مع القرآن الكريم
2010/07/17م
المقالات
2,127 زيارة
مع القرآن الكريم
مبشرات النصر والتمكين من الكتاب المبين
حمد طبيب – بيت المقدس
يقول الحق تبارك وتعالى في كتابه العزيز: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر 51].
هذه الآية الكريمة من سورة غافر، فيها بشارة عظيمة للمؤمنين السائرين على درب الهدى والاستقامة لرفع كلمة التوحيد في الأرض وتحقيق معناها عملياً في حياة البشر!
فقد بدأ الحق تعالى هذه الآية العظيمة بـ(نا) العظمة بعد حرف التوكيد (إِنّ)، ثم أعقب ذلك بأمر عظيم؛ وهو النصر للرسل، ولعباده المؤمنين، وجاء هذا الوعد بالنصر، مؤكداً بمؤكدين اثنين وهما: (إنّ) التي بدأت بها الآية قبل (نا) العظمة، (واللام) التي جاءت في بداية كلمة ننصر، ومع تأكيده وتصدّره بنا العظمة، جاءت صيغة الكلام في هذا الوعد الإلهي بالفعل المضارع (ننصر)، الذي يدل على الاستمرارية حتى تقوم الساعة!
والمعنى: أنني أنا الله العظيم، الذي أنصر رسلي، وأنصرُ عبادي المؤمنين، فأنا صاحب صفات الجلال والكمال، القادر المقتدر، بيدي ملكوت كل شيء، وبيدي أمور الخلائق كلّها، ومفاتح الدنيا والآخرة جميعاً!، وقد عطف الحق تعالى (الذين آمنوا) على (الرسل) في كرامة النصر والنصرة، (وَالَّذِينَ ءَامَنُوا)؛ والواو هنا تفيد الجمع في اللغة؛ أي إن وعدي هذا قد قطعته على نفسي لأوليائي كما قطعته لأنبيائي ورسلي؛ في كل زمان حتى أرثَ الأرض ومن عليها.. وبعد هذا التطمين والتبشير، فصّل الحق تعالى في أمر (النصر) فقال: (ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) أي هو لأنبيائي المرسلين، وأوليائي المؤمنين في دار الدنيا وفي الآخرة!
يقول الإمام الشوكاني في تفسيره (فتح القدير): (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا)؛ أي نجعلهم الغالبين لأعدائهم، القاهرين لهم، (وَالَّذِينَ ءَامَنُوا)؛ أي ننصر رسلنا، وننصر الذين آمنوا معهم (فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) أي بالانتقام من أعدائهم؛ بالقتل والسلب والأسر والقهر، (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) هو يوم القيامة، وسُمي بيوم الأشهاد لأن الملائكة تشهد للأنبياء بالبلاغ وتشهد على الأمم بالتكذيب. أما نصر الرسل والمؤمنين، فيكون بإدخال المؤمنين الجنة ومجازاة الكفار على تكذيبهم وإعراضهم بالنار، واللعنة والبعد من رحمة الله تعالى وهو معنى قوله: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [غافر 52].
فما حقيقة هذا النصر الذي وعده الحق تعالى لأنبيائه ولأوليائه في الحياة الدنيا؟ وكيف تحقق ذلك لمن سبق من الأمم والشعوب؟ وكيف سيتحقق هذا الأمر العظيم لهذه الأمة الطيبة الكريمة؟!
كما ورد في (لسان العرب)؛ النصرُ: إعانة المظلوم؛ نصرَه على عدوه ينصُره ونصَره ينصُره نصراً، وفي الحديث: «أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» أي امنعه عن ظلمه إن كان ظالماً، وأعنه إن كان مظلوماً. ونُصِرَ القوم: إذا أُغِيثُوا، وفي الحديث: «إن هذه السحابة تنصر أرض بني كعب»؛ أي تمطرهم، والنُصْرة : هي حسن المعونة، قال تعالى: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ) [الحج 15]، أي من ظن من الكفار أن الله لا يظهر محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) على من خالفه فليختنق غيظاً حتى يموت!
فيكون معنى النصر والنصرة والمناصرة في لغة العرب؛ هو العون والمنعة والإظهار على العدوّ والإغاثة، وكل ما يدخل في هذه المعاني، أو يشاركها من الظفر على العدوّ، أو التمكين في الأرض كمقدمة لذلك…
وهذا المعنى هو سنةٌ ربانية منذ خلق الله تعالى البشر على هذه الأرض، (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) [فاطر 43]، والشواهد على ذلك كثيرة في كتاب الله عز وجلّ، وقد تحقق النصر في هذه الشواهد بعدة أحوال وكيفيات؛ فمن الأنبياء من نصره الله تعالى بإهلاك قومه بعد الإعراض والتكذيب والكفر كما جرى مع قوم نوح وقوم عاد وثمود…
قال تعالى: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ، فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ، وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) [فصلت 15-18]، وقال: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ، فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ، وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا ءَايَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر 9-17].
ومنهم من نصره بالتمكين في الأرض والاستخلاف، كما حصل مع داود وسليمان وموسى ويوسف ومحمد صلى الله عليه وعلى جميع الأنبياء والرسل ممن سبقه.
ونريد أن نقف من هذه الأمثلة على ثلاثة نماذج تجلت فيها العظمة والقدرة والمنّة الإلهية لرسله ولعباده المؤمنين الصادقين المخلصين، لتكون لنا نحن (حملة الدعوة) زاداً ونوراً يضيء لنا طريق العمل في هذه الظروف الحالكة العصيبة!…
أول هذه النماذج العظيمة ما جرى مع نبي الله موسى عليه السلام، وقومه المستضعفين في أرض مصر، تحت سطوة فرعون وظلمه وجبروته!.. قال تعالى في سورة القصص: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ، وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص]؛ ففي هذه القصة العظيمة تجلت المنة الإلهية بأروع صورها، عندما منّ الله تعالى على عباده الصابرين المتمسكين بدينه على التوحيد، ضد صلف فرعون وكفره واستعلائه في الأرض، وضدّ دين الوثنية المنتشر في كل أرجاء مصر، وضدّ البطش والتنكيل وسوء العذاب بذبح الأبناء واستحياء النساء!!…
لقد منَّ الله تعالى على هؤلاء المؤمنين الموحّدين، بموسى عليه السلام رسولاً ومخلّصاً لهم من هذا الظلم، ومنّ عليهم فوق ذلك بدمار عدوهم، وتوريثهم أرضهم وديارهم ومساكنهم؛ وقد تجلت عظمة المولى عز وجل في هذه القصة، عندما أوحى إلى أمّ موسى أن تضعه في تابوت، ثم تلقيه بعد ذلك في ماء البحر، ليحمله الموج إلى عدوّه الذي يبحث عنه ليقتله، وتجلت العظمة أيضاً في الحفظ والرعاية، عندما هيأ الله تعالى الأسباب كي يتربّى موسى عليه السلام في قصر فرعون وفي أحضان زوجته (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فَالْتَقَطَهُ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ، وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [القصص].
واستمرت هذه الرعاية والحفظ وتهيئة الأسباب، حتى من الله تبارك وتعالى عليه بالنبوة ليحمل أمانة الرسالة؛ (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ءَاتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [القصص]، وقال: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا، وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا، وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا) [مريم]، ويعود إلى فرعون مرة أخرى بالحجة والبرهان فيجابهه فرعون بالتكذيب والإعراض، ثم بالتهديد والوعيد، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ، إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ، وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ، وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ) [غافر] وهنا تتجلى العظمة الإلهية بالنصر والنصرة؛ حيث حفظ الله نبيه، وأمره بمغادرة أرض مصر ومن معه من الموحدين المؤمنين، فتبعه فرعون ظاناً أنه سينال منه، وغاب عن ذهنه أنه منصور ومؤيّد من الله تعالى العلي العظيم صاحب صفات الجلال والكمال، الذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، ولما وصل عند شاطئ البحر، تجلّت العظمة الإلهية مرة أخرى عندما أوحى ربّ العزة جل جلاله لموسى أن اضرب بعصاك البحر.. قال تعالى يصف هذا المشهد العظيم: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ، فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ، إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ، وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ، وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ، فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ، فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ، قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ، فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ، وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ، وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ، ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الشعراء].
لقد كانت النهاية كما وعد رب العزة جل جلاله عباده المؤمنين: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص 5-6]، حيث نجّى الله تعالى نبيه ومن معه من المؤمنين، وأهلك فرعون وجنده، ثم أورث بني إسرائيل أرض مصر يتبوءون منها حيث شاءوا، وأصبح لهم القوة والمكنة والسلطان؛ يعبدون الله تعالى بعزة وطمأنينة !! ..
أما النموذج الثاني الذي سنذكره في هذا الموضوع، وتجلت فيه عظمة المولى عز وجل في النصر والنصرة والتمكين، فهو ما جرى مع نبي هذه الأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن آمن به من أصحابه الصادقين المخلصين…
يقول الحق تعالى في كتابه العزيز: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [الأنفال / 26].
فقد كُذب الرسول عليه الصلاة والسلام وأوذي إيذاءً شديداً، وصدّه قومه وأعرضوا عنه وكذبوه، واتهموه بالجنون والسحر والكهانة، وعُذب أصحابه عذاباً شديداً أفضى لدى بعضهم إلى الموت والاستشهاد، وحوصروا في شعب بني طالب؛ لا يُباع ولا يُبتاع منهم، ولا تنكح نساؤهم ولا يزوجوا، وهاجروا إلى أرض الحبشة مرتين من شدة ما لاقوا من العذاب والقسوة والتنكيل!!.. ورغم كل هذه الألوان من العذاب ثبت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أصحابه في وجه هذه العواصف العاتية الشديدة، ولم يزد الصحابة رضوان الله عليهم على أن قالوا لرسولهم عليه الصلاة والسلام: «ألا تدعو لنا.. ألا تستنصر لنا يا رسول الله…»، فقد روى البخاري في صحيحه عن خباب بن الأرت (رضي الله عنه) قال: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ».
وفعلاً جاءت لحظة الجزاء العظيم من الله تبارك وتعالى؛ حيث هيأ الله تبارك وتعالى لرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحابته أسباب النصر والنصرة والتمكين في الأرض، وذلك في أرض طيبة مباركة هي أرض المدينة المنورة، وعندما أراد (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخرج مهاجراً إلى دار الهجرة أراد صناديد مكة أن يمنعوه من هذه الهجرة ليحولوا بينه وبين التمكين والنصرة، فهل استطاع هؤلاء إلى ذلك سبيلاً؟! إن أهل مكة -رغم كل الاستعدادات العسكرية- لم يستطيعوا أن يمنعوا أمر الله من النفاذ. يقول الحق تبارك وتعالى واصفاً ما حدث عند الهجرة: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال 30].
لقد كان مكر هؤلاء الكفار ضعيفاً واهياً أمام مكر العزيز الجبار، فخرج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من بين صفوفهم وأخذ حفنة من التراب وقال: شاهت الوجوه، ثم مضى في طريق الهجرة نحو موعود الله عز وجل في دار المكنة والنصرة، وفي طريق سيره (صلى الله عليه وآله وسلم) نحو المدينة عرّج على غار ثور آخذاً بالأسباب في التخفي عن أنظار أعدائه، وعندما وصل الكفار إلى باب الغار قال أبو بكر (رضي الله عنه) لصاحبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): والله لو نظر أحدهم -يا رسول الله- إلى موضع قدمه لرآنا!!، فماذا قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي بكر؟!، قال له: «ما ظنك باثنين، الله ثالثهما يا أبا بكر ؟!» (صحيح مسلم)، وأنزل الله تعالى قوله: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة 40] ووصل (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة المنورة، وأقام دولة الإسلام التي عزّ فيها دين الله، وقويت شوكة المسلمين، وانطلق منها الدين فاتحاً إلى كل أرجاء الأرض!! ..
لقد أصبح المسلمون أمثال بلال وعمار وصهيب وغيرهم قادة وسادة في ظل دولة الإسلام، التي منّ الله بها عليهم بسبب صبرهم وثباتهم على الحق بعد أن كان الواحد منهم لا يستطيع أن يدفع عن نفسه شرّ الكفار في مكة، وأصبحوا هداةً بهذا الدين بعد أن كانوا يستخفون بصلاتهم في شعب الجبال حتى لا يراهم أحد!!
إن هذا القصص العظيم من سيرة هؤلاء الأنبياء، ومن ناصرهم وشايعهم من المؤمنين الصادقين، ليضعنا أمام الحقائق الإيمانية الدعوية الآتية:
1- إن موضوع النصر متحقق لا محالة لرسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ولمن آزرهم وسار في طريقهم واهتدى بهديهم من بعدهم، وإن هذا النصر لا يتخلف أبداً لأنه وعد قطعه الحق تعالى على نفسه (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ).
2- لقد كان الإيمان والصبر والعزيمة على مواصلة الطريق إلى الله تعالى، والتحدّي والثبات على الحق أمام قوى الطغيان والشر، هو العنوان العريض عند هؤلاء الصادقين من المؤمنين دون ملل ولا كلل ولا تسليم بالواقع.
3- لقد حصلت تضحيات عظيمة في طريق السير الذي خطه هؤلاء الأعلام من الأنبياء والأولياء ممن ناصروا دين الله، وحصلت مشقة وتعب، وصدّ عن دين الله تعالى، فارتقى خلال هذه المسيرة الربانية شهداء، وحصل نقص في الأموال والأنفس والثمرات، ومستهم البأساء والضراء حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، فيأتي الجواب من الله (أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة 214]!! ..
4- النصر من الله بالتمكين والاستخلاف في الأرض كان ثمرة طيبة حلوة، يعطيها الله تبارك وتعالى لعباده المخلصين، وفرحة كبرى يفرح بها أولياء الله وأحبابه، وهو في نفس الوقت كان عذاباً وذلاً وهواناً للكافرين ممن وقفوا في طريق الحق والهداية (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم 4-5].
5- إن النصر الكبير في دار الدنيا هو بالتمكين والاستخلاف في الأرض، وهناك انتصارات عظيمة وكبيرة تتحقق على هذا الطريق قبل التمكين؛ واحدة بعد الأخرى حتى تُتوّج أخيراً بالتمكين!!.. فدرب الدعوة -رغم الشدة والتضحية- كله انتصارات تفضي إلى النصر العظيم وهو إقامة سلطان الله تعالى في الأرض!!..
ونصل إلى السؤال الأخير وهو: كيف سيتحقق النصر لهذه الأمة الطيبة هذه الأيام؟!
وللإجابة عن هذا السؤال نقول: إن هناك انتصارات عظيمة تحققت، وما زالت تتحقق في أرض الواقع للدعاة إلى الله تعالى؛ على طريق التمكين والاستخلاف، وكلها تصب في طريق النصر الكبير القريب بإذنه تعالى، وأكبر انتصار لهذه الأمة الكريمة على طريق النصر العظيم بإقامة حكم الإسلام هو وجود هذا الحزب المخلص التقي (000 000)، الذي قيضه الله لهذه الأمة الكريمة، واستمرارية هذا الحزب وتقدمه في طريق النصر رغم وعورة الطريق وشدة الأذى وإحاطة الظالمين من كل قوى الشر على وجه الأرض لإنهاء هذا الصوت الرباني وهذا الشعاع الإيماني العظيم!!..
فقد بُذلت جهود جبارة للصدّ عن سبيل الله، ولحرف هذا الحزب عن المسار الصحيح، ولكنها كانت، والحمد لله وحده، في كل مرة تبوء بالفشل الذريع، رغم ارتقاء الشهداء تلو الشهداء، ورغم شدة السجون وقسوة التعذيب، وقلة الزاد!! …
وهناك انتصارات أخرى عظيمة تحققت على طريق النصر الأكبر، خلال ثمان وخمسين عاماً مضت في طريق العمل المخلص نذكر أبرزها : 1- انتشار الدعوة في كل أرجاء الأرض حتى داخل دول الكفر ، مثل أوروبا وأميركا وأوستراليا وغيرها، وانتشارها بين صفوف المسلمين الجدد في هذه البلاد .. ولا نبالغ إن قلنا إن تنظيم الحزب أصبح هو الأقوى بين كل الجماعات العاملة على الساحة، وأصبحت فكرته هي الفكرة الرائجة في صفوف أبناء المسلمين، لدرجة أن الخلافة أصبحت مطلباً عند كل أبناء المسلمين على وجه الأرض والحمد في ذلك كله لله وحده…
2- انهزام الأفكار المخادعة الكاذبة في بلاد المسلمين؛ مثل فكرة القومية والوطنية وغيرها، لدرجة أننا لم نعد نرى التفاف الناس حولها، ولا الدعوة لها .
3- انهزام الفكر الرأسمالي الغربي وتتابع تهاويه بعد انهدام الفكر الاشتراكي نهائياً، وقد برز هذا الأمر بشكل واضح جليّ في تخلّي أتباع الرأسمالية عن معظم أفكارها الرئيسة؛ مثل الحرية الاقتصادية بعد أن بان عوارها وفشلها في معالجة الأزمات الاقتصادية التي حصلت في السنتين الماضيتين 2008/2009م..
4- تشوّق جموع الناس في بلاد المسلمين للخلاص من هذا الواقع الأليم، وتأييدهم للعمل الواعي المخلص الذي ينقذهم من ظلم الحكام وشرورهم، بعد أن بانت عوراتهم، وظهر كذبهم على شعوبهم، وانفضحت عمالاتهم للكافر عند الصغير والكبير من أبناء المسلمين ..
وأخيراً نقول: إن من يقرأ سيرة الأنبياء والرسل ومن معهم من المؤمنين المخلصين، وينظر في معاني الآيات القطعية الدلالة القطعية الثبوت والأحاديث النبوية الصحيحة الصريحة مما يبشر بنصر الله تعالى لهذه الأمة، وينظر أيضاً في أرض الواقع ويقرأ فيه التقدم الكبير الذي حققه هذا الدين وأنصاره على طريق النصر.. إن من ينظر ويدقق ويتمعّن في كل هذه المعاني العظيمة، يدرك يقيناً أن نصر الله لآت وقريباً بإذن الله تعالى… ويدرك يقيناً قرب تحقق وعد الله تعالى بالتمكين والاستخلاف مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) وقوله: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور 55]، وقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) [الفتح 28].
ويدرك يقيناً قرب تحقق بشارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بفتح روما عاصمة النصارى ومهد النصرانية، وذلك في جوابه على سؤال الصحابة (رضي الله عنهم): أي المدينتين تفتح أولاً يا رسول الله قسطنطينية أم رومية؟ فقد روى الإمام احمد في مسنده عن أبي قبيل قال : «كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَسُئِلَ أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ، قَالَ: فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ». وهذا الحديث فيه بشارة بفتح أوروبا بأكملها، بيضة النصرانية، وعقر دارها هذه الأيام.
ويدرك أيضاً قرب تحقق بشارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بفتح الأرض جميعها وذلك في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن ثوبان أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا…» الحديث، وما رواه ابن حبان في صحيحه: «لَيَبْلُغَنَّ هَذا الأَمْرُ – يَعْنِي الإِسْلاَمُ – مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلاَ يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاّ أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزّاً يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلاَمَ، وَذِلاً يُذِلُّ اللهُ بِهِ الكُفْرَ».
إن من يرى هذا بعين بصيرة يدرك يقيناً أن هذه الأمة ستعود كما كانت، وكما أراد لها ربها بقوله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [آل عمران 110]، لتكون شاهدة على البشر جميعاً إلى يوم القيامة مصداقاً لقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [البقرة 143] صدق الله العظيم.
نسأل الله تعالى أن يجعل هذا قريباً وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
2010-07-17