كلمة أخيرة:
عدة الشغل
هل انتهى الزمن الذي يُنظر فيه إلى بعض العاملين في الصف الإسلامي وكأنهم «عدة شغل» تُستدعى حين اللزوم، وتُركن في الزاوية وقتما يشاء الحاكم؟ هل يتلخص دور بعض العاملين وبعض المشايخ في لقطة تلفزيونية تؤخذ له وهو يجلس في الصف الأمامي ثم يُرمى في زوايا النسيان؟
مناسبة هذا الكلام ما حصل في الماضي القريب، وما يحصل هذه الأيام، ومن يدقق فيما يجري من ألاعيب سياسية وإعلامية فإنه سوف يرى أن الأنظمة المحلية تسير على خُطى أميركا وتتعلم منها، بل تتلقى تعليمات منها. فحينما كانت أميركا تخطط لهزيمة وتفتيت الاتحاد السوفياتي قامت بركوب موجة الإسلام والجهاد في مناطق عدة بما فيها البوسنة وألبانيا وأفغانستان، ودعمت العمل بالسلاح، وكلفت بعض الدول العميلة لها بدعم المقاومة ضد الروس.
أما محلياً فإن بعض الدول المجاورة لفلسطين تتذكر بعض الجماعات حينما يلزمها العمل لتنفيذ مخطط من المخططات المرسومة سلفاً، وأحياناً تكتفي بأن يجلس بعضهم في الصف الأمامي لمؤتمر، فتملأ بهم بعض المقاعد لكي يكتمل رسم ديكور الصورة، ثم تطويهم كما تطوى ركائز الكاميرا المرافقة للمهرجان (أي كما تلملم عدة الشغل). وأحياناً يُستدعى هذا البعض للسير في مقدمة مظاهرة استعراضية، وتؤخذ لهم لقطة تلفزيونية تُعرض على الشاشة الصغيرة لثوانٍ معدودة، ثم ينساهم المشاهدون، ويلفظهم أصحاب المهرجان التجييشي. وهكذا تتكرر استدعاءات فريق عدة الشغل في المناسبات، وحينما ينحشر النظام. ومن الملاحظ أن بعض الأنظمة، حينما تشعر بالضغوط الدولية، تجد أن الكثيرين قد انفضّوا من حولها، ولا تجد سوى بعض القوى الإسلامية التي تقبل أن تكون مطية، فتستغلها مجاناً، ولا تجد أرخص ثمناً منها مقابل الظهور الإعلامي التلفزيوني الذي قد يثمر بعض الأصوات الانتخابية.
فحتى متى تستمر هذه المطايا بوصفها عدة الشغل السلطوي؟ وإذا كان المشاهدون ينسونهم… فما كان ربك نسيّا .