ردٌّ على ردّ
2000/07/08م
المقالات
2,239 زيارة
إطلعتِ «الـوعــي» على ما كتبه الدكتور حسام الدين عفانة في جريدة القدس بتاريخ 12/05/2000، والذي تضمن ردّاً على ما جاء في مقال نشرته «الـوعــي» عدد 156، تحت عنوان (هل أباح القرضاوي الربا؟). واللافت للنظر أن الدكتور عفانة لم يجعل رده مركزاً على ما نسب للشيخ القرضاوي في مقال «الـوعــي» المذكور، بل خلطه بكتابات أخرى، قال إن الشيخ كتبها عن الربا في مجالات أخرى، علماً بأن مقال «الـوعــي» المذكور كان متعلقاً فقط بما قاله الشيخ القرضاوي في موقعه على الإنترنيت، قسم الشريعة والحياة، حلقة الشركات المساهمة بتاريخ 06/12/98، ونحن نعيده هنا بالنص نفسه لنرى إن كان كاتب مقال «الـوعــي» محقاً في إنكاره على الشيخ ما قاله أم لا:
يقول الدكتور القرضاوي:
(الشركات التي حدث فيها الخلاف هي الشركات التي يكون عملها ونشاطها مباحاً مثل شركة الإسمنت، شركة الكهرباء، شركة النفط، شركة الاتصالات، هذه الشركات أصل عملها لا حرج فيه إنما الشبهة تأتي من أنها قد يفيض عندها بعض المال فتودعه في البنك الربوي ومعنى ذلك أنها تأخذ عليه فوائد. وقد تكون هذه الشركات أيضاً تحتاج إلى بعض المشروعات فتستقرض لها بالربا فعملها حلال ومباح أساساً ولكن الربا قد يدخل عليها في الطريق. هنا الفقهاء وفي عصرنا مختلفون في هذه القضية فأكثر العلماء يمنعون، وهناك فريق من العلماء والفقهاء من أباح بشروط وأنا ود.عبد الستار ود. علي القرة داغي من هؤلاء، أهم هذه الشروط أن لا يكون التعامل بالربا كثيراً والكثرة والقلة هذه عملية نسبية، البعض قال إنه لا يصل إلى 30% لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «الثلث والثلث كثير» قال 30% يعتبر أقل من الثلث. أصبح كثير من الفقهاء يعتبر «الثلث كثير» في أي شيء لأن اللفظ عام فهو كان في قضية الوصية ولكن قال: «الثلث والثلث كثير» فهذا بالألف واللام يعتبر من ألفاظ العموم والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وأنا شخصياُ أرى أن 30% كثيرة وأرى أنه لا بد أن نقلل أكثر مثلاً 15% معقول فهذا ضابط. الأمر الثاني أن يكون هناك هدف من وراء الاشتراك خصوصاً مثل الشركات التي تكون في البلاد الإسلامية فهذه الشركات لا ينبغي أن نتركها لغير المسلمين. في بعض البلاد هناك أقليات غير إسلامية، هل المسلمون المتدينون يتركون هذا لغير المسلمين وينسحبون من هذا الميدان تماماً أو يتركونها للادينيين والمنحلّين ومن لا دين لهم ولا خلق وتصبح هذه المؤسسات مفرغة من العنصر الملتزم، هذا خطر أيضاً.
المقدم: إذن أنت تدعو أن يغزو المسلمون هذه المؤسسات رغم أنها تتعامل بالربا.
القرضاوي: نعم، وربما نستطيع إذا كنا العنصر المتدين فيها أن نختار مجلس إدارة يقرر عدم التعامل بالربا. ثم هناك أمر ثالث وهو أنه إذا لم نستطع أن نصل إلى هذا الحد، فعلينا أن نخرج ما يقابل الفوائد الربوية من الأرباح فأنت إذا دخلت في هذه الشركة ولم تستطع أن تحولها إلى إسلامية تماماً وكان عندها مال فائض، ووضعته في البنك الربوي وهذا المال أخذت عليه فائدة، ممكن نعرف عن طريق إما ميزانية الشركة المنشورة أو عن طريق سؤال المحاسبين المتخصصين كم تساوي هذه النسبة فتقول لك تساوي 10%، 20% فهذه النسبة على المسلم أن يتطهر منها ويخرجها ولا يدخلها في ماله الخاص.
إذا لم يستطع الإنسان يسأل بعض المتخصصين حتى من المحاسبين من الشركة ويستطيع أن يعرف، وافترض في النهاية أنه لو جهل فيخرج بالاجتهاد يقول والله أقدر 20% أقدر 20% أو 25% وأخرجها من هذه الشركة ويقول دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) انتهى بنصه.
أليس هذا، أيها الأخ الدكتور، يفيد بصريح المقالة وقطعي الدلالة، أن موقف الشيخ من الشركات المساهمة التي تتعامل بالربا الكثير غير موقفه من الشركات التي تتعامل بالربا غير الكثير الذي لا يتجاوز 15% حسب رأي الشيخ؟ فهل هناك فرق بين التعامل بالربا الكثير والربا القليل؟ أليس كله حراماً؟
ثم أليس هذا يفيد بصريح المقالة وقطعي الدلالة، أن الشيخ يجيز اشتراك المسلمين في هذه الشركات التي تتعامل بالربا؟ بل هو لا يطلب من المسلم إذا لم يستطع أن يمنع هذه الشركات من التعامل بالربا، لا يطلب منه أن يترك هذه الشركات بل يقول له أن يخرج نسبة الربا التي يقدرها في تعامل الشركة ولا يدخلها في ماله الخاص، ثم يستمر شريكاً في الشركة التي تتعامل بالربا!
بعد هذا، أيها الأخ الدكتور، ألا يحق لكاتب مقال «الـوعــي» أن ينكر على الشيخ ما قاله في موقعه على الإنترنيت؟
فقط يكون كاتب مقال «الـوعــي» غير محق، إن كان الدكتور القرضاوي لم يقل ما نسب إليه في موقعه على الإنترنت، وأنت لم تنف أن الشيخ القرضاوي قد قال هذا القول.
الأخ الكريم الدكتور حسام الدين عفانة ،
كن على ثقة أن «الـوعــي» تحب وتجل وتحترم العلم والعلماء، ولكنها تحب وتحترم وتجل كلمة الحق، أشد وأعظم.
كما أن «الـوعــي» لا تنكر المشاعر الإنسانية فقد يجل المرء إنساناً ويضعه في درجة عالية ولا يحب لهذه الدرجة أن تصاب بأدنى هزة، وقد يحبه حباً جماً فوق الوالد والولد، لا ننكر ذلك، ولكننا ننكر أن يؤثر هذا الحب والإجلال على العدالة في الحكم على أي إنسان وبخاصة إن كان الأمر يتعلق بشرع الله، الحلال والحرام (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً).
أما أن الصواب في تطبيق قاعدة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) أن يكون في نفس الموضوع، وكذلك بطلان عقود الشركات المساهمة، فلعلنا نفرد لهما بحثاً في المستقبل إن شاء الله .
2000-07-08