آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه (2)
2021/01/21م
المقالات
3,078 زيارة
( لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَآۚ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٢٨٦ ).
إنَّ أصل النسيان مأخوذ من الترك غير المتعمَّد، فهو يعني ترك أمر الله بغير عمد، وهذا على وجهين:
الأول: يتم دونما علاقة لفعل العبد الاختياري كمن أكل أو شرب في رمضان ناسيًا أو أصابه مرض فأصبحت ذاكرته ضعيفة فنسي بعض ما يحفظه من قرآن أو بعض مواعيد عليه، فهذا النسيان وأمثاله لا مؤاخذة فيه، ويدخل تحت مفهوم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَضَعَ عن أمتي» أي وَضَعَ المؤاخذة، فلم يؤاخذ سبحانه على هذا النسيان.
والثاني: ما كان لفعل العبد الاختياري علاقة فيه كمن تشاغل عن الصلاة بأعمال أخرى فلم ينتبه إلا وقد دخل وقت الثانية دون أن يصلي الأولى، أو من ترك الاهتمام بكتاب الله فنسي ما حفظ دونما مرض أو ضعف ذاكرة، أو من تشاغل عن مواعيده بمصالحه فنسي المواعيد ولم يحفظها وأمثال ذلك، فهذه ذنوب مترتبة على النسيان وهي ما تدخل تحت الدعاء المذكور في الآية ( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ ).
وكذلك الأمر الخطأ فهو نوعان:
فالأول: خطأ ضد العمد: أي دونما علاقة لفعل العبد الاختياري بتعمد هذا الخطأ كمن اجتهد في تعيين الغروب فأفطر وإذ بالشمس لم تكن قد غربت بعدُ لغيمٍ حجبها ولا ساعة توقيت لديه، أو كمن ضلَّ طريقه في الصحراء في يوم غيم لا تبدو النجوم فيه فاجتهد لتعيين القبلة وصلَّى الفجر، وفي الصباح طلعت الشمس فعلم أنه لم يصلِّ إلى القبلة بل إلى جهة غيرها، أو كمن لا يستطيع قراءة الفاتحة قراءة صحيحة في الصلاة لضعف في عقله أو ثقل في لسانه فنطق حروفها على غير وجهها وأخطأ فيها، أو كمن كان الأمر يجهل مثله على مثله فنفذه على غير وجهه وأخطأ فيه كمن جاء من البادية فصلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشمت العاطس في الصلاة وهو لا يدري أن هذا يبطل الصلاة لعدم سماعه بذلك بسبب عيشه البعيد عن المدينة وعدم وجود من يفقهه في البادية، وأمثال ذلك من أفعال فهي تقع تحت مفهوم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَضَعَ عن أمتي».
أما الثاني: فهو من تَعَمَّدَ فعل الخطأ ضد الصواب، أي أخطأ في الفعل بأن أتى به خلاف الشرع، هذا يعني ما كان من فعل العبد الاختياري بتعمد الخطأ كأن يفطر في رمضان قبل الغروب وهو يعلم ذلك، أو أن لا يتعلم ما يلزمه من أحكام الشرع وهو قادر على ذلك ثم يرتكب ما نهى الله عنه على علم.
هذا وأمثاله من ارتكاب ما نهى الله عنه هو الخطأ الذي يسأل العبد ربه أن لا يؤاخذه به وهو الواقع ضمن هذه الآية الكريمة (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ )، أي أن يعفو عنه هذا الخطأ، كما هو بيِّنٌ في تكملة الآية ( وَٱعۡفُ عَنَّا ) والمؤاخذة المعاقبة، وفاعَلَ هنا بمعنى فعل، فالعقوبة من الله سبحانه للعبد، فآخذ هنا لا تفيد المشاركة، فالله سبحانه هو الذي يؤاخذ العبد أي يعاقبه.
وفي الآية الكريمة تضرُّعٌ إليه سبحانه أن لا يعاقبنا على هذا النسيان، أي ترك تنفيذ أوامر الله دونما عمد، ولكن بتشاغل عنها وتسويف في الأداء حتى نضيعها. ولا على هذا الخطأ الذي نأتي به على غير الصواب عامدين فنقع في ما نهى الله عنه. هذا هو النسيان والخطأ في الآية الكريمة الذي عليه المؤاخذة، وأما ما بيناه من خطأ ونسيان على غير هذا فالمؤاخذة فيه مرفوعة عنا برحمة الله سبحانه كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَـأَ وَالـنِّسْـيَانَ وَمَا اسْـتُكْرِهُوا عَلَيْهِ».
وهنا قد يرد سؤال: إن كان الخطأ والنسيان في الآية والذي نسأل الله سبحانه أن لا يؤاخذنا فيه، إن كان هذا من الذنوب، فكيف نفهم استجابة الله سبحانه المذكورة في حديث مسلم الذي ذكرناه؟ كيف نفهم هذه الاستجابة بعد كل دعاء؟ فهل يعني أننا لا نؤاخذ على هذه الذنوب قطعًا؟
إن استجابة الله سبحانه تعني كما فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقق الله لنا ما ندعوه فيمحو هذا الذنب عنا ويغفره لنا، أو يصرف عنا من السوء مثله، أو يدخر لنا أجرًا بدعائنا يوم القيامة. أخرج الترمذي من طريق أبي هريرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ: فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ يَسْتَعْجِلْ، قالوا يا رسول الله وكيف يستعجل؟ قال: يقول دعوتُ ربي فما استجاب لي». وفي رواية أخرى له من طريق جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْعُو بِدُعَاءٍ إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ مَا سَأَلَ أَوْ كَفَّ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهُ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ». وهذا نحو قوله سبحانه: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ ) غافر/آية60 ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ) البقرة/آية186.
فهي تربط الإجابة بدعاء المؤمنين، وكل ذلك بمعنى الإجابة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك فإن الاستجابة تكون من فضل الله سبحانه على النحو المبيَّن، فنحن ندعو الله العفو والمغفرة والنصر على الكافرين وعدم العقوبة على ذنوبنا بالنسيان والخطأ وأن لا يجعل علينا عهدًا وحملًا ثقيلين، وفي كلّ ذلك نوقن بالإجابة كما بشَّرنا الله سبحانه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال: نعم» وهذه الإجابة إما بتحقيق الدعاء فيمحو الله ذلك الذنب ويغفره لنا سبحانه وينصرنا على القوم الكافرين، أو يصرف الله عنا من السوء مثل ما دعونا، أو يدخره لنا يوم القيامة وهو البر الغفور الرحيم، فالاستجابة ليست بالضرورة أن تكون في الدنيا بل على النحو الذي بيناه.
( رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ ) ( إِصۡرٗا ) أمرًا غليظًا وعبئًا ثقيلًا يأصر صاحبه أي يحبسه فكأنه يثقله، وكل عهد بأمر ثقيل (إصر) ( وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ ) الأعراف/آية157.
وهو دعاء إلى الله سبحانه أن لا يأخذ علينا عهدًا بتنفيذ أمور يثقل حملها علينا ويشق علينا أداؤها، كما أخذها الله على الأمم السابقة كبني إسرائيل من أمرهم بقتل أنفسهم كطريق إلى توبتهم، وقد استجاب الله سبحانه فجعل التوبة ميسورة لمن يسَّرها الله له، فهي إخلاص لله بترك الذنب وعدم العودة إليه وإصلاح لآثاره، وليس بقتل النفس كما كان على بني إسرائيل.
(رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ) أي يا رب لا تعاقبنا بعقوبات لا نطيقها مثلما حدث مع الأمم السابقة من خسف ومسخ وتدمير وصاعقة. فبعد أن علَّمنا الله سبحانه أن ندعوه بأن لا يشدِّد علينا بالتكاليف، علَّمنا سبحانه أن ندعوه أن لا يعاقبنا بما لا طاقة لنا به، إنه سبحانه رؤوف رحيم.
(وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَآۚ) ولم يبدأها سبحانه (ربنا) كالدعاء السابق؛ لأن هذه الثلاثة جاءت مقابلة للأدعية السابقة فهي معطوفة عليها ونتائج لها. فالعفو يقابل عدم المؤاخذة على الذنوب بالنسيان والخطأ. والمغفرة تقابل عدم إحساننا القيام بالأمور الغليظة إن أخذت علينا عهودًا ومواثيق. والرحمة تقابل عقوبتنا بما لا نطيق.
( أَنتَ مَوۡلَىٰنَا ) أي مالكنا وسيدنا ومتولي أمرنا، وأصله مصدر أريد به الفاعل، وهي في معنى القول أي قولوا أنت مولانا.
( فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ٢٨٦) والفاء للسببية لأن سبب الدعاء بنصر الله أنه سبحانه المولى والمالك ومدبِّر الأمر، كقول القائل: أنت الجواد فَتَكَرَّمْ علي، وأنت البطل فاحْمِ الجار.
أخرج الإمام أحمد عن أبي ذر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُعطيتُ خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش ولم يعطَهن نبيٌّ قبلي».
وفي حديث آخر أخرجه الإمام أحمد من طريق حذيفة قَالَ: «… وَأُعْطِيتُ هَذِهِ الآيَاتِ مِنْ آخِرِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَهَا نَبِيٌّ قَبْلِي».
خـاتمـة سورة البقرة
وكلمة أخيرة نقولها بين يدي هذه السورة العظيمة، فإنها قد حوت معظم أصول أحكام الإسلام إن لم يكن كلها من عقيدة وأحكام شرعية.
ففيها بيان الإيمان وحقيقة الكفر والنفاق، ثم إقامة الحجة على الكافرين بإفراد الله في العبودية والربوبية والتنزيه عن الصاحبة والولد والمثيل والشريك، ثم التحدي بالقرآن العظيم وأنه كلام الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لا يستطيع بشر الإتيان بمثله ولن يستطيع.
وفيها إعداد آدم – عليه السلام – للخلافة في الأرض وعمارتها فخلقه الله في أحسن تقويم، وجعل بين جنبيه مكونات العقل السليم والفطرة السليمة فيؤمن بخالقه ويعبده ويدعو إليه، ثم آتاه الله علمًا بمسميات الأشياء فسبقت إليه عنها معلومات من ربه تمكنه من التفكير وإنشاء الأفكار فتعقل ذريته الأشياء وتستبين الحق وتتهيأ لاستقبال رسل الله فيحيا من حيَّ عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
ثم أرسل الرسل بآيات الله مبشرين ومنذرين، رضوان من الله وجنات للمؤمنين ومقت من الله وغضب ونار تميز من الغيظ للكفار والمنافقين.
وفيها بيان ليهود وغدر يهود ومكر يهود وكفرهم بآيات الله وعقم جدلهم وتحريف كتبهم والمتاجرة بالدين والدنيا يشترون بآيات الله ثمنًا قليلًا، يتآمرون على الرسول صلى الله عليه وسلم، ويصدُّون عن السبيل أصحاب لؤم ونفاق وأهل غدر ونقض لكل ميثاق ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين.
ثم فيها من الأحكام الشرعية الأصل والفصل، فيها بيان الظلم والظلم ظلمات: ظلم مانعي المساجد وكاتمي الشهادة وكاتمي العلم. وفيها عن الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد والنكاح والطلاق والإيلاء والرضاع والنفقة في سبيل الله، ثم الربا والدين ثم العفو والمغفرة والرحمة والله واسع عليم.
ولقد انتهت السورة الكريمة على نحو ما بدأت به: بشرى للمؤمنين بالفلاح وعَمَه للكفار والمنافقين في الطغيان.
ثم الختام وأي ختام! نصر من الله وأي نصر! والله لا يخلف الميعاد ( أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ٢٨٦ ).
وفضل هذه السورة الكريمة فضل عظيم:
أخرج الإمام أحمد والإمام مسلم واللفظ لمسلم عن أبي أمامة قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلاَ تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ». وفي رواية الترمذي (غيابتان).
الغياية أو الغيابة: ما أظلك من فوقك. الفِرق: القطعة من الشيء.
البَطََلة: السحرة. ومعنى لا تستطيعها: أي لا تستطيع النفاذ في قارئها أي التأثير فيه.
أخرج الإمام أحمد في مسنده من طريق معقل بن يسار أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْبَقَرَةُ سَنَامُ الْقُرْآنِ وَذُرْوَتُهُ»[1].
( وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ١٠) يونس
« سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك»[2]
انتهى تفسير سورة البقرة من كتاب «التيسير في أصول التفسير» لمؤلفه الشيخ الجليل أمير حزب التحرير عطاء بن خليل أبو الرشته، ولله الحمد أولًا وآخرًا.
[1] قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج6، ص311: (فيه راوٍ لم يسمَّ، وبقية رجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني وأسقط المبهم)
[2] أخرجه الترمذي من طريق أبي هريرة
2021-01-21