أخي القارئ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
من الأساليب التي اتبعها الغرب الكافر لإبعاد الناس عن الحركات الإسلامية المخلصة التي تعمل لإزالته وطرده من بلاد المسلمين واستئناف الحياة الإسلامية الكريمة في ظل دولة الخلافة، من هذه الأساليب أسلوب الطعن بهذه الحركات من خلال أبواقه وأزلامه في العالم الإسلامي متهماً هذه الحركات بتشتيت المسلمين والعمل لتفرقتهم. فكان بالطبع هناك من يروّج أو من انطلت عليه هذه الفرية؛ وأخذ يتبناها ويدعو المسلمين للبعد عن الحركات الإسلامية ونبذها ومحاربتها، فنجح الغرب بإيجاد من يحارب الحركات الإسلامية من المسلمين أنفسهم.
وللرد على هذه الفرية، نقول أنه قديماً قال بعض الفقهاء (اختلاف الأئمة رحمة للأئمة)، وذلك لأنهم كانوا يدركون بأنه لا مجال لمنع الاختلاف، ولجعل كل الناس يتبنون رأياً واحداً لا وجود لوجهات نظر فيه مع وجود باعث الاختلاف. وذلك لسببين:
أولاً: طبيعة الإسلام، والاجتهاد في الإسلام يجب أن يكون في مورد النص، والنصوص الشرعية في الإسلام هي إمَّا الكتاب وإمَّا السنة لا ثالث لهما. وإذا نظرنا إلى الموردين وجدنا أن هناك نصوصاً كثيرة تحتمل عدّة معان، فهنا كان طبيعياً أن يحصل الخلاف وذلك لاحتمال هذه الآيات عدّة معان. وما نجده في القرآن الكريم نجده في السنة. فهناك أيضاً أحاديث كثيرة، يشكّكُ البعض برواتها والبعض الآخر يوثق هؤلاء الرواة، ولذلك نجد محدثاً يقول عن حديث أنه صحيح، وآخر يقول انه ضعيف. ولذلك فإن طبيعة الإسلام تحتم الخلاف.
ثانياً: طبيعة الإنسان، فقوى البشر الفكرية تتفاوت من شخص لآخر. والمجتهد عندما يجتهد يبذل ما في وسعه في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية. فنظراً لاختلاف قدرات الأشخاص الذهنية، نجد أن الاختلاف لا بد منه.
لكن في الإسلام مسلّمات لا يجوز الاختلاف فيها ولا يُسمح بالاختلاف فيها، ألا وهي مسائل العقيدة. ولذلك لم نجد الحركات الإسلامية تختلف في أمور العقيدة، بل نجدها قد اختلفت في المسائل الفرعية.
ولكن لا بد من إن هناك بعض الحركات الإسلامية خرجت عن آداب الاختلاف في الإسلام. فلو راجعنا جميع الكتب الفقهية الإسلامية العائدة إلى العصور المزدهرة نجد أن الخلاف ظل قائماً، ولكن ضمن حدود وآداب الاختلاف. ومثال ذلك (والأمثلة كثيرة جداً) أن الأئمة المجتهدين اختلفوا في مسائل كثيرة جداً، لكن اختلافهم لم يصل بهم إلى مهاجمة بعضهم على المنابر أو في الكتب والمؤلفات، وفي أغرب الأحيان اللجوء إلى السلاح بدل المناقضة الفكرية البناءة. بل العكس هو الصحيح، فعندما كان يُسأل أحدهم عن رأيه في الآخر كان يثني عليه الثناء الحسن.