من جديد… سؤال النهضة وفصل الدين عن الحياة.
7 ساعات مضت
المقالات
42 زيارة
يسأل سائل:
الغرب لم يتقدم إلا بعد أن فصل الدين عن الدولة. وفي المقابل: المسلمون فصلوا الدين منذ عقود وعقود عن المجتمع والدولة والسياسة… فلماذا لم يتقدّموا كما تقدم الغرب؟
الجواب:
المسلمون في فجر تاريخهم نهضوا بعقيدة روحية وسياسية انبثق منها نظام للحياة والمجتمع والدولة، فكفلت لهم وجهة نظر في الحياة منبثقة من فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة، حددت لهم معنى الحياة وكفلت لهم طريقة للعيش ونمطا حضاريا خاصا، بما أتت به من تشريع شامل ومتكامل ينظم علاقات الإنسان بربه وبنفسه وبسائر الناس. وحين ضعف فهمهم لإسلامهم فأساؤوا تطبيقه ثم نُحّيت أنظمة الإسلام من حياتهم وحلت محلها الأنظمة الغربية العلمانية الرأسمالية خرجوا من دائرة الحياة الإسلامية، ولكنهم لم ينتقلوا إلى الحياة الغربية، وإنما تأثروا بها إلى حد بعيد، فباتوا بلا هوية ولا نظرة محددة للحياة، فلا هم احتفظوا بهويتهم ولا هم انتقلوا بالكلية إلى الهوية الغربية، فكان مآلهم حتما إلى الانحطاط.
أما الغرب فكان قبل ولادته الحضارية الجديدة يعتنق عقيدة روحية لا ينبثق منها تشريع ونظام للحياة، بل كانت عقيدتهم توجههم إلى ازدراء الحياة الدنيا من حيث هي دار عقاب لا دار هناء، فحكموا على أنفسهم بانحطاط دام ألف سنة.
فلما فصلوا هذه العقيدة السلبية عن حياتهم واعتنقوا عقيدة فصل الدين عن الحياة اتخذوا لأنفسهم مفهوما جديدا للحياة والسعادة ، هو المنفعة المادية ونيل أكبر قسط من المتع الجسدية، وانبثق من عقيدتهم الجديدة هذه نظام للحياة والمجتمع والدولة فانتقلوا إلى هوية حضارية جديدة وطريقة عيش مختلفة جعلتهم مقبلين على تحقيق مفهومهم للحياة وللسعادة في هذه الحياة الدنيا.
فالمسلمون نهضوا بعقيدة سياسية انبثق منها نظام وكذا الغرب نهض بعقيدة سياسية انبثق منها نظام. والفرق بين الفريقين أن العقيدة الإسلامية عقيدة روحية فوق كونها عقيدة سياسية، فهي توافق الفطرة وتقنع العقل، بينما عقيدة الغرب المعاصر فصلت الروح عن المادة، أي فصلت حياة الإنسان الدنيا عن خالقها، فناقضت الفطرة وخذلت العقل إذ لم تحسم قضية الخلق والخالق وعلاقته بالحياة الدنيا.
فكانت نهضة الإسلام طريقا إلى السعادة بينما كانت نهضة الغرب المعاصر طريقا إلى الشقاء.
1447-01-06