أساليب الغرب الخبيثة للنفـاذ إلى اليمـن (1)
2000/07/08م
المقالات
1,976 زيارة
وصلت إلى «الـوعــي» مقالة قيِّمة من المهندس ناصر حول الأساليب الخبيثة التي يستعملها الغرب وبخاصة أميركا لنشر سمومه في اليمن، تحت مسميات متعددة. وهذه المقالة وإن كانت مركزة على اليمن إلا أنها تنطبق على أساليب الكفار للنفاذ إلى بلاد المسلمين بعامة. ولأهمية هذه المقالة، فقد رأت «الـوعــي» أن تنشر أبرز ما فيها، ليدرك المسلمون ما يحاك ضدهم، من مؤامرات سياسية وثقافية، بعد أن تبين للغرب أنَّ الصدام العسكري المباشر لا يحقق أغراضهم.
يقول المهندس ناصر إن الأساليب الخبيثة التي يستعملها الغرب في إدخال سمومه إلى اليمن، يُغلّفها بمظاهر براقة خادعة تحت مسميات عدة مثل الديمقراطية، حرية المرأة، الإرهاب، حقوق الإنسان، والتعددية، والحريات، وسياسات السوق، والحوار بين الأديان، والحضارات. ثم يقوم الغرب بعقد الندوات والمحاضرات لتسويق مفاهيمه الزائفة وأفكاره الباطلة مثل (منتدى الديمقراطيات الناشئة)، (مؤتمر تحديات الدراسات النسوية في القرن الحادي والعشرين)، (ندوة تقرير مشاركة المرأة كمرشحة وناخبة) وغيرها.
ثم يستعرض المهندس ناصر بعض هذه الأساليب والوسائل ويذكر بعض المؤتمرات والندوات على النحو التالي:
-
حريـة المـرأة:
قال تعالى: (يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون) فالمرأة هي أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان، وقد كلفها الله سبحانه وتعالى بالأحكام الشرعية كما كلف الرجل، إلا ما اختصها به من أحكام حسب طبيعتها وخلقتها، هذه النظرة للمرأة هي نظرة الإسلام، ولكن فهم الناس للنظام الاجتماعي اضطرب اضطراباً عظيماً، ولا سيما المسلمين، وبعدوا في هذا الفهم عن حقيقة الإسلام ببعدهم عن أفكاره وأحكامه. وسبب هذا الاضطراب هو أن الفكر الذي بني عليه النظام الاجتماعي بين الرجل والمرأة، هو الفكر الغربي، أي أن الاضطراب الفكري، والانحراف في الفهم عن الصواب، هو السبب، ويرجع ذلك إلى الغزوة الكاسحة التي غزتنا بها الحضارة الغربية، وتحكمت في أذواق المسلمين تحكماً تاماً، غيرت به الحضارة الغربية، مفاهيمنا عن الحياة، ومقاييسنا للأشياء، وقناعاتنا التي كانت متأصلة في نفوسنا، مثل غيرتنا على الإسلام، وتعظيمنا لمقدساتنا، فكان انتصار الحضارة الغربية علينا شاملاً جميع أنواع الحياة، ومنها هذه الناحية الاجتماعية، ونظرة الحضارة الغربية للمرأة هي أنها سلعة، تباع وتشترى، وتستخدم لإشباع غريزة النوع وحسب، وتستخدم في محلات البيع والشراء لجلب الزبائن، وكمضيفة للطائرة، وفي الدعاية والإعلان، وفي الأفلام والمسلسلات، وفي الرقص وغيره، هذه النظرة للمرأة منبثقة من النظام الرأسمالي، لذلك نجد الغرب يركز على المرأة المسلمة، ويدعي بأنها مظلومة، وأنها متخلفة، وأن حريتها غير مكفولة، ويزعم بأنه هو الذي يعطي المرأة حقها، وأن المرأة المسلمة متخلفة بلباسها الشرعي، ولذلك زاد المنادون في بلاد اليمن بمفاهيم الحضارة الغربية حول المرأة، وكثرت المؤتمرات والندوات، وكثر الترويج الإعلامي لمساواة الرجل بالمرأة، وظهرت نساء لا يُقمن للدين والأخلاق أية قيمة، ووجدت نساء يسرن في ركاب الحضارة الغربية، واستطاعت السفارات تجنيد نساء من أهل اليمن لهذا الغرض، وذلك من أجل جعل المرأة المسلمة تحمل مفاهيم الغرب، وتتمسك بتقاليده، وتسير بسلوكه، وما ذكره تقرير وزارة الخارجية الأميركية عن ممارسة حقوق الإنسان في اليمن 98م خير دليل على ذلك، فقد ورد في التقرير في القسم الخامس “التمييز القائم على أساس العرق أو الجنس أو الدين أو العجز أو اللغة أو الوضع الاجتماعي “وذكر فيه البنود “المرأة، الأطفال، المعوَّقون، الأقليات الإثنية”، وذكر في بند المرأة العديد من الاستغرابات حول بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالعلاقة بين الرجل والمرأة، وأخذ التقرير يعيب على هذه الأحكام، ويريد تغييرها بحجة أنها قيود على المرأة اليمنية، وأنها مخالفة لحقوق الإنسان، فيقول التقرير: (تتعرض المرأة لكثير من القيود التي يفرضها القانون والتقاليد الاجتماعية والدين، فالرجال مصرح لهم بالزواج من عدد يصل إلى أربع زوجات، غير أن القليل من يفعل ذلك،.. ويشترط القانون “طاعة” المرأة لزوجها، وعليها أن تعيش معه في المكان المذكور في العقد وإكمال واجبات الزوجية، وعدم مغادرة البيت دون إذنه… وتستغرب كاتبة التقرير من “يطلب من النساء اللواتي يرغبن في السفر إلى الخارج، أن يحصلن على تصريح من الرجال…، ومع ذلك فإن تطبيق هذا الشرط غير منتظم”.
ويقول التقرير “يسمح القانون الإسلامي للرجل بالزواج من المسيحية أو اليهودية، ولكن لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من خارج الإسلام،.. وأي مواطن يرغب في الزواج من أجنبية عليه الحصول على ترخيص بذلك من وزارة الداخلية، حيث يشترط في المرأة الأجنبية أن “تتحلى بخلق وسلوك قويمين” وأنها خالية “من الأمراض المعدية”.. ولا توجد متطلبات مماثلة خاصة بالرجال، إن بعض منظمات حقوق الإنسان قد أعربت عن قلقها حيال ذلك..”.
وهنا يظهر ما تريده أميركا لنساء المسلمين في اليمن، تريد “متطلبات مماثلة للرجال كما للنساء”. أي أن تتزوج المرأة بأربعة، وتتزوج بالكافر (النصارى أو اليهود)، وأن تسافر بدون إذن أو بدون محرم كما يفعل الرجل، على أساس (المساواة بين الرجل والمرأة)، هذه هي حرية المرأة التي يريدونها لنسائنا، والتي يدعون لها، لأنها من صلب حضارتهم العفنة.
وتبذل أميركا المساعدات بحجة “الصحة الإنجابية”، و”تنظيم النسل” و”صحة الأم والطفل” وأوجدت لذلك منظمات وهيئات، أخذت تجمع حول هذه الأفكار الساسة والمثقفين بثقافة الغرب من أبناء اليمن. وكذلك تفعل المنظمات الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لأن زيادة المسلمين تشكل خطراً عليهم، وهم يدركون أن عدد المسلمين يزيد، وهم يتناقصون، فالمرأة المسلمة تنجب الكثير من الأطفال، ونساؤهم في الليالي الحمراء، وبالتالي لا بد من إفساد المرأة المسلمة وإبعادها عن الإنجاب، وقامت منظمات تدعو إلى تحديد النسل، وانتشرت حبوب منع الحمل، وكذلك الأكياس الواقية، وكذلك جميع وسائل العزل ومنع الحمل، ولقد أعلنت الحكومة الأميركية منح مساعدة للحكومة اليمنية قدرها نصف مليون دولار أميركي، وذلك بهدف تحسين نوعية الخدمات الصحية الإنجابية، حيث قدم ذلك وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون العالمية، حيث قال: “المعدل الإجمالي للخصوبة في اليمن (متوسط إنجاب المرأة من الأطفال) يصل إلى (6.5) ما يعتبر من أعلى المعدلات في العالم، كما أن معدل استخدام النساء لوسائل منع الحمل يبلغ 13% ما يعتبر من المعدلات الأكثر انخفاضاً في العالم”.
وعلى نفس الصعيد، قامت الحكومة اليمنية بعمل الإعلانات حول تحديد النسل، ورعت الأمم المتحدة الكثير من المؤتمرات والندوات حول المرأة، سواء مؤتمر القاهرة أو بكين، ودعت فيه إلى الإجهاض والسحاق واللواط والشذوذ بكافة أشكاله، وحضر ممثلون عن الحكومة اليمنية تلك المؤتمرات، ووقَّعوا على ما ورد فيها، وما تقرر فيها، والحكومة اليمنية تسعى لإيجاد تلك المفاهيم والأعمال في اليمن، إلا أنها تسير في ذلك بسرية تامة وتدور حوله، وبأسماء ومسميات أخرى، وتخاف أن تجاهر أهل اليمن بذلك، ومع ذلك يلاحظ زيادة الفساد الخُلُقي وانتشاره في اليمن بشكل كبير، وذلك بسبب مفاهيم الديمقراطية والحرية، والفقر، والترويج للجريمة، وقلة الزواج، وكثرة الشباب غير المتزوجين، وعدم تطبيق أحكام الله، وعدم تطبيق الإسلام هو رأس كل بلية بلي بها المسلمون في اليمن، ولقد ظهرت أخيراً في مؤتمر “تحديات الدراسات النسوية في القرن الحادي والعشرين” مفاهيم غريبة وشاذة عن مفاهيم الإسلام، مثل مفهوم “الجندر” وسنتطرق إلى المركز وما دار فيه، وما هو الجندر لاحقاً؟
وفي 15/06/99م، قام الملحق السياسي: “إنجيلا ديكي” في السفارة الأميركية بصنعاء، بزيارة إلى مدينة عدن، وإقامة لقاء موسع بجامعة عدن للشخصيات النسوية من مختلف المؤسسات الأكاديمية، والتربوية والاجتماعية والصحية، وتحدث في اللقاء أكثر من 30 شخصية نسوية حول “مجمل الصعوبات والقضايا التي تواجه المرأة اليمنية” حيث قالت إنجيلا ديكي: “إن الغرض من هذا اللقاء هو الإلمام بواقع المرأة اليمنية، وتقديم الدعم لأفضل مشاريعها القادرة على تكوين مجتمع حضاري مدني وملامسة همومها باتجاه تطوير واقعها وتعزيزه، ومشاركتها في عملية التنمية الشاملة للبلاد…”.
بينما قال نائب رئيس الجامعة عند اللقاء بالملحق السياسي الأميركي: “بأن الجامعة تولي اهتماماً خاصاً بقضايا المرأة اليمنية ـ ودعا إلى ضرورة تقديم الدعم اللازم لها من قبل المنظمات الدولية في سبيل تعزيز مكانتها، وإعطائها الفرصة الكافية لإثبات قدراتها وانتشالها من الموروث والعادات القديمة…” فلماذا يلم الأميركان بواقع المرأة اليمنية؟ وماذا يقصد نائب رئيس الجامعة بقوله: وانتشالها من الموروث والعادات القديمة…”.
وفي الشهر نفسه (06/99م) زارت السفيرة الأميركية بصنعاء (باربرا بودين)، المركز الأول لليتيمات مع الطاقم العامل معها في السفارة، وذلك يوم عطلتهم القومية، لإقامة يوم مفتوح في المركز، والقيام بطلاء الجدران، وتقديم الهدايا الخفيفة للفتيات اليتيمات في المركز، وظهرت في الصورة وهي تطلي جدران المركز ومع الطاقم العامل بالسفارة.
وأخذ الإعلام يروج بأن هذا عمل إنساني، بالرغم من أنه عمل سياسي، تقوم به سفارة الدولة الإولى في العالم، وعلى رأسها السفيرة.
وفي 08/07/1999م أقيم بمركز رعاية اليتيمات بصنعاء حفل تكريمي بمناسبة السنة الدراسية الأولى لليتيمات، وفي الحفل ألقت مديرة المركز والسفيرة الأميركية كلمتين أشارتا إلى ضرورة الاهتمام بالأيتام ورعايتهم وخاصة الفتيات، ودعمهم ومساعدتهم على التعليم والتحصيل العلمي، حتى يكون لهن دور فاعل في المستقبل؟ فلماذا يهتم الأميركيون باليتيمات في اليمن وييتمون أطفال المسلمين في العراق وألبانيا والشيشان وفي العالم؟
وبما أن الشعب اليمني تغلب عليه المشاعر الإسلامية، ولا يفهم الإسلام فكرياً، فإن الأمم المتحدة تستخدم الدين لبث أفكارها، وخاصة حول المرأة، فقد تولت وزارة الأوقاف والإرشاد مع صندوق الأمم المتحدة “مشروع التوعية السكانية” حيث بدأ يوم السبت 27/11/99 تنفيذ المشروع وقام بتوجيه رسائل التوعية في مجال تنظيم الأسرة، حيث قال وزير الأوقاف مروجاً لأفكار الغرب وبأسلوب مبطن “إنه لا بد من اتباع أفضل الأساليب والطرق في عملية التوعية والتثقيف السكاني لضمان جيل سوي خال من التشوهات وبعيداً عن العشوائية في تنظيم وتوعية السكان دينياً وثقافياً واجتماعياً”.
وبالنسبة “لمركز البحوث” التطبيقية والدراسات النسوية التابع لجامعة صنعاء، فقد وجد لبث أفكار الحضارة الغربية حول المرأة، وما يتعلق بها من حريتها ومساواتها بالرجل، وتخليها عن أحكام الإسلام في لباسها ومعاملتها مع زوجها وفي المجتمع..الخ، فقد أقام هذا المركز مؤتمر “تحديات الدراسات النسوية” في القرن الحادي والعشرين ويدعم من هولندا حيث شارك في المؤتمر 26 دولة و69 دراسة قدمت وألقيت في المؤتمر الذي أقيم في الفترة (12ـ14/09/99م” وكان نتاج 13 مركزاً مماثلاً في العالم الإسلامي، أغلب المشاركين والمشاركات من المعروفين باتجاهاتهم الفكرية العلمانية والمعادية للإسلام حيث كان الهدف من المؤتمر هو تقديم الدراسات حول المرأة، والتحديات التي تواجه الدراسات النسوية، واختيرت اليمن لأنها البلد الأكثر محافظة على العرض، وكما قالوا: “لتخليص المرأة اليمنية من العادات والموروثات القديمة” وحيث إن الحجاب لا يزال هو الطاغي في الحياة العامة، وقدّم المشاركون الدراسات حول المرأة سواء أكان من الناحية القانونية أم اللغوية أم الإعلامية..الخ.
وقدمت أوراق العمل وكان معظم تلك الأوراق مخالفاً لشرع الله ومأخوذاً من الأفكار العلمانية والنظام الرأسمالي، حيث تشبع بتلك الأفكار مقدموها ومما طرح في المؤتمر، ويدرس في جامعة صنعاء “الجندر” إن هذا المفهوم لا يدركه الكثير من المسلمين، ويتطلعون إلى معرفته، وهو في الحقيقة أمر في غاية الخطورة، إذ هو مادة من المواد الأساسية التي يدرسها “مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية” وهو الذي دارت حوله أعمال المؤتمر حيث يريدون “جندرة اللغة والدين والتاريخ”.. “والجندر” وفقاً لما جاء في المؤتمر وتعريف تقرير لجنة جامعة صنعاء المتضمن لمعنى الجندر وكما جاء في “الموسوعة البريطانية” ومنظمة “الصحة العالمية” هو:
[الإحساس المطلق بوحدة النوع الإنساني، بحيث ينعدم الشعور لدى المؤمن بالجندر، بوجود الفوارق العضوية أو الفطرية أو الوظيفية بين الرجل والمرأة، وبحيث ينظر إليهما على أنهما جنس واحد لا جنسان اثنان، وبحيث يعاملان على أنهما (شيء واحد) في مختلف مجالات الحياة، وهو الإحساس المطلق بامتلاك الفرد لجسده بحيث يكون في وسعه أن يمارس ويشبع غرائزه الفطرية بما شاء وكيف شاء، ودون ان يكون للتشريعات السماوية أو القوانين الوضعية، أية علاقة به، أو سلطان عليه”]. وهو ـ بناءً على ذلك ـ لا يرى أن يكون تكوين الأسرة قائماً بالضرورة ـ على ذكر وأنثى، لأن ذلك يعني تكريساً لمفهوم الذكورة والأنوثة (اختلاف النوع) الذي يتصادم مع مفهوم “الجندرة” وإنما يمكن أن يكون مكوناً من رجل ورجل، أو امرأة وامرأة، كما يمكن أن يكون مكوناً من امرأة ورجل أيضاً، ولكن ليس على أساس أنهما نوعان مختلفان، بل على أساس أنهما نوع واحد، مال أحدهما إلى الآخر، كما يمكن أن يميل الرجل إلى الرجل، والمرأة إلى المرأة، وهو بهذا يجيز تزويج الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، أي يجيز “اللواط” و”السحاق”!!
وهو لا يؤمن بالتشريعات السماوية، ولا يرضى بالقوانين الوضعية، إذا لم تتفق مع نظرته، ويجب على المؤمنين بالجندر أن يبذلوا كل ما في وسعهم للتعريف به والعمل على نشره، وعمل الدراسات والأبحاث حوله، وأن يعقدوا المؤتمرات والندوات من أجله، وعلى حين غفلة من أهل اليمن، عقدوا مؤتمر الدراسات النسوية، وبتخطيط وتنظيم وحماية من الدولة، وقد حدثت عدة مؤتمرات قبل هذا المؤتمر الجندري، مؤتمر فانكوفور/ كندا سنة 1976م تحت عنوان “مؤتمر الأمم المتحدة والمستوطنات البشرية” ومؤتمر استانبول/ تركيا سنة 1996م تحت عنوان “المستوطنات البشرية حوار حضارات أم صراع حضارات” حيث قوبلت فكرة الجندر بالرفض ما عدا أميركا وبريطانيا وإسرائيل، فلا بد من جندرة كل شيء في الحياة، كما ذهب إليه “المتجندرون” وهؤلاء “الجندريون” إنما هم كالببغاوات يرددون ما يمليه عليهم أعداء الإسلام من يهود ونصارى، ومن ضمن ما ذكر في المؤتمر ـ في صنعاء ـ ما يلي:
ـ السفيرة الأميركية: قدمت ورقة حول “العنف ضد النسا”، تقول: ومتى ما اعتقد الرجل أن ضرب النساء مسموح به تضعف الأسرة، ويضعف معها المجتمع، وعندما تكون المجتمعات غير قوية، فإنها لا تستطيع الوقوف أمام التحديات التي تواجهها، خصوصاً تحديات الديمقراطية والتنمية الاقتصادية… وأولى خطوات معالجة هذه المشكلة هي أن نغير مفهومنا تجاهها، وأن نفهم بأن الاعتداء على الزوجة والابنة والأخت جريمة كالاعتداء على شخص غريب، وأن الاغتصاب جريمة عنف وليس جريمة جنس وأن اللاتي تعرضن للضرب أو الاغتصاب يجب ألا يشعرن بالخجل…”.
ـ من الأردن ـ زليخا أبو ريشه: قالت “أقدم كتاب كرس محو الأنثى وتسلط الرجل، كان في التوراة ابتداءً بفكرة الله المذكرة…” وهذا مساس بالذات الإلهية المقدسة، وقاتل الله تلك المتجندرة، وقبح ذلك البحث: (قتل الإنسان ما أكفره) (قتل كيف قدر @ ثم قتل كيف قدر).
وهذه الفكرة جاءت من أفكار الرأسمالية، والتي تتعامل مع الذات الإلهية كما لو كان تعاملاً مع البشر. فهذا الفكر الوافد إلينا من الغرب، ما الهدف من طرحه في مثل هذا الموضوع بالرغم من أن البحث كان عن تحديات الدراسات النسوية، وإنما يريدونها عوجاً قاتلهم الله أنّى يؤفكون!!
وفي مجال اللغة قالوا بأنه لا بد من تأنيث اللغة والأدب، حيث قالت: رشيدة بن مسعود ـ المغرب ـ مدللة على ذلك بقوله سبحانه: (يهب لمن يشاء إناثاً، ويهب لمن يشاء الذكور) قالت فيها بأن علامة التعريف في “الذكور” أفضل من تقديم الإناث “منكرة”: “إناثاً” مما يدعم عظمة الرجل ودناءة مكانة المرأة، ولم تذكر الآية التالية لها والتي يقول الحق فيها: (أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً) فـ”ذكراناً” و”إناثاً” منكرة، ألا يدل ذلك على تكريم المرأة والرجل على السواء على حد مقياسها؟! وكذلك اعترضت الباحثة وغيرها من المتجندرات “على كثرة وجود اسم الإشارة المذكر عن المؤنث وضمائر المخاطبة للمذكر أكثر من المؤنث، والضمائر المذكرة في القرآن أكثر من المؤنثة…”. (لا يسأل عما يفعل وهم يُسألون).
وتقول إلهام أبو غزالة: “إن تبعة الأدب النسوي لسلطة الأدب الرجالي نابع من مقولة “الرجال قوامون على النساء”، وهذه آية قرآنية وليست مقولة، وهذا تعدٍّ على كلام الله وقدسية القرآن الكريم!
بينما يقول عبد الصمد الديالي ـ المغرب ـ بإلغاء النص القرآني القطعي، عندما تكون الظروف الاجتماعية غير مواتية، يقول “لماذا لا أجتهد مع النص”؟ لماذا هذا النظام المحدد؟ هذه هي الأسئلة التي يجب مواجهتها من أجل الوصول إلى الهدف لإحلال أنظمة جديدة للاجتهاد؟ لكي نضع الاجتهاد في خدمة الأنوثة والتي نعرفها بالنضال الاجتماعي للجنسين، علينا الانطلاق من هنا واختراق الحدود التقليدية والتقليديين الذين يعملون في مجال الاجتهاد؟”.
وحول الميراث يقول بعدم مواءمة القرآن لروح العصر في مسألة الميراث: “فالقرآن في قبوله الأدبي يحتوي على التجديد في عهد نزوله، فما ورد في القرآن حول الميراث لا شك أنه يساوي بين الجنسين، وفي ذلك العهد يعتبر ما جاء في القرآن ثورة على التقاليد الجاهلية، ولكن مع تطور وضع المرأة في المجتمعات الإسلامية ما عاد يصلح معه هذا الأمر!!” واقترح أربع آليات لاستنباط النظم الجديدة للاجتهاد الذي يطالب به:
-
إلغاء النص عندما تكون الظروف الاجتماعية غير مواتية لتطبيقه.
-
في مجال المعاملات، لا يؤخذ أي اعتبار لأي نص قرآني بطريقة آلية، بأنه سديد وشافٍ ومحاولة الفهم الأدبي والحسي الأول غير الظاهر، والذي يسمح بشكل أفضل الوصول إلى المراد الإلهي.
-
تحديث الفتاوى الصغيرة والهامشية، والتي تعكس الاجتهاد مع وجود النص وقد حدث في تاريخ الفقه.
-
الأخذ بنظام “عمومية اللفظ” أو خصوصية السبب بطريقة تؤدي إلى بقاء نظام منطقي يدعو للمساواة.
ويقول في تفسير الآية القرآنية (لا إكراه في الدين) هذا النص القرآني يسمح بقيام إسلام علماني، والعمل بإسلام القرن الحادي والعشرين على أساس حرية الأديان…”.
ويقول للحاضرين نساءً ورجالاً وبكل وقاحة “كنت في الثالثة والعشرين من عمري حين قرأت كتاب الثورة الجنسية لرايشين، فتشبعت في إحساسي ووجداني بما طرحه من نقد للزواج والأسرة كمؤسسة برجوازية تسجن المرأة، وكان تأثير الكتاب قوياً إلى درجة أنني اقترحت على زوجتي أن نفترق، وافترقنا احتراماً لنظرية رايشين، وسافرت إلى فرنسا ألاحظ وأمارس الحرية الجنسية…”.
هذا غيض من فيض، لما طرح في المؤتمر، فالمؤتمر طرحت فيه قضايا كثيرة، وحضرت الأحزاب الإسلامية، وللأسف فإن كل الأطروحات، وحتى ذات الاتجاه الإسلامي، لم تخرج عن الخط العام للمؤتمر، وللسياسة المتبعة تجاه المرأة، وكانت إما أفكار كفر أو مخلوطة بأفكار الكفر، أو ردود سطحية لا تشفي غليل المؤمن! .
[يتبع]
2000-07-08