موافقة القرآن الكريم لرأي عمر رضي الله عنه:
2015/06/01م
المقالات
29,928 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
موافقة القرآن الكريم لرأي عمر رضي الله عنه:
تميَّز عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقدر كبير من الإيمان والغيرة الشديدة على الإسلام والجرأة في الحق، كما اتصف بالعقل والحكمة وحسن الرأي. وقد فصَّل السيوطي في بيان موافقات الوحي لكلام عمر فقال: فصل في موافقات عمر رضي الله عنه: وذكر أن بعضهم قد أوصلها إلى أكثر من عشرين، أخرج ابن مردويه عن مجاهد قال: كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن، وأخرج ابن عساكر عن علي قال: إن في القرآن لرأياً من رأي عمر. وأخرج عن ابن عمر مرفوعاً ما قال الناس في شيء وقال فيه عمر إلا جاء القرآن بنحو ما يقول عمر. ولعل نزول الوحي موافقًا لرأي “عمر” في هذه المواقف هو الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول:”جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه”. ومن أبرز ما جاء به القرآن الكريم موافقًا لرأيه:
– قوله للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى: فنزلت الآية (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى )[البقرة: 125]. أخرجه الشيخان.
– وقوله: يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهنَّ البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) [الأحزاب: 53.]. أخرجه الشيخان.
– وقوله لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وقد اجتمعن عليه في الغيرة: ( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ) [ التحريم: 5] فنزلت في ذلك. أخرجه الشيخان.
– وفي التهذيب للنووي: نزل القرآن بموافقته في أسرى بدر. أخرجه مسلم
– وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن أنس قال: قال عمر: وافقت ربي في… هذه الآية: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ). الآية فلما نزلت قلت أنا: فتبارك الله أحسن الخالقين. فنزلت: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).
– وفي كتاب فضائل الإمامين لأبي عبد الله الشيباني قال: في قصة عبد الله بن أُبَيّ وحديثه في الصحيح عنه قال عمر رضي الله عنه: لما توفي عبد الله بن أُبي دُعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه فقام إليه، فقمتُ حتى وقفتُ في صدره فقلت: يا رسول الله، أو على عدوِّ الله ابن أُبَيّ القائل يوم كذا كذا. فواللهِ، ما كان إلا يسيراً حتى نزلت: (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا).
– وفي تحريم الخمر أنه قال: اللهم بيِّنْ لنا في الخمر بياناً شافياً فأنزل الله تحريمها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى). فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة ينادي: ألا لا يقربنَّ الصلاة سكران. فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بيِّن لنا بياناً شافياً. فنزلت: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ). قال عمر: انتهينا، انتهينا. أخرجه مسلم.
– لما أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاستغفار لقوم: قال عمر: سواء عليهم، فأنزل الله: (سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ). قلت: أخرجه الطبراني عن ابن عباس.
– لما استشار صلى الله عليه وسلم الصحابة في الخروج إلى بدر أشار عمر بالخروج فنزلت: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ) الآية.
– عن ابن مسعود رضي الله عنه قال؛ قال: لما كان يوم بدر جيء بالأسرى؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما تقولون في هؤلاء؟” فقال أبو بكر: يا رسول اللّه، قومك وأهلك، استبقهم واستأمْن بهم، لعل الله أن يتوب عليهم، وخُذْ منهم فديةً تكون لنا قُوّةً على الكفار. وقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله كذَّبُوك وأخْرَجُوك، قَدِّمْهُم نضرب أعناقهم، مَكِّنْ علياً من عقيل يضرب عنقه، ومكنِّي من فلان نسيب لعمر فأضرب عنقه، فإنَّ هؤلاء أئمة الكفر. وقال عبد اللّه بن رواحة: يا رسول الله انظر وادِياً كثيرَ الحطب فأدخلهم فيه ثم أضرم عليهم ناراً. فقال له العباس: قطعتَ رَحِمَك. فسكتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبهم وأنزل اللّه تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) إلى قوله:(فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا).
– لما استشار الصحابة في قصة الإفك قال عمر: من زوجكها يا رسول الله؛ قال: الله، قال: أفتظن أن ربك دلَّس عليك فيها، سبحانك هذا بهتان عظيم؟ فنزلت الآية وفيها (سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ).
– قصته في الصيام، لما جامع عمر زوجته بعد الانتباه وكان ذلك محرماً في أول الإسلام فنزل: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ) الآية. أخرجه أحمد في مسنده.
– قوله تعالى: (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ). الآية، قلت: أخرجه ابن جرير وغيره من طرق عديدة وأقرَّ بها للموافقة ما أخرجه ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهودياً لقي عمر فقال: إن جبريل الذي يذكره صاحبكم عدو لنا، فقال له عمر: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ).
– قوله تعالى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ). الآية، أخرج قصتها ابن أبي حاتم وابن مروديه عن أبي الأسود قال: اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما، فقال الذي قضى عليه: ردَّنا إلى عمر بن الخطاب، فأتَيا إليه فقال الرجل: قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا، فقال: ردَّنا إلى عمر، فقال: أكذاك؟ قال: نعم، فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما فخرج إليهما مشتملاً على سيفه، فضرب الذي قال: ردَّنا إلى عمر فقتله، وأدبر الآخر. فقال: يا رسول الله، قتل عمر واللهِ صاحبي، فقال: “ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمن”، فأنزل الله: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ) الآية. فأهدر دم الرجل، وبرئ عمر من قتله.
– في الاستئذان في الدخول، وذلك أنه دخل عليه غلامه وكان نائماً فقال: اللهم حرِّم الدخول فنزلت آية الاستئذان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)الآية.
– لما أنزل اللّه على رسوله: (ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِين). بكى عمر رضي الله عنه فقال: يا نَبِيّ الله، آمنا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم وصدَّقناه، ومن ينجو منا قليل؟ فأنزل اللّه عز وجل: (ثلة مِنَ الأوَّلينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِين).َفدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه فقال: “قد أنزل الله عز وجلّ فيما قلت” فقال عمر رضي الله عنه: “رضينا عن ربنا وتصديق نبينا”.
باقة من الأقوال في عمر رضي الله عنه:
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “رأيت في النوم أني أعطيت عساً مملوءاً لبناً، فشربتُ حتى تملأتُ حتى رأيته يجري في عروقي بين الجلد واللحم، ففضلتْ فضلة فأعطيتُها عمر بن الخطاب”، فأوِّلوها فقالوا: يا نبي الله، هذا علمٌ أعطاكه الله فملأَكَ منه ففضلتْ فضلة فأعطيتَها عمر بن الخطاب؟ فقال: “أصبتم”. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وعن ابن عمر أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب صدر عمر بيده حين أسلم ثلاث مرات وهو يقول: “اللهم أخرج ما في صدر عمر من غلٍّ، وأَبدلْه إيماناً” يقول ذلك ثلاث مرات. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إن الله جعل الحقَّ على لسان عمر وقلبه”. رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط ورجال البزار رجال الصحيح غير الجهم ابن أبي الجهم وهو ثقة.
وعن علي رضي الله عنه قال: إذا ذكر الصالحون فحيَّهلا بعمر، ما كنا نبعد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن السكينة تنطق على لسان عمر. رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. وعن ابن مسعود قال: “ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر”. رواه الطبراني وإسناده حسن. وعن طارق بن شهاب قال: “كنا نتحدث أن السكينة تنزل على لسان عمر”. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
2015-06-01