بسم الله الرحمن الرحيم
الوجود العثماني في اليمن بين ترحيب فئة من أهله وإنكار أخرى
المهندس شقيق خميس- اليمن – صنعاء
قامت الدولة الإسلامية في المدينة المنورة بهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها، وبقيت فيها بعد موته ثلاثون عامًا في الخلافة الراشدة لتنتقل بعدها من مدينة إلى أخرى، ومن أقوام إلى آخرين، فقد انتقلت عاصمتها بعدها إلى دمشق ومنها إلى بغداد وصولًا إلى إسطنبول، وقد استمرت الخلافة العثمانية أربعمائة عام متصلة قبل أن تسقط في 1342هـ – 1924م في أعقاب الحرب العالمية الأولى، بعد تاريخ حافل ظهر فيه دين الإسلام على العالم، ودخلت فيه أقوام وشعوب شتى، بعد أن كانت قد عاشت في الضلال بعد تحريف الأديان السابقة؛ لينتشر الإسلام في قارات العالم القديم جميعها، وتترامى دولته على مساحات شاسعة ضمت شعوبًا مختلفة وأجناسًا متباينة يجمعها دين الإسلام ينضوون تحت قول الله عز وجل (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم: “أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى”.
بعد الخلافة الراشدة والأموية صارت الخلافة في العباسيين وبقيت فيهم ما يقارب700 عام، ثم أفَلت بوقوعها فريسة للمغول الذين اجتاحوا عاصمتها بغداد في 1258م وقتلوا الخليفة المستعصم بالله، وحلَّ بقية خلفاء بني العباس ضيوفًا في مصر لدى المماليك، الذين تسلطوا على الحكم بعد العباسيين، وكان ذلك الوقت مناسبًا لظهور نجم العثمانيين وتلألئه بفتوحاتهم المستمرة التي توجت بفتح القسطنطينية حاضرة الكنيسة الشرقية في 1453م، وتحويلها إلى إسطنبول كعاصمة لدولة الخلافة الإسلامية. لم يسلّم آخر خليفة عباسي المتوكل على الله المماليك في مصر ما بحوزته من رموز الخلافة كبردة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسيفه وغيرها، وقدمها طواعية للخليفة العثماني سليم الأول، كما أرسلت إليه مفاتيح الكعبة ولم ترسل من قبله للماليك، ودعي للخليفة سليم الأول من على منابر المساجد في شتى بلاد المسلمين، وهكذا يكون العام 1517م هو العام الذي تسمى فيه أول خليفة عثماني للمسلمين. وتبع العثمانيون العباسيين في اتخاذ المذهب الحنفي، ولم يبدر منهم أي دعوة للناس في اليمن باتباع مذهبهم، ولم يفرضوا عليهم آراءهم الفقهية، وتركوهم يتبعون المذهب الشافعي والزيدي.
خرج العثمانيون من اليمن في 1635م ليوجهوا جهودهم العسكرية في أوروبا، وليعودوا إليها في 1872م إثر قضائهم على دولة محمد بن سعود في زمن ابنه عبد العزيز بن محمد بن سعود عام 1818م الذي أعانه الإنجليز على إقامتها بالدرعية، وملاحقة فلولهم التي فرت إلى اليمن وقائدها العسكري طامي بن شعيب، وكان خروجهم الأخير من اليمن في نهاية الحرب العالمية الأولى في 1918م.
ينتسب العثمانيون إلى عثمان بن آرطغرل المتوفى عام 1336م القادمون من هضبة الأناضول بأواسط آسيا، ويعود إسلامهم إلى وقت مبكر، من أيام الأمويين الذين وصلوا ما وراء نهر السند إبان خلافتهم، وقد ذكر القاضي شمس الدين الموزعي نسب العثمانيين فقال: “أولهم مولانا السلطان عثمان خان جد سلاطين آل عثمان، ذكر الشيخ الفاضل العالم العامل الأفندي قطب الدين النهروالي في تاريخه المسمى بالإعلام أن أصله من التراكمة من طائفة التتار” وليس للعثمانيين أي علاقة نسب بعثمان بن عفان رضي الله عنه، كما يتردد عند بعض الناس.
شكل سقوط الأندلس بيد الإسبان في 1492م نقطة تحول دفعت الإسبان لملاحقة المسلمين الفارين باتجاه شمال أفريقيا عبر البحر الأبيض المتوسط. وأطلق المسلمون الفارون الاستغاثات لمن يلتقطها من إخوانهم القادرين على نجدتهم ومد يد العون لهم، فكان العثمانيون القريبون من ساحة المطاردة هم من لبى نداء الاستغاثة ليصدوا الإسبان ويوصلوا الأندلسيين الفارين إلى بر الأمان. وحين انطلقت الإرساليات التبشيرية من البرتغال “تحت ستار الاستكشافات الجغرافية” في اتجاه بلاد المسلمين، متزامنة مع ملاحقة الإسبان للأندلسيين تجوب البحار، فوصلت إلى سواحل اليمن عبر رأس الرجاء الصالح، فوادعهم عامر بن داود الطاهري في عدن ولم يقاتلهم، وقاتلهم أهل الشحر، وأهلها يحتفلون حتى اليوم بذكرى شهدائهم الذين سقطوا في تلك المعارك، وقد قام البرتغاليون ببناء الكنائس تتويجًا لحملتهم التبشيرية في جزيرة سقطرى، وهي لا تزال حتى اليوم. لقد تزامن تولي العثمانيين للخلافة بدخولهم القاهرة في 1517م وإزاحتهم للماليك. وكان خطر الغزو البرتغالي قد أوجب على شريف مكة وأمير اليمن أن يبعثا للخليفة العثماني سليم القانوني أن يضعا بلادهما تحت حمايته بعد أن هدد البرتغاليون جده سنة1505 م، وتمكنوا من التسلل إلى مكة نفسها التي أقسم ملكهم أن يستولي عليها، وأن ينبش قبر الرسول في المدينة، وكان هذا التهديد البرتغالي قد هز المسلمين جميعًا والعرب، ومن بينهم اليمنيون على وجه الخصوص. ولم يكن الجراكسة، وهم عمال المماليك في اليمن من قبل، يأتمرون للعثمانيين الذين أبقوهم على حكم اليمن بعد توليهم الخلافة، وعملوا على الانفراد بالحكم في اليمن، علاوة على شكاية أهل صنعاء لدى العثمانيين منهم.
يقول المؤرخ الكويتي سيف مرزوق الشملان في لقاء صحفي نشرته مجلة المجتمع الكويتية على عدة حلقات خلال شهر مارس 1984م “إن العثمانيين كانوا حماة لا غزاة، ويكفي الدولة العثمانية فخرًا أنها وقفت وقفة الأسد أمام الغرب، ولولاها لاجتاح الغرب البلاد العربية. وكذلك قامت الدولة العثمانية بجهد كبير في نشر الإسلام في أوروبا، كما أنها وقفت بقوة أمام أطماع اليهود في أرض فلسطين، وذهب السلطان عبد الحميد ضحية رفضه منح اليهود فلسطين وطنًا قوميًا رغم إغراءات اليهود الكثيرة له، حيث خلع عن عرش الخلافة الإسلامية عام 1909م.”
توجه العثمانيون من مصر إلى اليمن لأول مرة في 1538م ،وقد جاء وصول العثمانيين إلى اليمن تلبية لنداء أهله وأهل مكة بصفتهم ولاة المسلمين في العالم أجمع لإجلاء البرتغاليين عن سواحل اليمن، وطاردوهم في سواحل البحر الأحمر في كل من أرتيريا والحبشة وفي المحيط الهندي حتى الهند. حاول الأسطول البرتغالي أخذ عدن، فأباد والي لواء عدن عبد الرحمن بك الأسطول البرتغالي وأسر الأميرال don marco ، وأرسله إلى إسطنبول. وعندما شرع أسطول تركي مكوَّن من45 سفينة حربية يتجول في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر عمان بصورة مستمرة، أدرك البرتغاليون عدم إمكان اجتيازهم باب المندب.
قام العثمانيون أثناء وجودهم الأول والثاني في اليمن بالكثير من الأعمال في اليمن بوصفهم قائمين على رعاية شؤونهم، فبنوا المساجد في شتى مدن اليمن وقراها، وزودوها بأحواض المياه والأنابيب النحاسية، وبنوا جامع البكيرية المبني تحت قبة كبيرة واحدة من أعمال العثمانيين في اليمن، الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم بعد مضي أكثر من400عام على بنائه، كما قاموا ببناء المستشفيات التي حولها الإمام يحيى بعد خروجهم إلى دور لسكناه. وأصدر العثمانيون صحيفتين في صنعاء بقيتا حتى خروجهم في 1918م، وقاموا ببناء السماسر لرعاية المسافرين ومبيتهم وإطعامهم وخدمتهم، إلى جانب بناء المدارس، فقد كان يوجد كليتين للبنات في العاصمة صنعاء قبيل رحيلهم الثاني عن اليمن، وشقوا الطرقات، واشتهروا ببناء الحمامات التي لا تزال بعضها حتى اليوم، وبصفتهم الرعائية أقاموا الأوقاف لمختلف المصالح كالإنفاق على القائمين بخدمة المساجد ورعاية الأيتام والقيام على رعاية الحيوانات من القطط والكلاب بتجميع مخلفات المجازر وإطعامها إياها. كما قاموا بإقامة مصنعٍ للثلج بالحديدة، وسكوا العملات الفضية بصنعاء منذ وجودهم الأول، حيث وصلت سكة الدراهم الفضية الجديدة إلى تعز، التي ضربها الوزير محمد باشا في محروس صنعاء. ولا تزال بعض المباني العثمانية قائمة إلى اليوم كالعرضي مقر هيئة الأركان اليوم، ودار الحمد، ودار الشكر، ودار السعادة ،ومن تمام العدل لم يكتفِ العثمانيون ببناء المحاكم في المدن، فقد عمدوا إلى المحاكم المتنقلة التي تجوب القرى للفصل في خصومات الناس، كما أهتم العثمانيون في اليمن بتسويق البن خارج اليمن، ويعود إليهم الفضل في شهرة بن المخا في تجميعه من مختلف مناطق زراعته وتصديره إلى الأسواق العالمية كأوروبا التي رحبت بالمشروب السحري القادم من اليمن وغيرها من بلاد العالم .كان العثمانيون يرسلون محملًا سنويًا في موسم الحج من اليمن إلى مكة، يعينون فيه الضعفاء من الحجاج بحملهم على دوابه وإطعامهم أثناء سفرهم إلى البيت الحرام، ولم ينقطع هذا المحمل إلا بمجيء عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود إلى الحكم، والذي عادى العثمانيين عداء شديدًا لارتباطهم بالإنجليز. قام الخليفة عبد الحميد الثاني بإنشاء سكة الحديد لتربط بلاد المسلمين ببعضها من إسطنبول فالشام والعراق والكويت وعمان مرورًا باليمن وصولًا إلى مكة، وقد حُج من صعدة على سكة الحديد هذه، وقد أوكلوا إلى شركة فرنسية عمل سكة حديد بين الحديدة وصنعاء ودفعوا تكاليفها دنانير ذهبية، ولم تقم الشركة الفرنسية بإنشاء السكة.
ومن الناحية العسكرية، فقد أقام العثمانيون في وجودهم الأول في اليمن ثلاثة مدافع في قلعة صيرة بعدن لحماية عدن من التدخلات الأجنبية الأوروبية. ويحسب على العثمانيين أنهم اعتمدوا على قوتهم العسكرية حيث امتلكوا أكبر مدافع في العالم، واستخدم محمد الفاتح مدفع الهاون لأول مرة عند فتحه القسطنطينية، وكانت قوة مدافعهم تدحر محاربيهم من تخوم صنعاء إلى شهارة أكثر مما اعتمدوا على الإقناع بإظهار الحجج القوية بالمناظرة وإلزام الناس بطاعتهم طواعية.
لقد كان العداء مستحكمًا بين العثمانيين والإنجليز، وحين أقيم خط لفصل سلطة العثمانيين في شمال اليمن عن المحتلين الإنجليز في جنوبه من الأعوام 1902م – 1904م قام ضابط عثماني بلطم ضابط إنجليزي أثناء ذلك، وحين قامت الحرب العالمية الأولى أسر العثمانيون 75ألف جندي بريطاني وساقوهم مشيًا على الأقدام إلى إسطنبول، وفي اليمن استطاع علي سعيد باشا أن يحشد الجنود ومعهم خمس فرق من قبائل اليمن لقتال الإنجليز في عدن ووصلوا إلى الشيخ عثمان، ثم أخرجهم الإنجليز إلى لحج وبقوا فيها حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، وكانت لغة التخاطب بين العثمانيين والإنجليز المحتلين لعدن اللغة التركية والحرف العربي، ويشهد بذلك أحمد فضل القمندان بالرسالة التي أوردها في كتابه هدية الزمن بالخط العربي واللغة التركية.
يعد العام 1909م وما بعده حتى الحرب العالمية الأولى زمن تدهور العلاقات العثمانية مع رعاياها غير الأتراك، فقد أنشئت جمعية الاتحاد والترقي في باريس عام 1860م، وكانت تضم في صفوفها يهود الدونمة بشكل أساسي، ومعهم قلة من أبناء المسلمين الذين لم يطلعوا على أهدافها الحقيقية، وهي مساومة الخليفة عبد الحميد بمنحهم فلسطين لإقامة وطن قومي لليهود فيه، وحين لم تفلح في المساومة قامت بعزله في 1909م إلى سالونيك، وقد ارتبط اسم (جمعية الاتحاد والترقي) و(تركيا الفتاة) أو (العثمانيون الجدد سابقًا) منذ بداياتها باسم الماسونية، فقد نبعت في الأصل من المحافل الماسونية في سالونيك، بإدارة “الشرق الأعظم”الإيطالي الذي أسهم فيما بعد بنجاح مصطفى كمال). و”… بدأت تنشط عند الاتراك عصبية تركية ترمي إلى صبغ الإمبراطورية العثمانية بصبغة تركية. واعتقد معظم أعضاء جمعية الاتحاد والترقي بعد إسقاط عبد الحميد في سنة 1909م أن سياسة التتريك ستصهر بقية عناصر الإمبراطورية العثمانية في بوتقة تركية واحدة.”
دام بقاء العثمانيين في وجودهم الأول في اليمن حتى العام 1635م، حيث لم تستطع دولة الأئمة أن تملأ الفراغ السياسي الذي تركوه رغم بسط نفود دولتهم حتى عدن وحضرموت. فما إن حلَّ العام 1732م، حتى غدرت قبيلة العبادل بعامل الإمام في عدن وقتلوه، مستعينين بقبيلة يافع التي ساندتها مقابل وعد بالتناوب على خراج عدن؛ لتتحول بعدها العبادل إلى سلطنة، ثم لتلحقها بعد ذلك غيرها من السلطنات والمشيخات في الظهور وتصير لقمة سائغة للإنجليز المنتظرين حدوث فراغ كهذا، واستطاعت بريطانيا التي أسست شركة الهند الشرقية في 1600م للأغراض الاستعمارية من احتلال عدن في 1839م بعد توقيع اتفاقية بوفهام التجارية بينها وبين سلطان لحج في 1802م. واستطاع الإنجليز الوصول إلى صنعاء في 1648م بعد أن كان العثمانيون يمنعون الإنجليز من الاقتراب من الجزيرة العربية؛ وهذا ما حدث بالفعل مع السفينة البريطانية الصعودassintian التي وصلت بحر العرب في 1609م فأسر العثمانيون بحارتها، ومن ثم طردوهم وحذروهم من الاقتراب ثانية. أما خروج العثمانيين الثاني من اليمن في نهاية الحرب العالمية الأولى فقد نتج عنه تقسيمه إلى شمال وجنوب، وفقدان متصرفية عسير بعد أن استولى عليها عبدالعزيز آل سعود، وانكشاف شمال اليمن أمام الدول الطامعة فيه.
إن من الكلمات التي كتبت في التاريخ من نور التاريخ للخليفة عبد الحميد الثاني التي دونها في إسطنبول عام 1901م بشأن فلسطين: “انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع، فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين… فهي ليست ملك يميني… بل ملك الأمة الإسلامية… لقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه… فليحتفظ اليهود بملايينهم… وإذا مزقت دولة الخلافة يومًا فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن… أما وأنا حيٌّ، فإن عمل المبضع في بدني لأهون عليَّ من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة، وهذا أمر لا يكون. إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة”.
إن إحياء ذكرى سقوط الخلافة الإسلامية في 1924م في الأمة الإسلامية، والحديث عن وجوب استئناف حياة إسلامية بإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة التي باتت وشيكة الظهور لجعلها تأخذ مكانها في صدارة الأمم، فهي صاحبة الرسالة الإلهية الخاتمة على الأرض… هو أحد الأسباب التي جعلت الناس يتفاعلون إيجابًا وسلبًا مع الخلافة العثمانية؛ لكننا هنا نقول لأهل اليمن عمومًا وللمثقفين منهم خصوصًا أن يكونوا منصفين في الحكم على العثمانيين الذين تواجدوا في بلادهم لفترتين من الزمان، وأن يسبق حكمهم هذا الاطلاع على ما كتبه أجدادهم المؤرخون بشأن العثمانيين ممن عاصروهم من أمثال القاضي شمس الدين عبد الصمد بن إسماعيل بن عبد الصمد الموزعي في كتابه (الإحسان في دخول مملكة اليمن تحت ظل عدالة آل عثمان)، والمؤرخ عبدالله بن صلاح بن داعر في موسوعته التاريخية (الفتوحات المرادية)، ومحمد بن يحي المطيب الزبيدي في كتابه (بلوغ المرام)، والمؤرخ أحمد بن محمد الشرفي في كتابه (اللآلئ المضيئة)، والمطهر بن محمد الجرموزي في كتبه الكثيرة، والمؤرخ يحيى بن الحسين في كتابه (أنباء الزمن)، والمؤرخ محمد بن بكر الوشلي في كتابه (عقد الجواهر والدرر في أخبار القرن الحادي عشر)، وغيرهم ممن تتعلق كتبهم بالوجود العثماني في اليمن، وأن لا يصمُّوا آذانهم ويغلقوا عقولهم عن قراءتها. وأن لا ينساقوا وراء من استولوا على كتبنا وتاريخنا ومخطوطاتنا بحق وبغير حق وأخفوها عنا، وقدم لنا المؤرخون الأوروبيون تاريخهم الظاهر تحيزهم وتحاملهم فيه ضد العثمانيين لما دار بينهم من القتال على مدار القرون الأربعة، وكيف أنشأوا عصبة الأمم النصرانية لمواجهتهم، والتي غيرت اسمها إلى عصبة الأمم في 1919م بعد ضمها دولًا غير نصرانية إليها، ولتصير هيئة الأمم المتحدة في 1945م. وإن قراءة ما كتبه مؤرخو أوروبا فيما يخصنا كمسلمين فذلك الجنون بعينه. فقد رددنا وراءهم مقولة الاحتلال العثماني والغزو العثماني لليمن على سبيل المثال، وعن خير الدين بن يعقوب بن إسحاق رددنا وراءهم بأنه بربروس، أي ذي اللحية الشقراء بحسب ما أسموه هم، مع أننا لا ندري أمديح ذلك منهم أو ذم، وكيف يمدحونه وهو الذي أشقاهم في البحر الأبيض المتوسط؟!، ونعتوه باسم القرصان وهو ليس كذلك، ورددنا وراءهم أنه قرصان! فقد وجب التنبيه على ذلك وأخذه بعين الاعتبار.