كلمة الوعي: حرية التعبير عندهم … شتمُ الإسـلام
2000/07/08م
المقالات, كلمات الأعداد
1,868 زيارة
ظهرت في الآونة الأخيرة عدة كتابات فكرية وأدبية، في مصر والأردن ولبنان وغيرها، تهاجم الإسلام. وقد سمح مؤلفو هذه الكتب لأنفسهم بوصف الإسلام بالرجعية والتأخر، وتطاول بعضهم على الذات الإلهية، ووصفوا القرآن بأنه كتاب الجهل البدوي المقدس، ووصفوا المسلمين العاملين في الدعوة بأنهم يدفعون الأمور إلى الوراء، نحو ظلامات العصور الوسطى.
إنَّ هذا الكلام صدر ونشر تحت ستار (حرية التعبير) حسب مقاييس الغرب الكافر. وقد تبنت الأنظمة التي تحكم المسلمين، بأمر الغرب، تبنَّت هذه المقولة (حرية التعبير) بالمقدار الذي يسمح فقط بمحاربة الإسلام والدعاة إليه. ولا عجب في ذلك، فإن الغرب الكافر وعملاءه والمضبوعين بثقافته، لم يتركوا سلاحاً إلا واستخدموه لمحاربة الإسلام والمسلمين، ومن هذه الأسلحة المسمومة (فكرة الحريات)، ولأن هذه الفكرة لصيقة بفكرة (فصل الدين عن الحياة)، وأن المقصود منها ليس الحرية بمعناها الصحيح أي ضد العبودية، بل التحرر والانفلات من أحكام الشرع في بلاد المسلمين، حيث يعد عندهم الكفر والزنا والربا والجهر بالسوء وأمثالها، كل ذلك يعدُّ مباحاً تحت مسمى الحريات؛ ولأن الأمر كذلك لم يجرؤ الغرب على طرح (فكرة الحريات) كما تدل عليه، بل أوجد لها مدخلاً عن طريق دغدغة مشاعر المسلمين بحرية التعبير، وأنهم يستطيعون بفكرة الحريات هذه، أن يناموا ملء جفونهم آمنين لا يخشون بطشاً ولا تنكيلاً من الحكام وأجهزتهم، إذا قالوا كلمة حق صادقة قوية؛ وصوروا لهم أن الرقباء على القلم واللسان سيختفون إلى الأبد، من خلال حرية التعبير هذه، وأنه سيكون بمقدورهم أن يظهروا مكنونات أنفسهم، في أمن وأمان.
هكذا دغدغوا مشاعرهم، ثم انكشفت الحقيقة، وإذ حرية التعبير التي بها يسمحون، هي شتم الإسلام وحضارةِ الإسلام ودولةِ الإسلام. فإذا انبرى أحد الرجال لبيان عظمة الإسلام وسقوط أعدائه وسوء ما جاءوا به، وزيف ما يدعون، قالوا هذه أصولية وإرهاب. ثم انكشفت أكثر فأكثر، فإذا حرية التعبير التي بها يسيرون، طريق للشهرة، لكل صاحب قلم وضيع، مفلس البضاعة، يتطاول على الإسلام، بسبٍ هنا وشتمٍ هناك، ثم تقف بجانبه المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، والمنظمات الإقليمية والدولية، ترفع من قدره وتعلي شأنه، وتكبر جرأته على هذا السب والشتم.
وقد سهَّل لأولئك جريمتهم، ما يوفره الغرب الكافر وعملاؤه من مظلة وتشجيع لهم، فبدل أن يكونوا في أدنى الدركات، يرفعونهم إلى أعلى الدرجات، وبدل أن يكونوا، كما هم حقاً، أقزاماً ساقطين، إذا هم عندهم عمالقة يغدقون عليهم الجوائز والأوسمة. أما الدعاة إلى الإسلام، الذين يأخذون بأيدي الأمة إلى العزة والسعادة الحقة، فإنهم يُسجنون ويعذبون بل ويقتلون، لا لشيء مادي فعلوه، إنما لقولهم ربنا الله، فإذا قلت لجلاوزة الظالمين: أين حرية الكلمة والتعبير التي عنها تتكلمون، قالوا إنها ليست لكم، إنَّ مقاسها على غير مقاسكم، إنكم تتطاولون على الزعيم الملهم والقائد الأوحد، وتريدون عودة الإسلام وسلطان الإسلام. هكذا يكشفون خبيئة أنفسهم وهم لا يشعرون بل يشعرون.
هذه هي حرية التعبير التي بها يتشدقون، أن تنال من الإسلام وأهله، وتسبح بحمد الحاكم وسوء عمله، فإذا وقف في وجهك من يبين خطل ما تقول وخطأ ما تدَّعي، وصف بالتطرف والإرهاب.
إنه على الرغم من أن الغرب الكافر يؤمن بفكرة الحريات حسب مفهومه الرأسمالي ويسمح بحرية التعبير في بلاده بالقدر الذي يراه، وعلى الرغم من أن الحكام في بلاد المسلمين يتبعونه في أقواله وأفعاله، إلا أنه لا يأذن لهم أن يمكنوا الناس من التعبير عن قناعاتهم وأفكارهم، لأن في ذلك قضاءً على فكر الغرب ومفاهيمه، وبياناً لفساد عملائه وأعوانه، وتحطيماً لكل قانون وضعي، وكشفاً لكل مؤامرة على الإسلام والمسلمين، ثم بياناً وأي بيان لحقيقة الاستفتاءات وزيف الولاءات ومكررات التسعات.
ولذلك فإن الغرب الكافر وعملاءه، يعدون كل ما يتيح للمسلم أن يعبر عن قناعاته وأفكاره، يعدون ذلك خطاً أحمر لا يصح تجاوزه، ولكن الغرب في الوقت نفسه يعمل جاهداً لنشر فكرة الحريات الغربية في بلاد المسلمين ويسلك لذلك كل طريق وطريق، من ضلال وتضليل إلى ثقافة خادعة ومؤتمرات فاسدة.
إن فكرة الحريات الغربية الرأسمالية من أشد ما ابتليت بها الإنسانية، فقد ترتب عليها ويلات وويلات وانحدرت مجتمعات تلك الحريات انحداراً فظيعاً في علاقاتهم الإنسانية والاجتماعية. وفسادها وخطرها ظاهر في كل نوع من أنواعها، سواء أكانت حرية تملك أم شخصية أم عقيدة أم رأي، فالاستعمار وامتصاص دماء الشعوب ونهب ثرواتهم وخيراتهم، والإباحية الجنسية من زنا ولواط وسحاق وعري، والإلحاد والردة والسخرية بالدين والسب والشتم لكل مقدس وعظيم… كذلك استغلال القوي للضعيف والغني للفقير، واستعمال كل أسلوب يجلب المال من غش ومقامرة ومتاجرة بالجنس، كل ذلك لا شيء فيه تحت مسميات الحريات. حتى إن حرية الرأي والتعبير التي دغدغوا بها مشاعر المسلمين كانت للنيل من الإسلام وأهله ونشر الافتراءات والأباطيل.
إن فكرة الحريات بهذا المعنى، يحاربها الإسلام ويحارب الأساس الذي بنيت عليه (فصل الدين عن الحياة)، فالإسلام قد وضع أحكاماً تنظم أعمال الإنسان وتصرفاته الفعلية والقولية، لا يصح له أن ينفلت منها أو يفعل ما يشاء من فساد وإفساد، فلا ردة ولا افتراء وأكاذيب ولا احتكار أو ربا وخمر وميسر، والعلاقات الجنسية مقيدة بالزواج، وحياة طيبة لا ظلم فيها ولا استعباد بل عبودية خالصة لله الواحد القهار.
إن الغرب يعلم مدى خطر الإسلام على حضارته ويعلم أنه مرشح لأن يكون بديلاً عنه، لذلك أخذ يحاربه بشدة تتناسب مع ما يشكله من تهديد حقيقي له ومحاربته هذه تأخذ أشكالاً وأساليب مختلفة، فهو يحاربه عن طريق المضبوعين بثقافته باسم حرية التعبير، ويحاربه بالأنظمة التي تحكم المسلمين، وكذلك يحاربه بنفسه فيعقد المؤتمرات العالمية التي تدعو إلى فكره مثل مؤتمرات السكان، وحوار الأديان، وحقوق الإنسان، والتحديات النسوية (حرية المرأة) وقد وجد له أتباعاً يرددون قوله ويتبعون خطاه، يقلبون الحقائق والقيم، ويلبسون الحق بالباطل.
إننا على ثقة من أن الإسلام العظيم لن تؤثر فيه سهام الأعداء ولا كيد العملاء، فهو دين الله الحق وحبله المتين، فليتمسك المسلمون به ويلتزموه وليعَضّوا عليه بالنواجذ، ففيه خيرهم وصلاح أمرهم، وهو سلاحهم الحاد في إفشال خطط الغرب الكافر وعملائه، وفضح مؤامراته.
(يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) .
2000-07-08