طريقة تحويل العملات الحالية إلى ذهبية وفضية
2001/05/11م
المقالات
2,111 زيارة
وصلت لـِ « الوعي» المقالة التالية حول تحويل العملات الحالية إلى ذهب وفضة عند قيام دولة الخلافة بإذن الله، وقد سبق لـِ « الوعي» أن نشرت مقالات حول الموضوع نفسه للإخوة القراء، ومن الجدير ذكره أن هذه المقالات بما تحويه من أفكار هي آراء لكاتبيها، وجزاهم الله خيراً على ما بذلوه من دراسة معمقة للموضوع واهتمام بالغ بهذا الأمر الحيوي المتعلق بالنقد في الإسلام.
نسأل الله أن لا يكون ذلك اليوم بعيداً الذي يعلن فيه خليفةُ المسلمين الأحكامَ الشرعيةَ المتعلقة بالسياسة النقدية التي يتبناها حول اتخاذ الذهب والفضة نقداً للدولة وحول معالجة العملات المحلية الموجودة.
==============================================
من المشاكل التي ستواجه الدولة حال قيامها، مشكلة تحويل العملات الحالية إلى نظام النقد المعدني (الذهب والفضة) وأكثر ما تكون هذه المشكلة ظهوراً في بداية قيام الدولة، وبالذات في القطر أو الأقطار التي ستعلن فيها الدولة، ولحل هذه المشكلة والسيطرة عليها لا بد من فهم واقعها وتشخيصها وملاحظة الأنماط التي حدثت فيها مثل هذه الحالة وبعدها وصف العلاج الناجع لها.
فالعملات الحالية جميعها سواء الصعبة منها أو المحلية كلها محمية بالقانون، وقيمتها آتية من تلك الحماية، وليس لها غطاء من الذهب أو الفضة، لذلك فإنها في حالة حدوث أية هزة سياسية أو اقتصادية في أسواق المال، سرعان ما تنهار هذه العملة وتنزل قيمتها، ويفقد أصحابها الكثير من قيمتها، ويحدث ما يسمى بالتضخم، وجميع دول العالم في الوقت الحالي قد حصل فيها نزول لقيمة العملة المحلية لديها مقابل العملات الصعبة، وكذلك العملات الصعبة كثيراً ما فقدت جزءاً كبيراً من قيمتها. فالناس في الدول القائمة في البلاد الإسلامية عانوا كثيراً من هذا الوضع ومن هذه المشكلة ففي سوريا في الثمانينيات من القرن الفائت، كانت كل ثلاث ليرات أو أربع ليرات تستبدل بدولار أصبحت بعد انهيارها كل خمسين ليرة بدولار تقريباً، وحدث هذا بعد طباعة كميات كبيرة منها وإنزالها إلى الأسواق، والعملة اللبنانية كانت كل ثلاث ليرات أو أربع ليرات تستبدل بدولار وأصبحت كل ألف وخمسمائة ليرة تقريباً تستبدل بدولار، والدينار الأردني كان يستبدل بثلاثة دولارات أصبح بعد عام 88 يستبدل بدولار ونصف تقريباً، والدينار العراقي كان يساوي أربعة دولارات، أصبح الآن كل ألف دينار يستبدل بدولار واحد، وحصل للعملة الكويتية عند ضم العراق للكويت مثل هذا الأمر، حتى إن حَمَلَة الدينار الكويتي عند بداية الضم كانوا يستبدلون كل خمسة عشر ديناراً أو عشرين ديناراً بدولار. ولم تسلم العملة السودانية أو التركية أو الإندونيسية أو غيرها من العملات المتداولة في بلاد العالم الإسلامي من الانهيار.
وكل ذلك حصل والأنظمة والدول والقائمون على هذه الأنظمة لم يتغيروا. وفي دول العالم غير الإسلامي حصل هذا الأمر، وبخاصة في دول المنظومة الاشتراكية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي واندثار الشيوعية، فلم يكن نصيب الروبل الروسي بأفضل من الليرة اللبنانية أو الدينار العراقي، إذ وصل التضخم إلى نسب هائلة يصعب تصديقها، ولا داعي لذكر أمثلة أخرى لأنها أكثر من أن تحصى.
إذاً فإن هذه المشكلة ليست جديدة أو خاصة بدولة الخلافة حال قيامها، وفي جميع الأمثلة السابقة كان الناس هم الذين يتحملون ما يترتب على نزول قيمة العملة، فهل سنُحمِّل دولة الخلافة تبعات نزول قيمة هذه العملات التي لم يكن لها يد في وجودها؟ وللإجابة على هذا السؤال لا بد من استعراض أبرز الحالات التي يمكن أن تسبب الخسارة للناس، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الخسارة ستكون في النقد المحلي، للقطر أو الأقطار التي تعلن فيها الدولة، المكنوز لدى الناس أو لدى البنوك، أما الأعيان والذهب والفضة والعملات الصعبة والعملات المحلية للأقطار والدول الأخرى، فإنها ستحافظ على قيمتها.
إن أبرز الحالات التي يمكن أن تسبب خسارة للناس هي: الحالة الأولى تتمثل في التجار، فالتاجر الذي يوجد في محله من السلع والبضائع ما يساوي عشرة آلاف دينار، ومن السيولة النقدية ألف دينار، فإن خسارته ستكون معدومة وربحه سيكون كثيراً، والحالة الثانية تتمثل في ملاك الأراضي والعقارات والأعيان، فمن كان يملك منزلاً وسيارة بقيمة خمسين ألف دولار ويملك من العملة المحلية ما يساوي عشرة آلاف دولار، فإن الأعيان التي يملكها ستعوض خسارته في السيولة النقدية. والحالة الثالثة تتمثل في الموظفين وغالبيتهم لا يملكون من السيولة النقدية إلا ما يكفي مصروف شهرهم أو أسبوعهم. والحالة الرابعة تتمثل في جيوش العاطلين عن العمل فإنه لا يوجد لديهم أية سيولة نقدية كي يفقدوا قيمتها. والحالة الخامسة الأشخاص الذين يملكون الكثير من الأموال النقدية، فإن أغلب أموالهم تكون مودعة لدى البنوك المحلية والأجنبية بالعملة المحلية وبعض العملات الصعبة ويملكون من الذهب والفضة والمجوهرات والأعيان ما سيعوضهم عن خسارتهم من العملة المحلية. والتأثر في نزول العملة المحلية سيكون بشكل واضح في التجارة الخارجية أكثر من التجارة الداخلية (أي أن أسعار المواد المستوردة سيكون أكثر بكثير من أسعار المواد في الداخل). إذن فإن هذه المشكلة هي مشكلة طبيعية وقديمة ودائمة الحدوث في وقتنا الحالي، وليست جديدة ولا خاصة بدولة الخلافة حال قيامها. وبالتالي فلا يجوز أن تتحمل دولة الخلافة تبعات هذا التغيير للعملة لأنه لم يكن لها يد في وجود هذه العملات.
وبعد بيان واقع المشكلة وتشخيصها ودراسة بعض النماذج التي حدثت فيها يُتّبع في استبدال العملة المحلية للقطر أو الأقطار التي تعلن فيها الخلافة ما يلي:
1ـ يجمع ما لدى الناس من أموال العملة المحلية وتسجل وتوثق ويعطى كل من يسلم مبلغاً معيناً وثيقة بذلك، على أن لا يزيد هذا المبلغ عن عشرة آلاف دولار او ما يعادلها. وإذا زاد عن عشرة آلاف دولار يتحقق من أرقامها ومن مصدرها، لأن العادة جرت أن لا يحتفظ الأفراد أو الشركات بمبالغ كبيرة وذلك لتجنب التزوير.
2ـ تجمع الأموال السائلة من العملة المحلية الموجودة في البنوك المركزية والتجارية، وتوثق ويحتفظ بأسماء الأشخاص الحقيقيين والاعتباريين المدينين والدائن والمساهمين لدى كل بنك لأن أغلب أموال البنوك تكون مودعة كأسهم في شركات تعمل في مجال الملكية العامة وشركات تعمل في مجال الملكية الخاصة، بالإضافة إلى القروض للشركات والأفراد.
والبنوك التجارية كشركات مساهمة، ستعامل معاملة الشركات المساهمة، وسيجري إلغاء الشركات المساهمة التي تعمل فيما هو داخل في مجال الملكية العامة، والإشراف على هذه الشركات وعلى موجوداتها وأموالها سيكون من قبل الدولة، مثل الشركات التي تعمل في مجال استخراج النفط والغاز والحديد والفوسفات والبوتاس وغيرها. أما الشركات المساهمة التي تعمل في ما هو داخل في مجال الملكية الفردية، فسيعمل على تحويلها إلى شركات إسلامية، وإن تعذر تحويلها إلى شركات إسلامية فسيتم تصفيتها، وذلك كالبنوك التجارية التي سيتم تصفيتها ورد الحقوق إلى أصحابها ما أمكن ذلك. وستتحفظ الدولة على أسماء المساهمين في الشركات المساهمة بجميع أنواعها وعلى أسماء المساهمين والمودعين والدائنين والمدينين الحقيقيين والاعتباريين من أجل إعادة الحقوق إلى أصحابها عند تصفيتها ما أمكن إلى ذلك سبيلاً. ويعلن عن بيع الأصول الثابتة للبنوك ويجمع ثمنها وتضاف إلى الذهب والفضة الذي جمع من البنوك ومن استبدال العملات الصعبة والمحلية للدول الأخرى. وتحسب الأموال للمودعين والمساهمين لدى البنوك بنسبة ما يوجد في هذه البنوك من أموال وما تم بيعه من الأصول الثابتة وما تم استعادته من القروض وما تم جمعه من العملات الأجنبية الصعبة وغيرها وما تم جمعه من الذهب والفضة لدى هذه البنوك.
3ـ ترسل العملات الأجنبية الصعبة والمحلية للدول الأخرى بالطرق المشروعة إلى دول الجوار ويؤخذ بدلها الذهب والفضة أو بمواد يحتاج إليها المسلمون أو دولة الخلافة.
4ـ يحدد مدة أسبوعين لتسليم العملة المحلية الموجودة لدى الناس في الداخل، ويستثنى من ذلك العملة المحلية الموجودة في الخارج.
5ـ الأموال الخاصة بالموازنة العامة للقطر قبل إعلان الدولة يتحفظ عليها لإنفاقها في وجهها الشرعي من رواتب للجند والموظفين والجهاد والتعليم والتطبيب وغيره…
6ـ ما جمع من الذهب والفضة يعمل نسبة بينه وبين ما جمع من العملة المحلية في الداخل ويوزع على أصحاب الوثائق بقدر هذه النسبة. وهذا من باب الرعاية والتعويض وليس من باب الوجوب على الدولة.
7ـ تحسب الديون بين الناس بالذهب والفضة بنفس النسبة التي استبدلت بها العملة.
وتكون وحدة النقد الشرعية التي سيتم التعامل بها في دولة الخلافة على أساس 4.25 غم للدينار من الذهب الخالص و2.975 غم للدرهم من الفضة الخالصة.
هذا بالنسبة للناس الموجودين داخل دولة الخلافة حال قيامها. أما بالنسبة للمسلمين الموجودين في الأقطار القابلة للضم في وقت قريب فيتبع ما يلي:
1ـ يخاطب الناس في هذه الأقطار بضرورة استبدال الذهب والفضة بما لديهم من عملات.
2ـ يخاطبون بسحب أرصدتهم من البنوك وبتصفية حساباتهم معها.
3ـ يخاطبون بضرورة التخلص من الأسهم التي يملكونها لدى الشركات المساهمة في أسرع وقت.
ويكون ذلك عن طريق وسائل الإعلام في دولة الخلافة وبإنزال نشرات متتالية والقيام بحملات همس واسعة. ولهذا العمل سيكون فائدة أخرى وهي سرعة سقوط النظام القائم في القطر، خاصة إذا تضمنت النشرات وحملات الهمس الطلب من أعضاء مجلس الشعب أو النواب الاجتماع بصفتهم ممثلين للشعب وإعلان ضم القطر إلى الدولة وتحذير رأس الدولة والوزراء والأجهزة الأمنية والجيش من التصدي لعملية الضم التي سيقودها الشباب في الولاية من داخل القطر.
وكذلك يستعمل الأسلوب نفسه في الأقطار غير القابلة للضم في المستقبل المنظور لإثارة الذعر عند الأنظمة القائمة فيها للإسراع بعملية الضم.
ولتحويل التعامل إلى نظام الذهب والفضة على مستوى العالم يتبع ما يلي:
1ـ يكون تصدير جميع المواد من داخل الدولة (نفط وفوسفات وحديد وغيرها) إلى الخارج بالذهب والفضة فقط، أو بأسلوب المقايضة بمواد تحتاجها الدولة أو الناس داخل الدولة.
2ـ يدفع بدل استيراد أية مادة من الخارج ذهب وفضة فقط بعد التخلص من العملات الأجنبية الموجودة داخل الدولة.
3ـ تعامل الديون الخارجية على أساس الذهب والفضة.
4ـ دعوة بقية الدول لتبني نظام الذهب والفضة.
5ـ يمنع تناول العملات الورقية داخل الدولة بعد انتهاء مدة الاستبدال (الأسبوعين)، لأن العملة الورقية وخاصة عملة البلد الذي أعلنت فيه الخلافة ستفقد ثقة الناس بها تلقائياً، ولن تقبلها أية دولة أخرى في التجارة الخارجية. وهذا يدل على خطأ الرأي الذي يقول لا مانع من إبقاء التعامل بالعملة الورقية لفترة معينة.
أما عن توفر الذهب والفضة في البلاد الإسلامية فإن الكميات الموجودة فيها تكفي لتغطية التعاملات الداخلية وحتى الخارجية. فمثلاً يتوفر في دولة الإمارات العربية ثلثا احتياط الذهب في العالم. وأما تهريب الذهب والفضة من داخل الدولة إلى خارجها، فإن العكس سيحصل لأن قيمة الذهب والفضة ستكون داخل الدولة أعلى من قيمتهما خارج الدولة. أي أن التهريب من خارج الدولة إلى داخلها هو الذي سيحدث.
وأخيراً فإن هذا الرأي قد يكون فيه بعض الفجوات، لذلك يجب على القائمين على الأمر تدارك أية سلبية أثناء التطبيق. أما عن احتمال وقوف دول الغرب وعلى رأسها أميركا في وجه دولة الخلافة لمنعها من تحويل نظام النقد الحالي إلى نظام النقد المعدني (الذهب والفضة) كما وقفت في وجه ديغول، فإن هذا أمر طبيعي، ولا يقتصر على موضوع العملة، بل ستقف هذه الدول في وجه دولة الخلافة في جميع المجالات للقضاء عليها وستكون دولة الخلافة بإذن الله جاهزة للتعامل مع كافة الاحتمالات وأسوئها بما فيها الحصار الشامل، وإعلان الحرب من قبل أميركا وحلفائها وتابعيها على دولة الخلافة واستعمال كافة أسلحة الدمار الشامل من نووية وكيماوية وجرثومية وصواريخ بالستية وصواريخ عابرة للقارات وأسلحة تقليدية وغيرها. وهذه أمور متوقعة والإجراءات تجاهها موجودة بإذن الله ولكن بحثها ليس في هذا المقام .
أحمد أبو قدوم ـ عمان
2001-05-11