أفول حضارة الغرب… ذلك قولهم بأفواههم
2024/03/26م
المقالات
1,789 زيارة
يوسف الساريسي
بيت المقدس
أدى انهيار الإمبراطورية البيزنطية وسقوط القسطنطينية عاصمة الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية في يد الخلافة العثمانية سنة 1453م إلى زلزال كبير في أوروبا؛ حيث أدى هذا الزلزال إلى تغير في نظرتهم إلى المسائل الدينية والسياسية، وهذا الأمر بجانب تأثر أهل أوروبا بحضارة المسلمين في الأندلس سابقًا ساعدا في خلق ظروف وبيئة جديدة أدت في النهاية إلى ظهور حركة الاصلاح الديني البروتستانتي على يد مارتن لوثر سنة 1517م، والذي أدى في النهاية إلى انقسام الكنيسة الغربية الكاثوليكية إلى كنيستين وظهور الكنيسة البروتستانتية.
هذه الهزات العنيفة التي هدمت أركان الكنيسة الشرقية وضربت أسس الكنيسة الغربية كانت دافعًا للأوروبيين للتفكير في دور الدين في الحياة والمجتمع والدولة. ومع أن هذه الهزات كان بسبب تأثر أوروبا بالإسلام ولكنهم لم يفكروا في الإسلام كبديل لنصرانيتهم؛ ولكن هذه الهزات العنيفة أحدثت عندهم هزات ارتدادية فكرية؛ حيث حدث صراع عنيف بين المفكرين والفلاسفة في أوروبا من جهة، وبين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستانتية من الجهة الأخرى، وقد توصلوا إلى حل وسط لإدارة هذا الصراع بتبني مفهوم العلمانية، أي فصل الدين عن الحياة وعن الدولة، كأساس ومنطلق لمبدئهم الجديد وهو المبدأ الرأسمالي.
ويلاحظ أن الانتقال في بريطانيا -ذات المذهب البروتستانتي- إلى الرأسمالية كان سلميًّا بعد ثورة كرومويل التي بدأت سنة 1642م؛ ولكن هذا الانتقال كان عنيفًا وداميًا جدًّا في فرنسا -ذات المذهب الكاثوليكي- بعد الثورة الفرنسية سنة 1789م، وهذا يخبرنا عن سر الإلحاد والعلمانية اللائكية في فرنسا، ومقدار الحقد الفرنسي على الدين.
1- فساد الأساس الذي قام عليه المبدأ الرأسمالي
بعد هذا الصراع نشأ المبدأ الرأسمالي في أوروبا، في القرن السادس عشر الميلادي وما تلاه، وقام على أساس فصل الدين عن الحياة، وصارت نظرة الرأسماليين للحياة نظرة دنيوية منقطعة عن الدين والأخلاق والقيم – اللهم إلا عن القيمة المادية – وقد بنوا هذه النظرة للحياة بأنها صراع للبقاء كما في عالم الحيوان، تلك النظرة الداروينية التي تقوم على أن حياة البشر أيضًا هي صراع، وأن البقاء فيها هو للأصلح. نعم، هذه هي نظرتهم للحياة، نظرة حيوانية يحكمها قانون الغاب لا إنسانية فيها.
وعلى هذا الأساس ومن هذه النظرة الداروينية، طفقوا يشيدون أنظمة الحياة من سياسة واقتصاد وحكم وتعليم وغيرها، فقام الفلاسفة والمفكرون الرأسماليون بإنشاء نظام اقتصادي منبثق من عقيدة العلمانية والنظرة الداروينية للحياة، وخصوصًا على يد آدم سميث في بريطانيا في كتابه ثروة الأمم الذي نشره في 1776م، وصارت بريطانيا وغيرها من الدول الرأسمالية تطبق هذا النظام الاقتصادي الرأسمالي فعليًّا.
وما هي إلا سنوات قليلة حتى ذاق أهل أوروبا أنفسهم الويلات الناجمة من تطبيق هذا النظام الاقتصادي الرأسمالي الدارويني الذي يحابي الأغنياء والأقوياء على حساب الضعفاء والفقراء، فانتفضوا عليه وصاروا يبحثون عن نظام آخر أكثر عدالة، فبدأت تظهر أفكار اشتراكية الدولة، والتي كانت تنادي بالعدالة الاجتماعية والملكية الجماعية للموارد ووسائل الإنتاج.
ثم أنبتت أوروبا من رحم نظرتها الداروينية الاجتماعية أحزابًا ودولًا رأسمالية عنصرية كالنازية في ألمانيا، والفاشية في إيطاليا، والتي أخذت بالتوسُّع والاعتداء على البشر، وقامت بأعمال الإبادة الجماعية والحرق للأعراق الدونية، فاجتمع الغرب بنفسه للقضاء عليها وعلى شرورها في الحرب العالمية الثانية بسبب عنصريتها وتعاليها على البشر، ويفتخر الغرب بأنه قضى على النازية والفاشية المتولِّدة من الداروينية الاجتماعية، والتي هي جزء من نظرتهم الرأسمالية للحياة، مع أن الغرب نفسه ما زال مستمرًّا بتبني هذه النظرة العنصرية ولكن بشكل خفي غير ظاهر، وقد رأينا ذلك واضحًا عند ترامب في أمريكا، وكذلك عند اليمين المتطرف الذي فاز في انتخابات كثيرة في أوروبا.
2- وجود المبدأ الشيوعي كان إعلانًا بفشل الرأسمالية
ظهر من رحم الرأسمالية الفاجرة فكرة الاشتراكية الماركسية على يد ماركس حوالى سنة 1850م، ثم نجح حزب شيوعي في روسيا بالوصول للحكم وبتطبيق أفكار الماركسية سنة 1917م. وبقيام دولة الاتحاد السوفياتي بتطبيق المبدأ الشيوعي وجد بالفعل النموذج المنافس للرأسمالية في أوروبا ذاتها، وبذلك تكون أوروبا قد أعلنت بنفسها فساد النظام الرأسمالي وعدم صلاحيته لعلاج مشاكلها وصارت تنادي باستبداله، فأخذت الشيوعية تزاحم الرأسمالية وتقوم فعليًّا بمحاولة إزاحة الرأسمالية من أوروبا والعالم، ونجحت الشيوعية في الانتشار في دول شرق أوروبا والصين وغيرها، وهذا هدَّد فعليًّا النموذج الغربي للرأسمالية المطبق في بريطانيا وفرنسا وأمريكا، خصوصًا أثناء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي.
ولكون النظام الرأسمالي نظام متلون ومطاطي بطبيعته؛ حيث لا توجد فيه عقيدة صلبة، ولا قيم ثابتة من إنسانية أو أخلاقية أو روحية؛ حيث لا يعترف بهذه القيم عمليًّا بل لديه قيمة وحيدة هي المنفعة والربح؛ ولذلك يلاحظ أن أتباع المبدأ الرأسمالي ليس لديهم إيمان راسخ بالأسس التي قام عليها مبدؤهم، وبالتالي من السهل عليهم أن يخلعوا جلدهم ويدوسوا بنعالهم الأفكار والأنظمة التي انبثقت عن مبدئهم وطبقوها عمليًّا وحاولوا جهدهم لنشرها في العالم، فلا يمنعهم مبدؤهم من تغيير أنظمته الفاسدة بأنظمة جديدة معدَّلة تتناسب مع الظروف والوقائع المتغيرة.
فمثلًا، عندما هدَّدهم النظام الشيوعي بالاشتراكية، قاموا بالالتفاف على الشيوعية فتبنوا اشتراكية الدولة لترقيع هذا النظام الفاسد الظالم المتحيز للأغنياء والأقوياء. وعندما هدَّدهم الفشل العملي لنظامهم الاقتصادي بعد الكساد العظيم سنة 1929م، جاء أحد مفكريهم وهو الاقتصادي الإنجليزي كينز وقلب الأسس الاقتصادية التي تقوم عليها الرأسمالية الكلاسيكية لآدم سميث، ومنها ميكانيكية الثمن واليد الخفية، وصار ينادي بضرورة تدخل الدولة في الاقتصاد، وقامت الدول الرأسمالية بتنفيذ الكينزية ومشت وراء ترقيعاته؛ ولكنها ما لبثت أن عادت القهقرى شيئًا فشيئًا، فعادوا إلى الاقتصاد الحر الأصلي في فترة حكم ريغان وتاتشر بعد 1980م. ثم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي سنة 1991م، بدأوا بسياسات الخصخصة والعولمة وأسسوا منظمة التجارة العالمية، وأصابتهم النشوة الحضارية وصاروا يشعرون بأن حضارتهم هي حضارة نهاية البشر التي لا تدانيها حضارة في التقدم والرقي، ولن يكون بعدها حضارة تسمو عليها، كما زعم المفكر الأمريكي فوكوياما.
بداية التراجع والأفول للرأسمالية
استغلَّت أمريكا أحداث 11 أيلول 2001م، فأخذت تغزو العالم الإسلامي عسكريًّا واقتصاديًّا، فقام بوش بحروبه الصليبية وغزا أفغانستان 2002م، ثم العراق 2003م؛ ولكنه تعرض إلى انتكاسات عسكرية وسياسية مما اضطر أمريكا إلى الانسحاب منهما. وأمريكا منذ ذلك الوقت وهي في تراجع اقتصادي وسياسي مستمرَّان، فقد تعرضت أمريكا والعالم في العام 2008م إلى أزمة مالية عصفت بالنظام الرأسمالي بشكل عنيف ولم تتخلص من تبعاته حتى الآن، وهناك مشكلة الدَّين الأمريكي العام الذي كان ضئيلًا نسبيًّا سنة 1981م، ووصل ما يقارب 1 ترليون دولار عند بداية حكم ريغان؛ ولكنه كان يزداد مع مرور الوقت، فوصل إلى 5.5 تريليون سنة 2000م، ثم وصل إلى ما يقارب 34 تريليون في بداية 2024م، وسقف الدين ما زال في ارتفاع، إلى أن يخِرَّ عليهم هذا السقف من فوقهم بمشيئة الله تعالى.
وهكذا اهتزَّت أركان النظام الرأسمالي فكريًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا وكاد أن ينهار، بعيد الأزمة المالية سنة 2008م، ولكنه لم يواجه منافسًا عالميًّا يوجه له الضربة القاضية، وكذلك لم يعد يشعر العالم الرأسمالي بحاجته إلى أن يغير جلده كما حدث في السابق عند وجود التحديات أمامه، وهو ما زال سادرًا في غيِّه دون التفات إلى العورات والثغرات التي تتسع يومًا بعد يوم، من جراء سوء تشخيصه للمشاكل الاقتصادية والسياسية والفكرية وسوء علاجه لها، وهو يسير إلى حتفه المحتوم -عاجلًا أو آجلًا- كما شهد بذلك القريب والبعيد.
3- شهادات البعيد بقرب أفول الرأسمالية
أما البعيد، فقد شهد بقرب نهاية المبدأ الرأسمالي، وأبرز من تنبأ بانهياره كان ماركس وإنجلز، وهما اللذان طوّرا نظرية الرأسمالية وتنبَّآ بانتهاء الرأسمالية في نهاية المطاف؛ نظرًا للصراع الطبقي بين الطبقات الاجتماعية وأنها ستصل إلى نهايتها وسيحلُّ محلها نظام جديد وهو الشيوعية، كما فصل ذلك في كتابه «رأس المال: نقد الاقتصاد السياسي» سنة 1867م. وكذلك أشار فلاديمير لينين سنة 1916م خلال الحرب العالمية الأولى في كتابه «الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية» إلى أن الإمبريالية تتميز بانتشار الاستعمار والاستثمار الأجنبي، مما يؤدي إلى زيادة الصراعات الاقتصادية والجيوسياسية بين القوى الكبرى الرأسمالية على الموارد والنفوذ. وهذا يزيد من الاضطرابات الاجتماعية والتوترات الطبقية، مما يمكن أن يؤدي في بعض الحالات إلى ثورات شعبية ضد النظام الرأسمالي.
وكذلك كتب الشيخ تقي الدين رحمه الله كتاب نظام الإسلام وكتاب النظام الاقتصادي سنة 1953م وغيرها من الكتب والنشرات، وأبان فيها عورات المبدأ الرأسمالي فكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، وأنه مبدأ فاسد ولا يعالج المشاكل بشكل صحيح، وأن هذا الفساد الرأسمالي، سيستبدل بنظام الإسلام الصحيح الذي سينشر في الأرض ويحكمها بشريعة الإسلام بمشيئة الله تعالى.
4- أفول الرأسمالية: وشهد شاهد من أهلها
وأما القريب، وهم مفكرو الرأسمالية وفلاسفتها أنفسهم، فهم أيضًا شهدوا في الماضي وما زالوا يشهدون على فساده وقرب انهياره، وشهادة شاهد من أهلها، يكون عادة أبلغ وأعظم أثرًا في عيون الناس حين يكون هذا الشاهد من الداخل. وفكرة سقوط الرأسمالية ليست فكرة جديدة، بل هي بدأت مع كتاب (صعود وسقوط القوى العظمى) وهو للمفكر الأمريكي بول كينيدي في أواخر السبعينيات، الذي تنبأ حول أمور قد تحقَّق معظمها تتعلق بالصين وآسيا والاتحاد السوفياتي وأمريكا. وهو أول كاتب أمريكي يتحدث صراحةً عن إمكانية أفول الحضارة الأمريكية كنظام سياسي واقتصادي. بينما كان يرى فرانسيس فوكوياما سنة 1992م أن أمريكا ستبقى كدولة أولى على رأس النظام الدولي لمئة عام قادمة، وما هي إلا أمنيات لن تتحقق.
وكان صامويل هنتنجتون في كتابه «صراع الحضارات» سنة 1996م، هو من بدأ باستشعار بالخطر، وعدم الثقة بالهيمنة المطلقة للرأسمالية، مبينًا بالأدلة والوقائع أن التاريخ لم ينتهِ لصالح الرأسمالية الغربية بسقوط المبدأ الشيوعي على جدار برلين سنة 1989م، ولم تحقِّق الليبرالية انتصارها الحاسم، وإنما طبيعة الصراع تغيرت من مرتكزات أيديولوجية واقتصادية إلى منطلقات ثقافية وإيمانية حضارية. ويعتبر أن الصراع الحضاري القادم على المدى القريب سيكون بين ثلاث حضارات، وهي الحضارة الغربية الرأسمالية والحضارة الصينية والحضارة الإسلامية، أما على المدى البعيد فإن هذا الصدام المحتمل سيكون محصورًا بين الحضارة الغربية الرأسمالية وبين حضارة الإسلام. ويذكر هنتنجتون بأن الحضارة الغربية وأمريكا وإن كانت تتحرك على المسرح الدولي بقوتها الاقتصادية والسكانية؛ ولكن هناك ما هو أهم، وهو الانهيار الأخلاقي والانتحار الثقافي والتفكك السياسي الذي يقود الغرب إلى مسرح الانهيار.
5- كتب وتنبؤات غربية بأفول الحضارة الرأسمالية
إن انهيار الرأسمالية هي نبوءة للعديد من مفكري الغرب أنفسهم. والسؤال الجوهري عندهم ليس عن كيفية الانهيار ولا عن أسبابه، بل عن موعده، هل سيكون الانهيار قريبًا أم سيتأخر؟ وللتوكيد على أفول الحضارة الرأسمالية الغربية وقرب سقوطها، سنقوم بسرد شهادات مجموعة من هؤلاء المفكرين والفلاسفة الغربيين من أهل تلك الحضارة، والتي تشير إلى فساد الحضارة الرأسمالية وعلى قرب أفولها، وسيكون الذكر أدناه وفقًا لتاريخ نشر هذه الكتب ثم تعقيب قصير على كل واحد منها، وهي كما يلي:
كتاب «صعود وسقوط القوى العظمى»، لبول كينيدي، سنة 1987م
كتاب «رقعة الشطرنج الكبرى الأولوية الأمريكية وضرورتها الاستراتيجية» لزينغو بريجينسكي سنة 997م
كتاب «بعد الإمبراطورية سقوط الحلم الأمريكي» لايمانويل تود سنة 2003م
كتاب «احزان الإمبراطورية -أميركا العظمى القناع والحقيقة» لتشالـمرز جونسون، عام 2004م
كتاب «انتحار الغرب»: تأليف ريتشارد كوك وكريس سميث، سنة 2006م.
كتاب «الرأسمالية في طريقها لتدمير نفسها» للمؤلفَين باتريك آرتو، وماري بول فيرار، سنة 2008م
كتاب «لماذا تفشل الدول: أصول القوة والازدهار والفقر» لدارون أكيموغلو وجيمس روبنسون، سنة 2012م.
كتاب «نظام التفاهة» للكاتب الكندي ألان دونو، سنة 2015م
كتاب «موت الغرب» للمؤلف باتريك بوكانان، سنة 2015م.
كتاب «الانحطاط: من يسوع إلى ابن لادن، حياة وموت الغرب»، للفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري، سنة 2017م
كتاب «النوايا الطيبة» لستيف والت، سنة 2018م.
خاتمة
كما أوردنا أعلاه، فقد تم ذكر أحد عشر كتابًا من الكتب التي تنبأت بأفول الحضارة الغربية الرأسمالية، وقد عقبنا على الخلاصة لكل كتاب منها، ويوجد غيرها الكثير من الكتب والدراسات التي عنيت بدراسة الحضارة الرأسمالية وتخوفت من أفولها أو انحطاطها أو جمودها وتفاهتها، وبعض هذه الدراسات تنبأت بأن يكون الإسلام هو البديل لهذه الحضارة لما يحويه من ميزات حضارية تفوق ما لدى الغرب من حضارة مادية.
وقد أردنا أن ندين هذه الحضارة من خلال شهادة شاهدين من أهلها ومن خلال ما يقولونه بأفواههم وما تخطه أقلامهم، وهناك العديد من الكتب والدراسات الأخرى التي تنبأت بأفول حضارة الرأسمالية وسقوطها، ولكننا آثرنا هنا أن نركز على قول مفكري الغرب أنفسهم لكي تكون الشهادة لها وقع خاص عند المخالفين لنا، فالموضوع ليس أمنيات وأحلام من قبل المسلمين بسبب كرههم وعدائهم للحضارة الغربية المناقضة للحضارة الإسلامية كل المناقضة؛ ولكن هو أمر سيقع، وهو عملية فعلية تجري حاليًّا، ولا مناص من نتيجتها المحتومة بمشيئة الله تعالى.
وسنن الله تجري على الدول والحضارات وهي لا تحابي أحدًا، ومن سنن الله تعالى أن للدول والأمم أعمارًا كأعمار البشر، قد تطول أو تقصر وفق أسباب ونواميس معينة، فالدول الظالمة المتجبرة والتي تقوم على مناقضة الفطرة الإنسانية لا تعمر كثيرًا كالاتحاد السوفياتي، وهذه السنة تنطبق على الحضارات أيضًا باستثناء حضارة الإسلام لأنها حضارة ربانية وعد الله بحفظ الذكر الذي أنزله على رسوله، ومن لوازم حفظ الذكر حفظ من يقوم على حفظه وحمله وتطبيقه، وهذا يجعل حضارة الإسلام ودينه باقيان إلى يوم الدين مهما حاول البشر اجتثاثهما كما أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث بأنه سأل الله أن لا يهلك أمته بعامة فأعطاه الله ذلك.
ونسأل الله تعالى في عليائه أن يجعل أفول حضارة الغرب الرأسمالية ودولها الظالمة المجرمة في حق البشر وفي حق المسلمين بالخصوص، أن يكون سقوط دولها قريبًا وخاصة رأس الكفر أمريكا، بما تقوم به من إجرام في حق أهل فلسطين وأهل غزة في هذه الأيام ومعها كيان يهود الابن المدلَّل لها. وأن يمن الله على المسلمين بقيام دولة الخلافة التي تنشر العدل وتبيد الظلم والظالمين، وتوحِّد البلاد والعباد، وتحرِّر فلسطين والأقصى وغزة وباقي بلاد المسلمين المحتلة، في القريب العاجل إن شاء الله تعالى، ثم تحمل الإسلام مشعل نور وهداية للعالمين ليبلغ ملك أمة الإسلام كل ما طلع عليه الليل والنهار… اللهم آمين، والحمد لله رب العالمين.
2024-03-26