال من أبرشية إلى أخرى، فإنهم يضعون الأطفال الأبرياء الذين لا يدرون شيئاً في طريق الخطر والضرر وكذلك هم يضعون هؤلاء الرجال الضعفاء من القساوسة أمام المزيد من الإغراء».
واتهم البابا صراحة بالتستر على فضائح جنسية ارتكبها قساوسة ضد أطفال على مدى عقدين عندما كان يرأس لجنة تنفيذ القوانين في الفاتيكان، وأشار في هذا الصدد إلى الوثائق التي نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في 25/3 وأكدت أن البابا ومسؤولين آخرين في الفاتيكان تستروا على الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها كاهن أميركي ضد 200 طفل أصم في ولاية ويسكونسن شمالي الولايات المتحدة في الفترة من 1950م حتى 1974م.
عبارات مهينة
والمثير للانتباه أن الأمر لم يقف عند اتهام البابا بالكذب والمطالبة باستقالته، بل إن وسائل الإعلام الألمانية كشفت أن مجهولين كتبوا عبارات مهينة على واجهة المنـزل الذي ولد فيه بابا الفاتيكان في منطقة ماركتل بولاية بافاريا جنوبي ألمانيا .
ورغم أن الشرطة الألمانية رفضت الإفصاح عن الصياغة التفصيلية للعبارات ، لكنها قالت إن الأمر له علاقة بفضائح الانتهاك الجنسي التي ارتكبها قساوسة بحق أطفال في ألمانيا وأيرلندا .
وفي بريطانيا، لم يكن الأمر أفضل حالاً، حيث يسعى الصحفي البريطاني كريستوفر هيتشنـز والعالم البريطاني الشهير ريتشارد داوكنـز إلى استصدار أمر قضائي لاعتقال بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر خلال زيارته إلى بريطانيا في 16/9 ولمدة أربعة أيام، وهي الزيارة البابوية الأولى إلى لندن منذ الزيارة التي قام يوحنا بولس الثاني عام 1982م إلى بريطانيا.
وجاء في بيان صادر عن هيتشنـز وداوكنـز أنه يجب اعتقال البابا على خلفية تستره على فضيحة الانتهاكات ضد الأطفال بالكنيسة الكاثوليكية، وأضافا أن هناك ثلاثة توجهات محتملة تتمثل في تقديم شكوى للمحكمة الجنائية الدولية في هولندا أو إجراء محاكمة سرية أو علنية للبابا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية أو رفع دعوى مدنية.
بل وذكرت صحيفة “الديلي تليجراف” البريطانية أن نشطاء مدافعين عن المثلية الجنسية هددوا في 14/4 بمقاضاة الفاتيكان بعد أن أعلن أن “الشذوذ الجنسي” بدلاً من العزوبية بين القساوسة كان وراء خطأ الكنيسة في فضيحة الاعتداءات على الأطفال.
وأضافت الصحيفة أن استخدام “الشذوذ الجنسي” هو محاولة مفضوحة من جانب الكنيسة للتغطية على تسترها على فضائح القساوسة والهروب من أية مسؤولية لها في هذا الصدد بزعم أن الأمر انحراف سلوكي شخصي .
هجوم على الإسلام
وأمام ما سبق ، يتوقع كثيرون أن يواجه البابا الأسوأ في الأيام المقبلة، فمبرراته لم تعد تجدي نفعاً، بل إن الهجوم اللاذع الذي تعرض له من قبل القس الأميركي جيمس ساكهيل جاء بمثابة انتصار كبير للإسلام في عقر دار الكنيسة الكاثوليكية؛ لأنه يدحض بقوة افتراءات بينديكت السادس عشر ضد الدين الحنيف بعد أن وصف صراحة بـ”الكاذب”.
فمعروف أن هجوم بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر المتواصل على الإسلام كان يهدف بالأساس للفت انتباه مرتادي الكنيسة بعيداً عن الفضائح السابقة من ناحية، وللحد من اعتناقهم الإسلام من ناحية أخرى، ولعل هذا ما ظهر واضحاً في المقابلة التي نشرتها أيضاً صحيفة “لاريبيبليكا” الإيطالية مع بطريرك البندقية الكاردينال أنجلو سكولا الذي قال بكل صراحة وهو يعلق على الفضائح الجنسية: إن الحرب على الإسلام تتصدر أعمال أجندة البابا ، مؤكدا أن هذا الموضوع يعد بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية ولأوروبا أهم قضية في القرن الحادي والعشرين.
وهناك أيضا تصريحات البابا نفسه، حيث دعا في 17/5/2008م إلى ضم كل البشر إلى المسيحية، واصفا هذا الأمر بـ”الواجب” و”الحق الثابت” بالنسبة إلى الكنيسة وكل مؤمن بالمسيح.
تلك الدعوة – التي تضع أمام الشعب المسيحي فى العالم أجمع مبررات شن الحرب ضد العالم الإسلامي – لم تكن الأولى من نوعها ، فهو خرج على العالم في 2006م أيضاً بتصريحات غريبة شن خلالها هجوماً حاداً على الإسلام وزعم أنه انتشر بحد السيف، قائلا خلال محاضرة ألقاها بجامعة ريجنـزبورج بألمانيا في 12/9/2006م: “إن العنف ونشر الدعوة بحد السيف يكمن في بنية وأسس العقيدة الإسلامية”، هو ما اعتبر حينها مباركة للحروب الاستباقية التي يشنها المحافظون الجدد في الولايات المتحدة، فطالما أن “العنف” هو جوهر العقيدة، على حد زعمه، فسيظل يفرز “إرهاباً” بشكل دائم حتى وإن تمت مواجهة هذه “العملية الإرهابية” أو تلك هنا أو هناك، وبالتالي لاغنى عن مثل تلك الحروب.
ورغم الهجوم العنيف السابق على الإسلام، إلا أن محاولات البابا باءت بالفشل، حيث نشرت صحيفة “الديلي تليجراف” البريطانية تقريرا في 10/10/2009م أكد تزايد أعداد المسلمين في أوروبا خلال الأعوام الماضية، موضحاً أن أسماء محمد وآدم وريان وأيوب ومهدي وأمين وحمزة باتت من أكثر سبعة أسماء شيوعاً واستخداماً في بلجيكا التي تشكل مقر الاتحاد الأوروبي .
وقدر التقرير تعداد الجاليات المسلمة في أوروبا حالياً بين 15 مليون إلى 23 مليون نسمة مع توقع أن تصل نسبة الذين يعتنقون الإسلام إلى أكثر من 20 في المائة من سكان أوروبا، بل إن أعداد المسلمين ستتفوق على سواهم في فرنسا وربما في كافة معظم دول أوروبا الغربية في منتصف القرن الحالي.
وقبل أن يستأنف البابا حملته ضد الإسلام لمواجهة انتشار الإسلام المتزايد، تفجرت فضيحة الاعتداءات الجنسية وما أعقبها من الكشف عن تستره عليها وتورط مقربين منه بقضايا فساد وشذوذ جنسي.
والخلاصة أن مناورات البابا ومنها الهجوم على الإسلام لم تعد تجدي نفعاً بل إنها تضاعف من ورطته وتصب في النهاية بتسارع وتيرة اعتناق الإسلام في عقر دار الغرب.
http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=365545
إن من يسمع أو يقرأ مثل هذه الأخبار، بغض النظر عن دينه واعتقاده، لابد أن يشين أصحابه والدين الذي يمثلونه، وما ينشر عن هذا النوع من الفساد تاريخياً ليس بجديد. ونحن نضع بين يدي النصارى بعض نقاط البحث التي تحتاج إلى مراجعة جدية منهم:
– إن الدين النصراني كدين إلهي قد عبثت به أيدي أمثال هؤلاء الذين يمثلونه، فلم يعد بسببهم ديناً إلهياً إلا من حيث الأصل، ولكن من حيث الواقع فقد شوهت حقائقه النقية التي يقوم عليها من توحيد الله في الخلق والعبادة، ومن كون سيدنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته، وأن أمه صِدّيقة مبرأة… إلى عبادة قائمة على عقيدة التثليث، ممنوع فيها أن يفكر عقل النصراني في هذا العبث حيث جعلوا الفكر فيها يؤدي إلى الكفر.
إن القيمين على الكنيسة (الإكليروس) هم الذين غيروا وبدلوا، وهم الذين جعلوا أنفسهم قيمين على فهم هذا الدين، وعلى تصوير أنفسهم، وخاصة رأس الكنيسة عندهم، أنهم الواسطة بين الخالق والمخلوقين، فعندهم تغتفر الذنوب، وتمنح صكوك الغفران، وتباع أراضي الجنة… بينما هم بشر وأصحاب ذنوب وأهواء ولا يختلفون في بشريتهم عن غيرهم أدنى اختلاف… ولأنهم بشر ولأنهم حرّموا على أنفسهم ومن عند أنفسهم الزواج، فقد وقعوا بشر ما شرعوه مما نسمعه ونقرؤه… فرجال الدين النصراني هم المسؤولون فيه عن كل أخطائه: وخطاياهم في ذلك مميتة، فبسببهم لم يعد الدين ربانياً بل أصبح بشرياً، فعلى أيدي أوائل هؤلاء تمت ولادة دين جديد وإخفاء الدين الحقيقي.
– إن الدين النصراني كدين إلهي أرسل له الله سبحانه وتعالى سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وهو عبد بشر، أرسله نبياً رسولاً كغيره من الأنبياء والرسل، هو دين ليس فيه في الأصل تشريع حياة، هو دين قائم على العقيدة الصحيحة القائمة على العبودية لله وحده. ويقتصر على العبادات والأخلاق، ويدعو إلى بعث الروحانية في نفوس بني إسرائيل، الذين وصفهم بالخراف الضالة، والذين سيطرت على تصرفاتهم وتصوراتهم النـزعة المادية فحسب. فهو رسول لبني إسرائيل خاصة ورسالته محصورة وليست شاملة لتنظيم شؤون الحياة. غير أن رجال الدين غيروا وبدلوا وجعلوه شاملاً لتنظيم أمور الحياة وجعلوه عالمياً مع أنه ليس كذلك، ثم راحوا يشرعون من عند أنفسهم، ويشترون به ثمناً قليلاً، وتوافقوا مع الملوك في بعض عصور تدخلهم في حياة الناس، واختلفوا معهم في بعضها، فكانوا ظاهرين على الملوك حيناً، و كان الملوك ظاهرين عليهم حيناً آخر، والضحية دائماً هي شعوبهم. مما أدى إلى انتفاض المفكرين على هذا الواقع ومعهم شعوبهم، ورفضوا الملوك ورجال الدين. ونادوا بالديمقراطية وقصروا تدخل الكنيسة ضمن جدرانها. وأبعدوها عن الحياة. ومنذ ذلك الحين وجدت توأمة بين الديمقراطية التي تتناول شؤون الحياة على أساس من النظرة المادية البحتة القائمة على تحقيق المصالح المادية فحسب والقائمة على الحريات التي يخرج فيها الإنسان عن كل ضوابط القيم ومنها ما يتعلق بالحريات الشخصية المتفلتة، وبين الدين النصراني المبتدع الذي يحرم على بعض رجال الكنيسة الزواج ما يدفع هؤلاء بحكم بشريتهم إلى ارتكاب المعاصي التي تكشف سوء ما ابتدعوه.
– إن الدين الإسلامي هو دين شامل حقيقة. وفي نصوصه أحكام تشريعية، يقرّ بها العدو قبل الصديق. وقد أثبت ذلك على أرض الواقع مدة ثلاثة عشر قرناً، وها هو يفرض نفسه كدين فيه تشريع من جديد. وقد أجبرت الأزمة المالية العالمية الأخيرة الدول الرأسمالية للاعتراف بوجود معالجات في الإسلام لهذه الأزمة. لذلك لا يصح اعتبار الدين الإسلامي كالدين النصراني على قاعدة إعطاء حكم شمولي للدين الإسلامي أنه كالدين النصراني. فلا الدين الإسلامي كالدين النصراني من حيث الشمولية، ولا الدين النصراني كالدين الإسلامي.
ويلفت النظر في هذا المجال أن أحكام الإسلام كنصوص هي من الله، أما فهمها فهو من جانب المسلم الذي قد يخطئ ويصيب، وتطبيقه هو من قبل المسلم الذي قد يحسن ويسيء. واختيار الحاكم هو من المسلمين على أن يكون مقياسهم للاختيار الأقدر والأصلح والأقوى والأتقى.
– إن الكنيسة التي تعيش حالة من التوأمة مع الأنظمة المادية البحتة إنما تعيش مع ما يناقضها. وإن الإسلام عندما يحتوي على أنظمة الحياة. فإن أنظمته من حيث مصدرها هي من عند الله تعالى، ومن حيث واقعها فإنها تراعي الأخلاق وتراعي القيم الأخرى؛ والإسلام عندما يحكم، يترك للنصارى، ولغيرهم من رعايا الدولة الإسلامية ممن هم غير مسلمين، يتركهم وما يعتقدون وما يعبدون، ويترك أمور الزواج والطلاق والملبوسات والمطعومات بحسب أديانهم، وعليه فإن الأوفق للنصارى أن يتبعوا الدولة الإسلامية من أن يتبعوا الدول الرأسمالية الكافرة، ولكنهم على العكس، فإنهم يشيدون بأنظمة الحياة الرأسمالية البعيدة كل البعد عن القيم والمغرقة كل الإغراق في الشهوات والدنس، والمتفلتة من كل قيد، والمتوحشة في تحقيق المصالح… ويهاجمون الإسلام، أي أنهم يقومون بعكس ما ينبغي عليهم أن يقوموا به، فالإسلام كحكم أوفق للنصارى من الرأسمالية، ولكن المشكلة في رجال الدين الذين يشنون حملات التشويه ضد الإسلام والتحريض عليه خوفاً من تأثيره على النصارى.
على كل إن الحق وإن بدت للعين صحته فإنه لا يكفي إلا أن تقوم بحقه دولة تظهر أحقيته وعظمته وقوته. وإن الدولة الإسلامية هي التي تقوم بذلك.
هذا هو سر ما جعل بابا روما يهاجم الإسلام، فلخوفه من الدولة الإسلامية القادمة التي سيفتح بقيامها باب الدخول في الإسلام أفواجاً. يهاجم الإسلام خوفاً على باطله من أن يندثر. إنها تهيئة لحروب صليبية تخطط لها عقول هؤلاء ويدفعهم إليها بغضهم الشديد للإسلام، ويضاف إلى ذلك هذه المرة، التغطية على آثامهم الكبيرة.
2010-05-18