الدعوة إلى «الديانة الإبراهيمية الجديدة» وجه آخر من وجوه الحرب على الإسلام
2021/12/09م
المقالات
2,159 زيارة
«الديانة الإبراهيمية الجديدة» هو اسم لديانة جديدة محرَّفة، توصف عند مبتدعيها بإنها تشكل الجامع المشترك بين الأديان (الإسلام والمسيحية واليهودية) باعتبار أن النبي إبراهيم عليه السلام هو أبو الأنبياء في هذه الأديان. والهدف المعلن للمشروع هو «التركيز على المشترك بين الديانات، والتغاضي عما يمكن أن يسبب نزاعات وقتالًا بين الشعوب». وقد بدأ الترويج للفكرة فعلًا في إطار «إقامة السلام بين الشعوب والدول بغض النظر عن الفروقات».
وهذه الدعوة تأتي في إطار الحرب على الإسلام التي تسعِّرها الولايات المتحدة في إطار فرض نظامها الدولي الجديد على العالم ومنه العالم الإسلامي، وتترافق مع تطبيع العلاقات مع (إسرائيل) في المنطقة العربية خاصة. فقد تم تداول مصطلح «الإبراهيمية» مع توقيع الإمارات والبحرين اتفاق تطبيع مع (إسرائيل) في سبتمبر أيلول العام الماضي. وهو الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها حينها دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنير؛ حيث سُمِّي بـ «الاتفاق الإبراهيمي». ولقد ورد في نص إعلان الاتفاق المنشور على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية: «نحن نشجع جهود دعم الحوار بين الثقافات والأديان للدفع بثقافة سلام بين الديانات الإبراهيمية الثلاث والإنسانية جمعاء».
وهذه الدعوة لها دعاة أبرزهم محمد بن زايد (يتم تداول ونشر صورة تخيُّلية لمحمد بن زايد على مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع على هيئة شيطان ويتم التعليق عليها بشكل ساخر). والربط واضح بين الدعوة «للإبراهيمية» وبين «بيت العائلة الإبراهيمية» الذي أمر حاكم أبو ظبي محمد بن زايد بتأسيسه، والذي يضم مسجدًا وكنيسةً وكنيسًا يهوديًّا، وسيتم افتتاحه في عام 2022م. وهكذا بدأ الحديث عن التسامح والتواصل والحوار بين البلدان والشعوب والملل والأديان ليتحول فيما بعد إلى حديث عما يعرف بـ»الديانة الإبراهيمية الموحَّدة».
وهذه الدعوة لها أصل عند غلاة الصوفيين السابقين، وقد رفضها علماء المسلمين الأوائل ومنهم ابن تيمية حيث ذكر في مجموع الفتاوى:«كان هؤلاء كابن سبعين ونحوه يجعلون أفضل الخلق عندهم، المحقق، وهو القائل بالوحدة، وإذا وصل إلى هذا فلا يضرُّه عندهم أن يكون يهوديًا أو نصرانيًا، بل كان ابن سبعين وابن هود والتلمساني وغيرهم يسوِّغون للرجل أن يتمسك باليهودية والنصرانية كما يتمسك بالإسلام، ويجعلون هذه طرقًا إلى الله بمنزلة مذاهب المسلمين» وهذا مما يفسر الدافع المعلن لدى أمريكا إلى تبني الدعوة الصوفية التي تقوم على مثل هذه المفاهيم المنحرفة، وبالتالي دعمها لمواجهة مشروع الدعوة إلى إقامة دولة الخلافة.
ويذكر الكاتب محمد محمد حسين أن من أشهر دعاة وحدة الأديان في العصر الحديث جمال الدين الفارسي المشهور بالأفغاني، فقد كان له دور خطير في السعي إلى توحيد الأديان الثلاثة، وتلقَّف هذه الدعوة من بعده تلميذه محمد عبده فقد كان له مشاركة في التوفيق بين الإسلام والنصرانية. ومعلوم ارتباط داعيي الشر هذين بالماسونية، وبتوافق دعوتهما مع رياح السياسة البريطانية.
الوعي: إن الدعوة إلى وحدة الأديان هي دعوة سياسية خبيثة مغلَّفة بألفاظ التعايش والحوار والتقارب والتسامح والزمالة بين الأديان… وأصحاب هذه الدعوة يريدون بالحقيقة إيجاد حالة اندماج أديان (وليس فقط اندماج أتباع) وتحديدًا الديانة الإسلامية، وهي دعوة لا تخرج عن الحرب العالمية على الإسلام لتحريفه وتبديله. أما الأديان الأخرى فهي محرَّفة بالأصل، وهي دعوة تخالف الفطرة، قال تعالى: (وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ ١١٨ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ ١١٩) [هود: 118، 119].
وهذه الدعوة هي كفر بواح، لما تتضمنه من تكذيب للنصوص الصحيحة الظاهرة، وتعارض المعلوم من الدين بالضرورة، ويدرك ضلالها العوام فضلًا عن الخواص، وقال تعالى: (إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ) [آل عمران: 19] والله أعلمنا أن هذا الدين الذي رضيه الله لنا كامل ونعمته تامة، قال تعالى: (ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ) [المائدة: 3] وأنه ناسخ لما سبقه من ديانات اعتراها التحريف والتبديل قال تعالى: (وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ) [آل عمران: 85]، وأن اليهود والنصارى وجميع الأمم عليهم أن يؤمنوا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم تمامًا على الذي أنزل، ومن يتولَّى فإنما هو في شقاق، قال تعالى: (فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ١٣٧) [البقرة: 137] وحرم الشرع اتخاذ اليهود والنصارى أولياء فقال: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ)[المائدة: 51]. بل اعتبرهم الشرع أعداء، وعلى المسلمين أن يتخذوهم أعداء قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ) وقال تعالى: ( وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ١١٥)… ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوَّى بين الإسلام وغيره من الأديان فقد خرج من ربقة الإسلام.
2021-12-09