دعم عربي لـ(إسرائيل) وخذلان لأهل غزة
3 أسابيع مضت
المقالات
727 زيارة
في الوقت الذي كان فيه الجيش الصهيوني يرتكب المجازر اليومية والحصار الغاشم والتجويع الممنهج والإبادة الجماعية بحق المدنيين الأبرياء في القطاع، كانت بعض الأنظمة العربية غير المسؤولة تدعم (إسرائيل) وجيشها سرًّا بإمدادات المواد الغذائية التي تعاني نقصًا حادًّا فيها، ثم تعلن هذه الأنظمة أنها عاجزة عن إغاثة غزة بالمساعدات الغذائية والأدوية، وتطالب المجتمع الدولي بالوقوف في وجه (إسرائيل) ومنع الإبادة الجماعية وفك الحصار وإغاثة المظلومين. وأصبح الدعم العربي لـ(إسرائيل) حقيقة لا تقبل التشكيك، وزادت تعمّقًا بعد إصدار وزارة الصحة (الإسرائيلية) قرارًا بوقف استيراد الفواكه والخضراوات من الأردن؛ وذلك بسبب اكتشاف جرثومة الكوليرا بمياه نهر اليرموك وفي المنتجات الزراعية المستوردة من هناك. هذا ما رسّخ تصديق تلك الأخبار عن الدعم العربي لـ(إسرائيل) في وقت العدوان، وافتضح أمر تلك الأنظمة التي تدعم (إسرائيل) في السرّ وتخذل غزة في العلن.
وفي تقرير لمعهد السلام لاتفاقيات أبراهام، وهو منظمة مؤيدة لـ(إسرائيل) مقرها الولايات المتحدة، أشاد بقوة الدعم التجاري من بعض الدول العربية لـ(إسرائيل) منذ بدء الحرب على غزة. وقال إن صادرات الدول «الغربية» إلى (إسرائيل) انخفضت بنسبة 18% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023م؛ لكن صادرات الدول «العربية» انخفضت بنسبة 4% فقط. وبحسب التقرير، ارتفعت صادرات مصر لـ(إسرائيل) بنسبة 168%، وتضاعفت واردات (إسرائيل) من المغرب بأكثر 200% منذ بدء العدوان على غزة. ومؤخرًا، كشفت بيانات المكتب المركزي للإحصاء (الإسرائيلي) عن صادرات مصر والإمارات والأردن والمغرب لدولة الكيان بالتزامن مع عدوانها على غزة؛ حيث بلغت قيمة الصادرات من مصر إلى (إسرائيل) في شهر مايو/ أيار الماضي فقط نحو 25 مليون دولار، وخلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام بلغت من الإمارات نحو 1.2 مليار دولار، والأردن نحو 129.1 مليون دولار، والمغرب 7.4 ملايين دولار. وأكد موقع واللا العبري إنشاء الإمارات جسرًا بريًا عبر السعودية والأردن وصولًا إلى ميناء حيفا بطول 2000 كيلومتر يحمل شحنات تجارية لإجهاض محاولات الحوثي حصار (إسرائيل) لوقف عدوانها على غزة.
حتى نقف على حجم الدعم والخدمات التي تقدمها بعض الحكومات العربية غير المسؤولة لـ(إسرائيل)، في ظل تكتم الحكومة (الإسرائيلية) الشديد على المعلومات التي تتصل بتداعيات الحرب على الداخل (الإسرائيلي)، نشرت صحيفة (تايمز أوف إسرائيل- إبريل/ نيسان الماضي) مقالًا خطيرًا بعنوان «منظمات الإغاثة (الإسرائيلية) تتدخل قبل عيد الفصح لعلاج أزمة الغذاء بسبب تداعيات الحرب»، ويكشف المقال معاناة (الإسرائيليين) من شحِّ الغذاء وارتفاع الأسعار بعد هجوم المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة. تقول الصحيفة إن هجوم «حماس» تسبَّب في شلل الزراعة في إسرائيل، وكشفت الصحيفة لأول مرة عن خسارة قطاع الزراعة في (إسرائيل) في السابع من أكتوبر ما يقرب من 40% من قوتها العاملة، و30% من أراضي (إسرائيل) الزراعية، عندما أصبح المركز الزراعي في البلاد (تقصد غلاف غزة) منطقة للحرب وللموت والدمار الشامل. يقع حوالى 20% من الأراضي الزراعية في (إسرائيل) في غلاف غزة. ووفقًا لمقال نشر في صحيفة غلوبس في منتصف أكتوبر/تشرين الأول نقلًا عن رئيس اتحاد المزارعين الإسرائيليين، فإن 75% من الخضراوات المستهلكة في (إسرائيل) و20% من الفاكهة و6.5% من الحليب تأتي من منطقة غلاف غزة، وتوقفت جميعها عن الإنتاج بعد السابع من أكتوبر. كل هذه الخسائر كانت يمكن أن تثني نتنياهو عن الاستمرار في تدمير غزة وقتل المدنيين لولا دعم الحكومات العربية غير المسؤولة في توفير الأغذية البديلة. في الوقت نفسه، تحتوي المنطقة المحتلة في شمال (إسرائيل)، والتي وقعت تحت هجمات حزب الله الصاروخية في لبنان، على ثلث الأراضي الزراعية في الكيان، وفقًا لوزارة الزراعة والتنمية الريفية في (إسرائيل)، وتوفر منطقتا الجليل والجولان نحو 73% من الإنتاج المحلي من البيض والدجاج. وهذا الإنتاج توقف أيضًا، وكان يمكن أن يكون زاجرًا إضافيًا لنتنياهو لوقف الحرب، لولا الدعم العربي غير المسؤول. أما المزارع التي لم تتضرر بنيتها التحتية أو تُدمَّر، فتوقفت تقريبًا عن الإنتاج بسبب نقص العمالة المتاحة، فقد فرَّ نحو 10 آلاف عامل أجنبي من البلاد بعد السابع من أكتوبر، ولم يعد يُسمح لعشرين ألف عامل فلسطيني بدخول (إسرائيل)، وفقًا لبيانات وزارة الزراعة والتنمية الريفية؛ ما يعني أن الإنتاج الزراعي أصبح شبه متوقف في فيها، وهي معلومات خطيرة، نادرًا ما تنشرها وسائل إعلام (إسرائيلية). وهي تكشف مدى تضرر الأمن الغذائي في داخل (إسرائيل) بسبب الحرب، وإمكانية توقفها لولا دعم تلك الحكومات العربية غير المسؤولة. ومع سماح الحكومة المصرية بتصدير الخضراوات والفاكهة لـ(إسرائيل)، يعاني المواطن المصري من غلاء أسعار الغذاء، وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مصر تحتاج إلى مليار دولار شهريًا لاستيراد المواد الغذائية الأساسية، وأعلن البنك الدولي أن أسعار الغذاء في مصر التي تستورد 65% من احتياجاتها الغذائية هي الأعلى على مستوى العالم منذ منتصف العام الماضي. والإمارات التي دشنت جسرًا بريًا لإمداد إسرائيل بالمؤن الغذائية في وقت الحرب على غزة تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها الغذائية، وفق وزارة الزراعة الأميركية في سنة 2024م. والأردن ليس من الدول الغنية التي لديها فائض في الأغذية، وقد صنفتها منظمة التجارة العالمية في سنة 2022م دولةً تعاني من العجز الغذائي، فهي تستورد نحو 70% من احتياجاتها من المواد الغذائية الأساسية، وفق معهد كارنيغي، 2021م، واستوردت منتجات بلغت قيمتها 2.7 مليار دولار، وفق تقرير وزارة الزراعة الأميركية في سنة 2022م. فلماذا تغامر الحكومة بدعم (إسرائيل) على حساب المواطن لديها؟.! ورغم أن خسائر (إسرائيل) بسبب الحرب لا تقارن بما يعانيه الأطفال والنساء و2.3 مليون مدني في غزة من القتل بالتجويع تارة وبالقصف تارة، تجتهد الحكومات العربية غير المسؤولة في تعويض (إسرائيل وجيشها بما يفتقدانه من مؤن غذائية وتدعي العجز عن إغاثة المظلومين في غزة.
الوعي: إن تزويد حكومات عربية إسرائيل بالأغذية هو دعم لا يمكن تبريره، وتواطؤ ومشاركة في العدوان، وخيانة للمظلومين في غزة، «وهي تكشف مدى تضرر الأمن الغذائي في داخل (إسرائيل) بسبب الحرب، وإمكانية توقفها لولا دعم تلك الحكومات العربية غير المسؤولة».
2025-01-01