الإرهاب الأسود
2015/03/30م
المقالات
2,046 زيارة
الإرهاب الأسود
عندما يقتل بشار الأسد أكثر من 250 ألفاً من أهل سوريا بالأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة ويتسبب بجرح وإعاقة أكثر من مليون نسمة ويشرد أكثر من 9 مليون في الداخل والخارج، وفيما يقضي في سجونه أكثر من 11 ألفاً تحت التعذيب الوحشي بينما لا يزال يعاني أكثر من 150 ألفاً من الحجز التعسفي والاعتقال بلا محاكمات ومن غير أية حقوق (إحصائيات مجلة التايم)، فضلاً عن تدمير المدن والقرى والمساكن فوق رؤوس الأهالي، ثم يقول المبعوث الدولي إلى سوريا المدعو دي مستورا أن بشار الأسد هو جزء من الحل، وأن على أجهزته العسكرية والأمنية (أي أدوات القتل) لعب دور أساسي في المرحلة المقبلة، حينها يصبح الحديث عن الإرهاب الذي تمارسه بعض الجماعات هنا وهناك نكتة سمجة، رغم تأكيدنا على أن قتل أو إيذاء أي إنسان بريء هو عمل إجرامي مدان بكل ما تعنيه الكلمة،.
عندما يحصد عبد الفتاح السيسي آلاف الأرواح بين قتيل وجريح من المعتصمين العزل في ميداني رابعة العدوية بالقاهرة وميدان نهضة مصر بالجيزة في غضون ساعات في ما وصفته المنظمة الدولية «هيومن رايتس ووتش» بأسوأ حادث قتل جماعي في التاريخ المصري الحديث إضافة إلى اعتقال عشرات الآلاف بشكل تعسفي يتعرض كثير منهم للقهر والتعذيب والحرمان من حقوقهم الأساسية، وفي الوقت الذي يتم فيه الإفراج عن الرئيس السابق حسني مبارك وأبنائه وعن رموز الظلم والفساد كوزير الداخلية حبيب العادلي وضبع المال أحمد عز فضلاً عن بقية عصابة الحكم التي ثارت الجماهير الغفيرة ضدها في ٢٥ يناير ٢٠١١م، ويتم إسقاط حق آلاف القتلى والمعاقين من ضحايا الثورة، وتعود الشرطة وقوى الأمن إلى البطش وإذلال المعارضين للسلطة… عندما يحصل كل ذلك ويكافأ السيسي بعدها على ما اقترفته يداه من انقلاب ودماء وتعسف وإذلال فيُستقبل في المؤتمرات والمؤسسات الدولية ويصبح مع عصابته الدموية ركناً من أركان الحرب على «الإرهاب» في المنطقة والعالم، حينها يصبح الحديث عن الإرهاب الذي تمارسه بعض الجماعات هنا وهناك جزءاً من المفارقات السوداء التي تعيشها المنطقة ويتم تضليل العالم بها.
حين تقوم الولايات المتحدة بدعم وتأييد حكومات العراق الطائفية لسنوات طويلة وهي تشهد ما ترتكبه الأحزاب المكونة لتلك الحكومات من جرائم بشعة بحق الأهالي بعد كل ما ارتكبته هي نفسها بحق العراق وأهله من فظائع يندى لها جبين البشرية، فمزقته وحولته إلى مستنقع يتفجر أشلاء من شدة الظلم ويضج بالقهر والحرمان ويعج بالسفاحين والفاسدين والمتوحشين، ثم بعد ذلك تعتمد الأحزاب الطائفية الدموية نفسها تحت عنوان الحشد الشعبي في العراق وتحت عنوان محاربة القاعدة في اليمن وتحت عنوان محاربة التكفيريين في سوريا ولبنان… حينها يصبح الحديث عن الإرهاب الذي تمارسه بعض الجماعات هنا وهناك عبثاً لا طائل منه.
الوعي: إن ما سبق ومثله كثير لا يتسع المقام لسرده يعني أن قصة الحرب المزعومة على الإرهاب هي جزء من مؤامرة حقيرة على هذه الأمة للإطباق عليها والإجهاز على طاقة التحرر التي تدفعها لتغيير واقعها، ولجعلها فريسة سهلة لنهشها ولتمرير المخططات الشريرة التي تقوم عليها الدول الكبرى، تلك الغارقة في دماء الأبرياء إلى أنوفها وتمارس الإرهاب ليل نهار من غير رقيب ولا حسيب ومن غير أن يرمش جفن لها.
2015-03-30